المعضلة الحوثية؛ صعوبة الحكم والمشاركة والاحتواء
المعضلة الحوثية!! صعوبة الحكم والتعايش
والاحتواء
مختصر الدراسة
فكرة
الدراسة تقوم على تحليل طبيعة الحركة الحوثية، وظروف نشأتها، والعوامل التي ساعدت
على صعودها السريع، والعوامل التي سمحت لها بالبقاء ومواجهة خصومها والذين لم
يتمكنوا من هزيمتها حتى كتابة الدراسة في سبتمبر 2016. وقد خلصت الدراسة إلى
النتائج التالية:
1- أن
الحركة الحوثية هي في جوهرها خليط من مشروع شخصي/عائلي/سلالي/مذهبي (حسين
الحوثي/عائلة الحوثي/السلالة الهاشمية/المذهب الزيدي) تستند إلى عمق تاريخي لحكم
الأئمة، والذي حكم أجزاء من اليمن الحالي لأكثر من 1100 سنة.
2- قوة
الحركة وصعودها لا يرجع لعوامل ذاتية بقدر ما يرجع لعوامل خارجية، أجادت الحركة
باستثمارها ومن ذلك: تفكك الطبقة السياسية اليمنية منذ عام 2011 وتصارعها، وإهمال
اليمن من دول المنطقة. وسوء إدارة خصومها للحرب التي شنت عليها.
3- لا تملك
الحركة أي مشروع سياسي قابل للحياة وقادر على حكم جميع مناطق اليمن، وكل سكانه.
4- طبيعة
الحركة، وطريقة حصولها على السلطة، وعلاقاتها بإيران، والطبيعة العامة لليمن؛ تجعل
من الحركة مصدرا لتوليد العنف والفوضى في اليمن.
5- الحركة
الحوثية هي مشروع فوضى مكتمل الأركان؛ فبحكم طبيعتها العامة فإنها لا يمكن أن تحكم
اليمن بسلام، حتى في الحدود الدنيا، كما أنها لا تستطيع أن تتعايش ضمن نظام تعددي
ديمقراطي أو محاصصة سياسية أو جغرافية، ووفقا لمعادلة القوة والنفوذ في اليمن
حاليا؛ لا يمكن احتوائها عسكريا أو سياسيا.
مدخل
تحمل
بعض الحركات السياسية من الصفات التي تجعلها صيغة لمشروع فوضى في الدولة التي تظهر
فيها، ويحدث ذلك نتيجة لـ: إيديولوجيتها، وبنيتها السياسية والتنظيمية، وآلية
عملها، وعلاقتها بالقوى السياسية الأخرى، وغيرها من الأمور التي تحول دون أن تكون
قادرة على العمل ضمن نظام تعددي ديمقراطي، وعدم امتلاكها الإمكانيات الكافية للاستفراد
بالحكم، وضعف مؤسسات الدولة وخصومها في احتوائها سياسيا أو عسكريا.
وتعد الحركة الحوثية نموذجا صارخا لهذا النوع من الحركات؛
فإيديولوجيتها، وسلوكها العسكري، وظروف نشأتها، وطريقة حصولها على السلطة،
وعلاقاتها الخارجية، وطريقة تعاملها مع بقية مكونات المجتمع، وغيرها من الأمور؛ تمنعها
من أن تتشارك مع غيرها العمل السياسي ضمن نظام تعددي ديمقراطي، كما أنها لا تملك
من الإمكانات التي تمكنها من حكم كامل اليمن أو جزءاً رئيسيا منه، وصعب حتى كتابة
هذه الورقة، احتوائها من قبل مؤسسات الدولة وخصومها المحليين والخارجيين. وقد أدى
كل ذلك إلى أن تصبح الحركة مشروع فوضى لتفكيك الدولة اليمنية سياسيا واجتماعيا
وفكريا.
والخلاصة من كل ذلك تقودنا إلى اعتبار الحركة الحوثية بمثابة
معضلة ستستمر حتى تتخلق ظروف محلية وخارجية قادرة على إنهائها أو تحجيمها وإضعاف
تأثيرها المدمر على الأقل.
هذه المعضلة هي جوهر هذا البحث، والذي سيناقش بالتفصيل
العوامل التي تجعل من الحركة الحوثية مشروع فوضى. وفي هذا الشأن؛ ستتطرق الورقة لإيديولوجية
الحركة وبنيتها السياسية، وخلفيتها الاجتماعية، وظروف نشأتها ووسائل حصولها على
السلطة، والعوامل التي ساهمت في صعودها السريع، وعلاقتها بالقوى المحلية
والإقليمية والدولية، وما هي العوامل التي ساعدت، وتساعد الحركة على البقاء.
وبعد
ذلك سيتم التطرق إلى العوائق التي تمنع الحركة من حكم اليمن أو بعضه، أو أن تكون
جزء من نظام تعددي ديمقراطي. وفي الأخير ستناقش الورقة العوامل التي حالت حتى الآن
دون احتواء الحركة أو القضاء عليها.
الطبيعة العامة للحركة الحوثية
هناك الكثير من المعلومات الزائفة حول الحركة الحوثية؛ رغم
الأضواء الكثيفة التي سُـلطت عليها منذ سيطرتها على صنعاء في 21 سبتمبر 2014. وأهم
هذه الأفكار ما يتعلق بطبيعتها الاجتماعية والدينية، والتي تذهب إلى اعتبارها مكون
مذهبي واجتماعي خاص؛ فيما الصحيح أنها ليست سوى حركة سياسية حديثة النشأة، ولدت
وتوسعت نتيجة لظروف تاريخية محددة، وهو ما يعني بأنها معرضة للاضمحلال وربما
الأفول في حال تغير تلك الظروف.
وفي الصفحات القادمة سنحاول تسليط الضوء على إيديولوجية، وظروف
نشأتها، وبنيتها السياسية، ومن تمثل؟ ومن هم أنصارها وحلفائها الطبيعيين في الداخل
والخارج؟ وما هو مشروعها السياسي؟
المنطلقات الفكرية للحوثيين
الحركة
الحوثية هي حركة لإحياء المذهب الزيدي، وهو المذهب الذي يشترك مع المذاهب الشيعية
في أحقية سلالة الإمام علي بالحكم. ووفقا للزيدية؛ فإن الإمامة أو الولاية العامة
للمسلمين، تنحصر في الذكور البالغين المنحدرين من "البطنيين"[1]
(سلالة الحسن والحسين أبنا علي أبن أبي طالب) فهؤلاء جميعهم يمكن لأي شخص منهم
الإدعاء بالإمامة إذا ما توفرت فيه الشروط الأربعة عشر للولاية[2].
ويجيز المذهب الإدعاء في وجود إمام زيدي أو غير زيدي.
ووفقا
لذلك؛ يصبح المذهب الزيدي حركة معارضة لكل المذاهب الشيعية والسنية على السواء،
فكونه يمنح الحكم للبطنيين فأنه بذلك يخالف المذهبين الشيعيين الرئيسيين (الإثنى
عشري والإسماعيلي) واللذان حصرا الإمامة في عدد محدود من الأشخاص ينتهي بإمام غائب
كما يقول الإثني عشرية وبعض الإسماعيلية[3].
كما وانه يتعارض مع معظم المذاهب السنية والتي وسعت شروط الحاكم (الخليفة) وحصرتها
في قريش، أو عامة المسلمين كما هو حال معظم الحركات السياسية الإسلامية في الوقت
الحالي.
ومع
أن الحوثية حركة إحيائية للمذهب الزيدي، كما سبقت الإشارة، إلا أن أدبياتها
وخطاباتها العلنية على الأقل، لا تدعوا إلى عودة النظام الإمامي بشكل واضح وصريح،
فكل "ملازم"[4]
حسين الحوثي، وخطابات أخيه عبدالملك، والحوارات الإعلامية مع قادة الحركة ومنظريها
لا تشير لعودة النظام الإمامي، بشكل صريح[5]،
بل أن الكثير من خطابات الحركة أشارت إلى أنها لا ترغب بعودة الإمامة وأنها أصبحت
جزء من التاريخ[6].
وموقف
الحركة من هذه المسألة - حتى الآن على الأقل – يتسم بالغموض المتعمد، والذي يمكن إرجاعه
إلى فكرة التقية، المعتمدة في المذاهب الشيعية[7]، والتي
تجعلها تتجنب التصريح بفكرة تؤمن بها، حتى تتسنى لها الظروف لإعلانها. وقد تجنب
حسين الحوثي الحديث عن الحكم في اليمن لرغبته في تفادي الصدام مع السلطة، وكان كل
حديثة عن عموم الأمة الإسلامية، ومن له حق الولاية، وما هي مبررات حصر الولاية في
البطنيين، وفوائدها ومخاطر تولي غيرهم للحكم. وقد ركز حسين الحوثي على فكرة
"العلم" والذي يختاره الله من ذرية النبي في بعض الفترات.
ومع
ذلك لا يمكن لحركة إحيائية للمذهب الزيدي التخلي عن حق الحكم للبطنيين، فهذه
الفكرة هي جوهر المذهب الزيدي وبدونها يصبح شيئا أخر، مثلها مثل فكرة الإمام الغائب
لدى الشيعة الإثناء عشرية، والتي لا يمكن تخيل المذهب الشيعي بدونها.
ووفقا
لما سبق؛ تتحدث الحركة في كل أدبياتها، إلى حصر الحق في الولاية العامة لسلالة
الحسن والحسين (البطنيين) ففيما يسمى الوثيقة الفكرية والثقافية، والتي حررت في
عام 2012 نجد الوثيقة تلخص هذه المسألة في ثلاث قضايا هي: الاصطفاء ومضمونها يقوم
على أن الله اصطفاء أل محمد ليتولوا المسئولية الكاملة عن الدين حيث تقول الوثيقة "ونعتقد
أن الله سبحانه أصطفى أهل بيت رسوله صل الله عليه وآله وسلم فجعلهم هداة للأمة
وورثة للكتاب بعد رسول الله إلى أن تقوم الساعة"[8].
ويشترك الحوثيون في هذه القضية مع بقية المذاهب الشيعية، فيما يختلفون في من يحق
له الحكم من آل النبي.
والقضية
الثانية الحكم في علي وذريته من الحسن والحسين[9]،
والقضية الثالثة هي قضية العلم التي كان يكررها حسين الحوثي في ملازمه، وذكرتها
الوثيقة تحت مسمى المنارة. وفكرة العلم/المنارة تصيغها الوثيقة على النحو التالي: "أن
الله يهيئ في كل عصر من يكون منارا لعبادة وقادرا على القيام بأمر الأمة والنهوض
بها في كل مجالاتها"[10].
وإذا سمحنا لأنفسنا بتأويل أحاديث حسين الحوثي الكثيرة حول
"العلم" - والتي تظهر كفكرة مركزية في ملازمه - فإننا نتوصل لاستنتاج
مفاده: أنه كان يرى في نفسه هذا العلم والذي سيتم الإعلان عنه حين تنضج الظروف.
وهو بذلك الأسلوب يكون قد تحاشى المواجهة مع السلطة اليمنية، كونه لم يكن يتحدث عن
سلطة سياسية بديلة، ودعوة صريحة لعودة الإمامة، وفي نفس الوقت الإتيان بصيغة جديدة
للإعلان عن الإمامة، بدلا من الصيغة التقليدية، والتي كانت تتم عبر إدعاء الإمامة
ممن يعتقد بأنه قد حاز على شروط الإمامة وفق المذهب الزيدي.
وقد تم صياغة هذا الأمر ضمن قضية ضخمة ومطاطة
وهي قضية الصراع مع الأخر (اليهود والنصاري ، أمريكا وإسرائيل) فحسين الحوثي كان
يدرك صعوبة الدعوة والترويج للسلطة وفقا للفكر الزيدي التقليدي، ولهذا فقد لجاء
إلى تغليف طموحه بالحكم عبر تبني قضايا ضخمة تتجاوز اليمن وحتى العالم العربي،
لتكون بمثابة غلاف يلمع به مشروعه الصغير بالحكم.
وحيلة
حسين الحوثي للوصول للسلطة عبر تبني مشاريع تتجاوز الشأن المحلي، ليست بدعة ولا
جديدة؛ فكل الحركات الشمولية في العالم تلجأ إلى هذه الحيلة من أجل الوصول للسلطة
أو الاحتفاظ بها، فالحركات الأصولية، السنية والشيعية، في العالم الإسلامي تستند
على قضية الصراع الحضاري بين المسلمين وغيرهم لتبرر وجودها وحكمها. وقبلها قامت
الأحزاب الشمولية البعثية في العراق وسوريا على مشاريع مماثلة، وكذلك عبدالناصر في
مصر والقذافي وفيدل كاسترو وأسرة كيم إل سونج في كوريا الشمالية. فهذه النظم
تستدعي قضية الصراع مع الأخر من أجل السلطة، لافتقادها للمشروع السياسي القادر على
الحصول على الشرعية السياسية عبر الوسائل القانونية.
وقد
ترافق صعود الحركة الحوثية مع أحداث كبيرة شهدتها المنطقة العربية والعالم في ذلك
الحين (2001-2004) ومن هذه الأحداث اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية (انتفاضة
الاقصى) عام 2000 وهجمات 11 سبتمبر وما تبعها من غزو لكل من أفغانستان والعراق.
وقد أستغل حسين الحوثي تلك الأحداث لتسويق مشروعه السياسي، من خلال إظهارها كنموذج
لحالة ضعف الأمة، ومؤامرات أعداها، وهو ما يستوجب الحاجة للعلم القادر على مواجهة
الأعداء، واستنهاض الأمة وغيرها من الشعارات التي تعج بها ملازم الحوثي وخطابات
الحركة.
ويمكن
اختصار المشروع الحوثي في الفكرة التالية: أن جميع مشاكل المسلمين السياسية
والاقتصادية والفكرية وفشلهم وهزائمهم أمام "أعدائهم التاريخيين
والأبديين" (اليهود والنصاري) ترجع إلى عدم تنفيذ وصية النبي بحصر الولاية في
ذريته، والذي يعتبر انحرافا عن العقيدة، وتصويب هذا الانحراف، تتم بعودة الولاية
لذرية النبي وهو الأمر الكفيل بحل كل مشاكل المسلمين.
