مشاركة النساء في انتخابات 2003 البرلمانية

إعداد / عبد الناصر المودع
المحتويات
المقدمة :
الأسس القانونية للمشاركة السياسية للنساء
المشاركة السياسية للنساء في انتخابات 1993-1997
مشاركة النساء في انتخابات 2003 :
مرحلة التسجيل
ملامح عامة حول سجل قيد الناخبات
فعاليات ما قبل الترشيح
مرحلة الترشيح
طبيعة المرشحات
مشاكل المرشحات
النساء وإدارة العملية الانتخابية
السلوك السياسي للنساء الناخبات
تغطية وسائل الإعلام لقضية مشاركة النساء في الانتخابات
قضايا النساء في البرامج الانتخابية للأحزاب
النتائج التي حصلت عليها المرشحات
سلوك الأحزاب الرئيسية ومواقفها من المشاركة السياسية للنساء :
المؤتمر الشعبي العام
التجمع اليمني للإصلاح
الحزب الاشتراكي اليمني
استطلاع للرأي حول انتخاب النساء في البرلمان :
معلومات عامة عن الاستطلاع
نتائج الاستطلاع
إستخلاصات عامة من الاستطلاع
أهم العوائق الموضوعية والذاتية أمام وصول النساء للبرلمان :
أولا: العوائق الموضوعية :-
1- هشاشة النظام الديمقراطي
2- النظام الانتخابي
ثانيا العوائق الذاتية :-
1-هيمنة الثقافة الذكورية
2-ضعف الوجود النسائي في الأحزاب
3- الأداء الباهت للمرشحات السابقات
النتائج والتوصيات
هوامش ومراجع
المقدمـــــة
يعتبر علماء السياسة أن طبيعة وحجم مشاركة النساء في الحياة السياسية أحد المعايير الهامة لقياس مستوى التنمية السياسية في المجتمع . ووفقاً لذلك يتم تصنيف الدول التي تتميز بمشاركة سياسية كثيفة وفعالة للنساء كدول ذات تنمية سياسية عالية ، بينما يتم تُصنيف الدول التي تغيب أو تضعف فيها تلك المشاركة في خانة الدول منخفضة التنمية السياسية .
وعلى سبيل المثال ، نجد أن الدول ذات التجربة الديمقراطية العريقة ، توجد بها أعلى نسب للمشاركة السياسية للنساء ، ففي السويد ، مثلا ، تصل نسبة النساء اللاتي يشغلن مناصب عليا في الدولة إلى 38% ، وتبلغ هذا النسبة في الولايات المتحدة الأمريكية 33% (1) . وفي المقابل نجد أن80% من دول العالم ، معظمها في العالم الثالث (2) ، تقل فيها نسبة النساء اللاتي يشغلن مناصب عليا في الدولة عن 10% . ومن المعروف أن هذه الدول تعاني من تخلف كبير في مختلف المجالات وفي مقدمتها مجال التنمية السياسية .
وباختصار يمكننا القول أن درجة تطور المجتمع تنعكس على حجم المشاركة السياسية للنساء ، وبالمقابل يمكن أيضا القول أن حجم المشاركة السياسية للنساء يعبر عن مستوى التطور العام للمجتمع , خاصة في مستوى التطور السياسي . مما يجعل من هذه المشاركة مقياسا يمكن تطبيقه على جميع المجتمعات ، لمعرفة درجة تطورها ، وإذا وجدت بعض الاستثناءات المتفرقة هنا أو هناك ، فأنها لا تخل بهذه القاعدة العامة .
وتأسيسا على ذلك ، تنبع أهمية دراسة حجم وطبيعة المشاركة السياسية للنساء في الجمهورية اليمنية كونها تعطينا ، إلى جانب دراسة الظاهرة نفسها ، صورة حقيقية لمستوى التطور العام في هذا البلد وتحديدا في الشق السياسي منه .
وتمثل مشاركة النساء اليمنيات في انتخابات مجلس النواب ( البرلمان ) نموذجاً عملياً لطبيعة وحجم المشاركة السياسية للمرأة في اليمن . ذلك أن تلك الانتخابات تتصف بأهمية كبيرة في الحياة السياسية اليمنية ، وهي الأهم من بين كل الانتخابات التي تجرى في اليمن ، بسبب ما تشهده من تنافس حقيقي ومشاركة كثيفة قياسا بالانتخابات الأخرى ، الرئاسية والمحلية .
وسعياً لتحقيق ذلك تقدم هذه الورقة دراسة عن مشاركة النساء اليمنيات في انتخابات 2003م باعتبارها آخر انتخابات نيابية تشهدها تجربة التعددية السياسية في اليمن حتى الآن . محاولين من خلال ذلك تقديم صورة حقيقية لواقع النساء السياسي في اليمن ، وبالتالي تقديم صورة للمستوى الفعلي للممارسة الديمقراطية في هذا البلد .
لقد قامت الدراسة بتتبع حجم وطبيعة وآلية تفاعل النساء مع العملية الانتخابية بمراحلها المختلفة : تسجيلا ، وترشيحا ، وانتخابا ، واتخذت لتحقيق ذلك طريق الملاحظة والقياس والاستبيان والتحليل . الأمر الذي أتاح لنا التعرف على الاتجاه التي تسير عليه المشاركة السياسية للنساء في اليمن ، واكتشاف ما إذا كانت تسير في اتجاه تصاعدي أو تنازلي ، ومكننا من إصدار بعض الأحكام والتقييمات واستشراف بعض التوقعات حول مسيرة العمل السياسي في اليمن بشكل عام ، والدور الذي ستلعبه النساء في هذه المسيرة بشكل خاص ، وهو الهدف الأساسي لإعداد هذه الدراسة .
وقبل الولوج في انتخابات 2003م باعتبارها مجال دراستنا ، رأينا أن من الضروري تقديم ملخص عن الخلفية التشريعية للمشاركة السياسية للنساء في اليمن ، ثم عن المشاركات الفعلية للنساء في الدورات الانتخابية السابقة التي جرت في 1993م و 1997 م والنتائج التي أسفرت عنها .
الأسس القانونية للمشاركة السياسية للنساء :
ترافق إعلان الوحدة اليمنية في عام 1990 مع تبني نهج التعددية السياسية الذي اعتمده دستور دولة الوحدة المُقر من قبل الأطراف الموقعة على وثيقة الوحدة ( حكومتي الشطرين الشمالي والجنوبي من اليمن سابقاً ) ومن جماهير الشعب اليمني في استفتاء عام جرى في عام 1991م . وقد تضمن ذلك الدستور مواداً منحت المرأة حق الانتخاب والترشيح للمناصب المختلفة ، حيث تنص المادتين (40) (42) على مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين بما فيها حق الترشيح والانتخاب للمناصب المختلفة . وبموجب ذلك أتيح للنساء اليمنيات ممارسة حقوقهن الانتخابية خلال الدورات الانتخابية السابقة .
ولم تثر قضية منح المرأة حقوقا سياسية جدلا كبيرا بين الأطراف السياسية المختلفة في ذلك الوقت ، وحتى الآن ، باستثناء بعض الاعتراضات التي تثيرها بعض التيارات الإسلامية على بعض التفاصيل المتعلقة بهذا الأمر ، وهو ما سنتطرق له لاحقا .
ويمكن إرجاع سبب تثبيت الحقوق السياسية للمرأة في اليمن دون جدل كبير ، إلى أن هذا الحق لم يكن جديدا تماما في هذا البلد ، فهو قد مُـنح للنساء في شطري اليمن قبل الوحدة بإشكال مختلفة . وعلي سبيل المثال فقد كان يوجد في أخر برلمان (مجلس الشعب الأعلى) في اليمن الجنوبي قبل الوحدة عشر نساء أصبحن عضوات في برلمان دولة الوحدة الذي تشكل بدمج برلماني البلدين السابقين . وكان اليمن الشمالي بدوره قد منح النساء حق الانتخاب في برلمانه السابق (مجلس الشورى) الذي تكون في عام 1988 . وقد شكل ذلك قاعدة ساعدت في تمكين النساء من حقوق الانتخاب والترشيح في دستور دولة الوحدة دون خلاف يذكر .
