افتهان المشهري أعظم يمنية في العصر الحديث
افتهان المشهري: أعظم يمنية في العصر الحديث
تُعدّ افتهان المشهري، بحق، أبرز شخصية نسائية يمنية في التاريخ الحديث. لأنها النقيض التام للمناضلات في قاعات المؤتمرات وورش العمل في الفنادق الفاخرة، حيث تحوّل جزءٌ كبيرٌ من هذا النضال إلى وسيلةٍ لكسب الرزق، وجسرا للحصول على الجنسية واللجوء والإقامة في الدول الغربية، وطريق لعيش حياة مترفة بعيدة عن هموم اليمن ونسائه.
لقد اختارت افتهان طريق النضال الحقيقي حين كرّست الجزء الأخير من حياتها لخدمة الناس في أهم احتياجاتهم، وهي تنظيف نفاياتهم المادية. وبكلِّ تأكيد، حقّقت نجاحًا باهرًا في هذا المجال، ليس فقط كوظيفة شاقة يومية، بل كمهمة إنسانية متكاملة.
يختلف هذا النوع من النضال اختلافًا جوهريًا عن "النضال المصنوع" الذي تُنتجه منظومات إعلامية ضخمة، ومؤسسات صناعة النجوم عبر الجوائز والشهادات المزيفة.
تكمن أهمية افتهان ليس فقط في طبيعة العمل الذي اختارته، بل أيضًا في إدراكها التام لدورها ورسالتها، واستعدادها لتحمل التحديات والمخاطر المميتة التي كانت تحيط بها. وهي بذلك تعد شخصية استثنائية بكل المقاييس، سواء في الدور الذي لعبته أو في المصير الذي لاقته.
ما يميزها أنها اختارت ذلك الدور، بوعي وقناعة صادقة، ورغبة حقيقية في خدمة الناس. ويشهد على ذلك الفيديوهات التي وثقت حياتها وشهادات من عرفوها عن كثب.
أما قاتلوها، فلم يكن فعلهم مجرد نزوة أو عمل متهور من بلطجي جاهل، بل كان جريمة مدبرة ومدروسة من قبل منظومة فساد حقيرة، اعتادت الإجرام والإفلات من العقاب. ولهذا ليس اغتيال افتهان مجرد اعتداء على شخصها، بل كان محاولةً لإسكات صوت مختلف، وتدمير نموذج نادرٍ للمرأة اليمنية التي اختارت أن تكون قريبةً من الناس، في عصر أصبح فيه "النضال" مجرد شعارات تُردد من بعيد، دون تأثير أو تضحية.
عمل افتهان ومقتلها يمثل رسالة للجميع : إن النضال الحقيقي لا يُقاس بعدد المؤتمرات وورش العمل أو بعدد ونوعية الجوائز، بل بالقرب من الناس والاستعداد للتضحية من أجلهم، مهما بلغت خطورة الطريق. لقد أثبتت أن المرأة اليمنية قادرةٌ على أن تكون قوةً فاعلةً في مجتمعها دون شعاراتٍ أو ضجيجٍ إعلامي، وأن تترك أثرًا خالدًا في الوجدان الجمعي، حتى لو دفعت حياتها ثمنًا لذلك..
تعليقات
إرسال تعليق