الاستعلاء مرض يحتاج استئصا
علقت في تغريدة سابقة على فيديو للدكتور أحمد شرف الدين، يدافع فيه بحماسة بالغة عن فكرة الولاية، ووجوب موالاة عبدالملك الحوثي، وقد لامني البعض على استخدام مفردات رأوها غير مناسبة. وبحكم أن التغريدة كانت قصيرة، فلم يكن بالإمكان شرح الأفكار التي وردت فيها، وهو ما جعل البعض يفهمها خارج سياقها أو أنه أراد أن يفهمها بذلك الشكل. ولأهمية تلك الأفكار حبيت في هذه السطور الاستطراد في الشرح، مع التأكيد على اقتناعي الكامل بكل كلمة قلتها، والذي سيتضح في النقاط التالية:
أولا: وصفت حماسة الدكتور شرف الدين لفكرة الولاية، بــ "فيروس المسيدة" وهذا الوصف لم يكن اعتباطيا ولا هو ناتج عن نوبة غضب، وإنما توصيف مثالي للحالة. ففكرة الاستعلاء العنصرية التي تجسدها فكرة الولاية لا يؤمن بها إلا شخص مريض، وهي في الحالة اليمنية مرض جمعي لدى الكثيرين. فحماسة شخص يحمل درجة علمية مرموقة كالدكتور شرف الدين لخرافة سخيفة لا يمكن أن تكون قناعة عقلية أو جهل وسوء فهم، وإنما مصدرها الرغبة في أن يكون سيدا ورئيسا.
فالرغبة في الاستعلاء، والتي هي جوهر فكرة الولاية، جعلت من شخص في مركز الدكتور شرف الدين العلمي، ومن على شاكلته، يقبل بأن ينقاد (يوالي) لشخص جاهل لم يكمل تعليمه الابتدائي، وفي سن أولاده. فالدكتور شرف الدين وجد في عبدالملك الحوثي ذلك القائد التاريخي الذي سيجعل منه ومن السلالة سادة ورؤساء، وبقية الشعب عبيد وخدم لهم. ويؤكد ذلك، حماسه الشديد لضرورة موالاة عبدالملك الحوثي والتي أعتبرها بمثابة فرصة تاريخية، وجعلها أهم رسالة في الحياة، وأهم من الصلاة والصوم. وموقف كهذا لا يمكن أن يصدر من إنسان صحيح، و يمتلك معارف كافية تجعله قادرا على كشف زيفها وخطورتها. ولهذا فإنه وأمثاله من المتعلمين يتحملون مسؤولية العنف والدماء الناتجة عن ترويج هذه الفكرة بذلك الشكل.
ثانيا: ذكرت في تغريدتي أن فيروس المسيدة الذي تجسده فكرة الولاية سيجر دماء كثيرة في اليمن، وهذا القول ليس دعوة لسفك الدماء، كما حب البعض بحسن نية أو سؤها فهمه، وإنما هو توصيف طبيعي لصيرورة الأحداث. ففكرة الولاية أنتجت الحركة الحوثية، والحركة الحوثية من بداية ظهورها وحتى الآن وحتى سحقها هي حركة دموية عنيفة تسببت، بشكل مباشر وغير مباشر، بسفك دماء كثيرة في اليمن، ومن الحتمي أن يستمر سفك دماء كثيرة حتى يتم القضاء عليها. فهذه الحركة لن تختفي بدون دم لأنها ليست حزب الخضر أو طيور الجنة، كما أنها لن تُدجن وتُؤنسن، كما يروج أنصارها، وتجار السلام.
تعليقات
إرسال تعليق