وبموجب الدستور أقرت قوانين الانتخابات المتتابعة حق المرأة في الترشيح والانتخاب . وتنص المادة (3) من قانون الانتخابات الحالي الذي صدر في 13 نوفمبر 2001 على هذه الحقوق صراحة بقولها : " يتمتع بحق الانتخاب كل مواطن بلغ من العمر ثمانية عشر سنة شمسية … إلى أخر الفقرة " ، علماً بأن الفقرة (ب) من المادة (2) من نفس القانون عرفت مصطلح المواطن بأنه كل يمني أو يمنية .
وسهل قانون الانتخابات على النساء ممارسة حقهن الانتخابي ، حين ألزم اللجنة العلياء للانتخابات بتشكيل لجان تسجيل واقتراع نسائية ، الأمر الذي ساهم في إزالة بعض الحواجز الاجتماعية أمام المشاركة النسائية في الانتخابات .
وعلى ذلك ، فإن النساء في اليمن أصبحن، قانونا ، يتمتعن بجميع الحقوق السياسية التي يتمتع بها الرجل . غير أن مشاركتهن الفعلية لا زالت بعيده كل البعد عن ما يجب أن تكون عليه ، وهو ما نلحظه من خلال حجم وطبيعة مشاركتهن في التجارب الانتخابات السابقة وأخرها انتخابات 2003م موضوع هذه الدراسة . المشاركة السياسية للنساء في انتخابات 1993-1997:
بلغ عدد النساء اللواتي تسجلن في انتخابات 1993م ( 478.379 ) ناخبة من بين ( 2.688.323 ) يشكلون إجمالي عدد المسجلين ، أي إن نسبة الناخبات المسجلات بلغت 18% فقط من عدد المسجلين . وهي نسبة ضئيلة قياسا بالحجم الطبيعي للنساء في المجتمع ، حيث يتساوى تقريباً عدد النساء مع عدد الرجال ، إذا لم يكن يزيد عليه بعض المناطق .
وفي نفس تلك الانتخابات بلغ عدد المرشحين لخوص المنافسة الانتخابية ( 3.166 ) مرشحاً بينهم ( 42 ) مرشحة فقط ( 18 مرشحة حزبية و 24 مرشحة مستقلة ) أي ما يعادل نسبة 1.3% فقط من حجم المرشحين الإجمالي . وقد فازت امرأتان فقط في تلك الانتخابات من بين ( 301 ) فائزاً يشكلون أعضاء البرلمان ، مما يعني أن نسبة تمثيل المرأة في ذلك البرلمان كانت اقل من 1% .
أما في انتخابات عام 1997 فلقد بلغ عدد الناخبين المسجلين ( 4.669.273 ) منهم ( 1.304.550 ) ناخبة أي ما يساوي نسبة 28% من إجمالي عدد المسجلين . الأمر الذي أشار إلى تطور ملحوظ في عدد ونسبة مشاركة النساء قياسا بانتخابات 1993 .
ولكن نفس الانتخابات شهدت تقلصاً في عدد النساء المرشحات مقارنه بانتخابات 1993م ، إذ بلغ عدد المرشحات ( 19 ) مرشحة فقط من بين ( 1311 ) مرشحاً ومرشحة أي ما يساوي نسبة 1.4% من العدد الإجمالي للمرشحين . ولم تختلف نتيجة هذه الانتخابات عن انتخابات 93 من حيث عدد الفائزات إذ بلغ عددهن اثنين فقط من بين 301 نائباً .
المشاركة السياسية للمرأة في انتخابات 2003 البرلمانية في اليمن
مرحلة التسجيل :
بموجب قانون الانتخابات رقم 13 الصادر في نوفمبر 2001 ، تم في أكتوبر عام 2002م إلغاء السجل الانتخابي القديم لصالح سجل انتخابي جديد بلغ عدد النساء المسجلات ( 3.414.640 ) امرأة ، أي ما يساوي نحو 42% من إجمالي عدد المسجلين الذي بلغ ( 8,096.433 ) وهو عدد يقارب نسبة 90% من إجمالي من يحق لهم الانتخاب في وقت إنشاء السجل الانتخابي الجديد .
ويوضح الجدول رقم (1) حجم التغير في أعداد النساء المسجلات في السجل الجديد مقارنة بالسجلات القديمة الخاصة بالدورات الانتخابية الماضية ، إضافة إلى مقارنة حجم تلك التغيرات بالمسجلين من الرجال .
جدول رقم (1) *
حركة التغير في عدد المسجلات للانتخابات من النساء خلال ثلاث دورات انتخابية.
% الزيادة السكانية
% الزيادة
إناث
% الزيادة
ذكور
%الإناث للذكور
إجمــالي
إنــاث
ذكـــور
انتخابات
18
2.88.323
478.379
2.209.944
1993
15
172
52
28
4.669.273
1.304.550
3.364.723
1997
20
161
39
42
8.097.433
3.414.640
4.682.793
2003
· اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء .
وعلى ضوء هذا الجدول يمكننا استخلاص النتائج التالية :
1- يتصاعد عدد المسجلين ، رجالا ونساء ، بشكل كبير في كل دورة انتخابية قياسا بالدورة التي سبقتها . ففي حين كان عدد من المسجلين في انتخابات 1993م ( 2.8) مليون ناخباً فإن هذا العدد تضاعف تقريبا في انتخابات 1997م ، وعلى نفس المنوال تضاعف عدد المسجلين في انتخابات 2003م ليصل إلى أكثر من ثمانية ملايين مسجلاً .
2- كان معدل الزيادة في جانب النساء أكبر منه في جانب الرجال ، ففي حين كانت نسبة الزيادة في جانب الرجال في سجلات 1997م ، 2003م ، مقارنة بالدورة التي تسبقها 52% ، 39 % على التوالي ، نجد أن نسبة الزيادة في جانب الإناث لنفس الدورات ، أعلى بكثير ، حيث بلغت 172% ، 161% . ما يعني إن النساء المسجلات تضاعف عددهن سبع مرات تقريبا ، بينما لم يتضاعف عدد الرجال إلا بما يزيد قليلا عن مرتين . { مع العلم أن الزيادة الطبيعية في عدد السكان بين انتخابات 1993م ، 1997م كانت في حدود 15% و 20% بين انتخابات 1997م ، 2003م . ذلك يعني بأن الزيادة في عدد المسجلات فاقت الزيادة الطبيعية في عدد السكان .}
3- تصاعدت نسبة عدد المسجلات خلال الدورات الانتخابية الثلاث إلى إجمالي المسجلين من 18 % في انتخابات 1993م إلى 27% في انتخابات 1997م ثم إلى 42% في انتخابات 2003م ، وهذه النسبة الأخيرة قريبة من الحجم الطبيعي لعدد النساء في المجتمع اليمني ، وهي نسبة متقدمة جدا قياسا بمستوى اليمن الاجتماعي والثقافي والسياسي ، وتقارب المستوى الموجود في الدول الديمقراطية العريقة .
والخلاصة التي نخرج بها من الجدول السابق هي أن تسجيل النساء قد حقق نقله نوعية في انتخابات 2003م ، ويمكننا تلخيص أهم أسباب هذه النقلة في النقاط أدناه :
1. تزايد حدة التنافس بين الأحزاب السياسية خلال مرحلة القيد والتسجيل ، إذ شهدت هذه المرحلة عملية استقطاب سياسي واسعة ، لم تشهدها الدورات السابقة ، بين الحزب الحاكم من جهة وأحزاب المعارضة الرئيسية ممثلة في تحالف (أحزاب اللقاء المشترك) من جهة أخرى . لقد خلق ذلك الاستقطاب حينها اعتقاداً لدى الأطراف السياسية والمراقبين بأن أحزاب اللقاء المشترك ستخوض المنافسة الانتخابية بمرشح واحد يمثلها جميعاً في مواجهة مرشح الحزب الحاكم في كل دائرة انتخابية . ودفع ذلك جميع القوى السياسية إلى حشد كل طاقاتها وقوتها من أجل تسجيل أكبر عدد ممكن من الناخبين . وهو ما أدى إلى زيادة عدد المسجلين أجمالا والمسجلين من النساء على وجه الخصوص .
2. قيام الحكومة باتخاذ عدة إجراءات ، من ضمنها إجراءات غير قانونية ، لدفع المواطنين لتسجيل أنفسهم في السجلات الانتخابية ، ومن ذلك تهديد الموظفين الحكوميين بعدم الحصول على مرتباتهم إذا لم يكونوا حاملين للبطاقة الانتخابية التي يتم الحصول عليها بموجب التسجيل ، إلى جانب إعلان الحكومة بأن الحصول على الرقم الوطني – المزمع وضعة - سيتم من خلال سجل قيد الناخبين . وقد دفعت تلك الإجراءات بالكثيرين إلى تسجيل أنفسهم .
