تقرير 2009

أداء النظام السياسي في عام 2010

يهدف هذا الجزء من التقرير إلى تحليل أداء النظام السياسي خلال عام 2010، ويشمل ذلك الإشارة إلى أهم القضايا التي أثرت على أداء عمل النظام السياسي، والتي يمكن معرفتها من خلال القرارات التي تم اتخاذها من قبل الأطراف المكونة للنظام السياسي، والتفاعلات التي رافقتها. وقبل البدء باستعراض ذلك، سوف نقوم بشرح موجز لماهية النظام السياسي في اليمن، من حيث طبيعته والأطراف التي يتكون منها والتفاعلات الناتجة عنه.

ما هو النظام السياسي؟

يعرف النظام السياسي بأنه الإطار الذي تتم فيه جميع التفاعلات السياسية، والتي تنتج عن القرارات الصادرة من الأطراف المكونة له. ويشمل النظام السياسي جميع المنظمات الرسمية وغير الرسمية التي تؤثر في الشأن السياسي. ويحدث التفاعل بين مكونات النظام السياسي من خلال القرارات التي تصدر عن مكوناته على طريقة الفعل ورد الفعل. وتكون محصلاتها أحداث ومواقف يمكن ملاحظتها وقياسها، ومن ثم تحديد طبيعة النظام السياسي وتوجهه وسلوكه. وعلى ضوء ما سبق، يمكن القول أن أداء النظام السياسي في اليمن خلال عام 2010 هو: تفاعل القرارات السياسية التي صدرت من الجهات الرسمية – السلطة التنفيذية (رئيس الدولة ، الحكومة) والتشريعية (مجلس النواب ، مجلس الشورى) – والجهات غير الرسمية – الأحزاب ، المنظمات السياسية ، مراكز القوى ، جماعات المصالح ، التجمعات القبلية ، القوى الدينية ... إلخ. في عام 2010 والمخرجات الناتجة عنها.

المكونات الرئيسية للنظام السياسي اليمني:

كما سبقت الإشارة فإن النظام السياسي في اليمن يتكون من مؤسسات رسمية نشئت بموجب الدستور وتعمل من خلال القوانين السارية من مثل: السلطة التنفيذية والتي تشمل رئاسة الدولة والحكومة وجميع المؤسسات التابعة لهما، والسلطة التشريعية (مجلس النواب ، مجلس الشورى) ، والسلطة القضائية، ومؤسسات غير رسمية كالأحزاب والتنظيمات السياسية والجهات التي تملك نفوذا فعليا في الشأن العام وقد لا تكون لها إطار رسمي معلن، من مثل مراكز القوى القبلية والدينية والعسكرية وغيرها. وفيما يلي استعراض لأداء أهم مكونات النظام السياسي والتي سنستهلها برئيس الجمهورية:

أولا: رئيس الجمهورية:

ليس من المبالغة القول أن النظام السياسي في اليمن يتمحور حول منصب رئيس الجمهورية، حيث يتمتع الرئيس بسلطات شبه مطلقة في إدارة الدولة والتحكم بجميع القضايا والشئون العامة في الدولة. ويستند الرئيس في ذلك إلى سلطات خولها له الدستور وسلطات فعلية يمارسها بالتجاوز عن الدستور والقوانين النافذة. فمنصب رئيس الدولة وفقا للدستور اليمني النافذ، وهو الدستور الذي يأخذ بالنظام المختلط – رئاسي/برلماني  المقتبس من دستور الجمهورية الخامسة الفرنسي - فإن رئيس الجمهورية ينتخب مباشرة من الشعب لمدة سبع سنوات، ويكلف الرئيس رئيس الوزراء بتشكيل الحكومة التي تحتاج إلى أن تنال الثقة من مجلس النواب. ووفقا لهذه الصيغة فإن رئيس الجمهورية يبقى بعيدا عن المسألة أمام السلطة التشريعية، رغم أنه عمليا هو المسئول الأول عن إدارة الدولة. وقد مكنت هذه الصيغة من خلق حالة من عدم التناسب بين السلطة والمسئولية، فمجلس النواب يمتلك سلطة الرقابة وسحب الثقة عن الحكومة (عزلها)، إلا أنه لا يستطيع مراقبة أو مسألة رئيس الجمهورية عن أدائه. وإلى جانب السلطات التي يمنحها الدستور لرئيس الجمهورية يمارس الرئيس سلطات فعلية هائلة ناتجة عن عدد من العوامل التي يمكن ذكر أهمها فيما يلي:

طول مدته في الحكم:

يواصل الرئيس على عبدالله صالح مهامه منذ أكثر من 32 سنة في منصب الرئاسة – 12 سنة رئيس للجمهورية العربية اليمنية و20 سنة رئيس للجمهورية اليمنية – وخلال هذه الفترة الطويلة تجذرت سلطته بشكل عميق، وهو ما منحه سلطات كبيرة جعلته صاحب سلطة مطلقة.

سيطرته على السلطة التشريعية :

قبل قيام الوحدة كانت السلطة التشريعية في اليمن الشمالي سابقا مشكلة من قبل مجلس نيابي غير منتخب ويتم تعيينهم من قبل الرئيس وفي فترة لاحقة تم إنشاء مجلس نيابي – مجلس الشورى – في انتخابات غير حزبية مع إعطاء رئيس الجمهورية صلاحية تعيين 30% من أعضاء المجلس. وخلال فترة ما قبل الوحدة كانت السلطة التشريعية لا تعدوا كونها أحد فروع السلطة التنفيذية إذ لم يكن بمقدورها أن تعارض أي قرارات للسلطة التنفيذية. وبعد الوحدة وخلال الفترة الانتقالية – 1990 -1993 تراجع نفوذ الرئيس صالح على السلطة التشريعية بسبب إدماج برلماني دولتي اليمن، وحتى بعد الانتخابات البرلمانية التي أجريت في عام 1993 ظل البرلمان الناتج عن تلك الانتخابات محكوما بتوازن القوى التي كانت على الساحة حتى اندلاع حرب عام 1994، والتي أدت إلى هزيمة الحزب الاشتراكي وتراجع دوره، ومن ثم دور أعضائه في السلطة التشريعية. وبالتوازي مع ذلك توسعت سلطات الرئيس صالح وهيمنته على السلطة التشريعية، والتي تعززت بعد انتخابات 1997 والتي منحت حزب الرئيس صالح أغلبية كاسحة، وقد تكرر المشهد مرة أخرى في انتخابات 2003 والتي حصل فيها حزب المؤتمر الشعبي – حزب الرئيس – على أكثر من ثلاثة أرباع عدد أعضاء مجلس النواب، وهي النسبة التي تمكن الرئيس من تمرير إي قوانين أو تعديلات دستورية. وقد تمكن الرئيس من تحقيق الفوز الساحق لحزبه في الانتخابات البرلمانية من خلال استخدام سلطات الدولة ومواردها وهيمنته على اللجنة العليا للانتخابات. ومن خلال سيطرة حزبه على مجلس النواب ضمن الرئيس صالح السيطرة الكلية على مجلس النواب الأمر الذي عزز من سلطاته بشكل كبير.

سيطرته على السلطة القضائية:

رغم أن الدستور يشير إلى استقلالية السلطة القضائية، إلا أن الواقع يشير إلى هيمنة رئيس الجمهورية على السلطة القضائية من خلال سلطاته الخاصة بتعيين وعزل أعضاء مجلس القضاء الأعلى وقضاة المحكمة العليا ورؤساء المحاكم في الدرجات الأدنى، وهذه الصلاحيات تجعل القضاء بشكل فعلي تابع للرئيس الأمر الذي افقد القضاء استقلاليته ودوره كحكم محايد ومسئول بين أطراف المجتمع. في الوقت نفسه تعززت سلطات الرئيس بشكل كبير نتيجة تحكمه بالسلطة القضائية.

تحكمه بالمال العام والوظيفة العامة:

لا توجد قيود عملية على تصرف الرئيس بالمال العام، وهو الأمر الذي جعل من الصعب التفريق بين المال العام ومال الرئيس، حيث أن بإمكان الرئيس تخصيص الموارد وصرفها بالوجهة التي يريد دون اعتبار يذكر للبنود المقرة في الميزانية العامة للدولة. ووفقا لذلك فإن رئيس الدولة أصبح يتعامل مع المال العام وكأنه ملك خاص به وهو ما أدى إلى زيادة نفوذ الرئيس.

اعتماده على الأقارب:

يعتمد الرئيس على عبدالله صالح على نظام من المحسوبية يقوم على أساس تعيين الأقارب في الوظائف الحساسة أمنيا وعسكريا، فمعظم المناصب العسكرية والأمنية الرئيسية يشغلها أقارب الرئيس، وخلال حكمه المديد توسع نظام المحسوبية هذا بشكل كبير ليطال الوظائف الأقل أهمية حيث نجد أقارب الرئيس في عام2010 قد أصبحوا يشغلون عدد كبير من المناصب الحكومية والاقتصادية. وبهذا النظام ومن خلاله تمكن الرئيس من إحكام سيطرته المباشرة على جميع مفاصل الدولة، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل تعداه بحيث أصبح الأقارب المعينين في المناصب العسكرية والأمنية وغيرها يمارسون سلطات واسعة داخل الدولة تتجاوز المهام التي يشغلونها.