وعلى
الرغم من أن الحركة الحوثية وقادتها توقفوا تقريبا من الحديث عن قضية الولاية
بالشكل المكتوب في ملازم حسين الحوثي من بعد دخولهم صنعاء، لحساسية هذه القضية،
إلا أن الملازم يتم طباعتها والترويج لها باعتبارها الإطار الفكري للحركة. فيما
موضوع الصراع الحضاري مع الأخر لا زال هو المشروع الكبير الذي تدعيه الحركة وتردده
في خطابها العام.
ظروف
النشأة:
برزت
الحوثية إلى سطح الأحداث في اليمن عام 2004 حين اندلعت اشتباكات عسكرية محدودة
بينها وبين القوات الحكومية في ذلك العام تطورت إلى حملة عسكرية كبيرة استمرت لعدة
أشهر، وانتهت بسيطرة القوات الحكومية على معاقل الحركة في منطقة مران بمحافظة
صعدة، ومقتل زعيمها ومؤسسها حسين بدر الدين الحوثي[11].
وترجع
الإرهاصات الأولى للحركة إلى بداية التسعينات من القرن العشرين، حين قام عدد من
رجال الدين المنتمين للمذهب الزيدي وعلى رأسهم بدر الدين الحوثي (والد المؤسس،
والزعيم الحالي للحركة) بتأسيس تنظيم "الشباب المؤمن" كحركة إحيائية
للمذهب الزيدي استهدفت الجيل الجديد من الشباب المنتمين للمذهب الزيدي.
وقد
أتت تلك الحركة في لحظة انحسار وتراجع للمذهب الزيدي، لصالح المذهب السني، والذي
تمدد وانتشر في المناطق الزيدية عقب ثورة سبتمبر عام 1962، التي قامت على إلغاء
النظام الإمامي المستند على المذهب الزيدي. وقد تم ذلك التمدد بشكل تلقائي من قبل السكان
الزيود الذين تأثروا بالمذهب السني/ السلفي جراء هجرتهم للمملكة السعودية بعد
الطفرة النفطية الأولى في سبعينات القرن العشرين، وبشكل ممنهج من قبل الحكومة
اليمنية، وحركة الأخوان المسلمين، وبدعم خارجي من المملكة العربية السعودية.
فخلال
الفترة التي تلت ثورة سبتمبر قامت حكومة الثورة، والتي كانت مدعومة من الحكومة
المصرية، باعتماد المناهج الدينية المصرية في المدارس اليمنية. وفي السبعينات
والثمانينات كثفت الحكومة اليمنية من التعليم الديني السني/السلفي في المناهج
الدراسية، وقامت بإنشاء مدارس خاصة، سميت بالمعاهد العلمية[12]
والتي تمت إدارتها من قبل حركة الإخوان المسلمين، وتم تمويلها من قبل حكومة
المملكة العربية السعودية.
إلى
جانب ذلك؛ أصبحت الغالبية العظمى من المساجد التي بنيت في المناطق الزيدية منذ
ثورة سبتمبر سنية التوجه، كما أن الخطاب الديني في وسائل الإعلام الرسمية طغى عليه
الخطاب السني/السلفي.
وكان
الهدف الرئيسي من تكثيف الخطاب الديني، خلال تلك الفترة، مواجهة الأفكار اليسارية
والقومية والتي كان مصدرها حكومة اليمن الجنوبية ذات التوجهات الماركسية، والحكومات
العربية ذات التوجهات القومية[13]. والتي
كانت تشكل تهديدا للطبقة الحاكمة وحلفائها من شيوخ القبائل ورجال الدين والأعمال،
ومن ورائهم المملكة السعودية.
والجدير
بالانتباه هنا أن حالة "التسنيين" التي اجتاحت المناطق الزيدية تمت
حينها دون أن تواجه بأي مقاومة تذكر من قبل أتباع المذهب الزيدي، ويمكن إرجاع ذلك
لأسباب عدة أهمها: المناخ السياسي العام الرافض للنظام الإمامي، والتحول الطوعي
والسلس من قبل أتباع المذهب الزيدي للمذهب السني، والذي لا يحتاج إلى إي طقوس أو
مراسم خاصة أو التزامات دينية[14]،
والأهم من كل هذا أن حالة "التسنيين" تمت على يد الطبقة الحاكمة المهيمن
عليها من قبل الزيود أنفسهم[15].
فهذه الطبقة، والتي استمدت شرعيتها من النظام الجمهوري ومناهضة الحكم الإمامي، كان
من مصلحتها إضعاف أو حتى القضاء على المذهب الزيدي كونه الأساس الذي يقوم عليه الحكم
الإمامي.
ووفقا
لذلك؛ لم يكن هناك من مدافع عن المذهب الزيدي إلا بعض المتطرفين من الأقلية
الهاشمية[16]،
التي كانت تحلم بعودة الحكم الإمامي، ومن هؤلاء بدر الدين الحوثي وبعض رجال الدين
الزيود. أما بقية الزيود فقد ساهموا في إضعاف وتقويض المذهب الزيدي، خاصة وان هذا
الإضعاف كان يتم للمذهب ولم يكن مترافقا مع تهميش وإضعاف الزيود سياسيا.
ويمكن
الجزم بأن تلك السياسات قد أدت إلى تحول الكثير من أبناء الطائفة الزيدية إلى
المذهب السني، والذي كانوا يقدرون عشية ثورة سبتمبر بما يقارب ثلث سكان اليمن
الشمالي السابق[17].
وليس هناك من إحصائية لحجم ذلك التحول؛ ألا أن الانطباع العام يشير إلى أن أغلبية
الزيود تحولوا إلى المذهب السني منذ سبتمبر 1962، وحتى سبتمبر 2014، والذي شهد
موجة معاكسة لإعادة إحياء المذهب الزيدي في اليمن.
وبالرجوع
إلى ظروف نشأة الحركة الحوثية؛ نجد أن إرهاصاتها أتت من قبل بعض رجال الدين الذين
أدركوا بأن موجة التسنيين ستقضي على المذهب الزيدي، وتحوله إلى ذكرى، وهو الأمر
الذي جعلهم يقومون بإنشاء حركة الشباب المؤمن. وفي بداية التأسيس لم يكن لهذه
الحركة من أجندة سياسية واضحة، حيث أقتصر نشاطها على إحياء الفكر الزيدي بين الفتيان
والشباب الزيود ضمن المخيمات الصيفية التي أنشئوها في بعض المحافظات خلال تسعينات
القرن العشرين.
وفي
بداية الألفية بدأ حسين الحوثي بالهيمنة على نشاط الشباب المؤمن، وقام بتحويلها
إلى ما يشبه التنظيم السياسي/ العسكري، وأصبح شعار الثورة الإسلامية الإيرانية هو
شعار الحركة التي يردده أعضائها ويكتبونه على الجدران والأماكن العامة.
وخلال
الفترة التي سبقت المواجهات العسكرية فيما يعرف بـ "الحرب الأولى"[18] دشنت
الحركة نشاطها عبر قيام بعض أعضائها بإطلاق الشعار الخاص بها عقب صلاة الجمعة في
الجامع الكبير بصنعاء، وهو الجامع الذي كانت الإذاعة والتلفزيون الحكوميان ينقلان صلاة
الجمعة منه. وكان يتم اعتقال هؤلاء من قبل قوات الأمن اليمنية لبضعة أيام.
عوامل الصعود
تضافرت
عدد من العوامل ساعدت الحركة في صعودها الصاروخي والذي تتوج بتحكمها على السلطة في
سبتمبر 2014. ولم يكن أكثر المتفائلين من الحركة ولا المتشائمين من خصومها يتوقعوا
ذلك الصعود. فخلال عشر سنوات (2004 : 2014) تحولت الحركة من جماعة صغيرة في بعض
المناطق الريفية من محافظة صعدة إلى أهم قوة سياسية في اليمن.
وقد
لعبت الصدف والحظ وحسن توظيف الإمكانيات المتاحة؛ الدور الكبير في هذا الصعود،
والذي يمكن تبيانه من خلال استعراض أهم المحطات البارزة في مسيرة الحركة، والتي
يمكن تقسيمها إلى مرحلتين: الأولى وتمتد من 2004 حتى 2011، والثانية منذ ذلك التاريخ
وحتى كتابة هذه الورقة (سبتمبر 2016).
وكانت
بداية المرحلة الأولى بما يسمى بالحرب الأولى والتي اندلعت في عام 2004، وانتهت
فيما يشبه الانتصار الكامل للقوات الحكومية بعد أن قتلت زعيم الحركة ومؤسسها حسين
بدرالدين الحوثي وسيطرت على جميع المناطق التي كان يتحصن فيها.
غير
أن اندلاع المعارك انفجرت من جديد في عام 2005 ليتوالى بعد ذلك مسلسل الحرب حتى
2010 بمعدل جولة من المعارك كل عام تستمر لعدة أشهر. وكانت معظم المعارك تدور في
محافظة صعدة، وامتدت في بعضها لأجزاء من محافظات عمران والجوف وصنعاء. وعلى العموم
لم تتجاوز قوة الحوثيين حتى بداية عام 2011 بعض المديريات في محافظة صعدة وأجزاء
صغيرة من محافظتي الجوف وعمران.
وفي
المرحلة الثانية، والتي بدأت مع الاحتجاجات المطالبة بخروج علي عبدالله صالح من
الحكم في 11 فبراير 2011، حدث تطور نوعي في مسيرة الحركة نتيجة تصدع نظام صالح،
وخروجه الرسمي من السلطة في 21 فبراير 2012. والذي أدى إلى تراجع في القوة
العسكرية والسياسية التي كانت تقف أمام تمدد الحركة وانتشارها.
فعلى
أثر اندلاع تلك الاحتجاجات، انضمت الحركة إلى المطالبين برحيل الرئيس السابق صالح وتم
الترحيب بها من قبلهم، رغم الخلاف الإيديولوجي والسياسي بين بعض مكونات المحتجين
والحوثيين. وقد وسع ذلك الأمر من المساحة الجغرافية والسياسية التي تتحرك الحركة
فيها، وقد تم استثمار هذا التوسع بكفاءة، نتج عنه قبول الحركة فعليا ورسميا ضمن
المكونات السياسية اليمنية في مرحلة ما بعد صالح.
وخلال
الفترة الممتدة من 2011 وحتى نهاية 2013 رسخت الحركة وجودها السياسي والفكري
والتنظيمي في معظم مناطق اليمن، وقامت بنسج علاقات تفاهم وتحالف مع معظم الأطراف
السياسية، وتحديدا تلك التي لديها خلافات سياسية وإيديولوجية مع حزب الإصلاح
وحلفائه العسكريين بزعامة الجنرال علي محسن الأحمر[19]،
والقبليين بزعامة أبناء الشيخ عبدالله الأحمر[20].
وقد أشتمل أولئك الحلفاء على خليط غير متجانس من القوى السياسية والفكرية كان من
أهمهم: المؤتمر الشعبي بزعامة صالح والحزب الاشتراكي والعديد من النخب المحسوبة
على التيارات اليسارية والليبرالية. وكان القاسم المشترك بين هؤلاء والحوثيين هو
العداء لحزب الإصلاح والرغبة في الحد من نفوذه، والانتقام منه كما كان الحال مع
حزب المؤتمر.
وكان
من أهم تلك العلاقة ما تم نسجه من تفاهمات فعلية أو ضمنية مع الرئيس هادي[21]،
والذي أعتقد بأنها ستعمل على تقوية مركزه السياسي على حساب الرئيس السابق صالح
وحزب الإصلاح وحلفائه.
ومنذ
نهاية عام 2013 بدأت الحركة بخطواتها التوسعية، وكانت البداية من منطقة دماج في
محافظة صعدة، والتي كانت تضم مركز سلفي متشدد تم إنشائه في بداية الثمانينات من القرن
العشرين بدعم من قبل الحكومة اليمنية وبعض الجهات داخل السعودية والخليج[22].
وقد مثل هذا المركز خطرا مباشرا على المذهب الزيدي في عقر داره (محافظة صعدة).
وأصبح بمثابة نموذج للقرية السلفية النموذجية، والتي استقطبت الآلاف من الدارسين،
وكذلك الراغبين في العيش، وفق ما يرون أنه الحياة الإسلامية الصحيحة، وأشتمل هؤلاء
على أعداد تقدر بالآلاف من اليمنيين والأجانب من جنسيات عربية وغربية وغيرها.
وبالنظر
إلى طبيعة المركز؛ فقد كان من الطبيعي أن يتم استهدافه من الحوثيين، حيث كان يهمهم
التخلص من هذا الجيب السلفي داخل، ما يعتبرونه حصن الزيدية العتيد، ولأجل هذا
الغرض؛ قام الحوثيون بمحاصرة منطقة (دماج) وهو ما أدى إلى اشتباكات عسكرية بين
الطرفين، ولدت استنفار عام بين القوى السلفية في عموم اليمن والإقليم. وقد أدى ذلك
الاستنفار إلى مواجهات عسكرية من قبل السلفيين وبعض القوى التابعة لحزب الإصلاح والحوثيين
في أكثر من جبهة.
وأدت
تلك المواجهات إلى تشكل جبهة عريضة من المناوئين للحوثيين قامت بمهاجمة الحوثيين
في أكثر من جبهة، وفرضت حصار اقتصادي على بعض المناطق التابعة لهم؛ إلا أنها فشلت
في إلحاق الهزيمة بهم نتيجة لغياب القيادة المركزية، والرؤية الواضحة للأطراف
الكثيرة التي تكونت منها.
وفي
نهاية المطاف تفككت تلك الجبهة وضعف تأثيرها؛ خاصة بعد أن تدخل الرئيس هادي من
خلال تشكيل لجان وساطة أسفرت جهودها عن فك الحصار عن الحوثيين، وتفكيك الجبهة التي
تشكلت ضدهم. وتوجت جهودها باقتراح إخراج السلفيين وتهجيرهم من دماج في 15 يناير[23].
وهو الأمر الذي أعتبر بمثابة نصر كبير للحوثيين وأحد مظاهر التفاهمات بين الرئيس
هادي والحوثيين.
وعلى
أثر ذلك؛ تحرك الحوثيون جنوبا باتجاه مناطق قبيلة حاشد وتحديدا صوب مناطق نفوذ
شيوخها بيت الأحمر، وبعد معارك محدودة أستطاع الحوثيون السيطرة على معاقل بيت
الأحمر وقاموا بتدمير المنزل الرئيسي للشيخ الأحمر في قرية الخمري في 2 فبراير
2014[24]،
وهو العمل الذي أراد الحوثيون من خلاله إرسال أكثر من رسالة لقبائل المنطقة،
ولبقية القوى الأخرى في اليمن والمنطقة، بأنهم أصبحوا قوة رئيسية في الخارطة
اليمنية.
