مشروع تسوية وخارطة طريق جديدة لليمن
مشروع
تسوية وخارطة طريق جديدة لليمن
عبدالناصر
المودع
ملخص التسوية:
تحتاج اليمن إلى معجزة
للخروج من دوامة العنف والفوضى التي تعيشها، وهذه الأفكار ليست سوى محاولة لطرح
مجموعة من الأفكار، يهدف كاتبها من ورائها إلى تحفيز أذهان من يهمهم شأن اليمن للتفكير
خارج الأفكار العقيمة والبسيطة، والتي يتم تداولها، لحل الأزمة في اليمن.
وقد تضمنت هذه الأفكار
الكثير من التفاصيل، والحيثيات الموجبة للتسوية، وهي أمور ضرورية لأي تسوية واقعية
في ظروف اليمن الحالية. وأهم النقاط التي اشتملت عليها هي:
1- تشكيل سلطة انتقالية
لمدة خمس سنوات تشمل مجلس رئاسة من خمسة أعضاء يمثلون القوى الرئيسية، وبرلمان يتم
اختيار أعضائه من قوى سياسية، وبرلمانيين، وممثلين عن مؤسسات تعليمية، ونقابات
مهنية، وشيوخ دين وزعما قبائل.
2- استبعاد جزء من الطبقة
السياسية، وبعض القادة العسكريين، وبعض الموظفين المدنيين عبر آلية تشترك فيها
القوى الممثلة في مجلس الرئاسة.
3- تشكيل لجنة للمسائلة
والنزاهة مهمتها فحص ملفات الأشخاص المرشحون لشغل الوظائف العليا في الدولة،
العسكرية والمدنية.
4- وضع أفكار لحل القضية
الجنوبية، تمنح الجنوبيين بعد فترة حق تقرير المصير.
5- طرح حلول لمشكلة الجيش
والمؤسسات المدنية.
6- وضع اليمن تحت نظام
للرعاية الإقليمية والدولية.
7- ترتيب العلاقة مع دول
الخليج.
8- وضع أفكار خاصة بالإعلام.
تشخيص
الأزمة، وحيثيات التسوية
يبدو الحديث عن تسوية
سياسية في اليمن ضربا من الوهم، وفقا للظروف الذي يعيشه هذا البلد. فالحرب والصراع
السياسي أتخذ طابع فوضوي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ومن مظاهر ذلك؛ انقسام
الأطراف المتحاربة على طيف واسع من القوى ذات الأجندات الداخلية والخارجية
المتناقضة. فالحرب الحالية ليست بالوضوح والبساطة التي تروجها وسائل الإعلام،
والتي تصفها بأنها حرب بين سلطة شرعية وقوى انقلابية متمردة، ولكنها اعقد من ذلك
بكثير؛ فهي تتم بشكل رئيسي بين قوى ذات نزعات شمولية، وقوى تفتيتية، وأمراء حرب،
وساسة فاسدون.
واخطر ما في هذا النوع
من الحروب؛ الخيارات الصفرية للمتحاربين والتي تقوم على إلغاء الأخر، وعدم إمكانية
التعايش معه، استنادا إلى تصورات دينية، وعنصرية، وذاكرة تاريخية يتم استدعائها
للتأجيج والحشد. ويتم كل ذلك؛ في دولة منكشفة بشكل كامل على التدخلات الخارجية،
وضمن كومة من المشاكل المزمنة كالفقر المدقع لغالبية السكان، والنمو السكاني
المفرط (يتضاعف سكان اليمن كل 19 سنة) وتنامي قوة الجماعات الإرهابية، وانتشار
السلاح، وندرة في المياه، وتراجع الموارد الضرورية للدولة، وتأكل في الشرعية
السياسية، وبروز حركات انفصالية.
وبشكل عام فإن اليمن
يحمل كل مقومات الدولة الفاشلة؛ فالمقومات الأساسية للدولة متداعية، وما منع اليمن
من الوصول إلى حالة الانهيار حتى الآن، تدخل العالم الخارجي، والذي يتولى حاليا إمداد
اليمن بسبل الحياة الضرورية من خلال توفير الموارد الضرورية لاستمرار ما تبقى من
مؤسسات الدولة، وضبط إيقاع الصراع دون أن يتحول إلى حالة من الفوضى الشاملة. إضافة
إلى ذلك؛ ساهمت الهوية الثقافية المتجانسة نسبيا(غياب التعدد الديني أو العرقي)
والبنيات الاجتماعية التقليدية، في عدم انزلاق الحرب – حتى الآن - في اتجاه حروب
الهوية، وإقامة الجدران الجغرافية الصلبة.
ومع كل ما ذكر؛ فإن
التسوية السياسية ليست بالأمر المستحيل وفقا للمعطيات التالية:
1- بعد أكثر من عام من الحرب
في اليمن؛ يتضح أن جميع أطرافها أصبحوا في مازق حقيقي، فالحسم العسكري غير ممكن،
وفقا للمعطيات الحالية، حيث أن الحوثيين وحلفائهم غير قادرون على الاحتفاظ بالمناطق
التي يسيطرون عليها لفترة طويلة، ناهيك عن السيطرة الكاملة على بقية اليمن، كما
كانوا يأملون. في المقابل ليس بمقدور الأطراف المعارضة للحوثيين إلحاق الهزيمة
الكاملة بهم، وحتى لو تم لهم ذلك؛ فإن هذه الهزيمة ستكون كلفتها السياسية والبشرية
والمادية كبيرة جدا، ومحفوفة بمخاطر تفكيك الدولة لصالح المليشيات المذهبية
والجهوية المنخرطة حاليا في قتال الحوثيين.
واستمرار الحرب وفق ما هي عليه؛ ستؤدي إلى المزيد من
الضعف والتفكيك لما تبقى من مؤسسات الدولة، وتعزيز قوة القوى المتطرفة على حساب
الأطراف الرئيسية.
2- وصول التدخل العسكري
الخارجي إلى أقصى مداه، إذ لم يعد يمتلك الحماس، والدعم الداخلي والخارجي كما كان
عليه في بداية الحرب. فالتحالف الذي تم الإعلان عنه حينها؛ تداعي بشكل غير معلن،
حيث لم يتبقى من الدول العشر التي تشكل منها، إلا السعودية والإمارات، واللتان
لازالتا تقومان بالدور الرئيسي في الحرب، فيما مشاركة الدول الأخرى أصبحت أما
معدومة أو أنها رمزية.
ونتيجة
لذلك؛ فإن استمرار الحرب، وفق المنهجية السابقة، سيخلق أعباء سياسية، واقتصادية،
وأخلاقية، وربما قانونية، على الدولتين لا يمكنهما تحملانها لفترة طويلة؛ خاصة وأن
الطرف الأخر لازال يمتلك عناصر عديدة تجعله قادرا على الصمود لفترة غير منظورة.
3- عدم شعبية الحرب في العالم،
وتحديدا في الدول الغربية، والتي ترى بأنها أصبحت دون أفق واضح، وأنها خلقت كارثة
إنسانية، وقوت من نفوذ الجماعات الإرهابية، وفي طريقها إلى خلق دولة فاشلة جديدة
في المنطقة التي تعج بالأزمات والكوارث. ووفقا لذلك؛ فإن هذه الدول تمارس ضغوطا
كبيرة من أجل إيقاف الحرب.
واستنادا إلى ذلك؛ فإن
هناك حاجة لتسوية سياسية للخروج من هذا الوضع، والتسوية الواقعية يجب أن تأخذ بعين
الاعتبار توازن القوى على الأرض، وأن تكون شاملة في معالجتها لمسببات الحرب،
الموضوعية والذاتية، وهو الأمر الذي ينبغي أن يتم استنادا إلى معرفة عميقة بواقع
وبمشاكل اليمن.