سيطرته على المؤسسة العسكرية والأمنية:

منذ وقت مبكر جدا أدرك الرئيس صالح أهمية المؤسسة العسكرية والأمنية، ولهذا فقد شرع في وضع أقاربه وأبناء قبيلته في المناصب العسكرية والأمنية الرئيسية، وقد ضمن من خلال ذلك تعزيز سلطته على الدولة وفي الوقت نفسه إلغاء إي إمكانية للانقلاب عليه من داخل هذه المؤسسات.  

  أهم القرارات التي اتخذها رئيس الجمهورية عام 2010:

بما أن التقرير ليس مجرد رصد خبري للأحداث التي مرت في عام 2010 ، فإن ما سنقوم به سيقتصر على ذكر بعض القرارات الهامة التي أثرت على الوضع العام في اليمن. وسيتم التركيز على تحليل لخلفيات هذه القرارات والنتائج التي ترتبت عليها خلال العام.  

إيقاف الحرب مع الحوثي:

بدأ عام 2010 على إيقاع الحرب في صعدة والتي كانت قد اندلعت في أغسطس 2009، وقد أثرت تلك الحرب على المشهد العام في اليمن حيث أدت إلى المزيد من عدم الاستقرار، وخلقت أوضاع إنسانية غاية في الصعوبة للسكان المدنيين في مناطق الحرب، حيث تشرد ما يقارب الثلاثمائة ألف شخص من منازلهم، وتدهور النشاط الاقتصادي في تلك المناطق، إضافة إلى القتلى والجرحى من الجانبين.
وبعد ستة أشهر من الحرب أعلن الرئيس علي عبدالله صالح في 11  فبراير 2010 وقفا للحرب، وقد أتى هذا القرار نتيجة لعدد من العوامل التي يمكن ذكرها في النقاط التالية:
1-    إخفاق القوات المسلحة من تحقيق الأهداف التي كانت تريد تحقيقها، بل أنها خسرت الكثير من المواقع لصالح الحوثيين، حيث تمكنوا من إحكام سيطرتهم على معظم محافظة صعدة وأجزاء من محافظتي عمران والجوف. فقد كان الهدف من الحرب الأخيرة (الحرب السادسة) القضاء على حركة التمرد الحوثية أو تحجيمها في أسوأ الأحوال، غير أن أداء القوات الحكومية، ومن تحالف معها من رجال القبائل، كان سيئ، حيث لم يتمكنوا من المحافظة على المواقع التي كانت تحت أيديهم في أجزاء كبيرة من محافظة صعدة وبقوا في مواقعهم تقريبا في الجبهات الرئيسية للحرب في مناطق حرف سفيان والملاحيظ. وقد كانت هذه الجولة من الحرب ألأكثر دموية للجانبين، حيث استخدمت الحكومة النيران بكثافة أكبر مما استخدمته في الحروب السابقة، وفق سياسة "الأرض المحروقة"، وهو الاسم الذي أطلقته لهذه الحرب، وقد أدت هذه التكتيكات إلى تشريد مئات الألوف من المدنيين في المنطقة، والكثير من الضحايا في صفوف المدنيين. وقد كشف الأداء السيئ للقوات المسلحة أنها تعاني من خلل كبير في أكثر من جانب أهمها الجوانب التنظيمية والإدارية.
ونتيجة لهذا الأداء إلى جانب عوامل أخرى فقد أضطر الرئيس أن يوقف الحرب، بعد أن أعلن أن الطرف الأخر القبول بالشروط التي وضعتها الحكومة اليمنية، وقد كان معلوما للجميع أن ذلك القبول كان شكليا، حيث لم يكن بإمكان الحكومة أن تلزم الحوثيين بتنفيذ تلك الشروط .
2-    في نهاية 2009 وتحديدا في يوم 24 ديسمبر، حاول النيجيري عمر عبد المطلب تفجير عبوة ناسفة في طائرة كانت متجهة إلى مطار ديترويت الأمريكي قادما من مطار أمستردام الهولندي، وقد تبين أنه تدرب في اليمن وتلقى التعليمات من قبل فرع تنظيم القاعدة في اليمن، والذي يسمى بتنظيم القاعدة في جزيرة العربية. وقد أدى هذا الحادث إلى تسليط الأضواء على اليمن من قبل الدول الكبرى، التي رأت أن اليمن قد أصبحت أحد الملاجئ الرئيسية لتنظيم القاعدة. والتي أرجعته إلى ضعف سيطرة الحكومة المركزية على الأوضاع في اليمن وانشغالها بنزاعات متعددة ومنها الحرب في صعدة. ووفقا للتقييم الغربي فإن استمرار الحرب في صعدة كان يعمل على المزيد من ضعف الحكومة المركزية ويشغلها عن محاربة القاعدة. ونتيجة لذلك فقد ضغطت الدول الغربية بعد محاولة التفجير تلك، على الحكومة اليمنية بأن توقف الحرب في صعدة وتتفرغ لمحاربة القاعدة. وبدأ ذلك واضحا خلال مؤتمر لندن الذي عقد في نهاية شهر يناير 2010، والذي كان مخصصا في الأصل لمناقشة الأوضاع في أفغانستان إلا أن محاولة تفجير الطائرة، أدى إلى تخصيص جزء من المؤتمر لمناقشة الأوضاع في اليمن. ونتيجة لهذا الضغط فإن الرئيس على عبدالله صالح أمر بوقف الحرب.
3-    حدث تطور مهم خلال الحرب السادسة مع الحوثيين حين دخلت السعودية كطرف مباشر في الحرب، وقد بدأ التدخل السعودي حين استولى الحوثيين على بعض المناطق السعودية في منطقة جبل الدخان، والذين قالوا أنها كانت تستخدم من قبل القوات الحكومية اليمنية. وقد ردت الحكومة السعودية بقصف لمواقع الحوثيين في منطقة جبل الدخان والمناطق الأخرى التي تقع تحت سيطرة الحوثيين، وقد بدأ واضحا أن الحكومة اليمنية مرتاحة لدخول السعودية الحرب، حيث صرح الرئيس صالح، أن الحرب الفعلية قد بدأت في الفترة التي اشتركت القوات السعودية في الحرب ضد الحوثيين. ومع أن القوات السعودية تمتلك قدرات أكبر من القوات اليمنية إلا أن أدائها العسكري كان محدودا خاصة في جانب القوات البرية، التي لم تستطع أن تحرز تقدم يذكر خلال الفترة التي اشتركت فيها بالحرب مع الحوثيين، ومع ذلك فأن القوات السعودية كانت قد أوقعت خسائر كبيرة في صفوف الحوثيين من خلال استخدام سلاح ألجوء الذي كان قادرا على الوصول إلى عمق مناطق الحوثيين. ومع ذلك فإن السعوديين قد أدركوا أن دخولهم الحرب مع الحوثيين كان أشبه بفخ وقعوا فيه، وهو ما جعلهم يقوموا بترتيبات لأنها الحرب مع الحوثيين، لم يتم الإعلان عنها، تم بموجبها وقف العمليات العسكرية وانسحاب الحوثيين من الأراضي السعودية، وإطلاق سراح الأسرى السعوديين، وأمور أخرى لم يعلن عنها بشكل رسمي وإنما تم التكهن بها من خلال الإشاعات التي يصعب التأكد من صحتها. وبخروج السعودية من الحرب فإن الرئيس وجد نفسه وحيدا في مواجهة الحوثيين مما ساهم في قرار إيقاف الحرب.

إطلاق المعتقلين ودعوة المعارضة للحوار والمشاركة في الحكومة:

 خلال الاحتفال بعيد الوحدة في 22 مايو 2010 أعلن الرئيس على عبدالله صالح عن إجراءات تخفف من حالة الاحتقان السياسي، وقد تضمنت تلك الإجراءات عفو عام عن السجناء التابعين للحوثيين والحراك الجنوبي، وكذلك الدعوة لاستئناف الحوار مع أحزاب المعارضة لتنفيذ اتفاق فبراير 2009، والمشاركة في الحكومة كنتيجة لهذا الحوار، من أجل التهيئة لانتخابات إبريل 2011، وقد أمل الرئيس من هذه الإجراءات تهيئة الأجواء لإقامة حوار مع المعارضة يخفف حالة الجمود السياسي السائد في تلك الفترة. ويسهم في التحضير للانتخابات البرلمانية المقررة في 27 أبريل 2011، وإجراء تعديلات دستورية تسمح للرئيس بالترشح بعد انتهاء فترته الرئاسية الأخيرة، وفق الدستور النافذ، في عام 2013.
 وقد رحبت أحزاب المعارضة بهذه الإجراءات إلا أنها انتظرت لتتأكد من التنفيذ الفعلي لها. وعقب هذه المبادرة تم الإفراج عن معظم المعتقلين التابعين للحراك الجنوبي، وجميع الصحفيين المعتقلين على ذمة قضايا نشر، إلا أن الحوثيين قالوا أن الكثير من معتقليهم لم يطلق سراحهم. في المقابل لم تؤدي هذه الخطوة إلى إي حلحلة للجمود السياسي حيث بقت الأطراف السياسية على مواقفها السابقة ولم يحدث أي تقدم يذكر في الحوار السياسي الذي كان الهدف الرئيسي من اتخاذ تلك الإجراءات.