واستمرارا
لنفس السياسة تحرك الحوثيون جنوبا باتجاه مدينة عمران والتي تبعد عن صنعاء بحوالي 40
كم، وقاموا بمحاصرتها بالتعاون مع عدد من قبائل المنطقة والمحسوبين على حزب
المؤتمر الشعبي. وأستمر الحصار عدة أشهر تخلله اشتباكات مسلحة بين الحوثيين
وحلفائهم مع قوات اللواء 310 المتمركز في عمران وبعض رجال القبائل المحسوب معظمهم
على حزب الإصلاح، فيما لم تقم قوات الجيش والأمن بأي أدوار قتالية تذكر إلى جانب
اللواء 310. وفي يوم 8 يوليو 2014 أقتحم الحوثيون مدينة عمران وسيطروا على اللواء
310 ونهبوا أسلحته وقتلوا قائده العميد حميد القشيبي المحسوب على الجنرال الأحمر.
وبعد
أن رسخ الحوثيون وجودهم في مدينة عمران وما حولها قام رئيس الجمهورية بزيارة
المدينة وصرح من هناك بأن الأوضاع عادت إلى طبيعتها وطالب النازحين بالعودة إليها[25]،
وقد نظر الكثيرون إلى تلك الزيارة بأنها تؤكد رضاء هادي على سيطرة الحوثيين وأنها
تمت بالتفاهم معه، فلم يكن من المتصور أن يقوم رئيس دولة بزيارة مدينة سيطرت عليها
مليشيا ونهبت أسلحة الجيش وتمارس السلطة الفعلية فيها.
وبعد
تلك الواقعة بعدة أسابيع بدأ الحوثيون بمحاصرة العاصمة صنعاء بالتعاون مع قبائل
المنطقة، والتي كان معظمهم من أنصار الرئيس السابق صالح، وقد قاموا بذلك العمل
بدعوى رفضهم الزيادات في أسعار الوقود التي أعلنتها شركة النفط بأمر من الرئيس
هادي في 30 يوليو2014[26]،
وقد أستمر الحصار لأكثر من شهر، وترافق مع كثير من النشاطات التي كان يقوم بها
الحوثيون داخل العاصمة كالمظاهرات ونصب خيام اعتصام جوار بعض المراكز الحساسة
للدولة.
وعلى
الرغم من حالة الحصار الخطيرة للعاصمة؛ اكتفى الرئيس هادي بإرسال لجان الوساطة إلى
عبدالملك الحوثي في صعدة، والقبول بتحقيق بعض مطالب الحوثيين وتحديدا القبول
بتغيير الحكومة وتخفيض أسعار الوقود. فيما لم يقم بأي خطوات عملية لوقف الحصار،
حيث لم يشكل غرفة عمليات حربية، ولم يصدر أمر قتالي للقوات المسلحة والأمنية
لمواجهة الحوثيين، كما أنه لم يطلب من الدول الراعية للتسوية اليمنية[27]
بأن تدين الحوثيين، وأن تضغط عليهم لإنهاء حصارهم. إلى جانب ذلك؛ رفض الرئيس هادي عرض
سعودي لتدخل جوي لإنهاء الحصار[28].
وكل ذلك السلوك يشير إلى وجود تفاهمات ضمنية أو فعلية بينه وبين الحوثيين، وكان
مضمون تلك التفاهمات استخدام حصار الحوثيين للضغط على حزب الإصلاح وحلفائه للقبول
بتغيير حكومة باسندوة مقابل منح الرئيس
هادي حق اختيار رئيس الحكومة ووزراء خمس حقائب سيادية.
ولم
يكن صالح وهادي هم من سهل للحوثيين حصار صنعاء؛ فكثير من القوى المحسوبة على
اليسار وتحديدا الحزب الاشتراكي كانت مؤيدة بشكل أو أخر للحوثيين، وكان منطقهم
الرئيسي يقوم على إبقاء قوات الجيش والأمن محايدة فيما اعتبروه صراع سياسي لا يجب
على الدولة أن تكون طرفا فيه، وهذا المنطق صب في صالح الحوثيين؛ لأنه أدى عمليا
إلى تحييد الجيش وهو القوة الوحيدة القادرة على التصدي للحوثيين ومنعهم من التمدد
والاستيلاء على العاصمة صنعاء.
وإلى
جانب كل هؤلاء؛ ساهم المبعوث الأممي السابق لليمن جمال بن عمر بدور رئيسي في تمدد الحوثيين،
فمنذ أن بدأ هؤلاء بالتمدد والتهام الأراضي اليمنية لم يقم بأي دور لمنعهم عبر
مجلس الأمن، رغم أنه كان يملك أكثر من قرار ضد كل من يعرقل العملية السياسية في
اليمن، وأحد هذه القرارات صدر تحت الفصل السابع ويفرض عقوبات على المعرقلين
للتسوية. ويبدو أن بن عمر كان متماهيا مع توجهات بعض القوى اليسارية والرئيس هادي والذين
كانوا يرون في الحوثيين قوة مساعدة على تنفيذ برنامج التسوية السياسية في اليمن.
ولهذا
كله؛ لم يقم بن عمر بأي دور لإيقاف تمدد الحوثيين بل أنه وخلال حصار صنعاء وبدء
الاشتباكات بين الحوثيين والقوى التابعة للإصلاح كان في صعدة يجتمع بالحوثي ولم
يبدر منه أي تصريح ضد الحوثيين، والذين لم يكونوا بحصارهم صنعاء يعرقلون التسوية
السياسية فقط بل كانوا في طريقهم لإلغائها، وتهديد أسس الدولة اليمنية كما أتضح
لاحقا.
وكان
الطرف الوحيد المعارض للحوثيين هو حزب الإصلاح وحلفائه، واللذين قاموا بحشد
أنصارهم سياسيا وعسكريا لمواجهة الحوثيين، ومنعهم من اجتياح صنعاء. وبحسب بعض
المصادر فقد حشد هؤلاء عشرات الألوف من عناصرهم في صنعاء والمناطق المجاورة
للمعركة المتوقعة[29].
وقبل
سقوط صنعاء بعدة أيام حدثت اشتباكات بين الحوثيين والقوات المحسوبة على الإصلاح
انتهت في يوم 21 سبتمبر بنصر واضح للحوثيين، بعد أن أنسحب حزب الإصلاح والجنرال
علي محسن الأحمر، الذي كان يقود المواجهات مع الحوثيين، من المعركة. وهو الأمر
الذي جعل الحوثيون يدخلون صنعاء دخول السائحين، حيث لم يجدوا أمامهم أي قوة تمنعهم
من السيطرة على المناطق التي رغبوا في السيطرة عليها. فخلال ساعات اختفت كل القوات
الحكومية من جميع مناطق المدينة باستثناء بعض المناطق الخاصة بسكن وإقامة رئيس
الدولة.
وخلال
عدة ساعات سيطر الحوثيون على جميع المعسكرات المحسوبة على الجنرال علي محسن الأحمر،
ونهبوا الأسلحة منها، ومن تلك المعسكرات: مقر القيادة العامة للجيش، وقوات الحماية
الخاصة بمجلس الوزراء والإذاعة الرسمية. وتم كل هذا العمل فيما كان قادة الأحزاب
والمبعوث الأممي مجتمعون في دار الرئاسة بانتظار الحوثيين للتوقيع على الاتفاقية،
التي أسميت باتفاقية السلم والشراكة الوطنية، والتي صاغها الحوثيون والمبعوث
الأممي جمال بن عمر، وتم التوقيع عليها في مساء ذلك اليوم من جميع القوى السياسية
بمباركة من الرئيس هادي والمبعوث الأممي.
وقد
فسر قادة الإصلاح في أحاديثهم الخاصة أسباب انسحابهم دون قتال فعلي؛ إلى أنهم تعرضوا
لخيانة من الرئيس هادي، والذي كان يطمئنهم بأنه لن يسمح للحوثيين باجتياح صنعاء
وبأنه سيأمر الجيش بالتدخل، وهو ما لم يقم به، الأمر الذي جعلهم يشعرون بأنهم كانوا
سيقاتلون لوحدهم في معركة خاسرة ودامية. وليس حزب الإصلاح وحده من فضل الانسحاب،
إن لم نقل الاستسلام، فوزير الداخلية المحسوب على حزب الإصلاح أمر القوات التابعة
للداخلية بعدم قتال الحوثيين في ذلك اليوم والتعامل معهم كقوات صديقة، كما وصفهم
في بيان صادر عنه[30].
وكان
من الملاحظ أن المعسكرات المحسوبة على الرئيس هادي أو الرئيس السابق صالح، لم
يسيطر عليها الحوثيون في تلك الفترة.
ويمكن
النظر إلى سقوط صنعاء بأنها أقرب ما تكون عملية تسليم من قبل رئيس الدولة ووزير
دفاعه للحوثيين، حين لم يقوموا بواجباتهم الدستورية والقانونية في الحفاظ على
العاصمة، وتسهيلهم للحوثيين السيطرة على المعسكرات التابعة للجنرال علي محسن،
والذي كان أشبه باتفاق وتفاهم تم بينهم والحوثيين.
وما
حل بصنعاء تكرر في المحافظات الشمالية التي سيطر عليها الحوثيون بكل سهولة ودون
مقاومة تذكر، فقد كان الحوثيون يرسلون عدد من الأطقم المسلحة إلى مراكز المحافظات،
وحين كان المحافظون يتواصلون مع قيادة الدولة ووزارة الدفاع كانت الأوامر تأتي لهم
بالتسليم وعدم المقاومة[31].
ويمكن إرجاع الأسباب التي ساعدت الحوثيين
على الصعود فيما يلي:
حسابات صالح الخاصة:
خلال
المواجهات المسلحة بين القوات الحكومية والحوثيين فيما يسمى بالحروب الست، ظهر
جليا أن الرئيس السابق صالح كانت لديه حسابات خاصة في التعامل مع الحركة، حمتها من
الهزيمة العسكرية الساحقة. ومن تلك الحسابات رغبة صالح في توريث نجله الحكم، والذي
كان يتطلب إبعاد المنافسين الأقوياء لنجله، ومنهم الجنرال علي محسن الأحمر[32]،
والذي كان يشغل خلال حروب الدولة مع الحوثيين منصب قائد المنطقة الشمالية الغربية،
والتي تقع منطقة العمليات الحربية ضد الحوثيين ضمن مسئولياته، إلى جانب أنه كان
عمليا يعتبر الرجل الثاني في الدولة بعد صالح.
ويُـعتقد
على نطاق واسع في اليمن؛ أن صالح وظف حروبه مع الحوثيين لإضعاف مركز الجنرال محسن من
خلال إنهاك واستنزاف القوى التابعة له في تلك الحرب، وإبعادها عن العاصمة صنعاء،
وإحلال قوات تابعة لنجله محلها، وهو ما لم يتمكن منه نتيجة رفض الجنرال الأحمر
لذلك. وفي نفس السياق لم يكن صالح وفريق التوريث التابع لنجله يرغبون في أن يحرز
الأحمر نصرا واضحا على الحوثيين يعزز من مكانته على حسابهم.
إلى
جانب ذلك؛ وظف صالح الحركة الحوثية باتجاه تعزيز علاقاته مع السعودية وبعض دول
الخليج من خلال الحصول على المساعدات العسكرية والأمنية من هذه الدول لمحاربة
الحوثيين بصفتهم أحد أدوات إيران في المنطقة.
ونتيجة لما ذكر؛ فلم يكن من مصلحة صالح إنهاء
الحركة الحوثية، وكان من مصلحته إبقائها ضمن نطاق معين طالما وهو مستفيد من
بقائها، ويؤكد هذا الأمر النهايات المفاجئة لعدد من حروب صالح مع الحوثيين، والتي
كانت تتم بأمر منه ودون استشارة القادة العسكريين والسياسيين[33].
استغلال الخلافات السياسية:
أجادت
الحركة توظيف الخلافات السياسية بين النخبة السياسية لصالحها، وظهر هذا الأمر بشكل
واضح بعد اندلاع الاحتجاجات المطالبة برحيل صالح في عام 2011، حيث بادرت الحركة
بالانضمام للمحتجين دون أن تذوب معهم وتأتمر بأمرهم[34]،
وفي الوقت نفسه؛ بدأت الحركة بمد خطوط اتصال وتنسيق مع صالح وفريقه. وخلال تلك
الفترة سيطرت الحركة على مدينة صعدة بالتفاهم مع الجنرال الأحمر وما سمي بقوى
الثورة، وعينت الحركة احد الموالين لها في منصب محافظ صعدة[35].
وبعد
خروج الرئيس صالح من الحكم في بداية 2012 مارست الحركة نشاطاتها بشكل علني في جميع
مناطق اليمن وتحديدا في العاصمة، وقامت باستقطاب الكثير من القوى والأشخاص
المحسوبين على الرئيس صالح وكذلك المعارضون له. وقامت بتنصيب نفسها كخصم إيديولوجي
وسياسي لحزب الإصلاح وحلفائه، والذي برز كقوة رئيسية في السلطة التي خلفت صالح.
وقد
أدى ذلك إلى تحالفها، بشكل أو أخر، مع جميع خصوم الإصلاح الإيديولوجيين
والسياسيين، ومن هؤلاء الرئيس السابق وحزبه المؤتمر الشعبي والقوى اليسارية كالحزب
الاشتراكي والكثير من القوى المحسوبة على ما يمكن تسميتهم بالليبراليين
والعلمانيين. وكان لكل طرف من هذه الأطراف هدفه الخاص من إضعاف الإصلاح وحلفائه
العسكريين والقبليين.
وقد
ساعد هؤلاء الحوثيون في تمددهم، فالرئيس السابق وحزبه سخروا الدولة العميقة، التي
كانت لا تزال تحت سيطرتهم، للحوثيين بهدف ضرب الإصلاح والانتقام منه، فيما وفرت
القوى الأخرى الغطاء السياسي والفكري لتمدد الحوثيين ومعاركهم الحربية.
وقد
صبت كل تلك الجهود في صالح الحركة الحوثية، والتي أوهمت كل خصوم الإصلاح بأنها
ستقوم بدور العصا الغليظة لضربه، ومن ثم تقوية مراكزها، فيما النتيجة الواضحة -حتى
الآن على الأقل- أن الحوثيين هم من عززوا مراكزهم على حساب الجميع.