3. اكتساب الأحزاب السياسية والمرشحين ، خبرة كبيرة في حشد المواطنين والتأثير عليهم عبر خوضهم للتجارب الانتخابية السابقة ، وخاصة أثناء عملية القيد والتسجيل التي تزايد الإدراك بأهميتها لضمان الفوز في يوم الانتخابات . وقد أدى ذلك إلى مساهمة المرشحين والأحزاب السياسية بدور كبير في دفع الناخبين ، وبالذات النساء في الأرياف ، لتسجيل أسمائهم في السجلات .
4. مساهمة الجهات المانحة الدولية ، بالتعاون مع اللجنة العلياء للانتخابات والجهات الحكومية والمنظمات المحلية ، في توعية المواطنين بأهمية التسجيل ،
5. مساهمة وسائل الإعلام المختلفة بشكل فعال في زيادة نسبة الوعي بأهمية التسجيل في الانتخابات .
6. مساهمة القطاعات النسائية داخل الأحزاب بشكل كبير في دفع النساء للتسجيل ، من خلال تنظيم حملات كبيرة لهذا الغرض تضمنت الوصول إلى النساء في المنازل ومختلف أماكن تجمعهن ، كالمدارس و المساجد . وكان الأداء الأبرز في هذا الشأن ما قامت به ناشطات حزب التجمع اليمني للإصلاح .
ملامح عامة حول سجلات قيد الناخبات :
على الرغم من أن عدد النساء وصل في إجماليه إلى ما يساوي نسبة 42% من إجمالي المسجلين في الانتخابات الأخيرة ، إلا أن هذه النسبة على المستوى التفصيلي بدت مختلفة ، إذا كان هناك تفاوتاً كبيراً في عدد المسجلات ونسبتهم من محافظة إلى أخرى ومن دائرة إلى أخرى ، وهو ما نلاحظه من خلال استعراض الجدولين رقم ( 2 ) و ( 3 ) أدناه وعلى النحو التالي :
1- تفاوت عدد المسجلات بشكل كبير من محافظة لأخرى ، فعلى سبيل المثال ، حققت محافظة لحج أعلى نسبة تسجيل للنساء ، إذ بلغت نسبتهن فيها 49% ، أي أنها كانت مساوية تقريبا لعدد المسجلين الذكور . تليها محافظة أبين التي وصلت فيها النسبة إلى 48% . وفي المقابل كانت محافظة الجوف ، وهي من أكثر المناطق بداوة في اليمن ، أقل محافظة تُسجل فيها النساء حيث لم تزد نسبتهن عن 32% من إجمالي عدد المسجلين .
2-فاق عدد النساء المسجلات عدد الرجال المسجلين في ( 42 ) دائرة تقع معظمها في منطقة الحجرية بمحافظة تعز (4) . وسجلت الدائرة رقم 45 منطقة الصلو أعلى نسبة تسجيل بلغت 57% . والملفت للانتباه أن معظم هذه الدوائر ، تقع في مناطق ريفية . ويمكننا إرجاع هذه الظاهرة إلى معدل الهجرة العالية للذكور في تلك المناطق .
3-يصعب الاعتقاد بأن هناك عامل محدد يمكن اعتباره السبب في تفاوت عدد المسجلات بين المحافظات ، وحتى عاملي التمدن والتعليم الذين يفترض أنهما يساهمان في زيادة نسبة التسجيل والمشاركة في الانتخابات لم يظهر لهما أثر واضح في هذا الأمر ، فقد لوحظ أن عدد النساء المسجلات في أمانة العاصمة ، وهي أكثر مناطق اليمن تمدنا وتعليما ، لم تتعدى 34% ، وفي المقابل بلغت نسبة تسجيل النساء في محافظة شبوه 47% وهي من أكثر المحافظات بداوة وتأتي في أدنى الترتيب بين المحافظات من حيث تعليم الفتيات ، حيث تبلغ نسبة الطالبات في المرحلة الثانوية 2% فقط من عدد الطلاب (5). مما يعني غياب أثر التعليم والتمدن على نسبة تسجيل النساء في الانتخابات ، ووجود أسباب أخرى في خلق هذه النسبة .
4- شهد السجل الانتخابي حالات فريدة من نوعها ، أبرزها أن هناك دائرتين خليتا تقريباً من تسجيل النساء . إذ بلغت نسبة النساء المسجلات في الدائرتين ( 89 ) ، ( 272 ) أقل من 0.2% من عدد المسجلين . ففي الدائرة ( 89 ) كان عدد من تسجلن( 22 ) امرأة فقط مقابل ما يزيد عن عشرة آلاف مسجل من الذكور، وحسب إفادة بعض مواطني الدائرة فإن السبب في ذلك يرجع إلى اتفاق تم بين الأهالي والمرشحين ، على عدم تسجيل النساء في الانتخابات وأن يقتصر التسجيل على الذكور. وقد تعـامل مواطني الدائرة مع قيام ( 22 ) أمرأة بتسجيل أنفسهن باعتباره خرقاً للاتفاق وخروجا عنه أستلزم من أهالي المنطقة التي تم فيها تسجيل هؤلاء النسوة الاعتذار بذبح أبقار (هجر) وفق العرف القبلي ، والتعهد بعدم السماح لهن بالمشاركة في الانتخابات ، وهو ما حدث بالفعل .
وأما في الدائرة( 272 ) فقد اقتصر عدد النساء المسجلات على 24 امرأة فقط مقابل أكثر من أثنى عشر ألف مسجل من الذكور . ويرجع السبب في ذلك إلى أن المرشح الرئيسي في الانتخابات كان واثقاً من الفوز بدرجة جعلته غير متحمس لتسجيل الإناث اكتفى بتسجيل الذكور في دائرته التي استطاع بالفعل الفوز فيها بكل سهولة.
وبالإضافة إلى الدائرتين المذكورتين هناك دائرة في منطقة همدان بمحافظة صنعاء كان سيحل بها ما حل بالدائرتين السابقتين ، فحتى أياما قليلة على انتهاء فترة القيد والتسجيل ، كان هناك اتفاق بين الأهالي في الدائرة ، على عدم تسجيل النساء والاكتفاء بتسجيل الذكور ، لولا نصيحة قدمت لهم من قبل أحد أعضاء اللجنة العلياء للانتخابات بالعدول عن ذلك الاتفاق ، وهو ما تم فعلا ، وتم تسجيل عدد قليل من النساء خلال الفترة المتبقية .
وتوضح تلك النماذج الطريقة التي تـُعامل بها مشاركة النساء في الانتخابات في بعض المناطق ، إذ يتحكم الرجال ، وبالذات المرشحين ، في حق النساء في المشاركة الانتخابية ، وكأنه أمر خاص بأولئك الرجال وليس حق من حقوق المواطنة .
وعلى الرغم من تلك المظاهر السلبية ، إلا أن التقييم الإجمالي لعملية قيد وتسجيل النساء في الانتخابات الأخيرة ، تشير إلى تطورات إيجابية ، خاصة في ما يتعلق بالحجم الإجمالي لتسجيل النساء . إن وصول نسبة النساء المسجلات إلى 42% ، وهي النسبة الأعلى على مستوى الدورات الانتخابية السابقة ، يعتبر في حد ذاته ، تطورا إيجابيا وخطوة أولى وضرورية على طريق رفع مستوى المشاركة السياسية للنساء .
إن هذا التفاعل ، وإن أُعتبر في الوقت الحالي مجرد تفاعل سلبي ، من شأنه أن يزيد مستوى الوعي السياسي لدى النساء في المستقبل . فالنساء اللاتي يجدن أنفسهن وقد أصبحن وسط معركة سياسية ، وهدفا للأطراف المتصارعة التي تخطب ودهن وتحاول استمالتهن لصالح هذا المرشح أو ذاك ، يصبحن أكثر انغماسا في الشأن السياسي ، وهو ما يزيد من فرص خلق وعي سياسي لديهن في المستقبل . ويؤدي في نفس الوقت إلى زيادة شعور النساء بأهمية وتأثير أصواتهن في حسم نتائج الانتخابات ، وهو أمر قد يجعلهن ، في المستقبل ، يساومن الأحزاب والمرشحين لصالح بعض المطالب الخاصة بهن . وهذا من شأنه أن يتحقق بشكل أسرع وأجدى إذا قامت الحركات النسوية بحملات توعية في أوساط النساء لتعريفهن بأهمية أصواتهن وكيفية استثمارها لصالح قضاياهن .