افتتاح خليجي 20 في 22-11-2010:

بعد أن تقرر أن تستضيف اليمن مسابقات كاس الخليج لكرة القدم الدورة الـ 20، والتي تظم دول مجلس التعاون الست إضافة للعراق واليمن، تم اختيار مدينتي عدن وأبين كمكان لإقامة الدورة في نهاية عام 2010. وخلال العام 2010 ظهر أن هناك مشاكل أمنية وإدارية وفنية تعترض إقامة الدورة في مكانها وزمانها. حيث ترددت المطالب بنقل الدورة من اليمن وتأجيلها. وقد استندت هذه المطالب إلى تصاعد المشاكل الأمنية في اليمن عموما وفي منطقة إقامة الدورة خصوصا، حيث كانت المنطقة تشهد مشاكل أمنية من مصدرين هما: الحراك الجنوبي وتنظيم القاعدة، فالحراك الجنوبي الذي ينشط في بعض مناطق الجنوب وتحديدا في محافظات لحج والضالع وأبين تصاعدت المواجهات بينه وبين السلطات خلال عام 2010، وبرزت الأصوات من داخل بعض قيادات الحراك المطالبة بإلغاء خليجي 20 وصلت حد التهديد بإفشاله بكل الطرق، على اعتبار أن إقامة هذه الدورة يعتبر تأييد لما يعتبرونه احتلال لدولتهم.
من جهة أخرى تصاعدت العمليات التي قام بها تنظيم القاعدة في اليمن وتحديدا في محافظتي عدن وأبين خلال عام 2010، وقد أدت هذه العمليات والمواجهات مع القوات اليمنية إلى خلق حالة من عدم الاستقرار ساهمت في زيادة المطالبات بنقل أو تأجيل خليجي 20.
وإزاء هذه الأوضاع واجهت الحكومة اليمنية، والرئيس على عبدالله صالح تحديدا، تهديدا كبيرا لسلطتها ومكانتها الداخلية والخارجية، في حال تم إلغاء خليجي 20 أو تأجيله، ولهذا السبب سخرت الحكومة اليمنية كل جهودها لإقامة خليجي 20 في موعده، وقد اعتبرت هذه القضية بمثابة قضية خاصة للرئيس على عبدالله صالح الذي كان يراهن على إقامة هذه الدورة والاستفادة السياسية منها. ونتيجة لذلك فقد بذلت السلطة جهودا عدة على كل المستويات من أجل إقامة هذه الفعالية. فعلى الصعيد الخارجي قام الرئيس بالتواصل مع القيادات السياسية في دول الخليج لحثها على دعمه في إقامة الدورة في موعدها على أساس أن إي إلغاء أو تأجيل سيؤدي إلى إضعاف حكمه وتقوية خصومه، وهو ما يعمل على إشاعة الفوضى وعدم الاستقرار في اليمن الذي ينعكس بشكل مباشر أو غير مباشر على دول الخليج. وقد تمكن الرئيس من إقناع قادة دول الخليج بوجهة نظره، حيث لوحظ أن قرار إقامة الدورة في موعدها ومكانها قد تم اتخاذه من قبل القيادات السياسية وليس الرياضية. وبالتوازي مع ذلك قام الرئيس بجهودا حثيثة لتهدئة الأوضاع الأمنية في المناطق الجنوبية خاصة مع التنظيمات الجهادية، والتي يقع من ضمنها تنظيم القاعدة. فقد تسربت أخبار خلال الفترة التي سبقت افتتاح خليجي 20، حول وجود تفاهمات بين السلطات اليمنية والعناصر الجهادية تقوم على التهدئة خلال الفترة التي تسبق إقامة خليجي 20 وأثنائها، مقابل مبالغ مالية والإفراج عن معتقلين وتخفيف الضغوط على هذه الجماعات. أما ما يتعلق بقوى الحراك الجنوبي فقد تردد أن السلطة قد قامت بجهود لدى بعض القيادات بشكل مباشر أو غير مباشر لأن تقلل من معارضتها لإقامة خليجي 20، وقد نجحت تلك الجهود المعززة بدعم ونفوذ خليجي في إيجاد تفاهمات مع قوى الحراك تم بموجبها تهدئة الأوضاع خلال فترة إقامة خليجي 20.
ونتيجة لكل ما ذكر فقد قام الرئيس صالح بافتتاح خليجي 20 في موعده المقرر وتولى بنفسه الإشراف على عملية التحضير وإدارة العملية حتى انتهائها. وخلال هذه الدورة لم تحدث مشاكل أمنية تذكر، وقد أعتبر هذا الأمر بمثابة نجاح كبير للرئيس، وهو ما تم إبرازه وتضخيمه من قبل وسائل الإعلام الرسمية من أجل استثماره سياسيا لقضايا أخرى سوف نذكرها بتفصيل أكبر في الصفحات المقبلة.

صدور قانون الانتخابات والاستفتاء:

بعد انتهاء خليجي 20 بدأ أن الرئيس صالح وحزبه قد شرعوا في انتهاج سياسة جديدة تجاه المعارضة، حيث تم اعتبار إقامة خليجي 20 في موعده، رغم الأداء السيئ للمنتخب اليمني، إنجازا كبيرا للرئيس والحكومة اليمنية، ووفقا لهذا التصور تم استغلال هذا الحدث لتمرير أجنده سياسية كان يبدوا أنها معده سلفا. فبمجرد الانتهاء من الاحتفال بنهاية الدورة، بدأ الإعلام الرسمي وإعلام الحزب الحاكم وتابعيه، بانتهاج خطاب عدواني تجاه المعارضة، والقيام بخطوات تصعيديه كان من أهمها إقرار قانون الانتخابات والاستفتاء من قبل الأغلبية الكبيرة التي يتمتع بها الحزب الحاكم في البرلمان. وهو القانون الذي كان قد تم سحبه من جدول أعمال البرلمان في تاريخ 4 أكتوبر 2010 بعد أن اعترضت أحزاب المعارضة على إدراجه في فترة سابقه. وقد تم إقرار القانون بصورة سريعة ودون التشاور مع أحزاب المعارضة أو حتى السماح لها بمناقشته. وكان من الواضح أن الرئيس وحزبه قد حزموا أمرهم على أن يمرروا أجندتهم السياسية بغض النظر عن مواقف أحزاب المعارضة. ووفقا لهذا القانون فإن إجراء الانتخابات سيتم في موعده المقرر في 27 أبريل 2011 بموجب سجل انتخابي قديم شككت المعارضة بمصداقيته، حيث أضيف إلى القانون وفي مخالفة واضحة للدستور والقانون مادة تعتبر أن السجل الانتخابي القديم هو السجل الذي ستجرى الانتخابات بموجبه. وعلى أثر إقرار البرلمان لهذا القانون قام رئيس الجمهورية بالتصديق عليه في تاريخ 12 ديسمبر 2010 ليصبح ساري المفعول من حينها.
وقد رفضت أحزاب المعارضة هذا القانون حيث اعتبرته مخالفا للدستور والقانون ولاتفاقية فبراير 2009 الذي تم بموجبها التفاهم على تأجيل الانتخابات البرلمانية التي كان من المقرر أن تجرى في ذلك العام.    
        

تشكيل اللجنة العليا للانتخابات:

على أثر صدور قانون الانتخابات قام رئيس الجمهورية في 15 ديسمبر 2010 بتعيين أعضاء اللجنة العليا للانتخابات، واللذين تم اختيارهم من القضاة، وقد أتى هذا الاختيار كسابقة جديدة تختلف عن الطريقة التي كان يتم تشكيل اللجنة بها، حيث أن اللجان السابقة منذ قيام الوحدة كان يتم اختيارهم عبر المحاصصة الحزبية. وقد رفضت أحزاب المعارضة قرار تشكيل اللجنة على أساس أنه مخالف لمبادئ الديمقراطية على اعتبار أن القضاة المعينين غير محايدين ومنحازين للحزب الحاكم وللرئيس الذي عينهم.
وتعد آلية تشكيل اللجنة العليا للانتخابات من القضايا الخلافية بين السلطة والمعارضة، حيث أن المعارضة وفي جميع الانتخابات تقريبا لم تكن راضية عن الطريقة التي يتم فيها اختيار وتعيين أعضاء اللجنة، فهي تتهم اللجنة بأنها منحازة للحزب الحاكم وتابعة للرئيس بشكل من الأشكال. وإقرار تشكيل اللجنة بالطريقة التي تمت عمقت الخلافات السياسية وسخنت أجواء الصراع السياسي بشكل كبير، وهو ما سنتطرق له لأحقا.