الاستفراد بالخصوم:
برعت
الحركة في سياسة الاستفراد بالخصوم إلى حد مذهل، ولعبت على كل المتناقضات
والنزاعات القبلية والجهوية والسياسية والمذهبية والأسرية وغيرها. وبحسبة بسيطة
لما قامت به؛ نجد أنها أظهرت نفسها بأنها: الممثلة لمصالح الهاشميين، والزيود، وهي
مع الجنوبيين ضد الطبقة الحاكمة الشمالية، ومع اليساريين والليبراليين ضد القبائل
ورجال الدين والعسكر، ومع الإسماعيليين والصوفيين ضد الإصلاح والسلفيين، ومع صالح وحزبه
ضد الإصلاح، ومع قبيلة بكيل ضد حاشد، ومع الحرس الجمهوري ضد الفرقة الأولى (القوات
التابعة لعلي محسن) وهكذا.
وخلال
حروبها الكثيرة، كانت ولازالت، تقوم بالاستفراد بكل طرف من خلال التواصل مع كل من
يحتمل أن يقف ضدها، وحثه على الحياد وإقناعه بأنها لا تستهدفه وإنما تستهدف س أو
ص، وأن ليس من مصلحته أن يقاتل بالنيابة عن الطرف الذي تقاتله. ووصل الأمر بسياسة
الاستفراد حد تحييد أعضاء فاعلين من قادة خصومها، وأفراد من بعض الأسر الذي كانت
تستهدف بعض أقاربهم.
وقد
أدت هذه السياسة أُكلها؛ حيث تمكنوا من تفكيك جبهات خصومهم، وسهلت لهم الانتصار في
معظم معاركهم وتحديدا في الفترة التي سبقت "عاصفة الحزم".
البراجماتية:
على
الرغم من الصرامة الإيديولوجية للحركة، والتي تجعلها في حالة صدام مع معظم القوى
السياسية والمكونات الاجتماعية والدينية والفكرية؛ إلا أن سلوكها العام اتسم
بالبرجماتية. فعلى سبيل المثال نجد أن الحركة تسلك سلوكا متزمتا في محافظة صعدة
وبعض المناطق الريفية، شبيها بما كانت تقوم به حركة طالبان في أفغانستان، من قبيل
تحريم الغناء، والتعامل مع النساء، وغيرها من المظاهر المتزمتة؛ فيما هي تسلك
سلوكا منفتحا في المناطق الأخرى كصنعاء، غيرها من المناطق المتمدنة.
وفي
الجانب الفكري والسياسي؛ تسوق الحركة نفسها بأكثر من لغة ولون تبعا للطرف
المستهدف؛ فخطابها لدى أعضائها وأنصارها الريفيين، يتصف بالإغراق في السرد الديني،
والذي يصل حد الخرافة وتقديس زعيم الحركة، فيما خطابها مع الأجانب أو القوى
المحسوبة على اليسار والليبراليين، فيحمل صيغة ليبرالية منفتحة.
وخلال
الفترة السابقة على دخولهم إلى صنعاء نظر الكثير من أولئك في الحوثيين حركة موازنة
ومعادلة للتيار التقليدي بشقيه القبلي والديني، وعامل مساعد على الإصلاح والتغيير.
وفيما
يتعلق بسلوكها السياسي العام؛ فيلاحظ أنها لا تضع أي محظور في تحالفاتها مع أي طرف
بما في ذلك الأطراف التي كانت تعتبرها من الأعداء، كالرئيس السابق صالح وبعض
السلفيين. وقد تمكنت بهذه السياسة من خلق شبكة واسعة من الحلفاء رغم التضاد
الإيديولوجي والسياسي.
الخبرة
السياسية:
رغم
حداثة نشوء الحركة إلا أنها استلهمت التراث الممتد لأكثر من ألف عام من حكم الأئمة
وخاصة في الشق المتعلق بالتعامل مع القبائل واللعب على التناقضات المجتمعية
والسياسية. وفي هذا الشأن نجد أن الكثير من ممارسات الحركة تشبه إلى حد كبير حكم
الأئمة؛ كإظهار الحزم والعدوانية تجاه شيوخ القبائل والخصوم، ومن ذلك تهديم
المنازل والاعتقال والإذلال.
إلى
جانب ذلك؛ تمكنت الحركة من نسج التحالفات وإنشاء أجهزة سيطرة فعالة خلال فترات
قصيرة، والظهور بمظهر السلطة الفعالة ذات الأحكام القضائية السريعة والتي تتم عبر
لجان قاموا بتشكيلها، وغيرها من مظاهر العمل السياسي الفعال، والذي يؤكد اغترافهم
من تاريخ الحكم الإمامي.
فراغ السلطة:
أدى
تفكك نظام الرئيس صالح وإجباره على ترك السلطة إلى تقوية الحوثيين؛ فقد ساهم ذلك
التفكك في إضعاف أجهزة الدولة، وخاصة المؤسسات الفاعلة منها كالجيش والأمن، وهو ما
سهل للحوثيين التمدد والانتشار السياسي والعسكري. وأخطر مظاهر تفكك نظام صالح تولي
عبدربة منصور السلطة خلفا لصالح، فهذا الأخير يفتقد للمؤهلات الذاتية والموضوعية
للحكم، فقدراته القيادية والسياسية محدودة جدا، وليس له من حزب سياسي أو قوة قبلية
أو اجتماعية أو جغرافية فاعلة. وأخطر ما في الأمر أنه حاول أن يقلد سياسات صالح
الخطيرة، والتي كانت تقوم على اللعب على التناقضات السياسية والجهوية والقبلية،
بهدف إضعاف الجميع وتقوية مركزه السياسي.
وبتحييد
مؤسسات الدولة وإضعافها؛ تمكن الحوثيون من التمدد بكل سهولة ويسر من معقلهم في
صعدة حتى بقية اليمن، ولم يقف في طريقهم إلا مقاومة ضعيفة ومحدودة قام بها بعض
خصومهم، أما قوات الجيش والأمن فقد كانت الأوامر لها من هادي ووزير دفاعه بأن
يبقوا على الحياد، وفي بعض الحالات التسليم للحوثيين دون قتال[36].
وبهذه السياسة تمدد الحوثيون في الفراغ.
انتشار المؤيدين في جميع مناطق اليمن ومفاصل
السلطة:
ينتشر
الهاشميون واللذين يعدون النواة الصلبة للحركة الحوثية والمستفيدون الرئيسيون من
سيطرتها على الحكم، في جميع مناطق اليمن، وجميع مفاصل الدولة والمجتمع. فبسبب ارتفاع
مستوى الوعي والتعليم لدى هذه الفئة منذ عهد الأئمة، وتآزرهم مع بعضهم البعض؛ فإن
لهم وجود كبير في المناصب الحكومية، والقيادات الحزبية، ومنظمات المجتمع المدني،
وسلك التعليم والقضاء والجيش والأمن والإعلام وغيرها من المؤسسات الحيوية. وبشكل
عام؛ فإن نسبة وجود هذه الفئة في مؤسسات الدولة يفوق كثيرا نسبتهم لبقية السكان.
وبعد
سيطرة الحوثيين على السلطة أظهر معظم هؤلاء ولائهم للحركة الحوثية وأصبحوا أدواتها
داخل مؤسسات الدولة والمجتمع ومناطق اليمن المختلفة.
ويؤكد
هذا الأمر؛ ما كان يشاع عنهم خلال تلك الحروب وبعدها من أن الهاشميين يمثلون طابور
خامس للحركة الحوثية، وأنهم كانوا يسخروا مواقعهم لدعم الحركة والتسهيل لها.
ومع
ذلك لا يمكن القول بأن جميع الهاشميين موالون للحوثيين، وبأنهم كانوا يشكلون طابور
خامس لهم؛ إلا أن الانطباع العام يشير إلى أن الجزء الأكبر منهم يؤيد الحركة بشكل
أو أخر، وهذا التأييد يعني بأن للحركة أعوان في جميع المفاصل الحيوية للدولة، وهو الأمر
الذي سهل للحركة الصعود والتمدد. فعلى سبيل المثال كان الهاشميون المتواجدون في
مؤسسات الدولة المختلفة هم أول الأشخاص الذين سهلوا للحوثيين السيطرة على هذه
المؤسسات حين دخولهم إليها، وينطبق هذا الأمر على المؤسسات المدنية أو العسكرية.
وبالمثل؛ سهل الهاشميون المنتشرون في أحياء مدن وبلدات وقرى اليمن للحوثيين الدخول
إلى مناطق سكناهم وتحولوا إلى مسئولين أمنيين وإداريين تابعين لسلطة الحوثيين داخل
هذه المناطق.
المركزية القيادية:
تتصف
الحركة الحوثية بان لديها قيادة مركزية صارمة، وهي تتفوق بذلك على جميع الحركات
السياسية الأخرى. وتعطي هذه الصفة للحركة الكثير من الميزات من أهمها: السرعة في
اتخاذ القرار، وسهولة تنفيذه، حيث لا وجود فعلي لأي أجنحة داخل الحركة تعارض هذه
القرارات.
ولكون
سلوك الحركة كان في جوهره عسكري وأمني فإن القيادة المركزية الصارمة هي الأكثر
ملائمة لمثل هذا السلوك.
في
المقابل أتصف اللاعبون الآخرون، بقيادات هشة ورخوة، خاصة بعد تفكك نظام صالح،
والذي كان يتصف بمركزية نسبية في القيادة.
وكان
من حسن حظ الحوثيون افتقاد خصومهم لقيادات فاعلة؛ فحزب الإصلاح مثلا، لدية قيادة
جماعية من كبار السن الحذرين، والذين يتخذون قراراتهم بكثير من الحذر والتروي،
فيما القوى السلفية، التي تواجهت مع الحوثيين في بعض المراحل، ليس لديها قيادة موحدة، وهم عبارة عن قوى
مبعثرة تتبع بعض المشايخ قليلي الخبرة السياسية والعسكرية. وما ينطبق على هؤلاء
ينطبق أيضا على بقية الخصوم اللذين تواجهوا مع الحوثيين.
وكانت
النتيجة من كل ذلك؛ انتصار الحوثيين وهزيمة خصومهم في معظم المعارك التي تواجهوا
فيها.
وإلى
جانب المركزية القيادية؛ تمتع الحوثيون بميزة أخرى وهي ما يمكن أن تسميته بفتوة
الحركة، والتي تظهر في صغر سن القيادات الحوثية؛ فهؤلاء لا يزيد متوسط أعمارهم عن 35
عاما.
الطابع العسكري:
الحركة
الحوثية في سلوكها وبنيتها مليشيا مسلحة أكثر من كونها حركة سياسية/دينية، وقد
تمددت الحركة عبر استخدام القوة أو التلويح باستخدامها. والطرف أو الأطراف القادرة
على مواجهة الحركة هي الجيش الرسمي أو مليشيا عسكرية لحركة مناوئة لهم.
وبالنظر
لما حدث خلال فترة صعود الحركة بعد عام 2011 نجد أن قوات الجيش اليمني الرئيسية تم
تحييدها من قبل الرئيس هادي، كما أن بعض من هذه القوات، والتي تدين للرئيس السابق
صالح، ساندت الحوثيين وقدمت لهم الدعم، بشكل أو أخر خلال فترة تمددهم. وكانت
القوات الرسمية التي تواجهت مع الحوثيين هي بعض القوات التي كانت محسوبة على
الجنرال علي محسن الأحمر، وكان من أهمها (اللواء 310). وباستثناء هذا اللواء فإن
معظم قوات الجيش والأمن بعد عام 2011 ظلت على الحياد ولم تواجه الحوثيين.
وأما
حزب الإصلاح فلم يكن يمتلك القدرة ولا الرغبة في الدخول مع الحوثيين في حرب مفتوحة،
وقد أتى ذلك من كون الحزب كان يؤكد على أنه حزب سياسي وليس مليشيا، وأن مهمة
التصدي للحوثيين تقع على عاتق الدولة وليس الحزب. ووفقا لهذا؛ فقد فضل الحزب خلال
تمدد الحوثيين؛ الابتعاد عن مواجهتهم بشكل مباشر، وكانت عناصر الإصلاح التي تقاتل
الحوثيون، تقوم بذلك العمل تحت مظلة القوات المسلحة أو رجال القبائل. وحين اندلعت
المواجهات المسلحة على أبواب صنعاء فضل حزب الإصلاح الانسحاب منها بعد أن تأكد له
بأن الرئيس هادي غير جاد في مواجهتهم أو أنه متواطئ مع الحوثيين[37].
والخلاصة
من كل ذلك أن الحوثيين لم يواجهوا بقوة عسكرية حقيقية تمنعهم من التمدد والسيطرة
على الدولة اليمنية، وهو ما مكنهم من الانتصارات السهلة التي حققوها حتى بداية
عاصفة الحزم.
السيطرة على
مؤسسات الدولة:
يتمتع
الحوثيون بميزة نسبية كبيرة على جميع الأطراف الأخرى، بعد أن سيطروا على جميع مؤسسات الدولة تقريبا وسخروها لصالحهم.
وقد تمت السيطرة في البداية من خلال ما أسموها باللجان الثورية، والتي أصبحت عمليا
هي المتحكمة بشئون المؤسسات الحكومية، وفي مرحلة لاحقة قاموا بتعيين عناصرهم في
الوظائف الرئيسية، دون أي اعتبار للمؤهلات أو الخبرات أو القوانين المنظمة للعمل في
هذه المؤسسات، فعلى سبيل المثال تم ترفيع بعض عناصرهم في وزارة الداخلية من رتبة
جندي إلى رتبة لوا، وهي أعلى رتبة في هذه الوزارة[38].
في الوقت نفسه؛ تم فصل الكثير من الموظفين اللذين شكوا في معارضتهم، وكانت النتيجة
أن أصبحت جميع مؤسسات الدولة في صنعاء والمناطق التي يحكمونها تحت سيطرتهم
المباشرة.
وقد
تمت هذه السيطرة عبر الأقلية الهاشمية، والتي استحوذت على جميع الوظائف العليا
والحساسة، ومعظم الوظائف الوسطى، وأصبحت عمليا، بمثابة الأقلية المختارة صاحبة
الامتيازات والحظوة. وبهذه الإجراءات تكون الحركة الحوثية قد جمعت في سلوكها هذا
ما بين الأنظمة الشمولية، والتي يسيطر أعضاء التنظيم على مؤسسات الدولة والأنظمة
الاستبدادية التقليدية التي تحصر المناصب الرئيسية لسلالة معينة.