وهذا يعني التفكير خارج
المرجعيات المطروحة كأساس للحل، فهذه المرجعيات (المبادرة الخليجية، مخرجات
الحوار، قرارات مجلس الأمن) تجاوزها الزمن، ويستحيل تنفيذها في اليمن وفقا
للاعتبارات التالية:
1- خارطة الطريق وفق هذه
المرجعيات تقوم على أن تعود العملية السياسية إلى ما كانت عليه قبل 21 سبتمبر 2014،
من قبيل: تسليم ألأسلحة للدولة، والانسحاب من مؤسسات الدولة، طرح مشروع الدستور على الاستفتاء وإجراء
الانتخابات البرلمانية ثم المحلية والرئاسية بعد ذلك، ومن ثم إنهاء المرحلة الانتقالية
بتسلم الرئيس المنتخب سلطاته.
وبالنظر
إلى الواقع على الأرض نجد أن هذه الخارطة يستحيل تطبيقها في الوضع الراهن،
فالحوثيون لا يمكن أن ينسحبوا من مؤسسات الدولة، ويسلموا الأسلحة، ويقبلوا بعودة
الرئيس الانتقالي، وفقا لتوازن القوى على الأرض، فهؤلاء لا زالوا مسيطرين على أهم
مناطق اليمن التي تشمل أكثر من 70% من السكان إضافة إلى العاصمة التي لا زالت تدير
معظم مؤسسات الدولة بما فيها تلك التي لم تعد تخضع لسيطرتهم.
وهناك
مشكلة حقيقية في موضوع تسليم الأسلحة ومؤسسات الدولة، فليس هناك من اتفاق على
الجهة التي سيتم تسليمها الأسلحة والمؤسسات، فالجيش اليمني، ومؤسسات الدولة، التي
كانت قائمة قبل 21سبتمبر 2014 أصبحت الآن تحت سيطرة الحوثيين بعد أن أجروا تغييرات
هائلة في بنيتها، وزرعوا أعضائهم في مفاصلها الرئيسية، ومن ثم فإن السلطة الشرعية
لن تقبل بتسليم الأسلحة والمؤسسات لهذه الجهات. في المقابل الجيش الذي يقاتل تحت
مظلة السلطة الشرعية والموصوف بالجيش الوطني، لا يعترف به الحوثيين، ولا الرئيس
السابق صالح، ويعتبرونه جيش خاص بخصومهم. والنتيجة أنهم لن يقبلوا بأن يسلموا
سلاحهم لخصومهم.
إضافة
إلى ذلك؛ هناك خلاف حول الكثير من مواد مشروع الدستور خاصة في الشق المتعلق بتقسيم
الدولة إلى أقاليم، وهو الأمر الذي لا يتوقع الاتفاق بشأنه في الظروف الحالية. إلى
جانب ذلك هناك عقبات فنية وسياسية تحول دون إجراء عملية الاستفتاء ناهيك عن
الانتخابات اللاحقة. فالاستفتاء يحتاج إلى وضع أمني وسياسي لا يمكن توفره قبل استقرار
سياسي وأمني حقيقي، وهذا لن يتم بدون تسوية سياسية تنهي حالة الحرب والفوضى أولا،
وكل ذلك يتطلب فترة زمنية طويلة على افتراض نجاح التسوية وقبولها من الأطراف
الرئيسية.
2- الرئيس هادي وفق
المرجعيات المذكورة، هو من سيتولى إدارة المرحلة الانتقالية حتى نهايتها، ويرفض الطرف
الأخر (الحوثيون ، صالح) الاعتراف بشرعيته على اعتبار أنه أخل بصفة الرئيس
التوافقي، والتي منحته المنصب، ففي الوقت الحالي الرئيس هادي هو خصم لهؤلاء وفي
حالة حرب حقيقية معهم، ومن ثم فإنهم لن يقبلوا بتسليمه السلطة.
ونتيجة لكل ما ذكر؛ فإن
أي تسوية سياسية حقيقية ستكون عبارة عن خارطة طريق جديدة بمرجعيات جديدة تعكس
موازين القوى على الأرض، ولن تخرج عن شكل أخر من أشكال المحاصصة السياسية لمعظم
القوى التي ستكون طرفا في التسوية.
وبما أن الأمر على ذلك
النحو؛ فإن الحاجة تدعوا إلى اقتراح أفكار خاصة تخفف من مساوئ المحاصصة السياسية،
كونها شر لا يمكن تجنبه، وأهم المساوئ التي يمكن أن تحملها المحاصصة؛ إعادة نفس أعضاء
الطبقة السياسية التي كانت السبب وراء مشاكل اليمن وأزماته، لتتصدر من جديد المشهد
السياسي القادم في اليمن. وهذا الأمر، يعني الفشل المسبق للتسوية السياسية؛ إذ أن عودة
هؤلاء إلى الواجهة مجددا، لا يخل بمبدأ العدالة فقط، والذي يتطلب معاقبتهم، وإن
بشكل رمزي، على سوء إدارتهم وجرائمهم وفسادهم المشهود، ولكنه أيضا غير عملي لوقف
العنف والدخول في مرحلة السلام. فهذه الطبقة منقسمة على نفسها بشكل صارخ، وتحمل
لبعضها البعض كميات هائلة من البغضاء والكره، والرغبة في الانتقام إلى الحد الذي
يستحيل عليها أن تعمل مع بعض تحت أي ظرف. ومن ثم فإن هذه الطبقة عمليا هي عقبة في
طريق السلام، والحل الواقعي يتطلب استبعادها واستبدالها بأشخاص جدد من نفس القوى،
تكون مقبولة من القوى المنافسة، وغير مسئولة بشكل مباشر وواضح عن إي جرائم أو
فساد.
والمشكلة الرئيسية في هذه
العملية تتمثل في: معايير الاستبعاد، والاستبدال، والجهة التي ستقوم بذلك. ولحل
هذه المشكلة تقترح هذه المبادرة بعض الخطوات الواقعية من قبيل منح كل القوى
السياسية الرئيسية الحق في استبعاد عدد محدود من خصومها في جميع المستويات السياسية،
والعسكرية، والإدارية، وان يكون لها أيضا رأي في الأشخاص الذين سيحلون بدلا عن
الأشخاص المستبعدين – سيتم تفصيل ذلك لاحقا.
وقبل الدخول في تفاصيل هذه
المبادرة ينبغي الإشارة إلى تشخيص المشكلة والمبررات التي استدعتها، وكذلك المبادئ
العامة التي تقوم عليها، وهو ما سنشير إليه في النقاط التالية:
1- مشكلة اليمن الحقيقية
ليست ناتجة عن فشل التسوية السياسية وانقلاب الحوثيين عليها، فهي تمتد إلى بنية
وتركيبة المنطقة التي تسمى اليوم بالجمهورية اليمنية، وهي التركيبة التي تتصف
بهشاشة حقيقية منعت قيام دولة ناجحة وفعالة خلال تاريخها المعروف. وقد نتجت هذه
الهشاشة عن أسباب كثيرة تتداخل فيها العناصر الذاتية والموضوعية، ذات المصدر الداخلي
والخارجي، والتي شكلت في مجموعها أسباب ونتائج لبعضها البعض على شكل حلقة أو حلقات
مفرغة دائمة ومتكررة. وفيما يلي سرد لأهم هذه العناصر:
أ-
الطبيعة الجغرافية لليمن: حيث التضاريس الصعبة، وقلة سقوط
الأمطار وندرتها في معظم مناطق اليمن، وغزارتها في بعض المناطق. وهو ما تسبب في
خلق تنوع هائل في المجالات الاقتصادية/الاجتماعية/الثقافية. ففي المناطق الممطرة
(لا تزيد مساحتها عن 20% من مساحة اليمن) هناك اقتصاد مستقر يمتلك فوائض غذائية،
وسكان مسالمون. وهذه هي السمات العامة للمجتمعات الزراعية في مناطق الجبال والسهول
والوديان التي تتغذى بالسيول القادمة من
المناطق الممطرة.
في
مقابل ذلك؛ هناك مناطق جافة ذات اقتصاد الكفاف والندرة، والتي أنتجت مجتمعات قبلية/حربية
غير مستقرة، تعوض عجزها الدائم، عادة، من خلال الغزو والإغارة على مناطق الفوائض.