ثانيا: مجلس الوزراء:

مجلس الوزراء هو الفرع الثاني للسلطة التنفيذية، ويتشكل مجلس الوزراء من خلال قيام رئيس الجمهورية بتكليف رئيس الوزراء، بتشكيل الحكومة بالتشاور مع رئيس الجمهورية، وفق ما ينص عليه الدستور النافذ. ويتعين على الحكومة بعد تشكيلها أن تؤدي اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية وأن تقدم بيانها الوزاري لمجلس النواب لتنال بموجبة ثقة المجلس التي يشترط لها أن تكون الأغلبية المطلقة (النصف +1) من أعضاء مجلس النواب البالغ عدد أعضائه 301 عضوا. وبموجب الدستور فإن من حق مجلس النواب سحب الثقة عن الحكومة بنفس الأغلبية المطلوبة لمنحها. ويمنح الدستور رئيس الجمهورية حق إقالة الحكومة أو الوزراء دون إبداء الأسباب ودون أية قيود.  
وبموجب المادة رقم (129) من الدستور النافذ والتي تنص على أن) مجلس الوزراء هو حكومة الجمهورية اليمنية وهو الهيئة التنفيذية والإدارية العليا للدولة ويتبعها بدون استثناء جميع الإدارات والأجهزة والمؤسسات التنفيذية التابعـة للدولـة(  ووفقا لهذه المادة فإن مجلس الوزراء هو المسئول عن جميع مؤسسات الجهاز التنفيذي في الدولة، وهو ما يعني تمتعه بالإشراف الكامل على جميع مؤسسات الدولة، غير أن الممارسة الفعلية لمجلس الوزراء تجعله غير ذلك تماما. فمجلس الوزراء في النظام السياسي اليمني لا يعدوا من أن يكون جهازا فنيا يعمل على تنفيذ السياسة العامة التي يصيغها ويقررها رئيس الجمهورية. حيث نجد أن مجلس الوزراء لا يشارك بشكل فعلي في صياغة السياسة العامة للدولة، رغم أن الكثير من القرارات تصدر عن المجلس. فمجلس الوزراء يفتقد للسلطة الفعلية لصياغة السياسة العامة للدولة رغم أنه يتعرض للمسائلة والمحاسبة من البرلمان وعموم الشعب.
وبموجب الدستور فإن الوزراء يتم تعيينهم بالتشاور بين رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، غير أن الواقع يشير إلى أن رئيس الجمهورية هو الوحيد الذي يعود له تعيين الوزراء أو إقالتهم ويبقى دور رئيس الوزراء معدوما أو محدودا في أحسن الحالات. فوفقا للدكتور سيف العسلي وزير المالية السابق، فإن رئيس الجمهورية أتصل به في الظهيرة وأخبره أنه سيعينه وزيرا للمالية وهو ما حدث فعلا بعدها بساعات، رغم أن المذكور كانت له كتابات نقدية لرئيس الوزراء حينها، عبدالقادر باجمال، والذي يبدوا أنه لم يستشر بهذا التعيين. وتشير هذه الواقعة إلى أن الرئيس وحده من يعين ومن يعزل الوزراء والموظفين الأدنى من ذلك في جميع المناصب الحكومية السياسية وغير السياسية.
وإلى جانب رئيس الجمهورية الذي خوله الدستور صلاحية توجيه الحكومة نجد أن الوزراء يتلقون توجيها من جهات وشخصيات نافذة عديدة، ومن ين هؤلاء أقارب رئيس الجمهورية الذين يشغلون مناصب عسكرية وأمنية، ورئيس البرلمان، ومن الأجهزة الأمنية المتعددة.
لقد تحول مجلس الوزراء في اليمن إلى جهاز فني محدود الصلاحية، لا يقوم بدور يذكر في تحديد الأهداف الإستراتيجية للدولة أو صياغة السياسة العامة لها. ونتيجة لذلك أصبحت قرارات المجلس لا تعدوا أن تكون تنفيذا لتوجيهات الرئيس وأقاربه، وهو ما يمكن ملاحظته من خلال القرارات التي يتخذها والتي لا تعدوا من أن تكون قرارات روتينية.
ووفقا لذلك فإن متابعتي لنشاطات الوزراء وقرارات مجلس الوزراء خلال عام 2010، لم أتمكن من ملاحظة إي قرارات إستراتيجية مهمة في جميع المجالات بما في ذلك القرارات المهمة المتعلقة بالشئون الاقتصادية، فخلال ذلك العام كانت القرارات المهمة التي اتخذها مجلس الوزراء تتخذ خلال اجتماعات مجلس الوزراء الاستثنائية التي عقدت برئاسة رئيس الجمهورية، أو من خلال التوجيهات العلنية بذلك. وعلى هذا الأساس فإن مجلس الوزراء يعد الحلقة الأضعف في أداء النظام السياسي اليمني.      

ثالثا: مجلس النواب:

يتشكل مجلس النواب في اليمن من 301 عضوا يتم انتخابهم بصورة مباشرة من قبل المواطنين الذين بلغوا سن الثامنة عشرة، عبر دوائر انتخابية تمثل جميع مناطق اليمن. وتتم انتخابات المجلس وفق نظام الأغلبية النسبية (الفائز الأول) والذي يفوز بموجبه المرشح الذي يحصل على أعلى الأصوات بغض النظر عن نسبتهم من مجموع أصوات الناخبين. ومدة مجلس النواب 6 سنوات شميه، وأخر انتخابات أجريت للمجلس كانت في أبريل 2003.
وبحسب الدستور اليمني فإن مجلس النواب يمارس السلطة التشريعية من خلال إقرار القوانين والمصادقة على الاتفاقيات والمعاهدات التي تبرمها السلطة التنفيذية إلى جانب القيام بأعمال الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية من خلال منح الثقة للحكومة أو سحبه منها، إلى جانب إقرار الموازنة العامة للدولة، وحق مسائلة الوزراء والعاملين في السلطة التنفيذية. إلى جانب ذلك يشترك مجلس النواب إلى جانب مجلس الشورى في تزكية المرشحين للانتخابات الرئاسية، والتي يشترط الدستور أن يحصل إي مرشح على تزكية 5% من أعضاء مجلسي النواب والشورى.
ومنذ انتخابات 1997 تمكن حزب المؤتمر الشعبي العام من الفوز بأغلبية ساحقة تتجاوز ثلاثة أرباع مقاعد المجلس، وهذه الأغلبية مكنت الحزب من السيطرة الكاملة على أعمال المجلس، فبموجب هذه الأغلبية تمكن المؤتمر من تمرير القرارات والقوانين التي يرغب فيها، كما وأنه أمتلك القدرة على إجراء إي تعديلات دستورية يرغب بها، كون هذه التعديلات تتطلب أغلبية ثلاثة أرباع أعضاء المجلس. وقد تمكن حزب المؤتمر من الفوز بهذه النسبة من خلال استخدامه لإمكانات الدولة، فبتحكمه بالمال العام والوظيفة العامة وسيطرته على القوات المسلحة والأمنية، إضافة إلى سيطرته على عمل اللجنة العليا للانتخابات، كل هذه الإمكانات جعلته قادرا على إيصال أكبر عدد من مرشحيه لمجلس النواب.
ونتيجة للخلافات السياسية الناشئة منذ فترة طويلة بين السلطة والمعارضة، فقد تأجلت انتخابات مجلس النواب التي كان مقررا لها أن تجرى في أبريل 2009، وقد أتى هذا التأجيل بعد أن رفضت أحزاب المعارضة المشاركة في تلك الانتخابات، على أساس أنها غير عادلة ونزيهة. وقد تم الاتفاق بين السلطة والمعارضة على تأجيل الانتخابات لمدة عامين، بحيث تجرى في أبريل 2011، بعد أن يتم حل الخلافات التي أعاقت إجراء الانتخابات في موعدها.
ويعد التمديد لمجلس النواب كمظهر من مظاهر الضعف والخلل في عمل النظام السياسي، حيث أن عدم إجراء الانتخابات للمؤسسات الدستورية وفق المهل الدستورية المحددة الخاصة بها، دليل على ضعف أداء النظام السياسي وسبب في إفقاده الشرعية والدعم الشعبي المطلوب.

أهم قرارات مجلس النواب خلال 2010:  

أشرنا فيما سبق إلى أن حزب المؤتمر الشعبي العام يمتلك أكثر من ثلاثة أرباع أعضاء مجلس النواب، وبسبب هذه السيطرة فإن القرارات المهمة التي تتعلق بالقضايا الإستراتيجية تبقى محكومة برغبات حزب المؤتمر، وبالتحديد رئيس المؤتمر وهو رئيس الجمهورية. حيث أن سيطرة الرئيس المطلقة على الحزب تجعله بشكل تلقائي مسيطرا على أعمال مجلس النواب. وهذه السيطرة تفقد المجلس الكثير من استقلاليته المطلوبة، وهو ما يخل بشكل من الأشكال بمبدأ فصل السلطات، والذي يفترض أن يكون للسلطة التشريعية شكل من أشكال الاستقلالية عن السلطة التنفيذية. ورغم أن الدول الديمقراطية تشهد حالات من سيطرة السلطة التنفيذية على التشريعية، حين يكون للحزب الحاكم في النظام البرلماني، أو لحزب رئيس الجمهورية في النظام الرئاسي، أغلبية كبيرة في السلطة التشريعية، إلا أن آلية عمل البرلمانات في الدول الديمقراطية تحد من القرارات التعسفية التي قد يمارسها الحزب المسيطر على السلطة التشريعية. حيث أن الأغلبية مهما كان حجمها تبقى مقيدة بالدستور وبالقوانين النافذة. فرغم أن كثير من الدول الديمقراطية يسيطر على برلماناتها في بعض الأوقات حزب واحد، إلا أن هذه السيطرة لا تمكن الحزب من إصدار التشريعات والقرارات التي تخدم مصالح الحزب بشكل واضح، فبوجود سلطة قضائية مهمتها الرقابة على عمل السلطتين التنفيذية والتشريعية بما يتوافق مع الدستور، فإن البرلمانات تبقى قراراتها مقيدة بنصوص وروح الدستور الذي تقرره المحاكم الدستورية، وما في حكمها. إلى جانب ذلك فإن الرأي العام في الدول الديمقراطية لا يسمح للأحزاب التي تمتلك أغلبية كبيرة من أن تمرر القوانين لمصلحتها الحزبية أو مصلحة قادتها.
ونظرا لطبيعة النظام السياسي اليمني الذي يفتقر إلى سلطة قضائية مستقلة عن السلطة التنفيذية ورئيس الجمهورية تحديدا، فإن القرارات الصادرة عن البرلمان لا يمكن الطعن فيها بشكل عملي أمام المحكمة العليا، وهو ما يجعل من السهل على الحزب الحاكم تمرير أي قرار يخدم مصالحه، فالكثير من القرارات والقوانين التي مررت في المجلس قد تم الطعن بعدم دستوريتها من قبل أحزاب المعارضة، إلا أن هذه الأحزاب لم تطعن في عدم دستوريتها أمام المحكمة العليا اقتناعا منها بعدم جدوى ذلك لمعرفتها المسبقة بافتقار المحكمة العليا للاستقلالية، والذي تأكد من خلال سوابق كثيرة لم تكن المحكمة العليا مستقلة أو منصفة في القضايا التي رفعت أمامها بعدم دستورية قرارات حكومية.
ومن خلال المتابعة لأعمال مجلس النواب في عام 2010 نجد أن أكثر القرارات الهامة التي أتخذها المجلس كانت قرارات خلافيه وأدت إلى تصاعد حدة الخلافات بين السلطة والمعارضة، فإلى جانب القوانين النمطية التي تتقدم بها الحكومة، ومنها مشروع الميزانية العامة للدولة، وهو المشروع الذي يكون عادة محل خلاف بين السلطة والمعارضة، إلا أن الحكومة وخلال السنوات السابقة كانت تمرر مشاريع الموازنة العامة للدولة بسهولة ويسر ووفق الطريقة التي تريدها، إلى جانب مشاريع الموازنة العامة كانت الحكومة تقوم بتمرير مشاريع الموازنات الإضافية والتي كانت تتجاوز الحد الذي يسمح به القانون.
وكان من أهم القرارات التي تم اتخاذها من مجلس النواب عام 2010 تمرير قانون الانتخابات والاستفتاء وتمرير مشروع التعديلات الدستورية.