وعملت
هذه السيطرة إلى زيادة نفوذهم بشكل واضح، حيث أظهر الكثير من الموظفين ولائهم
للحوثيين رغبة في الحصول على منافع أو خوفا منهم، أما من لم يرغب في القبول بهم
فقد انسحب من موقع عمله.
التجنيد السياسي الفعال:
مارست
الحركة آلية في تجنيد الأنصار بشكل ذكي جدا، وقد اعتمدت على أكثر من منهج أحدها
المنهج التقليدي المستمد من سلوك الأئمة، والثاني مستمد من سلوك الحركات الشمولية
والأحزاب العقائدية الحديثة. فوفقا للتجنيد التقليدي، والذي مارسه الأئمة في
السابق؛ قامت الحركة باستقطاب الهاشميين من جميع المناطق والمذاهب، وشكل هؤلاء
النواة الصلبة للحركة. وبالتوازي مع ذلك؛ استثمرت الحركة الخلافات القبلية
والأسرية وقامت بتجنيد خصوم أعدائها، والطامحين للسلطة في هذه القبائل والأسر. وقد
أدى ذلك إلى إضعاف خصومها، الفعليين أو المحتملين، وإيجاد أنصار لها في داخل نواة
خصومهم.
أما
طريقة التجنيد الحديثة فقد استخدمت الحركة طرق الأحزاب العقائدية والأصولية عن
طريق التلقين الإيديولوجي الصارم لصغار السن، والذي خلق أعضاء مشبعون بالحماس،
ومستعدون للموت في سبيل الحركة وزعيمها الذي يمتلك درجة عالية من التقديس
والإجلال. وقد تمكنت الحركة بهؤلاء اختراق الدفاعات الحصينة لخصومهم، والاستماتة
في الدفاع عن المواقع التي تؤكل لهم.
إرهاب الخصوم:
قامت
الحركة بإرهاب خصومها الفعليين أو المحتملين من خلال الاعتقال في ظروف سيئة،
وتفجير المنازل، والإذلال، وجزء من هذه الممارسات استقوها من الحكم الإمامي، ومن
ممارسات الأنظمة الشمولية الحديثة، والتي يبدو أنهم تعلموها من الإيرانيين. وقد
أدت هذه الممارسات إلى إرهاب الكثيرين، خاصة في المناطق القبلية، والذين تعودوا
على معاملات لينة من السلطات خلال العصر الجمهوري، وتحديدا خلال حكم الرئيس السابق
صالح. وكان من نتيجة ذلك؛ فرار الكثير من المشايخ، وانضمام البعض منهم للحوثيين،
وحياد البعض الأخر.
خلق جهاز مالي خاص:
قامت
الحركة في المناطق التي سيطرت عليها بجباية الأموال لخزائنها الخاصة، وقد أتبعت في
ذلك وسائل الإكراه والضغط والابتزاز، فتحت مسمى دعم المجاهدين، والمجهود الحربي،
بعد عاصفة الحزم، والزكاة وغيرها من المسميات أنشأت الحركة لنفسها مصادر مالية
خاصة.
وبعد
دخولها العاصمة سيطرت الحركة على القطاعات العامة المدرة للدخل، وشركات خصومها،
وقامت بتحويل مواردها إلى خزائنها الخاصة. يضاف إلى ذلك؛ عائدات السوق السوداء من
مبيعات الوقود، والتي أدارتها بشكل شبه رسمي من بعد الحرب، إلى جانب عائداتها من
تهريب الممنوعات لدول الجوار، والذي يتهمها خصومها بأنها ضالعة فيه. يضاف إلى كل
ذلك المساعدات المالية من إيران والقوى الدائرة في فلكها.
وقد
عملت هذه الموارد على توفير الموارد المالية للحركة مكنتها من تفعيل نشاطاتها
العسكرية والسياسية.
الدعم الإيراني:
لا
يعرف بالضبط حجم وشكل الدعم الإيراني للحركة الحوثية، كون هذا الدعم يتم بشكل سري
وعبر قنوات وأشخاص مقربين من قيادة الحركة. وكل ما هناك ليس سوى اجتهادات وقرائن
وتحليلات يصعب الإتيان بأدلة قاطعة لإثباته. وما يمكن الجزم بشأنه هو أن هناك دعم
مادي وعسكري وسياسي وتنظيمي وإعلامي من قبل إيران والقوى الدائرة في فلكها، وتحديدا
حزب الله اللبناني. ويبدو أن هذا الدعم تصاعد بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة،
وتحديدا منذ سقوط نظام صالح عام 2012.
ورغم
العلاقة القوية التي تربط إيران بالحركة الحوثية إلا أنها تبقى علاقة تحالف أكثر
من كونها علاقة عضوية، كما هو حال حزب الله مع إيران، ويرجع سبب ذلك إلى الاختلاف
المذهبي بين الفريقين، ورغبة الحوثيين بان يكون لهم قدر أكبر من الحرية التي تسمح
لهم بهامش كبير في المناورة والتحالف مع القوى المحلية والتعامل مع الإقليم.
ومما
لا شك فيه أن العلاقة مع إيران كان لها دور واضح في تقوية الحركة الحوثية في جميع
المجالات، وبدون ذلك الدعم لم يكن للحركة أن تنمو وتصبح على ما هي عليه، فالموارد
المحلية محدودة، خاصة وأن الحركة ظهرت ونمت في منطقة ريفية فقيرة.
الإهمال الإقليمي قبل سقوط صنعاء:
استفادت
الحركة من انشغال السعودية عن الملف اليمني خلال فترة تمددها، ويبدو أن السعودية
قد تفاجئت من سهولة التمدد الحوثي وبأداء الرئيس هادي الذي سهل لها ذلك. ويرجع جزء
من ذلك إلى انشغالها خلال الفترة التي سبقت سقوط صنعاء؛ بملفات أخرى في المنطقة،
ولغياب الرؤية الواضحة لما تريده في اليمن، خاصة بعد أن تفككت تحالفاتها السابقة
مع الكثير من القوى، وعلى رأسها حزب الإصلاح وحلفائه القبليين والعسكريين، والرئيس
السابق صالح والكثير من القوى التي يمثلها. فعشية دخول الحوثيين إلى صنعاء كانت
العلاقة السعودية مع تلك القوى في أدنى درجاتها، وهو الأمر الذي جعل الحوثيين ومن
ورائهم إيران يحققون اختراق استراتيجي مهم في المنطقة في غفلة من الزمن.
البنية التنظيمية للحركة
بدأت
الحركة كمشروع خاص بأسرة حسين الحوثي والذي تشتمل والده وإخوانه، وليس واضح حتى
الآن عن آلية اتخاذ القرار ولا الهيكل التنظيمي، والمؤسسات داخل الحركة. وكل ما هو
معروف ومعلن يتعلق بأحد الأجهزة والذي يسمى بالمجلس السياسي لأنصار الله (الاسم
الذي أطلقه الحوثيون على أنفسهم بدءا من عام 2010 تقريبا) وهذا المجلس كان يمثل
الواجهة التنظيمية للحوثيين في صنعاء بعد أن ُسمح لهم بممارسة نشاطهم بشكل علني
بعد عام 2012. وبعد دخول الحوثيون صنعاء تم تشكيل لجان ثورية في المؤسسات الحكومية.
وعندما أعلن الحوثيون إعلانهم الدستوري في 6 فبراير 2015 تم تشكيل اللجنة الثورية
العليا والتي مارست بشكل عملي مهام رئيس الدولة في الدستور اليمني؛ فيما أصبح زعيم
الحركة عبدالملك الحوثي يحمل صفة قائد الثورة.
وإلى
جانب هذه الهيئات والمسميات الرسمية هناك أجهزة سياسية/عسكرية/أمنية مثل اللجان
الشعبية والتي هي بمثابة الجسم العسكري للحركة، والذي يقوم بالأعمال القتالية
للحركة. وهناك أجهزة أمنية سرية للحركة لا يعرف عنها الشيء الكثير؛ وتتولى القيام
بالأعمال الأمنية للحركة. ويبدو أن هذا الجهاز قد تم تشكيلة بمساعدة إيرانية على
غرار حزب الله في لبنان، والذي ساهم عبر عناصره ومراكزه في لبنان في هذا العمل.
ومع
كل ما ذكرنا؛ فإن البنية التنظيمية للحوثيين تبقى غامضة الأمر الذي يجعل كل ما
يقال نوع من الاجتهادات الشخصية ليس ألا، واتساقا مع ذلك؛ يمكن تخمين البنية
التنظيمية للحركة على النحو التالي:
أ-
تسيطر أسرة الحوثي (أبناء بدر الدين
الحوثي، وأقاربهم من الدرجة الأولى) على المراكز العليا للحركة (زعيم الحركة، رئيس
اللجنة الثورية، قادة المناطق الرئيسية وتحديدا صنعاء وصعدة، رؤساء الجهاز
الأمني/العسكري السري)
ب- يحتل السادة الهاشميون، تقريبا، وتحديدا أولائك المنتمون لمحافظة
صعدة، كل المناصب الوسطى في الأجهزة الحساسة التي أشرنا لها.
ت- تُـتخذ القرارات الإستراتيجية والحساسة في نطاق زعيم الحركة
وأقاربه وقادة الأجهزة، والتي يبدو أنها مرتبطة بحلقة وصل عضوية مع الإيرانيين.
ث- بقية تنظيمات الحركة يتم إشراك بعض الأشخاص من فئات لا تنتمي
للأسر الهاشمية، ويشمل ذلك أعضاء في المجلس السياسي، واللجنة الثورية العليا
المنحلة (نظريا)، والمجلس السياسي الذي حل محلها، وغيرها من التنظيمات الهامشية.
وكما هو ملاحظ فإن الحركة
الحوثية هي في الأصل حركة عائلية سلالية ترتكز في جوهرها على أسرة بدر الدين
الحوثي والأسر الهاشمية.
تمثيل الحركة
بما
أن الحركة قد قامت من أجل إحياء المذهب الزيدي، والذي يحصر الحكم في السادة
الهاشميين كما سبقت الإشارة؛ فإن هؤلاء هم الأنصار الطبيعيون للحركة لكونها
ستمنحهم حق الحكم والمكانة العليا في المجتمع، وهو ما يجعلهم أقلية ذات امتيازات
خاصة؛ تشمل التمتع بالوظائف العليا في الدولة والمكانة الاجتماعية المرموقة،
وغيرها من الامتيازات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
وقد
تأكد هذا الأمر في كل المناطق والمواقع التي سيطر عليها الحوثيون، فجميع المناصب
الهامة والحساسة داخل الحركة يشغلها أشخاص ينتمون للسادة الهاشميون، وجميع
التعيينات الرسمية في المواقع الحساسة في الدولة، والتي صدرت عن الحوثيين بعد
دخولهم صنعاء، مُنحت لأشخاص من نفس هذه الفئة. ومعظم الوظائف في المستويات الوسطى
أعطيت لهم أيضا. وقد تم ذلك دون إي اعتبار للكفاءة أو الخبرة أو الشهادة العلمية، كما
سبقت الإشارة.
وبنظرة
سريعة لجميع التعيينات التي تمت من قبل الحوثيين في مؤسسات الدولة نجد أن أكثر من
70% على أقل تقدير، قد تمت لهاشميين، وهو ما يؤكد توجه الحركة لجعل هؤلاء بمثابة
الأقلية المهيمنة على الدولة، وصاحبة الامتيازات الخاصة بها وأداة السيطرة العسكرية
والمالية والاجتماعية والثقافية. والحركة الحوثية تعيد استنساخ نموذج الحكم
الإمامي والذي كان يمنح السادة الهاشميين معظم المناصب السياسية والإدارية
والقضائية والعسكرية في الدولة.
ويوجد
في اليمن عدة فئات من السادة الهاشميون؛ فهناك سادة ينتمون للمذهب الزيدي، وسادة
ينتمون للمذهب الشافعي، وبين هؤلاء سادة لا ينتمون للبطنيين. وخلال حكم الأئمة
اقتصر الحكم على السادة الزيود من "البطنيين" فيما كان السادة السنيون
منفصلون بشكل شبه كلي عن السلطة الزيدية، بمعنى أنهم لم يكونوا من الفئات
المستفيدة من الحكم الإمامي كأقرانهم الزيود، خاصة وأن معظمهم كانوا شيوخ لطرق
صوفيه يتعارض فكرها والمذهب الزيدي، والذي كان يعادي الطرق الصوفية ويعتبرها خروج
عن الدين ونوع من أنواع الشعوذة والدجل، وخلال تاريخ الأئمة كان يتم نهب وتدمير
مقرات الأولياء التابعون للصوفية.
وخلال
نشوء وتمدد الحركة الحوثية عملت الحركة على جذب جميع الهاشميين، بما في ذلك الشوافع
منهم، إلى صفها. وهو ما أدى إلى انضمام جزء كبير من هؤلاء إلى الحركة الحوثية،
وتبوأ العديد منهم مناصب قيادية في الحركة، وحصلوا على حصة من تعيينات الحوثيين في
الوظائف الحكومية.
وخلال
تمدد الحوثيين في المناطق السنية أصبح الكثير من السادة الشوافع جزء من الحركة
الحوثية، وشكلوا حواضن اجتماعية للحوثيين، وشاركوا في القتال إلى جانبهم في
محافظات تعز وأب والبيضاء ومارب.
ومع
كل ما ذكر؛ فإن السادة الهاشميون من كل الفئات التي ذكرناها ليس جميعهم حوثيين، فهناك
عدد منهم يعارضون الحركة الحوثية والبعض منهم مشترك في الحرب ضدهم في أكثر من
جبهة، وخاصة الهاشميون المنتمون لحزب الإصلاح والسلفيين. ومع ذلك؛ فإن معظم
الهاشميين في اليمن، وبالتحديد في المحافظات الشمالية، أعضاء أو حلفاء أو متعاطفين
مع الحركة الحوثية، بما في ذلك بعض الهاشميين المحسوبين على القوى اليسارية
والليبرالية. وخلاصة ما ذكرنا يمكن إيجازه في العبارة التي تقول بأن كل هاشمي هو
حوثي بشكل أو بأخر حتى يثبت العكس.