وكانت
المحصلة النهائية لكل ذلك؛ تنوع في البنيات الاجتماعية/السياسية/الاقتصادية
والثقافية في اليمن، وعدم توفر الموارد الضرورية لقيام سلطة مركزية قوية ومستقرة،
تمتد سلطتها الحقيقية إلى جميع مناطق اليمن، فالسلطات المركزية كانت تقتصر سلطاتها
الفعلية على بعض مناطق الفائض، فيما تضعف أو تنعدم في مناطق الكفاف والندرة.
ب-الموقع الجغرافي لليمن، والذي ساهم في نتيجتين
متناقضتين، ففي المناطق الداخلية ( الجبال العليا والصحاري) ساهم الموقع في عزل
هذه المناطق عن التفاعل مع التطورات الحضارية التي كانت تحدث في بقية مناطق
العالم، وهو الأمر الذي جعلها في حالة ركود حضاري، وتخلف عن التطورات العلمية
والثقافية التي كانت تحدث في العالم.
أما
المناطق الساحلية، وبعض المناطق الزراعية، فقد كانت محل اهتمام وأطماع للقوى
الإقليمية والدولية بسبب أهميتها الإستراتيجية، وتوفر مواردها. وقد أدى ذلك إلى تعرض اليمن للتدخلات الخارجية الدائمة، والتي ساهمت، بشكل
أو أخر في صياغة التاريخ السياسي لليمن.
2- تضافرت العناصر التي
ذكرناها مجتمعة في منع قيام الحكم المركزي في اليمن، كون الحكم المركزي يتطلب
موارد كبيرة ودائمة، واستقلال نسبي عن القوى الخارجية؛ وكل هذه العناصر لم تتوفر
في اليمن خلال تاريخه المعروف إلا في حالات استثنائية لا يمكن القياس عليها.
وبغياب الحكم المركزي؛ كان البديل هو كيانات مادون الدولة والتي تتراوح ما بين
السلطنات، والإمارات في حدها الأعلى والمشيخات القبلية ذات السلطات البسيطة في
حدودها الدنيا. وكانت السمة العامة لهذه السلطنات والإمارات، عدم الديمومة في
الزمان، والتمدد والانكماش في المكان.
3- نتيجة لغياب السلطة
المركزية لم تتشكل هوية سياسية واحدة لليمن، وخاصة في المناطق الجنوبية والتي لم
تشهد قيام سلطة مركزية جنوبية خلال تاريخها المعروف، وحتى قيام الدولة الجنوبية
1967-1990، وغياب الهوية السياسية الجامعة ساهم في وجود أزمة هوية للدولة اليمنية
التي ولدت في 1990، وفتح الباب أمام الدعوات الانفصالية في الجنوب.
4- كنتيجة وسبب لكل ما
ذكر؛ لم تتشكل في اليمن سلطة شرعية تحظى بقبول من كل أو معظم اليمنيين بمختلف
تنوعاتهم الجهوية والمذهبية والسياسية. وتظهر أزمة الشرعية في اليمن بشكل واضح
خلال التاريخ الحديث لليمن؛ فخلال القرن الماضي تمت الإطاحة بالشرعيات التقليدية
في الشمال والجنوب من قبل قوى "ثورية" ولم يتم إنشاء شرعيات بديلة عنها.
ففي
الشمال، تمت الإطاحة بالنظام الإمامي، والذي كان يمتلك شرعية تقليدية، على الرغم
مما كانت تعانيه هذه الشرعية من ضعف خاصة في المناطق غير الزيدية، دون أن يتم
إنشاء نظام سياسي بشرعية بديلة. فالسلطة في هذا الجزء ألت بعد سبتمبر 1962 إلى
تحالف بين العسكر وشيوخ القبائل وقادة الجهاز البيروقراطي، ورجال الدين. وهي
الحالة التي كانت عليها اليمن الشمالي منذ ذلك الحين وحتى 1990، وقد نتج عن هذه
السلطة كيان سياسي بشرعية هشة.
وفي
الجنوب تمكنت الجبهة القومية من الإطاحة بالإدارة الاستعمارية في عدن، والتي كانت
تمتلك شكل من أشكال الشرعية القانونية المؤسسية، وبحكام السلطنات، والذين كانوا
يمتلكون شكل من أشكال الشرعية التقليدية. ولم تتمكن من تأسيس نظام شرعي بديل؛ حيث أقامت
نظام حكم شمولي على النمط الإستاليني، عاني من أزمات عديدة ومركبة كان من أهمها
أزمة الشرعية، وقد تجلت تلك الأزمات على شكل دورات من العنف داخل إطار الطبقة
الحاكمة وخارجها.
ولم
يكن حظ دولة الوحدة في إيجاد نظام شرعي قانوني بأفضل من نظامي الدولتين التي قام
على أنقاضهما؛ إذ فشل حكام تلك الدولة من تأسيس شرعية قانونية لحكمهم في أول
امتحان لها؛ حين لم يتقبلوا بنتائج انتخابات 1993، والتي كانت الخطوة الأولى نحو
تأسيس سلطة شرعية عبر التفويض الشعبي. ليعود بعدها الحكم بعد حرب 1994 إلى نمط
شبيه بالنظام الذي كان سائدا في الشمال قبل الوحدة، مع بعض الرتوش من ديمقراطية
صورية.
وعقب
الإطاحة بنظام الرئيس السابق صالح في 2011، فشل خلفائه من إنشاء نظام سياسي بشرعية
حقيقية، فقد سعى هؤلاء إلى وراثة نظام صالح، واستخدام فكرة الحوار الوطني كجسر
عبور لديمومة وجودهم في السلطة؛ بدلا من أن يكون ذلك المؤتمر وسيلة لإنشاء شرعية
سياسية حقيقية.
وبالنظر
إلى كل ما ذكر؛ فإن أي تسوية سياسية جديدة في اليمن ينبغي أن تؤدي إلى إنشاء نظام
شرعي قابل للحياة والتطوير.
5- مشكلة شح الموارد
الدائمة في اليمن تظهر بكل فجاجتها في الوضع الراهن، فالموارد المحدودة من عائدات
النفط والغاز، متوقفة بشكل شبه كامل، ولا يتوقع لها أن تعود على ما كانت عليه بسبب
الفوضى المتوقع استمرارها في اليمن خلال المرحلة القادمة. فهذه الموارد بحاجة إلى
استثمارات أجنبية لإعادة تشغيلها وتطويرها، ولا يتوقع أن تعود لليمن شركات
استثمارية حقيقية في ظل الفوضى.
ونتيجة
لشح الموارد فإن الحكومة القادمة، إيٌ كان شكلها ستبقى معتمدة على المساعدات
الخارجية، وهي مساعدات لا يبدو بأنها ستكون كافية لإعادة عجلة الحياة الاقتصادية
إلى ما كانت عليه قبل الحرب. ومن المتوقع، في حال كانت التسوية السياسية هشة، أن
تستمر الفوضى عبر انتشار المليشيات وأمراء الحرب والجماعات الإرهابية، والحركات
الانفصالية، والتدخلات الخارجية الضارة في اليمن. وكل ذلك سيؤدي إلى مزيد من الضعف
للسلطة المركزية.
وكضمان
لعودة السلطة المركزية وإن بالحدود الدنيا يتطلب الأمر تسوية سياسية تقبل بها معظم
الأطراف الفاعلة في الشأن اليمني الداخلية والخارجية، وهو الأمر الذي نهدف إليه من
خلال المقترحات الواردة في هذه الورقة.
6- من خلال التجربة
التاريخية يتضح بأن الحرب الدائرة في اليمن لن تنتهي ويعود الاستقرار، إلا في حال
كان هناك خريطة طريق واضحة تقتنع بها معظم القوى المؤثرة، وتعالج المشاكل الجوهرية
المتعلقة بالصراع على السلطة والثروة في اليمن. فأي هدنة لن يكتب لها النجاح ما لم
تكن ضمن تسوية وخارطة طريق واضحة.