جدول رقم (2) *
عدد المسجلين والمسجلات في انتخابات 2003 على مستوى كل محافظة .
% النساء من الإجمالي
إجمــــمالي
إنــــــاث
ذكــــــور
المحـــافظــة
34 %
681.290
234.667
623.623
أمانة العاصمة
43 %
259.322
112.741
146.581
عـــد ن
47 %
992.512
468.594
523.918
تعــــز
42 %
853.762
360.036
493.726
أب
48 %
200.226
95.761
104.465
ابين
39 %
246.842
95.811
151.031
البيضاء
47%
179.543
83.791
95.752
شبوه
41%
46.872
19.016
27.856
المهرة
46%
445.119
205.916
239.203
حضرموت
41%
818.048
339.823
478.225
الحديدة
45%
536.036
242.623
293.413
ذمـار
33%
112.550
37.737
74.813
مــارب
42%
566.221
240.250
325.971
صنــعاء
46%
230.566
106.744
123.822
المحــويت
41%
624.823
256.503
368.920
حجـــة
41%
624.823
70.305
186.757
صعــده
32%
116.143
37.659
78.484
الجوف
38%
412.865
159.289
253.576
عمــران
45%
201.157
91.590
109.567
الضالع
49%
316.474
155.784
160.690
لحــج
42%
8.097.433
3.414.640
4.682.793
الإجمــالي
*موقع اللجنة العلياء للانتخابات والاستفتاء http:\\www.scer.org.ye
جدول رقم (3)*
التفاوت في عدد المسجلات في بعض الدوائر .
% الإناث
إجمالي
ذكــور
إنــاث
المنطقة
الدائرة
57
21.009
8.921
12.088
الصلو – تعز
45
56
22.711
9.883
12.828
حيفان – تعز
70
51
25.910
12.732
13.178
ملحان- المحويت
239
51
29.399
14.371
15.028
جحاف – الضالع
298
12
25.684
22494
3190
صعــده
271
32
4.220
2.867
1.353
الجــوف
274
56
23.581
10.385
13.196
الضليعة– حضرموت
157
43
70.111
39.901
30210
الحديدة
163
2.
12.204
12.180
24
بيت الفقيه – الحديدة
172
2.
10.276
10.254
22
بعــدان – أب
89
*موقع اللجنة العلياء للانتخابات والاستفتاء ( مرجع سابق )
فعاليات ما قبل الترشيح :
بعد أن أظهر السجل الانتخابي ارتفاع نسبة النساء المسجلات كانت التوقعات ، إن لم نقل الأماني ، تشير إلى أن يكون لذلك الأمر ، تأثير إيجابي على حجم النساء المرشحات والفائزات في البرلمان . ولأجل ذلك أقيمت الكثير من الفعاليات ، لتحقيق ذلك الغرض من قبل القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والهيئات والمنظمات الدولية المهتمة بالمشاركة السياسية للنساء . وقد هدفت تلك الفعاليات إلى خلق ظروف مواتية لوصول أكبر عدد ممكن من النساء إلى برلمان 2003م . و يمكننا هنا رصد بعض من تلك الفعاليات وأهم المقترحات والأفكار التي راجت خلال تلك الفترة حول هذا الموضوع :
1- أقيمت الكثير من الندوات وورش العمل لبحث وسائل دعم وإيصال نساء لبرلمان 2003 في الأشهر القليلة التي سبقت الانتخابات ، وقد تم تنظيم غالبية هذه الفعاليات من قبل منظمات غير حكومية مهتمة بقضايا المرأة ، وبدعم مباشر وغير مباشر من قبل المانحين الأجانب . وتركز معظمها في المدن الرئيسية : صنعاء وعدن وتعز . وكان من أهم ما جرى في تلك الندوات والورش مناقشة المشكلات والعوائق القانونية والاجتماعية والسياسية وغيرها ، التي تقف أمام المشاركة السياسية الفاعلة للنساء في اليمن . وقد ساهمت تلك النشاطات في التعريف بالمشكلة وبتوعية الرأي العام بجوانبها المختلفة ، والوصول إلى صناع القرارات في الحكومة والأحزاب السياسية لدفعهم للمساهمة في وضع الحلول المناسبة لتلك المشكلات والعوائق . وقد ساهم في كثير من تلك الفعاليات مسئولون حكوميون وقادة حزبيون صدرت عن بعضهم تصريحات مطمئنة للنساء ووعود بدعم ترشيحهن وإيصالهن إلى مجلس النواب ، وهو ما لم يتحقق بشكل فعلي بعد ذلك .
2- تم قبل الانتخابات تنفيذ بعض البرامج بهدف تقديم مساعدة مباشرة للنساء المرشحات ، مثل تدريب المرشحات ومدراء حملاتهن الانتخابية على إدارة الحملة الانتخابية ، إلى جانب تقديم بعض الدعم المادي والمعنوي للمرشحات خلال الحملة الانتخابية ، كطبع الملصقات الدعائية وتوعية الناخبين ، ذكورا وإناثا ، بأهمية انتخاب النساء في البرلمان .
وكان من بين تلك البرامج ما قامت به مؤسسة فريدريش إيبرت التي قامت بدعم ثلاث ورش عمل اثنتين منها أقامهما فرع اتحاد نساء اليمن في عدن ، والثالثة أقامتها المنظمة العربية لحقوق الإنسان في صنعاء . وقد هدفت ورشتا عدن ، اللتان عقدتا في عدن قبل أسابيع من الانتخابات ، إلى التوعية بأهمية المشاركة السياسية للمرأة اليمنية من عدة جوانب ، وتم فيهما استعراض الأسس القانونية لمشاركة المرأة في الدستور والقوانين اليمنية إضافة إلى استعراض بعض التجارب الانتخابية لعدد من النساء . وأما ورشة صنعاء التي انتظمت خلال الفترة من 26-28 يناير 2003 ، فقد خصصت لبحث العوائق القانونية والموضوعية التي تقف أمام المرشحات النساء في الانتخابات البرلمانية . وإزاء ذلك ، خرجت الحلقة النقاشية التي جرت في ورشة العمل تلك بتوصيات للحكومة والأحزاب والجمهور تهدف إلى إيضاح الوسائل الكفيلة بدعم المرشحات النساء .
ولكن تلك البرامج والفعاليات والمشاريع والتوصيات التي تمخضت عنها واجهتها عثرات كثيرة نتيجة تناقص عدد المرشحات ، بسبب تراجع الأحزاب الكبيرة عن وعودها بإنزال عدد أكبر من المرشحات ، وعدول بعض النساء ، اللاتي كن قد أبدين رغبة في الترشيح ، عن مواصلة العملية الانتخابية ، لأسباب سيتم شرحها لأحقا (6) .
3- ترافق مع تلك الفعاليات صدور مقترحات محددة لدعم ترشيح ووصول النساء إلى البرلمان ، وكان من أهم تلك المقترحات : تخصيص دوائر مغلقة يكون التنافس فيها محصورا على المرشحات النساء فقط . وتم اقتراح ان يكون عدد تلك الدوائر عشرين دائرة . وقد قام المؤتمر الشعبي العام ، الذي أعلن أنه تبنى المقترح ، بتأهيل 20 من عضواته ليكن مرشحاته في حال تم إقرار المقترح ووافقت عليه الأحزاب الأخرى (7) . لكن ومع اقتراب مرحلة الترشيح لم يتم إقرار ذلك المقترح الذي بدأ غير عملي بسبب عدد من الصعوبات التشريعية والسياسية والفنية التي واجهته . وحقيقي فإن مقترح كهذا ، يثير الكثير من المشكلات التي كان من الصعب ، إن لم يكن من المستحيل ، تخطيها ، لعدة أسباب نلخص أهمها في النقاط التالية :
- هناك صعوبات قانونية ودستورية تحول دون تخصيص دوائر لشريحة معينة من المجتمع ، كالنساء ، فبموجب الدستور ، فإن الجمهورية تقسم إلى 301 دائرة انتخابية . وهذا يعني صعوبة إضافة دوائر جديدة دون إجراء تعديل دستوري ، وهو أمر كان من المستحيل حدوثه في الفترة التي طرح فيها ذلك المقترح . أما في حال تخصيص جزء من الدوائر الحالية للنساء ، فلم يكن من الممكن وفق ، الدستور والقانون ، حصر ترشيح النساء في هذه الدوائر ، لأن في ذلك مخالفة صريحة لمبدأ المساواة في المواطنة الذي يضمنه الدستور . وحتى لو تم ذلك الأمر باتفاق بين الأحزاب ، فأنه لا يمكن منع أي رجل من الترشيح في هذه الدوائر ، إن كان يريد ترشيح نفسه بصفة مستقل . فمثل هذا المنع يمكن الطعن بعدم دستوريته أمام المحكمة الدستورية لمخالفته الصريحة للمبادئ الأساسية للدستور .