حلفاء
الحوثيين:
تمكن
الحوثيون من الانفتاح على شرائح وفئات اجتماعية من غير الهاشميين، ومن كل الفئات
السياسية تقريبا، ومن كل مناطق اليمن. ويمكن تقسيم حلفائهم من غير الهاشميين إلى عدد
من الفئات أهمها الفئة التي أصبحت جزء من الحركة الحوثية وتؤمن بإيديولوجيتها،
ومعظم هؤلاء تم تنشئتهم وتجنيدهم في الحركة وهم في أعمار صغيرة عبر مؤسسات التجنيد
العسكرية/الفكرية التي تمتلكها الحركة، وهم بذلك أكثر أفراد الحركة تعصبا وولاء،
نتيجة التلقين الإيديولوجي الصارم.
وينحدر
معظم أفراد هذه الفئة من أصول ريفية فقيرة، والغالبية العظمى منهم لم يكلموا
تعليمهم الأساسي، وتعتمد الحركة على هؤلاء في العمليات العسكرية الرئيسية وحراسة
المراكز الحساسة للحركة، وهم في المحصلة النهائية الوقود البشري للحركة، والذي يتم
إحراقهم في معارك الحركة الدائمة. ولا يعرف بالضبط حجم هذه الفئة؛ إلا أن
التخمينات تشير إلى أنهم بعشرات الألوف.
أما
الحلفاء الآخرون للحوثيون فهم الفئات التي تنتمي لجماعات سياسية واجتماعية اشتركت
مع الحوثيين في العداء لبعض القوى السياسية والاجتماعية، ومن أبرز هذه الفئات
أنصار الرئيس السابق صالح، والذين تحالفوا مع الحوثيين ضد حزب الإصلاح وحلفائه
القبليين والعسكريين. وتشكل هذه الفئة قوام الدولة العميقة لنظام صالح والتي تشتمل
على عسكريين وإداريين وشيوخ قبائل ورجال أعمال ومثقفين وغيرهم.
وقد
استفاد الحوثيون من هذه الفئة خلال تمددهم وسيطرتهم على الدولة اليمنية نظرا
للمواقع الحساسة التي يشغلونها في أجهزة الدولة وتحديدا في المؤسسة العسكرية
والأمنية، وانتشارهم في جميع مناطق اليمن.
ويتصف
تحالف هذه الفئة مع الحوثيين بالهشاشة لأكثر من سبب أهمها تناقض المصالح والتاريخ
العدائي، وغياب الأرضية الفكرية المشتركة. ولهذا كله؛ فإن هذا التحالف لا يمكن
استمراره لفترة طويلة.
مشروع الحركة
حتى
الوقت الحالي لم تقدم الحركة على تبيان مشروعها السياسي بشكل واضح ومحدد، وكل ما
هنالك ليس إلا شعارات عن العداء لأمريكا وإسرائيل، ونهوض الأمة وغيرها من الخطابات
التي لا تقدم مشروع سياسي للحكم. ويمكن إرجاع ذلك إلى عدم قدرة الحركة على إظهار
مشروعها الحقيقي المتمثل بعودة النظام الإمامي، والذي هو جوهر المذهب الزيدي، كما
سبق وأشرنا. فالنظام الإمامي أصبح لدى شريحة واسعة من اليمنيين جزء من الماضي، ولا
يمكن القبول بعودته إلا لدى فئة صغيرة جدا من المتعصبين للمذهب الزيدي، ومع ذلك
فكل أدبيات الحركة الحوثية، وتحديدا ملازم حسين الحوثي، تتحدث عن حق احتكار الحكم
لسلالة الحسن والحسين، وهو الأمر الذي لم تبلور الحركة وسائل تطبيقه حتى الآن.
وفي
الوقت الحالي تمارس الحركة السلطة بغموض مقصود اقتضته الضرورة، فزعيم الحركة يشار
له بوصف قائد الثورة وهي صفة تشبه الوصف الذي أطلق على الخميني وخليفته خامنئي في
إيران، ومعمر القذافي في ليبيا. ولقب قائد الثورة يحمل الكثير من الدلالات، فهو من
جهة منصب ليس له أصل رسمي أو قانوني أو حتى تاريخي، ومن جهة أخرى يعد منصب مطاط كونه
يعتبر أعلى من المناصب الرسمية في الدولة حاليا.
إلى
جانب ذلك؛ مارس الحوثيون السلطة عبر ما سمى باللجنة الثورية العليا والتي انبثقت
عن الإعلان الدستوري الذي أعلنوه في 6 مارس 2015، وكان من المفترض وفقا لذلك
الإعلان، إنشاء مجلس وطني، يكون بمثابة برلمان، ينتخب مجلس رئاسة، ويكون هذا
المجلس مراقب من قبل اللجنة الثورية العليا. ويمكن التخمين بأن الحوثيين كانوا
يخططون لأن تكون السلطة على الشكل التالي: تشكيل اللجنة الثورية العليا التي تقوم
بتشكيل المجلس الانتقالي الذي يقوم بانتخاب مجلس رئاسة تكون اللجنة الثورية هي
السلطة العليا على هذا المجلس، ثم تأتي سلطة عليا وهي سلطة قائد الثورة عبدالملك
الحوثي. وهذا النظام يمكن اعتباره نسخة معدلة من النظام الإيراني والذي يدار من
قبل سلطة ما فوق دستورية وهي سلطة مرشد الثورة الولي الفقيه. ولكن ولأسباب كثيرة
لم يتمكن الحوثيون من استكمال تنفيذ هذا النموذج[39].
وفي الفترة الأخيرة اتفقوا مع الرئيس السابق على تشكيل ما سمي بالمجلس السياسي
مناصفة، وهو الأمر الذي لم تتضح معالمه حتى كتابة الورقة.
ونتيجة
لغياب المشروع السياسي الواضح للحركة فإنها تعاني من نقطة ضعف جوهرية، حيث لا يمكن
للحركة أن تستمر بالحكم لفترة طويلة في ظل حالة الغموض والفوضى التي تدير بها
الدولة في الوقت الحالي، واستنساخ نموذج ملألي إيران أو قذافي ليبيا وحزب الله
لبنان لا يمكن تطبيقه في اليمن.
صعوبة الحكم
من
خلال معرفة الطبيعة العامة للحركة الحوثية يتضح بأنها لا يمكن أن تحكم اليمن إلا
بشكل منفرد وبآلية قمعية شمولية، وحتى لو تمكنت من التحالف مع بعض القوى الأخرى؛
فإن هذا التحالف يبقى هش ولا يمكن استمراره. وما يجعل الحركة تمارس السلطة عن طريق
القمع والاستبداد ضعف شرعيتها السياسية. وهذا الضعف ناتج عن مشروع الحركة الركيك
والذي لا يحظى بدعم شريحة واسعة من السكان، فكما ذكرنا مرارا فإن مشروع الحركة لا
يخدم عمليا إلا فئة الهاشميين، وهي الفئة التي لا يتجاوز عدد أفرادها 3% من سكان
اليمن على أحسن تقدير[40]،
وقلة صغيرة من السكان الذي تم ادلجتهم من قبل الحركة وأصبحوا مقتنعين بها ومؤمنون
بمنطلقاتها الفكرية/الدينية.
وحتى الأقلية الزيدية من غير الهاشميين
ليسوا أنصار طبيعيين للحركة الحوثية، فكما سبق وذكرنا، فقد تحولت الغالبية منهم
إلى المذهب السني، ومن تبقى منهم على المذهب الزيدي لا يمكن اعتبارهم حلفاء
تلقائيين للحركة الحوثية، كون الحركة تمارس التمييز ضدهم لصالح الهاشميين. وأفضل
ما سيقدمه هؤلاء للحركة أن يكونوا حلفاء مرحليين، وأدوات خشنة في أيديها، كون
الزيود ينتمون لمنطقة القبائل اليمنية المحاربة.
أما
الأغلبية السنية من السكان فإنها تبقى في مجملها معارضة للمشروع الحوثي، وإن كانت
هذه المعارضة غير كاملة في الوقت الحالي نتيجة الاختراقات التي قام بها الحوثيين
لدى بعض المحسوبين على السنة، وتحديدا أنصار المؤتمر الشعبي، وبعض القوى التي هي
في تحالف مؤقت معهم نتيجة سيطرتهم على الدولة، وغياب أي طرف أخر قادر على
استيعابهم.
ولكون
هذا التحالف لا يحمل صفة الديمومة ومعرض للانهيار؛ فإن من الممكن الجزم بأن
الغالبية العظمى من السنة في اليمن هم معارضون بالطبيعة للمشروع الحوثي. وهذا
الأمر يؤكد ضعف التأييد الشعبي للحوثيين، والذي يتخذ أكثر من طابع (سياسي ، مناطقي
، مذهبي ، قبلي) وهو ما يجعل الحركة تخوض حرب وصراع على أكثر من جبهة وضد أكثر من
طرف.
وكل
ذلك يعني بأن الحركة لا تتمكن من الحكم إلا عبر نظام شمولي قمعي، فالاستبداد التقليدي
لا ينفع معها، حيث أن هذا النمط من الاستبداد يتم عبر حكومة ملكية تمتلك قدر معقول
من الشرعية وتتحكم بجهاز الدولة، أو من خلال حكومة عسكرية تستخدم الجيش وقوات
الأمن أدوات للسيطرة.
وما
يجعلنا نجزم بالطابع الشمولي للحركة، آلية ممارستها للحكم في المناطق التي تحت
سيطرتها، وفكرها وبنيتها التنظيمية السياسية والعسكرية، وآلية وصولها للحكم.
والنظام
الشمولي يحتاج إلى شروط معينة تضمن له النجاح والاستمرارية لفترة زمنية معقولة.
ومن هذه الشروط يمكننا أن نشير إلى:
1- التنظيم السياسي الفعال بقاعدة شعبية واسعة
ومنتشرة في جميع مناطق الدولة،وهذا غير متوفر للحركة بسبب طبيعتها
السلالية/المذهبية/الجهوية، فالأقلية الهاشمية المنتشرة في جميع مناطق اليمن لا
تكفي الحركة.
2- أجهزة
قمع فعالة (جيش ، أمن) وهذه متوفرة نسبيا في بعض مناطق سيطرة الحركة، إلا أنها في
حالة تراجع بسبب الحرب الدائرة.
3- الموارد
الضخمة القادرة على تغذية أجهزة القمع والسيطرة، وتقديم الخدمات الضرورية للسكان
تبرر بها حكمهم، وهذه غير متوفرة في بلد فقير كاليمن لا يمتلك موارد ريعية ضخمة
(محروقات ، موارد طبيعية) وهي الأساس الذي تعتمد عليه النظم الاستبدادية. فكل
موارد البلد المتاحة قبل الحرب الأخيرة لم تكن قادرة على تغطية النفقات العامة
للدولة.
وفي
الوقت الحالي لا تسيطر الحركة على المناطق التي بها نفط وغاز، ومن ثم فإنها لا
تمتلك إلا على موارد محدودة جدا لا تمكنها من دفع الرواتب الأساسية لموظفي الدولة
ناهيك عن تقديم الخدمات الأساسية أو الاستثمار الاستراتيجي أو تطوير أجهزة القمع
والإكراه. ولن يعوض نقص الموارد المحلية الدعم الخارجي المتوقع من إيران فهذا
الدعم لن يصل إلى الحد الذي يقيم نظام شمولي في دولة سكانها يقتربون من 30 مليون
نسمة.
4- الدعم
الخارجي الكبير وهذا غير متوفر فكل الدعم الخارجي الذي تحظى به الحركة يأتيها من
إيران والدول والجماعات الدائرة في فلكها، وهؤلاء لا يمكن الاعتماد عليهم في دعم
نظام شمولي لفترة طويلة، خاصة وأن هناك عدم تواصل جغرافي بين اليمن وهذه الدول،
الأمر الذي يصعب عليهم تقديم الدعم البشري والاقتصادي والعسكري للحركة.
في
مقابل ذلك تعاني الحركة من رفض في محيطها الجغرافي وتحديدا من المملكة السعودية
التي تعد الدولة الأكثر نفوذا وتأثيرا في اليمن سياسيا واقتصاديا واجتماعيا
وثقافيا، وهو الرفض الذي يُترجم في الوقت الحالي على شكل حرب تخوضها السعودية وبعض
دول الخليج بشكل مباشر، وأخرى حرب غير مباشرة من خلال دعم القوى المعارضة
للحوثيين.
وقد
تأكدت صعوبة حكم الحوثيين خلال المرحلة الماضية؛ فلم تقدر الحركة أن تترجم إعلانها
الدستوري إلى واقع حقيقي، نتيجة ممانعة حليفها المرحلي (المؤتمر الشعبي). وعدم
تمكن الحركة من تنفيذ الإعلان ومن ثم الحكم وفق الطريقة التي ترغب بها يشير إلى
هشاشة السيطرة الحوثية وضعفها الذي يتأكد مع استمرارها في الحكم.
والنموذج
الذي تحاول الحركة الحكم من خلاله هو أقرب للنموذج الشمولي الإيراني، غير أن افتقار
الممارسة الحوثية لأي تبرير فكري أو سياسي، كما عمل الخميني وملالي إيران في
نظامهم، يجعل من هذا النموذج غير قابل للتطبيق.
والصيغة الحالية لنظام حكم الحوثي ليس لها ملامح
واضحة وهي أشبه ما تكون بممارسة أمر واقع بآليات غير رسمية، لتكون النتيجة نظام مُسخ
ليس له ملامح ثابتة أو تبريرات فكرية.
والخلاصة
مما ذكرنا؛ أن الحركة الحوثية لا يمكنها أن تحكم اليمن أو حتى جزء منه، وأكثر ما
يمكنها هو البقاء قوة رئيسية في معادلة الحرب والصراع في اليمن
صعوبة المشاركة
هناك عدة نماذج لمشاركة
الحركة الحوثية في السلطة أهمها أن تكون جزء من نظام تعددي ديمقراطي، أو أن تكون
جزء من نظام محاصصة طائفي/جهوي، أو أن يصبح لها منطقة جغرافية محددة تديرها ضمن
نظام حكم ذاتي/فدرالي. وفيما يلي مناقشة لإمكانية مشاركة الحركة في النماذج
المذكورة من عدمها:
في النمط الأول يصعب على
الحركة أن تصبح جزء من عملية تعددية ديمقراطية؛ لأن هذه العملية لا تتناسب وطبيعتها
العامة التي ذكرناها؛ فالنظام التعددي يقوم على فكرة جوهرية تتلخص في قبول أطراف
العملية السياسية بقواعد لعبة ملزمة لهم، ومعظم هذه القواعد يتم ذكرها في الدساتير
والقوانين النافذة، فيما البعض الأخر تكون مستبطنة في الحس العام للمجتمع ضمن الثقافة
السياسية السائدة. ومن أهم قواعد اللعبة عدم استخدام العنف أو التهديد به، والاستقوا
بطرف خارجي، وتكافؤ الفرص لجميع اللاعبين، يضاف إلى ذلك؛ انسجام عقائد وبرامج
أطراف اللعبة مع هذه القواعد.