7- أن أكبر مشكلة في الحرب
الدائرة الآن تتمثل في رهان القوى المتصارعة على الخيارات الصفرية للصراع، فكل
الأطراف، وإن أدعت بأنها تقبل بالأخر والشراكة معه، تضمر رغبة حقيقية بإقصاء
خصومها. يضاف إلى ذلك؛ غياب إي حدود جغرافية معترف بها للقوى المتصارعة فجميع هذه
القوى - باستثناء القوى الانفصالية الجنوبية، والتي سقف اهتمامها الحدود الشطرية
السابقة - سقف طموحها السيطرة على كل مناطق اليمن. وهذه الحقيقية تصعب من توقف
القتال في مرحلة ما، فكل الأطراف لا تعترف للطرف الأخر بمنطقة نفوذ خاصة به، وأمر
على هذا النحو؛ يجعل من الحرب عملية لا نهائية ومدمرة.
8- أهمية مبادرة من هذا
النوع، وفي حال قبولها من قوى رئيسية داخلية وخارجية، فأنها ستمنح هذه القوى،
وكذلك عامة الناس، أفق واضح لمالأت الحرب الحالية، الأمر الذي سيساعد على سرعة
الحسم السياسي وربما العسكري.
فوجود
خارطة طريق تقبل بها معظم القوى الرئيسية، يمكن أن تؤدي إلى تأسيس جبهة عريضة من
القوى التي هي حاليا في حالة صراع وتنافس، ضد القوى الرافضة لها. وفي هذا الشأن من
المتوقع أن تقبل بعض القوى المعتدلة المنتمية لكل الأطراف بكل أو بعض بنود هذه
المبادرة، فيما تـرفضها القوى المتطرفة، وكذلك الأطراف المستفيدة من بقاء الحرب.
وفي
حال حدوث ذلك؛ فإن هناك إمكانية لخلق جبهة واسعة من المعتدلين الداعمين للحل، تعمل
على عزل وإضعاف القوى المتطرفة، الأمر الذي قد يساعد على الحسم السياسي أو العسكري.
9- لن يكتب لهذا المشروع،
أو أي مشروع تسوية أخر، النجاح إلا في حال تمكن المعتدلون من كل الأطراف من إزاحة
المتطرفون، والمستفيدون من حالة الفوضى والحرب، من مواقع صنع القرار. وفي هذا
الشأن يمكن التعويل على الضغط الخارجي، وتحديدا من قبل المملكة السعودية والإمارات
والولايات المتحدة وروسيا وربما إيران - في حال أرادت أن تكون جزء من الحل - وبقية
الدول ذات التأثير على الشأن اليمني، من خلال ممارسة كل وسائل الترغيب والترهيب،
لإجبار جميع القوى للقبول بهذه التسوية أو غيرها. وبدون هذا الأمر فإن الأطراف
المتحاربة والمستفيدة من الحرب لن تتقدم خطوة واحدة باتجاه السلم.
10-
يتضح من سياق ما جرى في اليمن أن سبب تعثر التسوية السياسية
يرجع إلى وجود نزعات انتقامية لدى الطبقة السياسية، وهو الأمر الذي يجب أن يؤخذ
بعين الاعتبار في إي تسوية قادمة. وكحل لهذه المسألة يقدم مشروع التسوية هذا بعض
الحلول لتجاوزها من خلال منح أولئك القادة الفرصة للانتقام من خصومهم وبشكل
متكافئ، وهو ما سيتم حين يتم منح كل طرف من أطراف النزاع الحق في تسمية عدد من
الأشخاص بصفتهم معرقلين للتسوية – وهو ما سنشير له بالتفصيل لاحقا - وهو ما سيعني
حرمانهم من الممارسة السياسية، وإخراجهم من اليمن لفترة معقولة. وحدوث هذا الأمر
يحقق أكثر من هدف أهمها: شعور جميع الأطراف بأنها لم تُـهزم وتُـفرض إرادة خصومها
عليها، وبأنها تمكنت من الانتقام من خصومها.
11-
يُـعتقد على نطاق واسع بأن التسوية السياسية لن تنجح إلا
بإخراج القادة الذين تسببوا بالحرب وفشل العملية السياسية من اليمن ومنعهم من
الممارسة السياسية لفترة محددة على الأقل، ولهذه الغاية يقدم هذا المشروع بعض
المقترحات لإخراج هؤلاء القادة، والذي سيتم شرحه في البنود اللاحقة.
12-
بحكم أن أي تسوية سياسية تعني قبول جميع الأطراف بالحلول
الوسط، فإن من المتوقع أن يعارض هذا المشروع طيف واسع من القوى الداخلية والخارجية
تحت عناوين كثيرة. فهناك من سيعارضها بحجة مخالفتها للوثائق المقترحة للتسوية كقرارات
مجلس الأمن، ومخرجات الحوار، والمبادرة الخليجية، وغيرها من الوثائق.
وهناك
من سيعارضها بحجة خلوها من قضية العدالة الانتقالية، ومحاسبة المتسببين بالانتهاكات
لحقوق الإنسان وارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، والفساد وغيرها من الانتهاكات
التي يرى الكثيرون أن العدالة تقتضي معاقبة من تسبب فيها لا العفو عنه وجعله جزء
من الحل كما يوحي به مشروع التسوية هذا. وعلى الرغم من وجاهة هذه الطروحات؛ إلا أن
التفكير العملي والواقعي يشير إلى أن معاقبة كل من أرتكب الانتهاكات ستشمل جميع
الأطراف بشكل أو أخر، وهذا الأمر يتعذر تطبيقه في الظروف الحالية. فالوصول إلى
هؤلاء المسئولين غير ممكن، كما أنه سيؤدي إلى رفضهم لأي حلول وسط لا تشمل إعفائهم
من أي مسائلة قضائية.
إلى
جانب ذلك؛ فإن حالة الفوضى وغياب مؤسسات العدالة المحايدة والمقبولة من الجميع
تجعل من الصعب قيام محاكمات وتحقيقات عادلة ونزيهة.
ولهذا
كله؛ فإن الحل الواقعي هو البحث عن إجراءات واقعية تؤدي إلى عقوبات
"مقبولة" ورمزية في معظمها، لجميع أو معظم قادة أطراف النزاع، وهو ما
سيتضمنه هذا المشروع كما سيتضح فيما بعد.
عناصر التسوية:
ينبغي أن ترتكز التسوية
على إشراك القوى التي تمتلك النفوذ السياسي والعسكري في اليمن فيها، وأن تكون هذه
القوى ممثلة لمعظم الاتجاهات السياسية والمذهبية والجغرافية حتى يكتب لها النجاح. غير
أن هناك مشكلة في هذا الأمر تتعلق بغياب الهياكل السياسية الواضحة لبعض الأطراف،
وتحديدا الأطراف الجديدة التي أفرزتها الحرب.
فمن خلال نظرة سريعة لخارطة
الصراع الحالية؛ نجد أن هناك ثلاث قوى رئيسية فقط لديها هياكل سياسية واضحة
وقيادات فعلية، وهذه القوى هي: حزب الإصلاح وحزب المؤتمر والحوثيين، فيما القوى
الأخرى إما متطرفة يصعب إشراكها في الحل مثل تنظيم القاعدة، والتنظيمات المرادفة
له (داعش، أنصار الشريعة، وغيرها) أو أنها قوى مبعثرة لا جسم سياسي يضمها أو رأس
واضح يقودها، وهو ما يجعل من الصعب إشراكها. ومن هذه القوى: الجماعات السلفية ، وقوى
الحراك الجنوبي، والقوى اليسارية والليبرالية – إن جاز التعبير – والتي لها حضور
كبير في أوساط النخب الثقافية والأدبية، إلا أنها لا تملك أحزاب سياسية تعبر عن
توجهاتها.
ونتيجة لهذه الإشكالية؛
فإن اقتصار عملية التسوية على الأطراف الثلاثة التي ذكرناها يجعل التسوية ناقصة، وينذر
بفشلها لأكثر من سبب أهمها: أن القوى الأخرى والتي لها حضور طاغي في بعض المناطق،
وفي الشأن العام، قد تقف ضد التسوية، لإحساسها بالتهميش. والسبب الأخر يتعلق
بطبيعة القوى الثلاث والتي هي محسوبة بشكل أو أخر على المناطق الشمالية، وهو الأمر
الذي يعني بأن مناطق الجنوب لن تكون ممثلة في التسوية. ولحل هذه الإشكالية يمكن
التفكير في قيام دول التحالف، وتحديدا السعودية والإمارات، والمبعوث الدولي
باختيار شخصين يمثلان الجنوب من بين عدد من القادة المحسوبين على الجنوب.