إقرار تعديلات في قانون الانتخابات والاستفتاء:

كان من أسباب تأجيل الانتخابات البرلمانية عام 2009 وتمديد مدة مجلس النواب حتى 2011، عدم الاتفاق بين السلطة والمعارضة على قانون الانتخابات، فخلال العام 2008 لم يتم الاتفاق على قانون الانتخابات والاستفتاء، وبموجب اتفاقية فبراير، التي تم بموجبها تأجيل الانتخابات، كان من المقرر أن يتم الاتفاق على قانون انتخابات جديد يتضمن إجراء الانتخابات بشكل كامل أو جزئي وفق نظام القائمة النسبية، إلى جانب إعادة صياغة بعض بنود قانون الانتخابات الخاصة بآلية تشكيل اللجنة العليا للانتخابات وبعض القضايا الخلافية الأخرى. وبحكم أن الحوارات التي جرت ين السلطة والمعارضة خلال الفترة اللاحقة لاتفاق فبراير، لم تحرز إي نجاح في هذا الشأن - وهو ما سنتطرق له لأحقا -  فقد قرر حزب المؤتمر المضي منفردا بإقرار التعديلات في قانون الانتخابات والاستفتاء في مجلس النواب، وجزء من هذه التعديلات كان حزب المؤتمر وأحزاب المعارضة قد توافقوا عليها في أغسطس 2008، إلا أن المؤتمر تراجع عنها بعد أن حدث خلاف بينهما حول بعض القضايا. وقد تم إقرار التعديلات، التي لم تكن ذات أهمية تذكر ولم تكن المعارضة مهتمة بها، في وقت حرج بالنسبة للسلطة التي كانت محشورة تحت ضغط الوقت، حيث كان من المفروض أن يتم إقرار هذه التعديلات والبدء في التمهيد للانتخابات منذ شهر سبتمبر كحد أقصى، إذ أن إجراء الانتخابات في 27أبريل 2011 كان يتطلب أن يتم التمهيد لها بفترة لا تقل عن ستة أشهر يتم خلالها، تشكيل اللجنة العليا للانتخابات وقيامها بمراجعة جداول الناخبين وما يتبعها من إجراءات خاصة بالطعون وغيرها من الإجراءات التمهيدية للعملية الانتخابية. وبحكم أن الرئيس كان بحاجة إلى فترة تهدئة قبل انطلاق خليجي 20 فقد تم تأجيل البت في إجراء التعديلات على قانون الانتخابات حتى أنتها خليجي 20، حيث أضطر الرئيس بأن يسحب مشروع التعديلات في 4 أكتوبر من جدول أعمال المجلس بعد أن احتجت أحزاب المعارضة على ذلك. ولكن وبعد أن وصلت الحوارات بين السلطة والمعارضة إلى عدم الاتفاق، فقد قرر حزب المؤتمر الشعبي تمرير التعديلات في المجلس في 11 ديسمبر 2010.
وقد نتج عن هذا القرار احتجاجات واسعة من قبل أحزاب المعارضة وبعض المستقلين، بسبب مخالفته لما أسمته التوافق الوطني واتفاقية فبراير 2009، إلى جانب مخالفات إجرائية ودستورية شابت القانون، من بينها إضافة مادة للقانون تشير إلى إجراء الانتخابات وفق جداول الانتخابات السابقة، وهو ما يعني حرمان ناخبين جدد من ممارسة حقهم في الانتخاب، وحرمان الناخبين والمرشحين الراغبين في تغيير موطنهم الانتخابي. وقد أتى هذا التعديل من جانب رئيس البرلمان كخطوة استباقية من المجلس، لتجعل إجراء الانتخابات في موعدها – 27 أبريل – 2011 – ممكنا حيث أن الوقت المتبقي لم يكن كافيا لإجراء عملية قيد وتسجيل للناخبين في الفترة المتبقية بين إقرار التعديلات ويوم الانتخابات. إلى جانب تفادي الحزب الحاكم للمشاكل التي كانت ستنتج أثناء عملية القيد والتسجيل والتي كان من المتوقع حدوثها.
وقد تبع عملية تعديل قانون الانتخابات، إقرار أسماء الأشخاص المرشحين لعضوية اللجنة العليا للانتخابات، والذي تم اختيارهم من القضاة، حيث تم ترشيح 15 قاضيا تم الرفع بهم إلى رئيس الجمهورية الذي كان عليه أن يختار 9 منهم لعضوية اللجنة وفق قانون الانتخابات.
وعلى أثر إقرار قانون الانتخابات قاطعت الكتل البرلمانية لأحزاب المشترك وبعض الأعضاء المستقلين أعمال المجلس وبدأت في حالة اعتصام مفتوح في المجلس تعبيرا عن رفضها للقانون وما سيترتب عليه من إجراءات خاصة الانتخابات البرلمانية.

إقرار مشروع التعديلات الدستورية:

بعد أن أقر مجلس النواب التعديلات على قانون الانتخابات كان المجلس في حالة سباق مع الزمن لإقرار حزمة من التعديلات الدستورية المهمة التي كانت ضمن أجنده واضحة كان النظام يخطط لها منذ فترة. وكان أهم ما تضمنته تلك التعديلات، إن لم يكن السبب الذي يقف ورائها، ألغا الفقرة التي تحدد فترة الترشح لمنصب رئيس الجمهورية بدورتين فقط. فوفقا للدستور النافذ فإن رئيس الجمهورية على عبدالله صالح لا يمكنه ترشيح نفسه بعد انتهاء فترة ولايته الحالية والتي تنتهي في عام 2013. وخلال الفترة الماضية بدأ واضحا أن الرئيس بصدد إيجاد صيغة دستورية ما تمنحه إمكانية ترشيح نفسه لفترة جديدة. ويمكن القول أن اهتمام الرئيس بالحوار مع المعارضة خلال السنين الماضية هدفه الرئيسي التوصل إلى هذه الصيغة، والتي كان يتمنى أن تتم بموافقة المعارضة كي يمنح هذا التمديد شكل من أشكال الشرعية. وقد كانت أحزاب المعارضة مدركة لهذا الوضع ولهذا فقد أرادت أن تستثمر هذه الورقة إلى أقصى درجة ممكنه، رغم أن الرئيس وحزب المؤتمر الشعبي لم يكونوا يطرحون هذه النقطة مباشرة إلى أن هذه النقطة كانت السبب الرئيسي الذي كان يقف وراء دعوات الرئيس للحوار وتقديمه لبعض العروض من قبيل إشراك المعارضة في الحكومة والقبول بمناقشة تعديل النظام الانتخابي بالأخذ بنظام القائمة النسبية، وكذلك إجراء تعديلات على نظام الحكم المحلي.
ووفقا للدستور النافذ فإن من حق رئيس الجمهوري وثلث أعضاء البرلمان التقدم بطلب تعديل الدستور، وعلى مجلس النواب إقرار مبدأ القبول بالتعديلات بالأغلبية المطلقة لأعضائه (151 عضوا) وبعد ستين يوما من إقرار مبدأ التعديلات يتم إقرارها بأغلبية ثلاثة أرباع أعضاء المجلس، ومن ثم يتم استفتاء الناخبين على المواد التي يشترط الدستور أن تقر باستفتاء، وتعتبر نافذة بعد إقرارها من قبل أغلبية الأصوات الصحيحة للناخبين. وعلى هذا الأساس فقد تقدمت الكتلة البرلمانية للمؤتمر الشعبي العام بطلب إدراج مقترح لتعديلات دستورية في 29 ديسمبر 2010، وقد تم إقرار هذا الطلب ومناقشته، وإقرار مبدأ التعديلات في اليوم الأول من عام 2011، وقد تضمنت المقترحات عدد من النقاط إلى جانب إلغاء الدورتين التي أشرنا لها سابقا، منها إنقاص مدة الفترة الرئاسية لتصبح خمس سنوات بدلا من سبع سنوات، وهي المدة التي تمت إضافتها في تعديلات 2001، وكذلك إنقاص مدة مجلس النواب لتصبح أربع سنوات بدلا عن ست سنوات كما أصبحت بعد التعديلات الدستورية عام 2001. إلى جانب ذلك نص مشروع التعديلات على توسيع السلطات الممنوحة للمجالس المحلية وكذلك زيادة عدد أعضاء مجلس النواب بـ 44 مقعدا مخصصة للنساء بما نسبته 15% من عدد أعضاء مجلس النواب الحالي.
ورغم أن بعض التعديلات كانت ضمن مطالب بعض القوى السياسية المعارضة، خاصة تلك المتعلقة بمنح النساء حصة محددة في البرلمان وتوسيع الحكم المحلي، إلا أن المعارضة الممثلة بأحزاب اللقاء المشترك رفضت تلك التعديلات ولم تشارك في مناقشتها، وفضلت الاحتجاج على إقرارها من خلال الاعتصام خارج القاعة والتهديد بالنزول إلى الشارع لرفض هذه التعديلات، والتي اعتبرتها انقلابا على الدستور والديمقراطية ومحاولة من الحزب الحاكم والرئيس التفرد والتأبيد في الحكم وإلغاء ألديمقراطية. وقد كانت الفقرة الخاصة بإلغاء تحديد الدورات لرئيس الجمهورية هي أكثر فقرة استفزت المعارضة وجعلتها ترفض المقترحات الدستورية بشكل كامل.