ووفقا لما ذكر؛ نجد أن هذا
الأمر لا ينطبق على حركة الحوثي، فالحركة مثلها مثل الحركات والأحزاب الشمولية المتطرفة
من أقصى اليمين وأقصى اليسار، والتي لا يمكنها أن تعمل ضمن نظام تعددي؛ لأن
إيديولوجياتها وأهدافها وسلوكياتها، لا تنسجم وقواعد اللعبة في النظام التعددي.
فإيديولوجية هذه الأحزاب تقوم على تبني نموذج شمولي خاص بها لما يجب أن يكون عليه
المجتمع، والعالم. ويشمل ذلك؛ النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، ويمتد
إلى أدق تفاصيل الحياة الشخصية من هيئة، ولباس وغيرها من الأمور الخاصة، وهذا
النموذج يتناقض والدساتير الديمقراطية والتعددية، والحقوق الأساسية للفرد، والتي
هي في مجملها حقوق عالمية ومتشابهة في جميع الأنظمة الديمقراطية.
إضافة إلى ذلك؛ تعتمد الكثير من الأحزاب
الشمولية على العنف، ووسائل الضغط والتأثير الغير شرعية في الحصول على السلطة.
وفي معظم الدول الديمقراطية
يمنع القانون قيام هذا النوع من الأحزاب لخطورتها على العملية الديمقراطية، وعلى
سلامة المجتمع. فالأحزاب النازية والفاشية والعنصرية والفوضوية محظورة في جميع
الدول الديمقراطية، تقريبا، وإن كان في بعض الدول يتم السماح لبعض الأحزاب
المتطرفة بالعمل إلا أن هذه الأحزاب لا تمارس العنف أو التحريض باستخدامه، كما
أنها لا تعلن بشكل مباشر عن رفضها لقواعد الديمقراطية.
وبالنظر إلى طبيعة وسلوك الحركة
الحوثية وتاريخها السياسي، وممارستها للحكم؛ نجد انها تمثل الصيغة المتطرفة من
الأحزاب والحركات التي لا يمكن أن تعمل ضمن نظام تعددي. فالصفات العامة للحركة
تجعلها في تناقض واضح مع النظام الديمقراطي؛ فهي في الأساس مشروع حكم لأسرة
الحوثي، وللأسر الهاشمية، وهذه الأسر هي أقلية صغيرة من السكان، وتستمد وجودها
الاجتماعي من المذهب الزيدي، والذي هو مذهب لأقلية صغيرة في اليمن. كما أن الأساس
الفكري للحركة ليس له علاقة بالنظام التعددي.
ولهذا فإن حركة بهذه الكيفية
لا يمكنها أن تكون جزء من نظام سياسي تعددي لأنها في الأساس لا تعترف بالتعددية،
والتي تقوم على مبدأ المواطنة المتساوية، وحق الناس في انتخاب حكامهم عبر التفويض
الحر.
ولا تقتصر صعوبة عمل الحركة
في نظام تعددي بسبب طابعها الفكري فقط، إذ أن تاريخ الحركة العنيف يجعلها في حالة
صراع وجودي مع عدد كبير من القوى السياسية التي تصارعت معها، وجميع القوى السياسية
تقريبا التي لا بد أن تتصارع معها نتيجة طابعها العنيف وفكرها الإقصائي.
والخلاصة أن الحركة لا يمكن
أن تكون عنصر طبيعي وفاعل ضمن نظام ديمقراطي تعددي.
أما نموذج المحاصصة
السياسية/الجهوية/المذهبية فإنه هو الأخر لا يملك أي فرصة للنجاح في اليمن وفق
الظروف الحالية؛ والأسباب المانعة لهكذا نظام تتمثل في صعوبة التحاصص السياسي بعد
الصراع العنيف على السلطة، وسيطرة الحوثيين على الدولة، والتدخل الخارجي الكثيف في
اليمن، وتملك الأطراف الرئيسية للأسلحة. وكل تلك العوامل تمنع قيام محاصصة سياسية،
لأن نظام كهذا يحتاج لحد أدنى من الثقة بين القوى السياسية، وهذا الأمر مفقود خاصة
بين الحوثيين وخصومهم، كما أنه يحتاج إلى وجود مؤسسات دولة ضامنة ومحايدة وإن
بالحدود الدنيا، من قبيل القوات العسكرية والأمنية والقضاء وغيرها؛ وفي الوقت
الحالي والمستقبل القريب على الأقل لن يكون هناك لمؤسسات دولة محايدة.
وفي كل الأحوال فإن تجربة
اليمن مع نظام المحاصصة السياسية كان سيئا، ففي الفترة التي تلت الوحدة، أتصف هذا النظام بالصراع والأزمات بين أطرافه
وأنتها بحرب طاحنة.
أما المحاصصة وفقا للجغرافيا
أو المذهب الديني؛ فإنه لا يملك مقومات حقيقية للتحقق، وصعوبة كبيرة في التنفيذ،
وأهم مشكلة تواجهه تتعلق بحجم حصص كل طرف والجهة التي يمثلها، فاليمن ورغم الخلافات
الجهوية والتعدد المذهبي يبقى متجانسا إلى حد كبير خاصة في الجانب الاجتماعي
فالثقافة العامة متداخلة والعلاقات الاجتماعية (الزواج، والروابط الحزبية،
والصداقات) قوية، وهناك انصهار واضح لليمنيين في المدن الكبرى كصنعاء وعدن وتعز. وهذا
التجانس يعني غياب الحدود الفاصلة الجغرافية والمذهبية، والتي يقوم عليها نظام
المحاصصة الدينية كما هو حال لبنان مثلا. إلى جانب ذلك ليس هناك من زعامات واضحة
ومقبولة لأي جماعة دينية أو جغرافية يمكنها أن تدعي تمثيل هذه المنطقة أو المذهب،
فالحوثيين ليسوا ممثليين للمناطق الزيدية أو للزيود كمكون سكاني، كما يتم الإيحاء
أو الإشارة حين يقال بأن الحوثيين يمثلون جزء من المكونات الاجتماعية اليمنيية؛
فليس كل الزيود، بالمعنى المذهبي أو السكاني، يرون في الحوثيين ممثلين عنهم
وبالتالي يسمح لهم بأن يتولوا السلطة نيابة عنهم، كما هو حال حزب الله بالنسبة
لشيعة لبنان مثلا.
والنموذج الثالث لمشاركة
الحوثيين عبر منحهم منطقة جغرافية يمارسون فيها شكل من أشكال الحكم الذاتي يبدو
أكثر النماذج سهولة قياسا بالنموذجيين السابقين، وتنبع السهولة من اعتقاد البعض
بأن الحوثيين في النهاية سيكتفون بالحصول على المنطقة الزيدية ليحكموها. وهذا التصور
نجده لدى الكثير من دعاة انفصال الجنوب، وبعض الأطراف الخارجية، وجزء معتبر من
الحوثيين، وإن كانوا لا يصرحون به بشكل واضح. وهناك أفكار تطرح في هذا الشأن
مفادها تقسيم اليمن إلى ثلاث مناطق الأولى هي المناطق الجنوبية بحدود ما قبل الوحدة
والثانية منطقة جنوب اليمن الشمالي السني، والثالثة المنطقة الزيدية.
وبغض النظر عن طبيعة هذا
التقسيم أكان على شكل أقاليم ضمن اتحاد فدرالي أو كونفدرالي أو انفصال للجنوب
وتقسيم الشمال؛ فإن هذا النموذج أمامه صعاب كثيرة تجعله غير قابل للتنفيذ أهمها
تحديد الحدود الواضحة للمنطقتين الزيدية والسنية في الشمال؛ فالحوثيين لن يكتفوا
بحشرهم ضمن المناطق الزيدية الفقيرة والخالية من الموارد النفطية والتي ليس لها
منفذ بحري، وهم لن يقبلوا بهذا التقسيم إلا في حال ضموا إلى منطقتهم محافظات مارب
والجوف، وحجة والمحويت على الأقل كي يكون لهذه المنطقة موارد ومنفذ على البحر،
وهذه المحافظات ليست محافظات زيدية خالصة. وإلى جانب ذلك؛ لن يقبل سكان المناطق
الزيدية بهذا التقسيم وأن يكونوا تحت حكم الحوثيين فالقبول بالحوثيين لدى هؤلاء
غير مضمون خاصة وأن معظمهم قد تحولوا إلى المذهب السني كما سبق وذكرنا.
وهناك معارضة خارجية ستأتي من
السعودية والتي لن تقبل بوجود كيان زيدي بزعامة الحوثيين على حدودها الجنوبية، وهو
الكيان الذي سيرتبط بإيران بشكل أو أخر، والرفض السعودي يعد أمر حيوي بالنظر إلى
نفوذها الكبير في اليمن.
ومن كل ما ذكر نستطيع الجزم
بصعوبة إشراك الحوثيين وفق الصيغ المذكورة الأمر الذي يجعل من فكرة المشاركة غير
عملية وممكنة وفق الظروف الحالية على الأقل.
أن انعدام وجود صيغ واقعية
للتعايش مع الحركة الحوثية يجعل الحل الوحيد الممكن هو إضعاف الحركة من خلال
احتوائها عسكريا وسياسيا، وهي المهمة التي لا بد أن تتم يوما ما لأجل استقرار
اليمن وعودته دولة طبيعية. غير أن المعطيات الحالية تشير إلى صعوبة هذه الصيغة
والتي سنشير لها بتوسع في الصفحات القادمة.
صعوبة الاحتواء
الاحتواء
الذي نقصده هنا هو إنهاء تأثير الحركة الحوثية أو جعل تأثيرها محدود جدا وثانوي. وهذا
الفعل سيتم من خلال الهزيمة العسكرية، أو التفاهمات السياسية المدعومة بالضغط
العسكري. ولإنجاح عملية الاحتواء يتطلب الأمر تفكيك البنية العسكرية، والذي يعني
حل الجهاز العسكري ومصادرة الأسلحة الثقيلة والمتوسطة. وقد تصل مرحلة الاحتواء إلى
حد إلغاء الحركة وحضر نشاطها وملاحقة أعضائها وأنصارها ومحاكمتهم وغيرها من
الإجراءات التي تطال بعض الحركات العنيفة.
وبالنظر
إلى الخارطة العسكرية/السياسية لليمن في الوقت الحالي نجد أن عملية الاحتواء لا
زالت بعيدة عن التحقق حتى في الصيغة المخففة منه (نزع الأسلحة الثقيلة من الحركة،
وحصر نفوذ الحركة ضمن منطقة جغرافية صغيرة، وتحويلها إلى حزب سياسي). فالحركة
لازالت أهم الأطراف المؤثرة في المشهد العام لليمن، وبنيتها العسكرية والسياسية
قوية وفاعلة رغم الحرب التي شُـنت عليها منذ بدء عملية عاصفة الحزم، وحتى كتابة
هذه السطور. ويمكن إرجاع قوة الحركة إلى عدد من العوامل والتي ذكرنا معظمها حين
الإشارة إلى عوامل صعود الحركة، وسنعيد الإشارة لها بشكل مقتضب في النقاط التالية:
1- ضعف
خصومها وتشتتهم بين أطراف كثيرة ذات أجندات مختلفة، فهناك القوى الانفصالية والتي
يهمها أن تبعد الحركة عن المحافظات الجنوبية، ولا تمانع بأن تسيطر الحركة الحوثية
على المناطق الشمالية، بل أن بعضها يتمنى أن يبقى الحوثيين مسيطرين على الشمال لما
في ذلك من فوائد عليهم، حيث يرى هؤلاء أن الحوثيين سيكتفون بالشمال كونه المنطقة
التي كان يحكمها الأئمة الزيود، وهم في هذه الحالة أفضل من القوى السياسية الأخرى
كالمؤتمر الشعبي وحزب الإصلاح والذي تشمل اهتماماتهم جميع مناطق اليمن.
2- استمرار
حالة فراغ السلطة الرسمية، فالحكومة الشرعية لم تتمكن حتى الآن من بناء مؤسسات
دولة موازية لتلك التي يمتلكها الحوثيين في صنعاء، ففي المناطق الخاضعة اسميا
للحكومة الشرعية تسود حالة من الفوضى السياسية والإدارية والأمنية، ويرجع جزء من
هذه الفوضى إلى المشروع الانفصالي في المناطق الجنوبية والذي يعمل على تعطيل بناء
مؤسسات الدولة اليمنية في العاصمة المؤقتة عدن، وبقية المناطق الجنوبية حيث يتم
التركيز في هذه المناطق على إحياء سلطات محلية تحت عناوين مختلفة، بعضها يتم من
أجل استعادة دولة الجنوب السابقة، كما هو الحال في محافظات عدن ولحج والضالع وابين،
والبعض الأخر لصالح سلطات محلية غير واضحة كما هو الحال في حضرموت وشبوة وسوقطرة
والمهرة. أما في المناطق الشمالية فإن المحافظات الخارجة عن سيطرة الحوثيين فإنها
عمليا تقع تحت سيطرة بعض القوى السياسية كحزب الإصلاح والقوى السلفية. والنتيجة من
كل ذلك أن السلطة الشرعية ومؤسساتها هي الحلقة الأضعف في هذه المناطق ودورها يقتصر
على توفير الغطاء السياسي والقانوني لهذه القوى.
3- تواضع
الانجازات العسكرية لدول التحالف، نتيجة غياب القوة الكافية لهزيمة الحوثيين،
وخاصة القوات البرية القادرة على هزيمتهم في المناطق الجبلية الحصينة، وغياب
القيادة الواحدة بين جميع القوى التي تقاتل الحوثيين.