ويمكن الإشارة هنا إلى كل
من: الرئيس السابق علي ناصر محمد، وحيدر العطاس، والرئيس هادي، وعلي سالم البيض،
وياسين سعيد نعمان كقيادات جنوبية يمكن للسعودية والإمارات اختيار شخصيتين منهما لتمثيل
الجنوب.
الخطوة الأولى في التسوية:
على
افتراض تم القبول بالتشكيلة التي ذكرناها فإن المرحلة الأولى من التسوية ستتطلب
عقد اجتماع للقادة التالية اسماهم أو من يمثلهم.
1-
علي عبدالله صالح (رئيس المؤتمر الشعبي)
2-
محمد اليدومي (رئيس حزب الإصلاح)
3-
عبدالملك الحوثي (زعيم الحوثيين)
4-
شخصيتين جنوبيتين.
-
ستقتصر مهام هؤلاء بمهمتين اثنتين فقط هما:
1-
يمنح كل طرف الحق في وضع قائمة بـ (25) أسما، أو أكثر أو
أقل، لمن يُعتقد من وجهة نظره بأنها شخصيات معرقلة للتسوية السياسية، وفي هذه
الحالة؛ فإن من المتوقع أن تشمل القائمة الكاملة (125) جميع أعضاء الصف الأول ممن
كانوا جزء من المشكلة في اليمن خلال الخمس سنوات الماضية على الأقل، ومن المحتمل
أن تشمل هذه القائمة كل أو معظم المشاركين في هذه المشاورات. وتهدف هذه الخطوة إلى
تحقيق الأهداف التالية:
أ- منح كل فريق إمكانية
إخراج خصومه من اللعبة السياسية دون قتال.
ب-
استبعاد الأشخاص الذين تورطوا في الصراع السياسي والعسكري بشكل مباشر، وهو ما يحقق
العدالة وإن بشكل جزئي ورمزي.
ت-
إشباع غرور كل فريق، بالشعور بأنه لم يهزم في المعركة، ومنحه الرغبة في الانتقام
من خصومه.
ث-
فتح المجال أمام شخصيات سياسية جديدة، لا تكون قد تورطت بشكل مباشر في النزاعات
والانتهاكات الجسيمة، لتمثيل القوى السياسية الرئيسية في المشهد السياسي القادم
لليمن.
تشكيل مجلس الرئاسة:
المهمة
الثانية لقادة القوى السياسية تتمثل في اختيار شخص واحد يمثل الفريق الذي يقوده في
مجلس الرئاسة، وفقا للخطوات التالية:
1-
يرشح كل فريق مرشحة لعضوية مجلس الرئاسة.
2-
يتطلب اعتماد الشخصيات المرشحة قبول ثلاثة أعضاء من الأربعة
الآخرين ليصبح المرشح عضوا في مجلس الرئاسة. وفي هذا الشأن يفضل أن يتم استبعاد إي
مرشح في حال لم يحصل على النصاب. واشتراط الموافقة بهذا النصاب تهدف إلى أن يضطر
كل فريق إلى اختيار شخصيات معتدلة وتوافقية لتمثله، وهو الأمر الذي يساعد على
اختيار مجلس رئاسة بمواصفات مقبولة وإن بالحد الأدنى.
-
بعد أن يتم الاتفاق على أعضاء مجلس الرئاسة تنتهي مهام قادة
القوى الرئيسية، ومن تم وضعه منهم ضمن المعرقلين توجب عليه اعتزال العمل السياسي،
والعمل العام لمدة خمس سنوات، والخروج من اليمن خلال هذه الفترة، مقابل منحه
الحصانة ومخصصات مالية من صندوق يخصص لهذا الغرض أو من الدول التي ستستضيفه.
-
يتولى مجلس الرئاسة مهام رئيس الجمهورية وفقا للدستور اليمني
النافذ.
-
يتم التناوب على منصب رئاسة المجلس بشكل دوري بحيث يتولى كل
عضو الرئاسة لمدة عام
تشكيل مجلس المسألة والشفافية:
-
يشكل مجلس الرئاسة لجنة النزاهة والمسائلة، تكون مهمتها فحص
ملفات الأشخاص المرشحين للمناصب السياسية والإدارية العلياء في الجهازين المدني
والعسكري، والذي يصدر بتعيينهم قرارات جمهورية، والهدف من تشكيل هذه اللجنة الحد
من وصول الأشخاص الذين تحوم حولهم شبهات الفساد أو ارتكاب الانتهاكات؛ للمناصب
القيادية العلياء في الجهازين العسكري والمدني، إضافة إلى أن هذه اللجنة ستحد من
فساد التعيينات في الدولة، حين ترفض تعيينات المقربين من أعضاء مجلس الرئاسة وغير
المؤهلين لها.
و
لأهمية هذه اللجنة ينبغي أن تشكل وفقا للاتي:
1-
تتشكل الهيئة من خمسة أعضاء.
2-
يرشح كل عضو من أعضاء مجلس الرئاسة شخص لعضوية اللجنة شرط
موافقة بقية أعضاء المجلس على الترشيح.
3-
تتمتع اللجنة باستقلالية تامة في عملها ولا يجوز عزل أي عضو
من أعضائها إلا بعد موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب.
4-
مدة عمل اللجنة خمس سنوات.
تشكيل مجلس الوزراء:
-
يتم التوافق داخل مجلس الرئاسة على أسم رئيس الوزراء والذي
يتطلب أن يحصل على موافقة 4 أعضاء، وبعد ذلك تتولى لجنة المسائلة والشفافية فحص
ملف المرشح لرئاسة الوزراء، والموافقة علية من قبل 4 أعضاء على الأقل من أعضاء
اللجنة، وفي حال الرفض يتطلب من الأعضاء اللذين رفضوا الترشيح تقديم مبررات رفضهم
لمجلس الرئاسة.
-
يتولي رئيس الوزراء المكلف بترشيح الوزراء بشكل فردي للجنة
المسألة والشفافية، والتي ينبغي عليها إجازة الترشيح بالأغلبية (3 أعضاء) وبعد ذلك
يتم الرفع لمجلس الرئاسة للموافقة على الترشيح والذي ينبغي أن يحصل المرشح على
موافقة 3 أعضاء.
-
يسمى كل عضو من أعضاء مجلس الرئاسة 100 موظف مدني أو أكثر أو
أقل، بصفتهم غير مناسبين لتولى مناصبهم خلال فترة 5 سنوات، وفي هذه الحالة يتم عزل
من شملتهم القائمة مع إبقاء حقوقهم الوظيفية والمالية، والسماح لهم بالعمل الحكومي
بعد نهاية الفترة.
تشكيل مجلس النواب:
بما أن مجلس النواب
الحالي يعاني من خلل كبير يفقده الكثير من المشروعية والشرعية، حيث أن المهلة
الدستورية على انتهاء عمل المجلس قد تم تجاوزها منذ 7 سنوات، إضافة إلى أن
الانتخابات التي أجريت للمجلس قد تمت في ظل ظروف مختلفة وبعيدة عن النزاهة وتكافؤ
الفرص.