- ضمن الأحزاب الرئيسية الثلاثة – ( المؤتمر ) ، ( الإصلاح ) ، ( الاشتراكي ) – لا يزال حزب الإصلاح غير متفق على ترشيح النساء في البرلمان ، فهذه القضية لم يتم حسمها بعد داخل الهيئات القيادية للحزب حسبما يصرح بعض قادة التنظيم ( وهو ما سنسـتعرضه لأحقا ) . وبالتالي فأنه لم يكن بالإمكان الاتفاق بين هذه الأحزاب على مقترح " الدوائر المغلقة " بسبب ان أحدها يعارض من حيث المبدأ ترشيح النساء للمجلس النيابي .
- إذا افترضنا ان الأحزاب كانت متفقة في الموافقة على ترشيح النساء للبرلمان ، فان ذلك لا يمنع الاحتمال الراجح بظهور صعوبات سياسية بين القوى المختلفة حول المعايير الموضوعية في اختيار الدوائر المغلقة . اذ يتوقع أن يرفض أي حزب تخصيص دائرة معينة إذا شعر بأن ذلك التخصيص ليس في صالحة ، كأن يكون له مرشح من أعضائه الرجال مضمون فوزه في الدائرة التي سيتم إغلاقها للنساء ، أو أن يشعر حزب ما بأن الحزب المنافس يريد إغلاق دائرة معينة لأن له فيها مرشحة قوية يستطيع أن يهزم بها مرشحات الأحزاب الأخرى . ان مثل هذا التعقيد وغيره ، يجعل من الصعب امكانية التوصل لاتفاق مثالي بين القوى السياسية المتصارعة لصالح فكرة إيصال النساء إلى البرلمان ، خاصة وان مثل ذلك الاتفاق يخالف منطق وقوانين الصراع السياسي الأزلية ، والتي يجب أن لا تغيب عن أحد حين التقدم باقتراحات ولو حملت تلك الاقتراحات الكثير من النوايا الحسنة .
ويضاف إلى ذلك ، تعقيد من نوع آخر يتمثل في صعوبة أن يتقبل من يطمح في الترشيح من الرجال الحزبيون قرارات قياداتهم بحرمانهم من حق الترشيح لصالح النساء في مواطنهم الانتخابية .
كما ان تبني ذلك المقترح كان لابد أن يبدو ، في نظر البعض من المعارضين ، وكأنه عملية لزرع النساء داخل البرلمان بصورة اصطناعية وقسرية ومفروضة فرضا على إرادة الناخبين . وتشكل إخلالاً واضحاً بمبدأ تكافؤ الفرص بين الذكور والنساء اذ أن إجراء من هذا النوع ، سيكون ، في نظر المعارضين له ، شكل من أشكال المحاباة لشريحة النساء على حساب شريحة الرجال.
مما سبق نستطيع القول أن مقترح تخصيص دوائر مغلقة للمرشحات النساء كان مقترحاً غير واقعي ويستحيل تنفيذه . وقد أعتبر البعض ذلك المقترح نوعاً من المزايدة السياسية تمارسها الأطراف المتبنية له لأغراض انتخابية ودعائية . وبالتالي فإنه ولد ميتا ولم تعره القوى السياسية اهتماماً يذكر ولم تناقشه بشكل جدي .
خلاصة الأمر نقول ان ذلك الكم الكبير من الندوات وورش العمل التي تخللها النقاش والجدل والمقترحات حول ضرورة زيادة عدد النساء في البرلمان ، { وإن ساهم في إبراز المشكلة وجعلها قضية جديرة بالنقاش إلا أنها لم تساهم بشكل فعلي في زيادة عدد المرشحات ، الذي كان أقل بكثير مما كان متوقعا} ، ويقل كثيرا عن عدد المرشحات في الدورات الانتخابية السابقة ، رغم ان هذه الأخيرة لم تشهد مثل ذلك الكم من الفعاليات والنقاشات حول هذه الأمـر .
مرحلة الترشيح :
قبل مرحلة الترشيح في انتخابات 2003م كان هناك عدد كبير من النساء اللاتي كن بصدد ترشيح أنفسهن في الانتخابات ، غير أن كثيرات من أولئك عدلن عن ذلك ، و لم تقبل ترشيحاتهن لأسباب مختلفة ، وأقتصر العدد النهائي للمرشحات على 11 مرشحة فقط تم قبول ترشيحهن رسميا من قبل اللجنة العلياء للانتخابات (8) . وكان هذا العدد هو الأقل مقارنة بعدد المرشحات في الدورات الانتخابية السابقة . ويبين الجدول رقم (4) حجم المرشحات من النساء في انتخابات 2003 مقارنة بعدد المرشحات في الانتخابات السابقة ، وبقراءة للأرقام الواردة في الجدول يمكننا الخروج بالحقائق التالية :
1- يتناقص عدد المرشحات في كل دورة انتخابية قياسا بالدورة التي تسبقها ، ففي حين كان عدد المرشحات لانتخابات 1993 ( 42 ) مرشحة ، فإن هذا العدد أصبح ( 19 ) مرشحة فقط في انتخابات 1997 ، أي أن العدد نقص بـ 22 مرشحة . وعلى نفس المنوال ، انخفض عدد المرشحات لانتخابات 2003 عما كان عليه في انتخابات 1997 من 19 مرشحة إلى 11 مرشحة فقط .
2- ترافق تناقص عدد المرشحات النساء مع تناقص في العدد الإجمالي للمرشحين خلال الدورات الانتخابية السابقة ، ففي حين كان إجمالي عدد المرشحين عام 1993م ( 3166 ) فإن العدد أصبح عام 2003م ( 1396 ) أي أنه تقلص إلى أكثر من النصف . وكان نصيب المرشحات النساء من التقلص أكبر من الرجال ، ففي حين كانت نسبة المرشحات النساء عام 1997 1.4% فإنها أصبحت 0,8% عام 2003 .
ويمكن إرجاع تقلص أعداد المرشحات للأسباب التالية :
أ-زيادة حدة التنافس السياسي في انتخابات عام 2003م نتيجة حالة الاستقطاب السياسي التي شهدتها الساحة السياسية في اليمن قبل الانتخابات (9) حسبما اشرنا سابقاً . وقد أثرت حالة الاستقطاب على المرشحات النساء ، حيث أحجمت الأحزاب الرئيسية ، وبالذات ، الحزب الحاكم ، عن إنزال مرشحات نساء خشية من خسارة الدوائر التي ستترشح بها نساء ، في ظل هذا التنافس الحاد . وقد أدى هذا الوضع إلى تناقص عدد المرشحات بشكل عام والمرشحات الحزبيات بشكل خاص .
ب- وضع قانون الانتخابات الجديد قيودا على المرشحين المستقلين ، حيث تنص المادة ( 58) من ذلك القانون ، على ضرورة أن يحصل المرشح المستقل على تزكية ما لا يقل عن 300 ناخب من الدائرة التي سيترشح فيها بشرط أن يمثلوا نصف المراكز الانتخابية في الدائرة . واشترطت اللجان الانتخابية الأصلية على المرشح المستقل أن تتم التزكية أمام قاضي المحكمة الابتدائية وبحضور المزكيين ، وهو أجراء صعب على الكثيرين تنفيذه ، مما أدى الى تقليل أعداد المرشحين المستقلين ، بشكل عام والنساء منهم بشكل خاص .
ج- بعد دورتين انتخابيتين لم تحقق فيهما المرشحات النساء نتيجة تذكر، وبالذات المرشحات المستقلات واللاتي لم تفز أي واحدة منهن في الانتخابات السابقة ، أصبح الإدراك واضحا لدى النساء بصعوبة الفوز ، أو استحالته ، ما لم يكن مدعومات من قبل الأحزاب الكبيرة .