4- القدرات
السياسية العالية للحركة الحوثية والتي ساعدتها في خلق جبهة عريضة من التحالفات
السياسية وتحييد الكثير من القوى وتعطيل فاعليتها.
5- استمرار
تحالفها التكتيكي مع الرئيس السابق صالح، والذي ساعد الحركة من اختراق مؤسسات
الدولة اليمنية وتجييرها لصالح الحركة. إضافة إلى ذلك وفر أنصار المؤتمر للحركة
حاضن سياسي في المناطق التي غاب فيها الحاضن المذهبي كمحافظة تعز وأب والحديدة.
6- استمرار
الدعم الإيراني والذي يمد الحركة بالأموال وربما الأسلحة، ويبدو أن هذا الدعم
سيستمر وقد يتصاعد في حال أصبحت الحركة في وضع عسكري وسياسي صعب.
7- تماسك
نواتها الصلبة والتي تتشكل من فريقين: الهاشميون والذين ينتشرون في جميع مناطق
اليمن ويتواجدون في كل مؤسسات الدولة، والحركيون المشبعون بالفكرة والولاء،
وأصبحوا عصب المليشيا وأدواتها الضاربة.
8- القيادة
المركزية الصارمة للحركة وهي الصفة التي تنفرد فيها الحركة قياسا بالقوى الأخرى.
9- استمرار
سيطرتها على مؤسسات الدولة، والذي يجعلها تسخر موارد الدولة وأجهزتها لصالح
الحركة.
10-
امتلاك الحركة لموارد خاصة، بعد أن تمكنت
من السيطرة على أهم المؤسسات الحكومية المدرة للدخل، والقطاعات الاقتصادية المربحة
كتجارة الوقود والاتصالات والبنوك والصرافة، وقد مكنها ذلك من خلق اقتصاد خاص
بالحركة وجهاز مصرفي بعيد عن الجهاز المصرفي الرسمي .
11-
سيطرتها على المنطقة الأصعب جغرافيا والأقوى
سكانا، حيث أن المناطق التي تقع تحت سيطرتها هي المناطق الوعرة ذات الجبال
العالية، والتي يأتي على رأسها مناطق الهضبة العلياء مما كان يعرف باليمن الشمالي،
وهي المناطق التي كانت معقل الإمامة الزيدية، ويتصف سكان هذه المناطق بنزعتهم
القبلية وسلوكهم الحربي، وهم بذلك يعتبرون المخزون الحربي الرئيسي لليمن. وتمنح
هذه المناطق الحوثيين قدرة كبيرة على التحصن في أوضاع الدفاع والحشد والتجييش في
أوضاع الهجوم.
12-
صراعها الوجودي مع خصومها، فالحركة وضعت
لنفسها خيارات صفرية فإما النصر الكامل أو الهزيمة الماحقة، ولهذا نجد أن الحركة
تقاتل تحت ضغط هذا الخيار وهو ما يجعلها في وضع حربي وإداري فعال، فالهزيمة تعني
خسارة كل شي.
13-
الوجه الليبرالي للحركة، والذي يجعلها
قادرة على التسويق لدى الكثير من الدول والمنظمات الحقوقية، فنواتها الصلبة وهم
الهاشميون ليسوا جماعة متطرفة ذات نسخ سيئة المظهر والمضمون، كما هو حال الحركات
الإسلامية العنيفة، فهؤلاء جماعة متنوعة جدا تنتمي إلى النخبة الاجتماعية
والثقافية في اليمن، والكثير من سكانها المدينيين يمكن وصفهم بأنهم ليبرليين
وعلمانيين بشكل من الأشكال، وهم بهذا الشكل لديهم قدرة إقناع عالية للكثيرين،
وللأجانب تحديدا، والذين قد يروا في الحوثية معادل موضوعي للحركات الإرهابية، وبأنها
حركة عصرية بشكل من الأشكال.
14-
توظيفها للعنف لأغراض سياسية واضحة، وليس
عنف فوضوي كما تعمل الجماعات الإرهابية، فالحركة حتى الآن لم تمارس الإرهاب وفق
التعريف المتعارف عليه في الغرب.
وفقا
للمعطيات الحالية فإن الحركة الحوثية لا زالت بعيدة عن أن تهزم أو تنتهي، كما
يتمنى خصومها، فمنذ إعلان عملية عاصفة الحزم وحتى كتابة هذه السطور لازالت الحركة
مسيطرة على مناطق رئيسية في اليمن بما في ذلك العاصمة صنعاء وأكثر من 70% من سكان
اليمن تقريبا.
أن من الممكن القول أن الحركة الحوثية
بصفتها مشروع فوضى مولدة للعنف والانقسامات لا يمكنها أن تستمر لفترة طويلة وأن
حركة التاريخ حتما ستتجاوزها، ولكن السؤال المركزي هنا هو متى وكيف سيتم ذلك.
[1]
يقصد بالبطنين ذرية الحسن والحسين أبنا علي أبن أبي طالب
[2]
يحدد المذهب الزيدي شروط الإمامة في 14 شرطا أهمها شرط الانتساب
للبطنيين، ويعتبر هذا الشرط هو أساس المذهب الزيدي.
[3]
هناك طائفة من الإسماعيلية تؤمن بغيبة الإمام.
[4]
نسخ لأحاديث حسين الحوثي والتي ألقاء معظمها خلال الأعوام 2003
-2004، وقد تمت طباعتها على شكل الملازم التي توزع على طلاب الجامعات في اليمن،
وقد أصبحت هذه الملازم بمثابة الإطار النظري للحركة الحوثية.
[5]
في مقابلة شهيرة لبدر الدين الحوثي مع صحيفة الوسط اليمنية أجريت
في 9 -8-2004 أنكر فيها أن يكون أبنه قد أدعى الإمامة، وتجنب الحديث عن احتكار
الحكم للبطنيين وقال بجواز أن يحكم غيرهم. نص المقابلة في موقع الوسط http://www.alwasat-ye.net/?ac=3&no=32290
[6]
رسالة عبدالملك الحوثي للرئيس السابق صالح والذي قال فيها " نكتب
إلى فخامتكم هذه الرسالة للتأكيد على ما أكدنا عليه مرارا من أنا لسنا ضد النظام
الجمهوري ولا ضدك وأنا لا نسعى أبدا إلى فرض الإمامة كما يشيعونه عنا" موقع صحيفة الوسط http://www.alwasat-ye.net/?ac=3&no=33490
[7]
مبدأ شيعي يقول بجواز إظهار شي واستبطان شي أخر في حالة الاضطرار
وتفاديا لقمع السلطات.
[9]
الصفحة الثانية من الوثيقة (المرجع السابق)
[10]
الصفحة الرابعة من الوثيقة (المرجع السابق)
[11]
أطلق على هذه الحملة بالحرب الأولى وقد بدأت في يونيو 2004
واستمرت حتى سبتمبر من نفس العام. أنظر نزاع صعدة. https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%86%D8%B2%D8%A7%D8%B9_%D8%B5%D8%B9%D8%AF%D8%A9
[13]
خلال السبعينات والثمانينات شهدت اليمن حركات سياسية نشطة كان من
أهمها الشيوعيين المدعومين من حكومة الجنوب، والبعثيين المدعومين من العراق وسوريا
والناصريين المدعومين من ليبيا.
[14]
يصلي أتباع المذهب الزيدي والسني في نفس المسجد، ويصلي السنة خلف
إمام زيدي والعكس.
[15]
بعد ثورة سبتمبر أستمر سكان المنطقة الزيدية بالهيمنة على السلطة
في اليمن، فجميع رؤساء الجمهورية في الشمال قبل الوحدة، وصالح بعدها ينتمون
للمنطقة الزيدية، إلا أن كلهم باستثناء الرئيس السلال كانوا قد أصبحوا سنة.
[16]
يسمى هؤلاء بالسادة، وفي بعض المناطق بالإشراف، وينقسمون إلى
زيود وسنة.
[17]
كان المذهب الزيدي ينتشر في مناطق الهضبة العليا من اليمن
الشمالي السابق، والتي تمتد من حدود السعودية شمالا إلى جبل سمارة جنوبا والذي يقع
على بعد 130 كم جنوب العاصمة صنعاء.
[18]
أُطلق على المواجهات العسكرية التي حدثت بين القوات الحكومية
والحوثيين (2010:2004) بالحروب الست.
[19]
ينتمي علي محسن الأحمر إلى قبيلة الرئيس السابق صالح، وإلى قرية
بيت الأحمر التي تسمى بها، وكان يعد بمثابة الرجل الثاني في الدولة بعد صالح حتى
صعود نجم نجل صالح أحمد، والذي بدأ في إزاحة الأحمر عن هذا الموقع.
[20]
شيخ مشايخ قبائل حاشد والتي تعد من أهم القبائل اليمنية.
[21]
لا تتوفر حتى الآن أي أدلة قاطعة للتفاهمات بين هادي والحوثي،
إلا أن هناك الكثير من القرائن التي تؤكدها، أهمها زيارة هادي لمدينة عمران بعد
سيطرة الحوثيين عليها وتحييده لقوات الجيش والأمن خلال تمدد الحوثيين.
[22]
أسس الشيخ مقبل الوادعي في بداية الثمانينات من القرن العشرين مركز
دار الحديث في بلدة دماج التي تقع في جنوب شرق مدينة صعدة، وقد أصبح هذا المركز من
أهم مراكز السلفية في اليمن حتى تم إخراج السلفيين منها وتدمير بعض المباني
التابعة للمركز على يد الحوثيين في بداية 2014. أنظر.
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AF%D9%85%D8%A7%D8%AC#.D8.AF.D8.A7.D8.B1_.D8.A7.D9.84.D8.AD.D8.AF.D9.8A.D8.AB_.D8.A8.D8.AF.D9.85.D8.A7.D8.AC
[23]
عام الحوثيين في اليمن، الجزيرة نت.
http://www.aljazeera.net/news/reportsandinterviews/2014/12/26/2014-%D8%B9%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%88%D8%AB%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86
[24]
المرجع السابق.
http://www.bbc.com/arabic/middleeast/2014/07/140723_yemen_hadi_omran_visit
http://www.skynewsarabia.com/web/article/677873/%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86-%D8%B1%D9%81%D8%B9-%D8%A7%D9%94%D8%B3%D8%B9%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%AA%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B7%D9%8A%D8%A9
[27]
بعد التوقيع على المبادرة الخليجية تولت عدد من الدول عبر
سفرائها في صنعاء الإشراف على تنفيذها، وقد سميت هذه الدول بالراعية للاتفاقية،
وتشمل هذه الدول كلا من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، ودول مجلس التعاون
باستثناء قطر.
[28]
صرح أحد المسئولين اليمنيين في جلسة مغلقة لندوة عقدت في الدوحة
في إبريل 2015 - شارك فيها الباحث - بأن السعودية عرضت على الرئيس هادي استخدام القوات
الجوية السعودية للضغط على الحوثيين لإنهاء الحصار عن صنعاء إلا أنه رفض ذلك.
[29]
أنظر سلسلة مقالات للكاتب اليمني مروان الغفوري تحت أسم ليلة
سقوط الجمهورية.
https://www.facebook.com/alghafory/posts/10152884540309047
[30]
أنظر المرجع السابق
[31]
أخبر الباحث أحد قادة حزب الإصلاح بأن محافظ محافظة الحديدة صخر
الوجيه، والذي عزله الحوثيون، لم يتمكن من التواصل مع الرئيس هادي ليخبره بكيفية
التعامل مع القوة الصغيرة التي كانت تحاصر مقره، وعندما تواصل مع مكتب وزير الدفاع
تم إبلاغه بأن لا يقاومهم.
[32]
يشغل الأحمر منذ ابريل 2016 منصب نائبا للرئيس هادي.
[33]
بعد خروج صالح من السلطة تحدث الكثير من القادة العسكريين
والسياسيين عن أن صالح كان يوقف الحرب في وضع كان الحوثيون في وضع عسكري صعب، وأنه
بذلك الأمر كان يحرم القوات العسكرية من إلحاق الهزيمة بالحوثيين.
[34]
خلال الاعتصام الشهير فيما سمي بساحة التغيير في صنعاء أسس
الحوثيون ما يمكن اعتباره جناح خاص بهم داخل هذه الساحة سمي بساحة شباب الصمود، وقد
استقطبوا من خلال تواجدهم في الساحة جزء من المحتجين وبالذات المناوئين لحزب
الإصلاح بجناحيه العسكري الممثل بعلي محسن الأحمر والقبائل الممثل بالشيخ حميد
الأحمر، وقد استمر تواجد أنصار الحوثيين في الساحة حتى بعد أن غادرتها القوى
الأخرى.
[35]
تم تعيين فارس مناع، أحد كبار تجارة الأسلحة في اليمن، محافظا
لصعدة، في شهر مارس 2011، بإيعاز من
الحوثيين وموافقة من القوى الثائرة على الرئيس السابق صالح. أنظر موقع المصدر
اونلاين.
http://almasdaronline.com/article/17844
[36]
هناك الكثير من الشهادات لضباط في القوات المسلحة أفادت بأنهم
أبلغوا من قبل وزير دفاع هادي بأن لا يقاتلوا الحوثيين ويسمحوا لهم بالسيطرة على
المعسكرات التابعة لهم ونهب ألأسلحة والمعدات. وقد ذكر الكاتب مروان الغفوري
الكثير منها في سلسلة كتاباته "ليلة سقوط الجمهورية". مرجع سابق
[37]
حسب روايات متعددة سمعها الكاتب من قيادات تابعة لحزب الإصلاح
فإن الرئيس هادي مارس عليهم الكثير من الخدع، ولم يفي بالتعهدات التي قطعها لهم
بمواجهة الحوثيين، وعدم السماح لهم بالدخول إلى صنعاء.
[38]
في قرارات من قبل اللجنة الثورية العليا تم ترقية عدد كبير من
الحوثيين من رتب دنيا إلى أعلى رتبة في وزارة الداخلية، يمكن الإطلاع على هذه
الترقيات على هذا الرابط http://sjl-news.info/n/1171581/
[39]
رفض المؤتمر الشعبي حليف الحوثيين الاعتراف بالإعلان الدستوري،
وهو الأمر الذي حال دون استكمال الحوثيين تنفيذ ما ورد في الإعلان.
[40]
لا يعرف بالضبط حجم الهاشميين في اليمن، غير أن الانطباع العام
يوحي بأنهم لا يتجاوزوا مئات الآلاف.
تعليقات
إرسال تعليق