وبما أن من غير الممكن
في ظروف اليمن الحالية تنظيم انتخابات حرة ونزيهة، يقبل بها الجميع؛ فإن الحاجة
تستدعي التفكير بإنشاء مجلس النواب يحمل أكبر قدر من التمثيل الشعبي بآليات أخرى
غير الانتخابات المباشرة. وفي هذا الصدد يمكن اقتراح تشكيل مجلس النواب وفقا لما
يلي:
1- منح كل عضو من أعضاء
مجلس الرئاسة الحق بتعيين عشرين عضوا على أن يكون 20% على الأقل من النساء (100
عضو)
2- تعيين 80 عضوا من أعضاء
مجلس النواب الحالي وفقا للآلية التالية:
3- 40 عضوا من المحافظات الشمالية، و40 عضوا من المحافظات الجنوبية، وتتولى
لجنة المسألة والشفافية فحص المؤهلين للعضوية وفقا لهذه الآلية: (80 عضوا)
الأربعون
الحاصلون على أعلى الدرجات العلمية، وفي حال تساوي الدرجات العلمية يتم اختيار
العضو الأقدم في المجلس، وفي حال التساوي في الاقدمية يتم اختيار العضو الذي حصل
على أعلى الأصوات في أخر انتخابات.
4- يمنح الحزب الاشتراكي والحزب
الناصري الحق في تعيين 10 أعضاء لكل حزب في المجلس على أن يكون 20% على الأقل من
النساء. (20 عضوا)
5- تمنح جامعتي صنعاء وعدن
حق تعيين أربعة أعضاء من كل جامعة، فيما يتم منح أكبر ست جامعات حكومية الحق في
تعيين عضوين لكل جامعة من هيئة التدريس، إما بالانتخاب أو التزكية، على أن يكون
نصفهم من النساء. (20 عضوا)
6- تمنح أكبر عشرين نقابة
من حيث عدد الأعضاء تعيين عضوا لكل منها، عن طريق الانتخاب أو التزكية. (20 عضوا)
7- تمنح الغرفة التجارية
والصناعية الحق في تعيين 20 عضوا عن طريق الانتخاب أو بالتزكية. (20 عضوا)
8- يتم منح أكبر ثلاثين
قبيلة الحق في تعيين عضو لكل قبيلة عن طريق التزكية أو الانتخاب. (30 عضوا)
9- يتولى كل من: مجلس
الرئاسة، ولجنة المسألة والشفافية، ورئيس الوزراء تعيين 3 شيوخ من المذهب الزيدي،
و 3 شيوخ من المذهب الشافعي، وشيخين من المذهب الإسماعيلي، وشيخين من الصوفيين،
على أن يحصل كل شيخ على الأغلبية المطلقة من جميع هؤلاء. (10 أعضاء)
10-
يتولى كل من: مجلس الرئاسة، ولجنة المسائلة ورئيس الوزراء
اختيار رئيس لمجلس النواب، بشرط حصوله على ثلاثة أرباع هؤلاء. (1 عضو)
القضية الجنوبية:
مثلت
القضية الجنوبية واحدة من أخطر القضايا التي تمس كيان الدولة، وخلال الفترة
الماضية تم التعامل معها إما بالتجاهل وفرض الأمر الواقع، كما كان يفعل الرئيس
السابق صالح منذ 1994 وحتى سقوطه، أو باستثمارها سياسيا من قبل بعض السياسيين
الجنوبيين لتعزيز مراكزهم السياسية. إلى جانب ذلك؛ لا تقدم الحلول المطروحة حل لهذه
القضية، إما لعدم واقعيتها، كما هو حال الفدرالية المقترحة، أو الانفصال الناجز،
أو الانفصال الفوضوي الذي يتم حاليا من قبل القوى الانفصالية.
وعليه
فإن حل هذه القضية يتطلب التعامل معها بحلول أخرى أكثر واقعية تقوم على وضع خارطة
طريق واضحة للجنوبيين يقرروا فيها وبكل حرية وفي ظروف هادئة الانفصال أو البقاء في
دولة الوحدة، ويمكن اقتراح الخطوات التالية لهذه الخارطة:
1- تقوم السلطة الانتقالية
باستعادة السيطرة الكاملة لأجهزة الدولة في المناطق الجنوبية من جميع القوى التي
فرضت سيطرتها على بعض المناطق، وخاصة الجماعات المتطرفة كتنظيم القاعدة وداعش
وغيرها.
2- بعد تطبيع الأوضاع في
الدولة، والجنوب خصوصا، يتم التفاهم داخل مجلس الرئاسة والبرلمان وبالتشاور مع
الدول الراعية والأمم المتحدة على القضايا المتعلقة بالاستفتاء، ومنها قضية تعريف
الجنوبي الذي سيشارك في الاستفتاء، حيث أن هذه القضية ستكون محل خلاف وجدل بالنظر
إلى وجود عدد كبير ممن يعتبرون أنفسهم جنوبيون ترجع أصولهم إلى مناطق شمالية أو
جنوبيون يعيشون في المناطق الشمالية.
3- بعد حل مشكلة من يحق
لهم التصويت وتسجيلهم في سجلات الناخبين، يتطلب أن تحدد فترة لا تقل عن عام يتم
خلالها السماح لجميع الأطراف المؤيدة لبقاء الوحدة أو الانفصال بالعمل بحرية في
جميع مناطق اليمن وتحديدا في الجنوب لحشد الناخبين لتوجهاتهم وفق ضوابط متفق عليها
مسبقا.
4- في حال قررت الأغلبية
المطلوبة من الجنوبيين الانفصال يتم اتخاذ التدابير التالية لتثبيت الانفصال
وإنهاء دولة الوحدة:
أ-
التفاهم والاتفاق داخل مجلس الرئاسة والبرلمان وتحت إشراف
الدول الراعية والأمم المتحدة على تشكيل سلطتين واحدة في الشمال وأخرى في الجنوب.
ب- تتولى هاتين السلطتين إدارة المنطقة التي تتبعها وتمثيلها في
المفاوضات التي سيتم إجراءها بين هاتين السلطتين والسلطة الانتقالية حول الخطوات
المتعلقة بالانفصال وطبيعة العلاقة التي ستربط الدولتين، وشعبيهما، والمصالح
والموارد المشتركة التي تشكلت خلال فترة الوحدة، والالتزامات المالية والقانونية
لدولة الوحدة، وحقوق مواطني الدولتين بعد عملية الانفصال وغيرها من القضايا.
ت- إعلان إنهاء دولة الوحدة وتشكيل الدولتين.
5- في حال صوتت الأغلبية
المطلوبة على بقاء الوحدة يتم التفاهم داخل مجلس الرئاسة والبرلمان وتحت إشراف
الدول الراعية والأمم المتحدة على التعديلات الدستورية المطلوبة لما بعد المرحلة
الانتقالية، والتي قد تشمل قضية شكل الدولة وطبيعة النظام السياسي وغيرها من
القضايا.
إنشاء مجلس الشئون الدينية:
يحمل الصراع الحالي في
اليمن شكل من أشكال الصراع المذهبي، وأي تسوية حقيقية تتطلب حل مشكلة العلاقة بين
الدولة والمذهب، والتي تتمثل في الصراع على المساجد، والتعليم الديني العام والخاص،
والخطاب الديني في وسائل الإعلام الرسمية، والعلاقة مع الدول الأخرى. وكل هذه
القضايا تتطلب أن يتم التوصل إلى صيغ مقبولة من جميع المذاهب حول هذه القضايا،
والتي ينبغي أن لا تخرج عن مبدأ حيادية الجهاز الحكومي والمال العام وعدم انحيازه
أو تبنيه لأي مذهب.
ولصعوبة تحقيق هذا
الأمر في ظل الظروف الحالية؛ فإن الحاجة تدعوا إلى تشكيل مجلس من علماء الدين
التابعين لجميع المذاهب الرئيسية الثلاثة في اليمن، والصوفيين، وبعض الأشخاص
الشاغلين وظائف في السلطة التشريعية. وتكون مهمة المجلس النظر في القضايا
الخلافية، والتوافق على حلها واقتراح التشريعات والإجراءات الحكومية الخاصة بحلها.
وفي هذا الشأن يمكن اقتراح تشكيل المجلس واختصاصه وآلية عملة وفقا للنقاط التالية:
1- يختار كل من: أعضاء
مجلس الرئاسة، وأعضاء لجنة المسألة، وهيئة رئاسة مجلس النواب، ورئيس الوزراء؛
أربعة علماء يمثلون المذهب الشافعي، وأربعة علماء يمثلون المذهب الزيدي، وعالمين
يمثلان المذهب الإسماعيلي، وعالمين يمثلان الصوفيين، على أن يتم اختيار كل عالم
بأغلبية ثلاثة أرباع المشاركين.