العلاقة بين السلطة والمعارضة


كان عام 2010 امتدادا للأعوام السابقة من حيث العلاقة المتأزمة بين السلطة والمعارضة، فمنذ بداية العام كانت القضايا المتنازع عليها والمرحلة من الأعوام السابقة على حالها. بل أن المشهد السياسي كان يشهد المزيد من التعقيد نتيجة زيادة التوترات الحاصلة في المناطق الجنوبية وفي منطقة صعدة. فاستمرار الاحتجاجات التي كان يقوم بها الحراك الجنوبي وقيام الحرب السادسة بين السلطة والحوثيين والتي كانت مشتعلة في بداية 2010، أضافت المزيد من التوتر بين السلطة وأحزاب اللقاء المشترك المعارض. حيث تزايدت حدة الخلافات بينهما حول طريقة معالجة هذه المشاكل وإفرازاتها. وعلى الرغم من زيادة حدة الخلافات بينهما إلا أن الاتصالات لم تنقطع بينهم، خاصة الاتصالات غير الرسمية، والتي كانت تعقد بشكل شبه دائم. إلا أن تلك اللقاءات لم تسفر عن إي حلحلة للقضايا الخلافية. فبعد انتهاء الحرب السادسة حدثت لقاءات بين الحكومة ممثلة بحزب المؤتمر الشعبي وأحزاب اللقاء المشترك بهدف تنفيذ اتفاق فبراير 2009 المتعلق بإجراء تعديلات دستورية وقانونية تخص تطوير النظام السياسي والانتخابي. وقد كانت تلك الحوارات تفشل لأكثر من سبب، خاصة وأن تلك الحوارات كانت مخصصة لآلية إجراء الحوار والأطراف المشتركة فيه وجدول أعمال القضايا التي سيتم مناقشتها. وقد أخذت هذه الأمور فترة طويلة من اللقاءات والمشاورات بين الطرفين لم تتوصل إلى أي نتيجة. ففي البداية اصطدمت المحادثات بقضية المعتقلين على خلفية الحراك الجنوبي وقضية صعدة، حيث رفضت أحزاب اللقاء المشترك التوقيع على إي اتفاقية لآلية إجراء الحوار قبل إطلاق سراح المعتقلين وتهيئة المناخ الملائم لإجراء الحوار.
وبعد أن قام رئيس الجمهورية بالإعلان في ذكرى إعلان الوحدة بإطلاق سراح المعتقلين والعفو عن الصحفيين المعتقلين، بدأ وكأن الأجواء أصبحت مساعدة لإجراء حوار بين السلطة والمعارضة. إلا أن الجمود عاد مجددا ليخيم على عملية الحوار، نتيجة تشكيك المعارضة بتطبيق العفو العام الذي أعلنه الرئيس، على أساس أن السلطة لم تقم بإطلاق سراح جميع السجناء وتحديدا السجناء على خلفية الصراع مع الحوثي كما أن المعارضة استمرت في الحديث عن استمرار الاعتقالات وإجراءات القمع ضد المحتجين من الحراك الجنوبي.
وفي 17 يوليو 2010، الذي يصادف ذكرى تولي الرئيس للحكم في الجمهورية العربية اليمنية عام 1978، بدأ أن الرئيس كان يرغب في أن يستثمر هذه المناسبة باتجاه المصالحة والحوار، وفي هذا اليوم تم التوقيع على اتفاقية لآلية إجراء الحوار تنفيذا لاتفاقية فبراير 2009، وقد كان هذا الاتفاق بمثابة نهاية لمرحلة الخلافات التي نشئت حول آلية إجراء الحوار. وقد تضمن الاتفاق إنشاء لجنة للحوار مشكلة من مائتين عضو مائة للمؤتمر وشركاءه ومائة أخرى للمشترك وشركاءه، إضافة لبنود تحدد آلية اختيار أعضاء اللجنة وغيرها من القضايا الإجرائية. وتظهر هذه الاتفاقية حجم الصعوبة التي يواجهها الحوار بين الطرفين، حيث أستغرق الطرفان أكثر من عام ونصف تقريبا للاتفاق على آليات الحوار. وهو ما يعني صعوبة الاتفاق على قضايا الحوار نفسها. وهو ما حدث بالفعل فخلال الفترة اللاحقة لإبرام هذا الاتفاق حدثت خلافات إجرائية كثيرة، وظهرت مسميات كثيرة من مثل لجنة الثلاثين ولجنة الـ 16 ثم لجنة الأربعة، وغيرها من المسميات التي جعلت المتابع يقع في حالة من الإرباك وعدم القدرة على متابعة هذه التفاصيل الكثيرة التي تشير إلى تعقد المشهد وصعوبة التوصل للحلول.  وفي نهاية الأمر تم الاتفاق من قبل لجنة الأربعة المشكلة من كل من: نائب رئيس الجمهورية عبدربة منصور هادي أمين عام المؤتمر الشعبي العام ، وعبدالكريم الارياني نائب رئيس المؤتمر الشعبي وعبدالوهاب الانسي الأمين العام للتجمع اليمني للإصلاح والدكتور ياسين سعيد نعمان الأمين العام للحزب الاشتراكي. تم الاتفاق على إجراء التعديلات الدستورية والإصلاحات السياسية قبل إجراء الانتخابات النيابية وهو ما يعني حكما تأجيل الانتخابات البرلمانية في أبريل 2011، حيث أن إجراء التعديلات الدستورية يتطلب استفتاء شعبي يحتاج الإعداد له فترة طويلة. وبعد أن عرض الاتفاق على الرئيس لم يقبله وعادت أوضاع الحوار إلى نقطة البداية. حيث قام المؤتمر الشعبي باتخاذ خطوات انفرادية حين قرر تمرير التعديلات على قانون الانتخابات والتعديلات الدستورية، وهي القضايا التي تم شرحها سابقا.



مأزق النظام السياسي في اليمن:

رغم الإعلان عن تبني النظام الديمقراطي في عام 1990 بالتزامن مع قيام الجمهورية اليمنية، إلا أن التجربة السياسية الفعلية أظهرت أن النظام الديمقراطي في اليمن لم يوجد بشكل حقيقي، وما حدث هو استمرار لنظام غير ديمقراطي تم فيه استخدام بعض أشكال النظام الديمقراطي، كالانتخابات وإنشاء أحزاب متعددة وقيام مؤسسات تشريعية وبلدية تبدوا في الظاهر وكأنها مؤسسات ناتجة عن عملية ديمقراطية.
وفي واقع الحال بقى النظام السياسي في اليمن في جوهره نظام غير ديمقراطي، فرئيس الجمهورية يمارس السلطة مثلما يمارسها إي حاكم غير ديمقراطي، فلا وجود لقيود على قراراته، فالوظيفة العامة، أكانت في الجهاز العسكري أو المدني، يتم التعامل معها وفقا لما يريده الرئيس، بحيث يصبح الموظف العام وكأنه تابع لرئيس الجمهورية الذي يتولى تعيينه وعزله وفقا لاعتبارات خاصة به. كما وأن المال العام يتم التعامل به من قبل رئيس الجمهورية وكأنه مال خاص به، فلا وجود لقيود على عملية الصرف أو وجهتها، حيث أن بإمكان الرئيس أن يسخر الأموال العامة لما يخدم مصالحه السياسية وغيرها.
وكنتيجة لهذه الحالة فإنه لا يوجد إي شكل من أشكال فصل السلطات، الأمر الذي ينعكس على غياب دولة القانون، التي هي الوجه الفعلي للنظام الديمقراطي، ويتضح هذا الغياب لسيادة القانون من خلال افتقاد القضاء لاستقلاليته، وغياب هذه الاستقلالية يعني تحكم الرئيس والسلطة التنفيذية ومراكز القوى بمؤسسة القضاء، وتسخير القانون لمصالحهم.
وخلال العشرين السنة الماضية منذ الإعلان عن تبني النظام الديمقراطي لم يحدث أي تطور للعملية الديمقراطية، فرغم أن الفترة التي تلت إعلان الديمقراطية شهدت قدرا من الحراك السياسي، إلا أن ذلك الحراك كان ناتجا عن توازن القوى العسكري والسياسي الذي أعقب الوحدة، ولم يكن نتيجة لسيادة القانون أو تفعيل العملية الديمقراطية. وما يؤكد ذلك أن خروج أحد الأطراف الرئيسية من السلطة عقب حرب 1994، أدى إلى تراجع الحراك السياسي لصالح نظام غير ديمقراطي، كان من مصلحته الإبقاء على الهياكل الشكلية للنظام الديمقراطي فيما يتم أفراغها من إي محتوى يذكر. فعقب الانتصار في حرب 1994 شرعت السلطة السياسية الممثلة برئيس الجمهورية بالاستحواذ الكامل على أجهزة الدولة وتسخيرها لصالحهم، والعمل بكل الطرق على منع إي حزب أو جهة منافسة من الوصول إلى السلطة أو المشاركة فيها. وكانت انتخابات 1997 البرلمانية هي لحظة تنفيذ برنامج الاستحواذ على السلطة. فمنذ ذلك التاريخ شرعت السلطة الحاكمة في وضع قواعد للعبة السياسية تقوم على إنشاء نظام ديمقراطي صوري، يأخذ بأشكال النظام الديمقراطي دون أن يكون هناك وجود حقيقي لهذا النظام. من خلال إعطاء هامش محدود لعمل أحزاب المعارضة لا يكون له إي تأثير على القرارات السياسية التي تمارسها السلطة. وتقوم هذه القواعد على السماح لجميع أحزاب المعارضة بالحصول على نسبة لا تتعدى 20% من المؤسسات المنتخبة كالبرلمان والمجالس المحلية وحتى الانتخابات الرئاسية، وهذه النسبة تمنح الحاكم قدر من المشروعية التي يحتاجها الرئيس ليدعي أنه نظام ديمقراطي.
وخلال الفترة الممتدة من عام 1997 أدركت معظم القوى السياسية المعارضة توقف الممارسة السياسية عند هامش محدد كان يتم تقليصه باستمرار، وعلى هذا الأساس بدأت القوى السياسية المعارضة وتحديدا منذ 2002 تتكتل في ما سمي بأحزاب اللقاء المشترك، لتدافع عن مصالحها التي كانت ترى بأن النظام الحاكم في طريقة لتصفيتها، باستثناء الوجود الهامشي في بعض المؤسسات المنتخبة، كما سبق وذكرنا، وعليه فإن المشهد السياسي منذ انتخابات 2003 وهو يشهد حالة من عدم الاتفاق بين قوى المعارضة والسلطة، فقوى المعارضة حاولت أن تغير من قواعد اللعبة السياسية التي وضعتها السلطة، فيما لم تكن السلطة قادرة أوراغبة في تغيير قواعد اللعبة تلك. وعليه دخل النظام السياسي في نفق مسدود، كانت تتضح صورته كلما كان هناك استحقاق سياسي ما. ولعل أهم هذا الاستحقاق هو الانتخابات البرلمانية والتي كان من المقرر لها أن تتم في 2009، إلا أن إصرار المعارضة على تغيير قواعد اللعبة من خلال رفض الدخول في انتخابات غير عادلة ونزيهة، جعل الرئيس وحزبه يتراجعون عن الدخول منفردين في انتخابات برلمانية، لخوفهم من فقدان ما تبقى من مشروعية لنظام الحكم في حال أقاموا انتخابات غير تعددية وتنافسية، وهو ما كان سيقضي على أخر شكل من أشكال النظام الديمقراطي الصوري.
وإلى جانب عجز النظام السياسي من إحداث إي شكل من أشكال إشراك المعارضة في النظام السياسي عبر المشاركة في الانتخابات البرلمانية، كانت الأعراض الأخرى لغياب الديمقراطية تتبدى في الكثير من المشاكل الأمنية والسياسية التي واجهتها اليمن خلال السنوات الأخيرة، من قبيل الحروب المتتالية مع جماعة الحوثي والدعوات الانفصالية في الجنوب. وهذه المشاكل كانت بمثابة تعبير واضح على أن هناك مشكلة عميقة في بنية النظام السياسي. فالنظام السياسي الديمقراطي الحقيقي يكون قادرا على استيعاب القوى السياسية في داخله بحيث أن ممارستها السياسية تتم من داخل ألأطر القانونية والشرعية، وفي حال كان النظام السياسي غير فاعل فإن القوى التي تعمل من خارجه وبوسائل غير قانونية تكبر وتزدهر، وهو ما حصل في اليمن خلال السنوات الأخيرة.
أن أزمة النظام السياسي في اليمن تجلت في عام 2010 من خلال عدد من المحطات كان من أبرزها، استمرار الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال، وعدم إنهاء مشكلة الحوثيين، وفشل الحوار مع المعارضة الحزبية و أخيرا قيام السلطة والحزب الحاكم بإجراء تعديلات دستورية انفرادية تمكن النظام الحالي من الاستفراد بالسلطة وتأبيد الحاكم وتوريث أبنائه من بعده. وكل ذلك يعني أن النظام السياسي في اليمن أصبح غير قادر على إحداث إي إصلاح في بنيته الأمر الذي يعني الحاجة إلى تغييره بشكل من الأشكال أو الاستمرار في الأزمات والمشاكل الأمنية والسياسية التي ستعمل بشكل من الأشكال على تدمير بنية الدولة وإدخالها في حالة من العجز والفشل.          

 

        




styleF �?n - �R L imes New Roman","serif";mso-ascii-font-family:Cambria; mso-ascii-theme-font:major-latin;mso-hansi-font-family:Cambria;mso-hansi-theme-font: major-latin;mso-bidi-font-family:"Times New Roman";mso-bidi-theme-font:major-bidi'>الانتخابات مشكلة قانون أم أزمة نظام