وفي هذا الخصوص فان خوض الانتخابات من قبل بعض النساء اللاتي يحظين بحضور بارز في النشاط العام ويحملن مؤهلات علمية عالية ، كان يحمل الكثير من المخاطر على مكانتهن الاجتماعية في حالة هزيمتهن أمام مرشحين أقل منهن تعليما ومكانة وبفارق ضخم . وهو أمر تم التيقن منه بالتجربة العملية في الدورات الانتخابية السابقة من قبل بعض الشخصيات النسائية المعروفة (أنظر الجدول رقم 6 ) .
لقد كانت النتائج الضعيفة التي حققتها مثل هؤلاء النسوة سبباً في جعل الكثيرات يحجمن عن خوض الانتخابات في الدورة الأخيرة ( 2003م ) ، وكان الاستثناء من ذلك ما قامت به المرشحة رضية شمشير أحدى أبرز قيادات العمل النسائي ، التي خاضت الانتخابات الأخيرة كمرشحة مستقلة وخسرت بفارق كبير ( وهو ما سنتحدث عنه لاحقا بتفصيل أكثر ) ومن المتوقع أن ترسخ هزيمة شمشير ذلك الميل لدى الشخصيات النسائية لعدم خوض الانتخابات البرلمانية مستقبلا بصفة مستقلة .
د- منع حزب ( المؤتمر ) الحاكم ، بشكل قاطع ، أي عضو من أعضائه من الترشح بصورة مستقلة ، كما كان يحدث في الانتخابات السابقة ، وقرر معاقبة كل من يخالف ذلك بفصله من الحزب . وقد أدى هذا الأمر إلى امتناع بعض النساء المنضويات في الحزب الحاكم من ترشيح أنفسهن بصفة مستقلة . وحقيقة الأمر فان هذا المنع لم يقتصر على الحزب الحاكم ، فكل الأحزاب تقريبا إتبعت نفس الإجراء .
جدول رقم (4)*
اعدد المرشحات في الأعوام 1993م– 1997م- 2003م
اتجاه عدد المرشحات
% المرشحات النساء للرجال
إجمالي
نســـاء
انتخابات
1.3%
3166
42
1993
-22
1.4%
1311
19
1997
-8
8.%
1396
11
2003
*اللجنة العليا للانتخابات
طبيعة المرشحات :
من بين الأحد عشر مرشحة كان هناك 6 مرشحات حزبيات ، ثلاث منهن ، ينتمين للحزب الاشتراكي ومرشحة واحدة لكل من المؤتمر الشعبي العام ، والتنظيم الوحدوي الناصري ، والجبهة الوطنية . خمس من المرشحات ترشحن في مدينة عدن ، بينما استحوذت المناطق الريفية ، أو المدن الصغيرة ، على بقية المرشحات . وكان اللافت للنظر خلو المدن الرئيسية كصنعاء وتعز والحديدة من أي مرشحة في هذه الدورة .
وعلى صعيد المؤهلات العلمية للمرشحات ، فقد كانت معظم المرشحات حاصلات على شهادات جامعية ، غير أن أغلبهن لم يكن من الشخصيات النسائية المعروفة على المستوى الوطني .
مشاكل المرشحات :
في بيئة سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية كاليمن تواجه المرشحات مشكلات كثيرة بعضها تشترك في مواجهته مع المرشحين الرجال وبعضها الأخر تختص بهن كنساء ، ومن أهم هذه المشكلات الخاصة بالمرشحات نذكر التالي :
1-وجود معارضة كلية أو جزئية من الأهل والأقارب تعترض طريق بعض المرشحات ، فبينما يحظى المرشحون الرجال بدعم عائلي واسع على اعتبار أن المرشح يمثل العائلة أو القبيلة أو المنطقة ، ويجب أن يُـدعم من قبل من يمثلهم ، نجد أن المرشحات النساء يلقين مواقف عكسية من الفئات التي ينتمين لها. فهن لا يحصلن على هذا الدعم من قبل الأقارب ، بكل درجات القرابة ، بل يواجهن مشاكل كثيرة من قبل الأقارب أكبر بكثير مما يواجهنه من غير الأقارب . ولأسباب اجتماعية وثقافية تجد بعض المرشحات رفضاً من حيث المبدأ من قبل الأقارب الذين يعتبرون ترشيح إحدى قريباتهم مصدراً لجلب ألخزي والعار لهم . وقد يصل هذا الرفض في بعض الأحيان الى درجة تعرض المرشحات لعقوبات مادية ومعنوية من قبل الأقارب كالمقاطعة والرفض والتبروء منهن (10). هذا الأمر يجعل الكثيرات يحجمن عن خوض الانتخابات أو حتى مجرد التفكير بالترشيح .
2-تجد المرأة المرشحة صعوبة كبيرة في الالتقاء بالناخبين الرجال في أهم أماكن تجمعهم بسبب العادات والتقاليد التي تمنعها من ذلك ، فهي مثلاً لا تستطيع ارتياد مقايل القات الرجالية أو المساجد والأندية الرياضية و بعض الأماكن العامة كالأسواق في كثير من المناطق القبلية ، حيث لا تسمح العادات والتقاليد للنساء بولوجها ، وفي أحسن الأحوال فهي غير مرحب بها هناك . وغياب المرشحة عن هذه الأماكن يحرمها من التعريف بنفسها لدى شريحة الرجال التي تمثل أغلبية الناخبين (11) ولها القدرة على التأثير على الشريحة الأخرى وهن الناخبات النساء اللاتي يتبعن في الغالب أراء الذكور في عائلاتهن .
3-تشكو الكثير من المرشحات من عمليات التشويه التي تتعرض لها صورهن خلال الحملة الانتخابية ، من خلال وضع تعليقات ساخرة تطال أمور حساسة بالنسبة للمرأة ، كتغيير ملامح الصور بإضافة شارب أو لحية على وجه المرشحة في دلالة واضحة على رفض فكرة ترشيح امرأة في الانتخابات ، واعتبار ذلك تعدي على منطقة خاصة بالرجال . وقد يتم ذلك التشويه من قبل المنافسين في الانتخابات أو المعارضين لفكرة ترشيح النساء ، أو من قبل البعض الذي يعارض مجرد تعليق صورة النساء في الأماكن العامة لأسباب اجتماعية أو دينية ، حسب ما يعتقدون .
4-واجهت بعض المرشحات صعوبة في تجنيد رجال لحملتهن الانتخابية بسبب نظرة المجتمع لمن يقوم بالعمل لصالح مرشحة .
5- بما أن الحملة الانتخابية تعتمد على الانتقاص من قدرة الخصم ، بما في ذلك تشويه سمعته ، فإن دخول النساء إلى هذه الساحة يعرضهن أكثر من الآخرين لهذا الأمر. حيث يتم ترويج الإشاعات حول سلوك المرشحة الشخصي وبالذات ما يتعلق منها بالمسائل لأخلاقية ، وهو أمر غاية الحساسية في مجتمع ذكوري كالمجتمع اليمني . وقد شكت بعض المرشحات ، ومن كن يرغبن في الترشيح ، من قيام خصومهن بترديد إشاعات تمس شرفهن (12) .
وبسبب الخشية من كل ذلك فإن النساء يفكرن أكثر من مرة قبل الدخول في الانتخابات ، وهو أمر لا يعاني منه المرشح الرجل .
النساء وإدارة العملية الانتخابية :
بموجب قانون الانتخابات فإن الهيئة المشرفة على إدارة العملية الانتخابية هي اللجنة العلياء للانتخابات والاستفتاء . ويتفرع عن هذه اللجنة عدة هيئات ولجان ، فهناك اللجنة الإشرافية التي تتشكل على مستوى المحافظة ويتفرع عنها لجان أصلية تتشكل على مستوى الدائرة . وهناك اللجان الفرعية التي تتشكل على مستوى المركز الانتخابي للدائرة . وقد غابت المرأة ، أو بالأصح غـُيبت ، من التواجد في المستويات الثلاثة العلياء – اللجنة العليا واللجان الإشرافية والأصلية – حيث لم يكن هناك أية امرأة في هذه اللجان . واقتصر الأمر على تواجد محدود في بعض اللجان الفرعية . وهذا يعني أن دور النساء في إدارة العملية الانتخابية اقتصر على مراكز التسجيل والتصويت الخاصة بالنساء فقط والتي يلزم قانون الانتخابات بتشكيل لجان نسائية خاصة بها .