2- يتم إضافة رؤساء كل من:
اللجنة الدستورية، والحريات والحقوق، والتعليم في مجلس النواب للمجلس.
3- يستحسن أن يتم تجميد
ووقف التعليم في الجامعات الدينية كجامعة الإيمان، وكذلك مدارس تحفيظ القران حتى
يتم البت في مصيرها من قبل المجلس.
4- قرارات المجلس تؤخذ
بالأغلبية العادية.
الجيش والمؤسسات الأمنية:
أثبتت الأحداث الأخيرة
أن هناك خلل ومشكلة في تركيبة الجيش والمؤسسات الأمنية، والتي يقع على كاهلها
عملية السيطرة وإنفاذ القانون، حيث أن هذه المؤسسات قد غلب على تكوينها الانحيازات
الجهوية والقبلية والسياسية وغيرها من الاعتبارات التي أبعدتها من أن تكون مؤسسات
محترفة ومحايدة. ووفقا لذلك؛ يتم الحديث من أكثر من طرف حول ضرورة إعادة النظر في
تركيب هذه المؤسسات على أسس جديدة، يسميها الحوثيون الشراكة فيما يسميها خصومهم
الوطنية. وفي كل الأحوال فإن إنشاء جيش وطني محترف هو أمر في غاية الصعوبة في
الدول المتخلفة والتي تشهد أو شهدت حروب أهلية كحال اليمن.
فجميع أطراف النزاع في
اليمن تدعي بأنها تريد جيش وطني محترف إلا أن كل طرف يريد أن يُـصيغ هذ الجيش
بالطريقة التي تقوي من مركزه السياسي. وما يحدث في المناطق التي تحت سيطرة الحكومة
الشرعية، إلا مثال حي على صعوبة تشكيل جيش وطني محترف. فرغم مرور أكثر من 8 أشهر على
عودة الحكومة الشرعية إلى هذه المناطق إلا أنها لم تتمكن من إنشاء جيش أو مؤسسات
أمنية حقيقية، نتيجة الخلافات حول طبيعة هذا الجيش، وكل ما هنالك ليس إلا مجموعات
مسلحة ذات ولآت متعددة بخلفيات جهوية وسياسية.
والحلول المطروحة حاليا
لهذه القضية ليست إلا صيغ للفوضى ولتفكيك الدولة ومن هذه الصيغ:
1- تشكيل جيش على أساس
جغرافي، وهو ما يقوم به الرئيس هادي وفريقه؛ حيث يتم الدفع بتشكيل قوات مسلحة من
كل محافظة، ففي المناطق الجنوبية يتم تشكيل جيش خاص بالجنوبيين فقط، ويتم تقسيم
هذا الجيش على مستوى المديريات والمحافظات. وفي المناطق الشمالية يتم العمل على
تشكيل جيش لكل محافظة. ويدغدغ هذا الأسلوب المشاعر الجهوية حين يتم التصريح بأن
تشكيل الجيش على هذا الشكل سينهي هيمنة المنطقة الزيدية على بقية المحافظات. غير
أن هذا المنهج في حقيقته سينهي الجيش اليمني، وسيعمل على تشكيل جيوش لكل محافظة،
لا تقوم بمهام الجيش الوطني في أحسن الأحوال وفي أسواها تتحول إلى مليشيات
متصارعة.
2- الإبقاء على الجيش
والمؤسسات الأمنية على ما كانت عليه عشية دخول الحوثيين صنعاء، ويضاف لهم قوات
تتبع جميع القوى الأخرى كالحوثيين، ومن يطلق عليهم بالمقاومة في الجنوب والشمال،
وسيتم كل ذلك تحت حجة الشراكة الوطنية. وهذه الصيغة تعني عمليا إيجاد جيش ضخم يزيد
عدد أفراده عن 600 ألف جندي (ستة أضعاف حجم الجيش البريطاني) وجيش بهذا الحجم لن
يجد موارد كافية لإعاشته حتى في الحدود الدنيا، وهو في النهاية عبارة عن عدد ضخم
من المليشيات المتناحرة.
ومن الحلول المقترحة
لحل هذه المعضلة يمكن التفكير بما يلي:
1- ترشيق الجيش والمؤسسات
الأمنية، وتصحيح خلل التمثيل السياسي والجهوي من خلال الخطوات التالية:
أ-
إحالة جميع الضباط الذين يحملون رتبة عقيد وأعلى ممن تجاوزوا
سن الستين عاما للتقاعد.
ب- يمنح كل عضو من أعضاء مجلس الرئاسة الحق في تسمية 100 ضابط (أكثر،
او اقل) باعتبارهم معرقلين للمصالحة الوطنية، وفي هذه الحالة يتم إحالة هؤلاء
للتقاعد، أو تعيينهم في مناصب مدنية. (الهدف من هذه العملية إخراج القادة
العسكريين المحسوبين على أطراف الصراع والذين شاركوا في الصراعات)
ت- إحالة جميع الجنود الذي تجاوزت أعمارهم 35 عاما للتقاعد (ستؤدي هذه
العملية إلى أفراغ الجيش من جزء كبير من الأفراد المحسوبين على بعض المناطق والقوى
السياسية)
ث- إحالة جميع الضباط الذين يحملون رتبة نقيب وأدنى، وكذلك ضباط الصف، ممن
تجاوزوا 50 عاما للتقاعد.
2- إعادة العمل بالتجنيد
الإلزامي لكل الذكور الذين هم في سن 18-20 للتعويض عن النقص في الجنود ورفد الجيش
بجنود منخفضي الكلفة ويمثلون جميع مناطق وفئات اليمن.
3- تسريح جميع الأفراد
الذي تم إلحاقهم بالجيش والمؤسسات الأمنية بعد 21 سبتمبر 2014.
4- تشكيل القوات الأمنية
في المحافظات التي شهدت صراع مثل: عدن، لحج، أبين، تعز، شبوه، الضالع من قوات
الجيش والأمن المنتمين لهذه المحافظات.
5- يمنح كل مكون سياسي من
المكونات التي يتشكل منها مجلس الرئاسة الحق بتشكيل قوات لا يزيد عدد أفراد كل
واحدة منها عن 4 ألف فرد، تكون مهمتها حماية القادة والمراكز الخاصة بهذه المكونات
لمدة 5 أعوام.
أجهزة المخابرات:
في أي مجتمع تعددي
ديمقراطي ليس هناك من حاجة لتعدد أجهزة الاستخبارات، وخاصة تلك المتعلقة بملاحقة النشاط
السياسي، فدور أجهزة الأمن والمخابرات في هذه الدول هو محاربة الجريمة. ووفقا لذلك
ينبغي أن تكون أجهزة الاستخبارات في اليمن كما يلي:
1- يتم دمج جميع الأجهزة
(الأمن السياسي، الأمن القومي، المباحث الجنائية) في جهاز واحد.
2- وضع هذا الجهاز تحت إمرة
النائب العام من أجل ضمان عمله وفقا للقانون.
3- تعيين النائب العام ورئيس
جهاز الاستخبارات ينبغي أن يحظى بموافقة ثلاثة أرباع كل من مجلس الرئاسة، وهيئة
النزاهة، وهيئة رئاسة البرلمان، ورئيس الحكومة، على أن يصادق البرلمان بأغلبيته
العادية على التعيين.
4- وضع جميع القوات الخاصة
بمكافحة الإرهاب تحت أمرة جهاز الاستخبارات.
دور دول الخليج:
ينبغي أن تشمل خارطة
الطريق على آلية واضحة للعلاقة المستقبلية التي ستربط اليمن بدول الخليج ومسئولية
هذه الدول تجاه اليمن، وفي هذا الشأن يمكن اقتراح الأفكار التالية:
1-
تتعهد دول الخليج بإنشاء صندوق لتنمية اليمن وتجاوز أثار
الحرب لفترة زمنية معقولة لا تقل عن خمس سنوات يتم من خلاله إعادة الأعمار وتعويض
المتضررين من الحرب، وتحسين البنية التحتية، ومستوى الخدمات الأساسية كالكهرباء
والمياه والتعليم والصحة، وفي هذا الشأن فإن المبلغ الضروري لإعادة اليمن لوضعها
قبل الحرب لن يقل عن خمسة مليارات دولار سنويا، وهو المبلغ الذي يعوض موارد
الحكومة من المحروقات والضرائب السيادية الأخرى.