منذ قيام الوحدة عام 1990 تم إجراء ثلاث انتخابات برلمانية واثنتين رئاسية ومحلية، وجميع هذه الانتخابات كانت تشهد خلافات بين الأطراف السياسية شملت معظم جوانب العمليات الانتخابية ابتداء بالإجراءات وانتهائا بالنتائج التي كانت تتمخض عنها.
وكانت الانتخابات البرلمانية، ولازالت، تستحوذ على النصيب الأكبر من الخلافات، ويعني ذلك أن النخب السياسية لم تتفق بعد على واحدة من أهم أوجه العملية الديمقراطية.
تمثل الانتخابات النيابية بالنسبة للسلطة المصدر الرئيسي إن لم يكن الوحيد للحصول على الشرعية الدستورية في حكم اليمن، فالنظام الحاكم في اليمن لا يمتلك أي مصدر من مصادر الشرعية الأخرى غير شرعية التفويض الشعبي التي يتم التعبير عنها بالانتخابات. فلا يملك النظام أي شرعية أخرى كالشرعية المستمدة من الدين أو التقاليد أو تلك الشرعية المعتمدة على الإنجاز والكفاءة أو الشرعية المعتمدة على الكاريزما أو أي مصدر أخر من مصادر الشرعية - كالشرعية الثورية - التي أدعتها بعض من الأنظمة التي استولت على الحكم بانقلابات عسكرية.
إن شرعية التفويض الشعبي أصبحت منذ الوحدة الأساس التي تقوم عليه شرعية النظام الحاكم في اليمن، وفي حال فقدت الانتخابات لمصداقيتها فأن شرعية السلطة تصبح مشكوكا بها، الأمر الذي يضعفها ويجعلها غير قادرة على الدفاع عن نفسها أمام أية أخطار تحدق بها.
ولكي تكون الانتخابات قادرة على منح الشرعية للنظام لا بد أن تتوفر لها عدد من العناصر أهمها:
1-    مشاركة جميع القوى السياسية، وتحديدا المعارضة التي يمثلها في الوقت الحالي (اللقاء المشترك)، فمشاركة اللقاء المشترك في الانتخابات يصبغ على الانتخابات طابع التنافس والتعددية ومن ثم المصداقية. ويعني ذلك أن مشاركة اللقاء المشترك هو الشرط الضروري لإنجاح الانتخابات.
2-     قبول المشاركين في العملية الانتخابية بنتائج الانتخابات وهذا القبول لن يتحقق إلا بتوفر حد أدنى من تكافؤ الفرص للقوى المتنافسة وتحديدا المعارضة. وتكافؤ الفرص يتحقق من خلال توفر إدارة انتخابية تحظى بالقبول من الأطراف المشاركة وتكون قادرة على توفير الظروف التي تحقق قدرا معقولا ومقبولا من تكافؤ الفرص.
3-    تحتاج الانتخابات لكي تكون شرعية إلى شهادة مراقبين مستقلين (محليين وأجانب) يؤكدون بأن  الانتخابات قد تمت وفق الحدود والمعايير الديمقراطية. وهذه الشهادة تعد ضرورية للأحزاب الفائزة ليردا على أي تشكيك أو عدم قبول بنتائج الانتخابات قد ترد من قبل الأحزاب الخاسرة.
أن تحقق هذه الشروط أمر في غاية الأهمية لأي سلطة تنبثق عن هكذا انتخابات، إذ بإمكانها بعد ذلك أن تكون سلطة شرعية استمدت وجودها من تفويض شعبي حر وحقيقي. وغياب هذه الشروط أو بعضها سيشكك بشكل كبير في شرعية النظام السياسي المنبثق عن هذه الانتخابات. وهو الأمر الذي سيضعف من أداء هذا النظام ويجعله أضعف في مواجهة خصومه. وعلى افتراض أن الانتخابات القادمة افتقدت للشروط السابقة فأن السلطة ستجد نفسها وقد أضرت بمشروعيتها أكثر من أي مرحلة سابقة، وهو الأمر الذي سوف يعطي خصومها قوة أكبر في مقاومتها.
في المقابل تدرك المعارضة أن مشاركتها في الانتخابات تمنح النظام شرعية وجوده الدستوري والأخلاقي ولهذا فأنها تحاول أن تستفيد من هذا الأمر بأقصى درجة ممكنة. ولكون الأمر على هذا النحو فأن المعارضة في الوقت الحالي أصبحت في موقف قوة أفضل من أي وقت سابق وهو ما يجعلها قادرة على أن تساوم النظام بشكل لم يألفه منها من قبل. ومما زاد من قوة المعارضة تكتلها ضمن اللقاء المشترك، وهو التكتل الذي صمد طوال الفترة الماضية رغم محاولات السلطة المستمرة لإضعافه وتفكيكه، وما يبرهن على قوة اللقاء المشترك عجز السلطة في أكثر من مناسبة من تمرير التعديلات الدستورية أو تعديل قانون الانتخابات الذي كان يستهدف تعيين قضاة في منصب اللجنة العليا للانتخابات. وكل هذه الأمور زادت من ثقة المشترك بنفسه وفي نفس الوقت أدركت السلطة صعوبة تجاوزه وحاجتها للتوافق معه.
ومما زاد من قوة المشترك تزايد المشاكل السياسية التي واجهها النظام الحاكم خلال السنوات الماضية من مثل التمرد الحوثي والحراك الجنوبي وتزايد نشاط الجماعات الإرهابية، والتي عجز النظام عن احتواها سياسيا أو عسكريا، إلى جانب ذلك فأن المشاكل الاقتصادية المتصاعدة، والناجمة عن التضخم في الأسعار خلال السنوات الأخيرة وتناقص الدخل من النفط نتيجة انخفاض الإنتاج والأسعار، كل هذه المشاكل جعلت النظام في وضع أضعف مما كان عليه الحال في السابق، وهو وضع من الطبيعي أن تستثمره المعارضة في صالحها، وهو ما ينبئ بخلق مشهد سياسي جديد في اليمن من الممكن اختصاره في نضال المشترك بتغيير قواعد اللعبة السياسية. وهي القواعد الذي سعى النظام إلى ترسيخها منذ انتهاء الحرب عام 1994 والتي يمكن تحديد أهمها في الأمور التالية:
أ‌-       الاحتكار المطلق للسلطة من خلال الفوز في جميع الانتخابات بأغلبية تتجاوز الثلثين، وهو ما يمكنها من احتكار كامل وشامل للسلطة والثروة. فمن خلال هذه الأغلبية تستطيع السلطة أن تمرر جميع قراراتها بما في ذلك إعادة صياغة النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي بالطريقة التي تخدم مصلحتها. فحصولها على أكثر من ثلثي مقاعد مجلس النواب منذ انتخابات 1997 جعلها قادرة على إجراء التعديلات الدستورية والقانونية التي هدفت إلى ديمومة سيطرتها على السلطة.
ب‌-    تحديد سقف محدد لنفوذ خصومها في البرلمان والمجالس المنتخبة يقفون عنده وهذا السقف لا يتجاوز نسبة الـ20% وهي نسبة لا تمكن المعارضة من أن تعيق أي أجراء أو سلوك تمارسه السلطة.
ت‌-   المحافظة على المعارضة تحت السقف المذكور للمحافظة على الشكل الديمقراطي للنظام الذي يمنحه الشرعية الداخلية والخارجية.
ث‌-    التضييق على المعارضة بوسائل كثيرة وجعلها في حاجة دائمة للسلطة خاصة في الجوانب المالية.
ج‌-     السيطرة المطلقة على موارد الدولة وتسخيرها في خدمة الحزب الحاكم خاصة فيما يتعلق بالموارد المالية والإعلام وهما من أهم العوامل التي تضمن للسلطة الديمومة.
ح‌-    إضعاف السلطة القضائية وجعلها ملحقة بالسلطة التنفيذية مما يمكنها من استخدام هذه السلطة في قمع وإضعاف المعارضين لها، وهو ما ظهر في أكثر من مناسبة.
خ‌-    جعل جميع الوظائف العليا والوسطى وحتى الوظائف العادية حكرا على أعضاء الحزب الحاكم، مما يعني إضعاف أحزاب المعارضة.
أن هذه القواعد هو ما تحاول أحزاب اللقاء المشترك منذ عام 2005 وحتى الآن تعديلها أو تغييرها، بينما نجد أن السلطة ترى في هذه القواعد وكأنها حق من حقوقها التي لا يمكن التنازل عنها. ولكون الممارسة السياسية هي صراع قوة وفق ما يملكه كل طرف من مصادر قوة، فأن أحزاب المعارضة أصبحت تدرك أن الأوضاع الحالية تمكنها من أن تعيد صياغة قواعد اللعبة فيما السلطة من جهتها لا ترى بأن هناك شيا تغير على الأرض يجعلها تقبل بذلك.
أن ما يجعل من تغيير قواعد اللعبة أمرا صعبا يتمثل في تعود النظام على هذه القواعد واطمئنانه لها ورسم كل خططه المستقبلية وفقا لها. لهذا فقد أصبح أمر تغيير هذه القواعد أو تعديلها من الأمور الصعبة على السلطة، إذ أنها تعتقد بأن تعديل قواعد اللعبة سيؤدي في نهاية المطاف إلى خروجها من السلطة أو الحد من السلطة المطلقة التي تتمتع بها. وهي أمور يبدوا أن السلطة لم تهيئ نفسها له، كما وأن قبولها بتغيير هذه القواعد يعني تغييرا في خططها المستقبلية التي رسمتها. لذلك نجد أن السلطة غير مستعدة، في الوقت الحالي على الأقل، أن تقبل بتغيير قواعد اللعبة.
لقد كانت الثلاث سنوات الأخيرة بمثابة الذروة في الصراع بين السلطة والمعارضة من أجل تغيير قواعد اللعبة ورغم أنه لم تظهر نتائج واضحة لهذا الأمر إلا أن من الممكن الإشارة إلى قضيتين تظهران ما ذهبنا إليه. الأولى كانت حين تحدت المعارضة السلطة وأنزلت مرشح خاص بها في الانتخابات الرئاسية نافس إلى حد كبير مرشح السلطة. والثانية حين لم تتمكن السلطة من تمرير التعديلات الدستورية التي طرحتها عام 2007 بعد أن واجهت معارضة من قبل المشترك. وستكون القضية الثالثة، وأعتقد بأنها ستكون الأهم، قضية الانتخابات النيابية عام 2009. وحتى الآن فأن الجميع في حالة امتحان والمستقبل سيرينا نتائج هذا الامتحان.  
·         بعد إعداد هذا التقرير تم الاتفاق بين الحزب الحاكم وأحزاب اللقاء المشترك في 24 فبراير 2009  على تأجيل الانتخابات لمدة عامين، يتم خلالها إجراء تعديلات دستورية وقانونية تشمل تغيير النظام الانتخابي وعدد من القضايا الأخرى.
ويعد هذا الاتفاق مخرج للأزمة التي كان من المتوقع حدوثها في حال تمت الانتخابات بمقاطعة أحزاب المشترك، غير أن هناك شكوك من أن الطرفان سيتوصلان إلى اتفاق حول القضايا الخلافية خلال الموعد المحدد مما يعني أن الأمر لا يعدوا كونه ترحيل للأزمة وليس حلا لها.



[1] تقرير المعهد الديقراطي حول القيد والتسجيل 2008   http://www.ndi.org/files/Yemen_2008VoterRegistrationReport-Arabic.pdf
[2] قدر أحد الباحثين نسبة المشايخ الذين فازوا في انتخابات مجلس النواب عام 2003 بما نسبته 30% من إجمالي المجلس تلتها فئة رجال الأعمال بما نسبته 26% . د. عبدالجليل الصوفي: نتائج الانتخابات النيابية 27 أبريل 2003م مؤشرات ودلائل،شئون العصر عدد (12) صنعاء ص (203)
[3] أ-تشكل اللجنة العليا للانتخابات من تسعة أعضاء يتم تعيينهم بقرار من رئيس الجمهورية من بين قائمة تحتوى على (15) اسماً يرشحهم مجلس النواب ممن تتوفر فيهم الشروط المحددة في المادة(21) من القانون رقم 13 لسنة 2001م .
ب-يكون إقرار قائمة المرشحين لعضوية اللجنة العليا بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس.

[4] الإطار السياسي لرؤية اللقاء المشترك لمتطلبات إجراء انتخابات حرة ونزيهة  http://www.alwahdawi.net/narticle.php?sid=4991

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الدور الخارجي في حرب 1994

هل هناك سند قانوني لفك الارتباط أو تقرير مصير جنوب اليمن؟ دراسة قانونية/سياسية

لماذا هجمات الحوثيين غير مؤثرة على الحرب في غزة؟