ان هذا الاستبعاد للنساء من إدارة العملية الانتخابية يشير إلى ضعف الحماس من قبل الأحزاب السياسية ، التي تتولى بشكل رئيسي عملية ترشيح الأشخاص الذين يشكلون اللجان الانتخابية وفق قانون الانتخابات ، حيث كان بإمكان هذه الأحزاب أن ترشح نساء لتلك المناصب وهو ما لم تقم به .
السلوك السياسي للناخبات النساء :
بما أن الثقافة السائدة في المجتمع اليمني لا زالت ثقافة ذكورية ، فإن السلوك السياسي المتوقع للنساء سيكون انعكاسا لهذه الثقافة ، حيث يتم إملاء المواقف السياسية على النساء من قبل أقاربهن الذكور .
وتبعا لذلك فإن السلوك السياسي للمرأة لا زال سلوكا تابعا للرجل في معظمة مع وجود إستثناءات هنا وهناك لا تغير من القاعدة العامة شيئا يذكر ، فالمرأة التي لا زال عليها أن تكون تابعة للرجل ( أب ، أخ ، زوج أو حتى أبن عم ، داخل المنزل ) والذي يمتلك الحق والقدرة على اتخاذ جميع القرارات دون استشارتها حتى في أهم شئون حياتها ، كاختيار الزوج مثلا ، من الطبيعي ، وهي بهذه التبعية المطلقة للرجل ،أن تستبعد من ابدأ الرأي في الشئون العامة .
وعلى الرغم من ذلك فإن الصورة ليست على هذا النحو بشكل مطلق . إذ أن تأثيرات الحداثة ، التي شهدتها اليمن خلال الخمسين عاما الماضية ، أثرت وبلا شك في البنى الثقافية والاجتماعية لليمن ، على الأقل في بعض المناطق وبين بعض الشرائح الاجتماعية . وهو تأثير أحدث تغيراً في بعض الأدوار الاجتماعية للمرأة أهمها خروجها للعمل ، وزيادة نسبة التعليم في صفوف النساء . وهي أمور من شأنها أن تؤدي إلى مزيد من الاستقلالية للنساء ، وبالتالي توفير فرص أكبر لها للمشاركة في اتخاذ القرارات داخل المنزل ، وهوالموقع الأول الذي تبدأ فيه النساء تحقيق استقلاليتهن ، وينعكس بشكل تلقائي على مواقفهن السياسية خارج المنزل .
ومع ذلك فإن أغلبية السكان ، وبالذات في الأرياف ، لازالت البنى الثقافية والاجتماعية التقليدية هي السائدة في حياتهم ، خاصة وأن المشاريع " الحداثية " ، التي كانت قد بدأت في الستينات والسبعينات في اليمن والمنطقة عموما ، تم إبطاء حركتها أو التخلي عنها تماما بعد تنامي الثقافة الذكورية التي عززتها الأنظمة الاستبدادية – رمز السلطة الأبوية – والحركات الاصولية . وكان لابد أن يؤدي ذلك الى تناقص التأثير المديني المنفتح لصالح القوى المحافظة الريفية التي غزت المدن وطبعتها بطابعها الثقافي .
ويمكن ملاحظة ذلك من خلال الأداء النسائي في الحياة السياسية في اليمن خلال الثلاثة عشر عاما الماضية ، حيث تشير الصورة إلى تناقص هذا الأداء على مستوى الممارسة السياسية في الانتخابات الأمر الذي انعكس في تقلص أعداد النساء المرشحات والفائزات .
إن رصد سلوك النساء اليمنيات الانتخابي ومتابعته تظهر لنا أن معظم النساء ، خاصة في الأرياف ، يتصرفن بشكل تابع لخيارات رجالهن السياسية ، حيث يتم غالباً تحديد موقف المرأة السياسي داخل المنزل وما علي هذه المرأة إلا أن تقوم بما تؤمر به سواء كان ذلك خلال فترة التسجيل أو في يوم الاقتراع .
وتؤكد الكثير من المشاهد على تبعية المرأة للرجل ، ولعل ابرز هذه المشاهد الطريقة التي يتم بها تجميع النساء لمشاركتهن الانتخابية ، حين يتم توفير وسائل النقل من قبل الأحزاب أو المرشحين الذين يقومون بتجميع النسوة من المساكن والذهاب بهن إلى مراكز الاقتراع . ان هذه الآلية تشير الى ان خروج النساء للاقتراع لا يتم بإرادة حرة ، فلولا توفير وسائل النقل للنساء وحثهن من قبل الرجال لما جاءت مشاركتهن الانتخابية ، تسجيلا وانتخابا ، بالشكل الذي تمت به .
ومن المشاهد الدالة أيضاً على عدم استقلالية النساء ما تم رصده من عمليات تصويت تمت بشكل علني في بعض المراكز الريفية بين النساء بحجة أنهن لم يكن قادرات لوحدهن على وضع إشارة على الرمز الانتخابي . الامر الذي مثل خرقاً واضحاً لسرية الانتخاب ، وكشف عن وسيلة للمرشحين للتأكد من أن النساء يصوتن كما يريدون ، خاصة ان هذا الخرق حدث بين النساء أكثر مما حدث بين الرجال .
يضاف إلى ذلك ما قيل عن عمليات شراء للأصوات شملت النساء بدرجه أساسية وبـ " أسعار " أقل بكثير من " أسعار " الرجال ، حيث تدنى " سعر " الصوت النسائي إلى أقل من مائة ريال بينما تم شراء اصوات الرجال في نفس المناطق بأكثر من ( 500 ) ريال (13).
وباختصار نقول إن الكثير من النساء اليمنيات ، بما فيهن جزء من النساء المتعلمات ، لازلن يعتقدن ان الممارسة السياسية شأن ذكوري (14) ، وهن بالتالي ينظرن الى دخولهن هذا الميدان باعتباره مخالفة للدور الذي يتوجب عليهن القيام به حسب التنشئة التي تم انشاؤهن عليها من قبل المجتمع ، وعليه فان السلوك السياسي للنساء في اليمن يبقى منسجما مع الثقافة السائدة التي نشأن فيها ، وهو سلوك يصعب توقع غيره في ظل هذه الثقافة .
تغطية وسائل الأعلام لقضية مشاركة النساء في الانتخابات :
تعاملت وسائل الإعلام مع قضية المشاركة السياسية للنساء في الانتخابات الأخيرة بثلاث مستويات : المستوى الأول اشتمل على الشق التوعوي الهادف إلى التعريف بالعملية الانتخابية ، خلال مراحلها المختلفة ، وحث النساء على المشاركة في تلك المراحل . وقد أشتمل ذلك الشق على تعريف النساء بالحقوق والواجبات التي يتمتعن بها وإيضاح السبل السليمة في استغلالها . وتم استخدام جميع وسائل الإعلام والدعاية من صحف وإذاعة وتلفزيون وملصقات وغيرها من أجل الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من المجتمع . وساهمت تلك العملية ، التي قامت بها اللجنة العليا للانتخابات وبمساعدة من قبل المانحين الأجانب ، في زيادة الوعي الانتخابي لدى الجمهور بما في ذلك شريحة النساء .
المستوى الثاني تعلق بقضية حجم وطبيعة مشاركة النساء في الانتخابات ، وتم التعبير عن الاهتمام بهذا القضية في الصحف والتلفزيون بشكل رئيسي . وفي هذا الجانب ، كانت التغطية الاعلامية تتم عبر المقالات والتحقيقات الصحفية التي تمحورت ، بشكل أساسي ، حول أسباب ضعف أعداد النساء المرشحات . وكان الجزء الأكبر من الاهتمام بهذه القضية وطرقها إعلامياً قد تم من قبل الأطراف المؤيدة لزيادة مشاركة النساء . وكان معظمهم من النساء الكاتبات في الصفحات المخصصة للمجتمع أو في الصـحف الخاصة بالمرأة .وبحسب معظم تلك المقالات ، فإن اللوم في قضية قلة عدد المرشحات كان يوجه ، بشكل أساسي ، إلى ضعف الحماس لدى النخب السياسية في الحكم والمعارضة لزيادة حجم المشاركة النسوية الأمر الذي تم اعتباره المسئول الأول عن ذلك الضعف . وتم اتهام الأحزاب الرئيسية الكبرى بعدم الجدية والحماس للمشاركة النسائية الفاعله في الحياة السياسية .