2-
البحث عن آليات محددة تمنح المواطنين اليمنيين في دول المجلس
بعض الامتيازات المتعلقة بالعمل والاستثمار، وتسهيل تصدير المنتجات اليمنية، وغيرها
من الأمور التي تساعد اليمن في الارتقاء بوضعه الاقتصادي كي يتم إدماجه بشكل أو
أخر داخل المنظومة الخليجية.
3-
امتناع دول الخليج عن تقديم الدعم المادي لأشخاص أو قوى
سياسية أو مسئولين حكوميين، واقتصار قنوات الدعم على الأطر الرسمية وبشكل شفاف
وعلني، وهو ما يتطلب التوقف عن تخصيص ميزانيات سرية للصرف على جهات يمنية محددة.
وضع اليمن تحت نظام الرعاية:
خلال الفترة الانتقالية
التي أعقبت توقيع المبادرة الخليجية تم اعتماد عشر دول للأشراف على تنفيذ المبادرة
الخليجية، وقد سميت بالدول الراعية. وقد لعبت هذه الدول عبر سفرائها أدوار مهمة في
نجاح تنفيذ المبادرة الخليجية وتحديدا في الفترة التي أعقبت التوقيع عليها. ومن
الممكن اقتراح أفكار محددة لتطوير تلك الفكرة وماسستها وربما شرعنتها عبر قرار من
مجلس الأمن. وقد تصبح هذه الحالة سابقة جديدة في العلاقات الدولية يتم تطبيقها في
دول أخرى شبيهة باليمن مثل سوريا وليبيا والعراق والصومال وغيرها.
1-
يتم اعتبار كل الدول المؤثرة في الشأن اليمني ويهمها أمره
ضمن الدول الراعية، وفي هذا الشأن فإن المنطق يشير إلى أن الدول الراعية ستتشكل
من: دول مجلس التعاون، إيران، مصر، الأردن ، الدول الخمس الدائمة في مجلس الأمن،
ألمانيا واليابان.
2-
يتم تشكيل سكرتارية للدول الراعية من موظفين دائمين
يمثلونها، وتكون مقرها صنعاء أو أي مدينة يمنية، وإذا تعثر الأمر لأسباب أمنية يتم
اختيار مقر مؤقت لهذه الهيئة في مدينة خارج اليمن. ويكون الأمين العام أو السكرتير
الخاص لها هو ممثل الأمين العام للأمم المتحدة.
3-
تكون مهمة الدول الراعية مراقبة تطبيق بنود التسوية
والاستماع إلى الشكاوي من أطراف الصراع وحل الخلافات الناشئة عن تطبيق بنود
التسوية. ويتم كل ذلك بآلية واضحة من حيث إجراءات الشكاوي واقتراح الحلول عبر آلية
تصويت محددة.
4-
يستمر عمل الدول الراعية خلال الفترة الانتقالية ولما بعدها
إذا استدعت الضرورة ذلك.
الإعلام:
في النظام التعددي
الديمقراطي لا يمكن للحكومة أن تمتلك وسيلة إعلامية بأموال عامة لأنها ستسخرها
لمصلحة الحزب/الأحزاب الحاكمة، كما أنه في هذه الدول لا يسمح للدول الأجنبية أو
لأي جهات خارجية بدعم وسائل إعلام تابعة لبعض القوى السياسية؛ لأن هذا الأمر يخل
بمبدأ السيادة وتكافؤ الفرص. وفي الوقت الحاضر نجد أن الإعلام اليمني موزع بين
القوى المتصارعة بما في ذلك السلطة الشرعية التي هي الآن طرف في الصراع، ويتم دعمه
من دول خارجية. كما أن هذا الإعلام يقوم بدور في تأجيج الصراع والتحريض على العنف
والفوضى. وأي تسوية سياسية تتطلب تنظيم الإعلام، وفي هذا الشأن يمكن اقتراح ما
يلي:
1-
إلغاء وزارة الإعلام، وتشكيل هيئة لإدارة المؤسسات الإعلامية
الحكومية وفق ما يلي:
أ- يتولى مجلس الرئاسة، ورئيس
الوزراء، وهيئة مجلس النواب، ترشيح 5 أعضاء لإدارة الهيئة، ويتم هذا الترشيح
بأغلبية الثلثين.
ب- تتولى هيئة النزاهة فحص ملفات كل مرشح، وإقرار الترشيح بأغلبية 4
أعضاء.
ت- ترفع الأسماء إلى مجلس النواب الذي عليه أن يصوت على كل مرشح
بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس.
2-
يشرف مجلس النواب على عمل الهيئة ويضع لها الميزانية
الخاصة.
3- يتم إغلاق جميع
المؤسسات الإعلامية وتحديدا القنوات الفضائية اليمنية، التابعة للأحزاب والقوى
السياسية.
4- تتولى هيئة الإعلام فحص
طلبات الجهات الراغبة في إنشاء قنوات تلفزيونية، ومنحها تراخيص العمل وفق ضوابط
معينة أهمها اقتصار تمويلها على مواطنين يمنيين، لديهم موارد دخل واضحة وإقرارات
ضريبية.
القاعدة، والجماعات المسلحة:
تمثل القاعدة والجماعات
المسلحة الشبيهة بها (داعش، أنصار الشريعة، وغيرها) مصدر تهديد لأي تسوية سياسية
في اليمن وفي هذا الشأن ينبغي على كل الأطراف التعامل مع هذه القوى بصفتها مهددة
لليمن ككل وليس لفصيل سياسي محدد. ولتحجيم خطر هذه الجماعات يمكن اقتراح الأفكار
التالية:
1- منح عفو عام عن جميع
الأفراد الذين انضموا لهذه الجماعات لمدة شهر.
2- منح تعويضات مالية لمن
يسلم الأسلحة، وتحديدا المتوسطة والثقيلة على أن تكون قيمة هذه التعويضات بأقل من
أسعار الأسلحة في السوق المحلية والأسواق الدولية.
3- توقف استهداف هذه
الجماعات من قبل أي قوة وخاصة الطائرات بدون طيار الأمريكية لمدة محددة (شهرين
مثلا)
4- وضع برامج اجتماعية
لاستيعاب أفراد هذه الجماعات ودمجهم في المجتمع.
خطوات إجرائية:
1- أي تسوية سياسية ينبغي
لها أن تتم على شكل إعلان دستوري من قبل مجلس النواب الحالي.
2- ينبغي أن يصدر قرار من
مجلس الأمن يتضمن تأييده لأي تسوية.
3- ينبغي حل كل المليشيات
والقوى غير الرسمية تحت أي مسمى واعتبارها قوى غير شرعية، وفي هذا الشأن على جميع
الدول الأجنبية التوقف عن تمويل أي فصيل سياسي أو عسكري تحت أي أسم أو صفة.
4- يتولى مجلس الرئاسة وضع
جدول زمني بخطوات تنفيذ التسوية، وبآلية تسليم الأسلحة ومؤسسات الدولة.
ستبدو
هذه التسوية محبطة للكثيرين في اليمن والذين حلموا وتمنوا قيام نظام سياسي لا يشمل
من يرونهم جزء من مشاكل اليمن، كما أنها ستبدو محبطة لمن تمنى قيام نظام سياسي
ديمقراطي خالص دون محاصصات سياسية من قوى ساهمت بوصول اليمن إلى ما وصلت إليه.
وعلى الرغم من وجاهة هذه الأحلام والأمنيات إلا أن الواقع يشير إلى استحالة تجاهل
القوى المتصارعة، والإتيان بقوى ديمقراطية بديلة عنهم، وهذه حقيقة مرة لا نملك إلا
التسليم بها والتعامل معها.
تعليقات
إرسال تعليق