والملاحظ أن تغطية وسائل الإعلام اقتصرت على التعبير عن آراء المؤيدين لزيادة إشراك النساء ، وخلت تماما من جانب المعارضين لهذا الأمر ، فلم تظهر أية مقالات أو تحقيقات تبرز وجهة النظر المعارضة . ويمكن إرجاع سبب ذلك إلى خشية الأطراف السياسية المعارضة من أن يؤثر موقفهم العلني من هذه القضية إلى خسارتهم لبعض من أصوات النساء في الانتخابات . وفي هذا الشأن لوحظ أن وسائل الإعلام التابعة لحزب الإصلاح التزمت ما يشبه الصمت المطلق حيال هذه القضية . فلم تطرحها ولا حتى لمجرد النقاش لإدراكها لمخاطر وحساسية هذا الأمر في التأثير على أصوات النساء في الانتخابات ، وهي أصوات يراهن عليها الحزب كثيرا .
أما المستوى الثالث من التغطية الإعلامية لقضية المشاركة النسوية ، فقد تعلق بالتوظيف الانتخابي لقضايا النساء ، وكان حزب (المؤتمر) اكثر من وظف هذه القضية دعائيا لصالحة عبر وسائله الإعلامية ، اذ حاول الحزب إيصال رسالة للناخبين ، وتحديدا للنساء ، مفادها : أن حزب ( الإصلاح ) معاد لقضايا النساء وأنه لو فاز أو تحسن موقعه السياسي فإن ذلك سيودي إلى تدهور وضعهن داخل المجتمع .
وقد صورت صحيفة ( الميثاق ) الناطق باسم الحزب الحاكم ، عبر المقالات والكاركاتير ، حزب ( الإصلاح ) بأنه حزب معادي للنساء وشبهته , عدة مرات ، بحركة طالبان الأفغانية . وتمحور خطابها حول ، ما رأت الصحيفة انه استغلال لأصوات النساء من قبل ( الإصلاح ) والعمل في نفس الوقت على اتخاذ مواقف معادية لقضاياهن وحقوقهن . ومن أمثلة ما نشرته ( الميثاق ) في هذا الصدد كاركاتير نشر في يوم الاقتراع تظهر فيه صورة لرجل ملتحي بملامح غاضبة يسحب امرأة مغطية بالسواد ويقول " اليوم صوتش مش عورة" (15) في تعبير واضح عن الطريقة التي كان حزب المؤتمر يحاول أن يظهرها عن موقف حزب الإصلاح من النساء .
وقد كانت الرسالة التي أراد الحزب الحاكم إيصالها لجمهور الناخبين ، عموما وللنساء خصوصا ، تتلخص في إبراز الشق المعادي لمصالح النساء في سياسة وتفكير حزب ( الإصلاح ). كالحديث عن أن هذا الحزب لو فاز فإنه سيحرم النساء من حقهن في العمل والتعليم وسيعيدهن إلى المنازل .
وبالطبع فإن تلك الرسالة لا تخلوا من مبالغة اقتضتها ظـروف الحمـلة الانتخابية ، خاصـة وأن حـزب ( الإصلاح ) لم يبدر منه ، رسميا على الأقل ، ما يشير إلى ذلك الطرح الذي كان يُـتهم بأنه يتبناه .
في المقابل كانت صحف المعارضة تتهم المؤتمر بخذلانه للنساء في الانتخابات كونه لم يرشح سوى امرأة واحدة فقط من بين 297 مرشحا باسمه ، وأنه بذلك الإجراء كان غير صادق مع ما ردده من أقوال مؤيدة لقضايا النساء .
وعموما فإن هذه القضية لم تكن بقضية أساسية في الانتخابات ولا يبدوا أنها قد ساهمت بشكل مباشر في نتائجها .
المهم ذكره في هذا المجال هو أن قضية مشاركة النساء في الحياة السياسية في اليمن لم تعد قضية تثير جدل حقيقي داخل المجتمع مما يعني بأن هذا الموضوع قد حـُسم لصالح مشاركة النساء في الحياة السياسية ، من حيث المبدأ على الأقل . وهو أمر لا زال محل جدل كبير في بعض دول المنطقة المجاورة لليمن(16) .
وهذا لا يعني أن موضوع المشاركة السياسية للنساء لم يعد يثير معارضة من قبل بعض الجماعات بشكل مطلق خاصة في بعض التفاصيل التي سنتطرق لها لاحقاً . والأمر المحتمل هو أن تلك الجماعات قد فضلت أن لا تثير هذه القضية خلال الانتخابات لأسباب تتعلق بالعملية الانتخابية ، خاصة وأن الوجود الفعلي للنساء ، كمرشحات ، كان ضئيلا ولا يستحق المواجهة من قبل المعارضين له الذين كانوا سيغامرون بخسارة انتخابية إذا اظهروا مواقفهم الحقيقية تجاه النساء بشكل علني .
قضايا النساء في البرامج الانتخابية للأحزاب :
بمراجعة البرامج الانتخابية للأحزاب السياسية الكبيرة يلاحظ ان تلك البرامج لم تولي قضية المرأة أهمية تذكر ، فبرامج حزب المؤتمر الشعبي وحزب الإصلاح والحزب الاشتراكي لم تتطرق لقضايا المرأة إلا بجمل صغيرة ضمن سياق القضايا الاجتماعية المتصلة أساسا بالصحة والتعليم ، مع بعض الإشارات لضرورة تمكين المرأة من المشاركة السياسية الفاعلة ، كما ورد في برنامجي ( المؤتمر ) و ( الاشتراكي ) ، مع عدم ذكر وسائل تحقيق ذلك . وكان الملفت للنظر ما طرحة حزب البعث العربي الاشتراكي القومي في برنامجه الانتخابي من تخصيص نسبة 30% على الأقل من مقاعد البرلمان كحصة ثابتة للنساء (17) .
النتائج التي حصلت عليها المرشحات في الانتخابات
من بين ( 1396 ) مرشحا كانت هناك ( 11 ) مرشحة فقط وهو ما يعادل أقل من 1% فقط من عدد المرشحين . ومن بين ذلك العدد اليسير من المرشحات فازت واحدة فقط بعضوية مجلس النواب البالغ عددها 301 عضوا ، أي أن نسبة وجودها في البرلمان المنتخب لا تتعدى 0.3% وهو وجود لا يكاد يذكر .
وبمراجعة أشمل لأداء جميع المرشحات يمكننا الحصول على صورة أوضح لذلك الأداء من خلال قراءة الجدول رقم (5) على النحو التالي .
1- حصلت الفائزة الوحيدة لعضوية مجلس النواب الدكتورة اوراس سلطان ناجي على 5.122 صوتاً وبفارق 230 صوتا عن أقرب المنافسين لها ، وكانت نسبة الأصوات التي فازت بموجبها لا تتعدى 27% من إجمالي عدد الأصوات الصحيحة .
2- ثلاث من المرشحات حصلن على الترتيب الثاني وبنسب متفاوتة ، فبينما حصلت المرشحة طلحة الأحمدي – مرشحة الاشتراكي - على 32% من إجمالي الأصوات الصحيحة نجد أن مرشحة الاشتراكي الأخرى خوله شرف لم تتعدى نسبة ما حصلت عليه من الأصوات 20% ، وحصلت المرشحة المستقلة محفوظة السعاف على المرتبة الثانية بإجمالي 10.224 صوتا وبنسبة 25% من إجمالي الأصوات الصحيحة . وتعد تلك النتيجة الأخيرة مثار إعجاب للكثيرين ، نظرا للظروف التي ترشحت فيها ، إذ أنها خاضت الانتخابات كمرشحة مستقلة ، أي أنها اعتمدت على جهودها الذاتية وليس على دعم حزبي كما هو حال المرشحات الأخريات اللواتي أتين في نفس مرتبتها ، كما ان طبيعة المنطقة التي ترشحت فيها وهي منطقة ريفية محافظة ، وانتزاعها لهذا النسبة من الأصوات في ظل هذه الظروف يعد مكسبا مهما يحسب لصالحها .
3- كان أداء ست من المرشحات ، وهن الغالبية ، ضعيفا إذ أن ما حصلن عليه من الأصوات لم يتعدى نسبة 6% لأفضلهن . ويعطي هذا الأداء الضعيف لأغلبية المرشحات انطباعاً بأن مشاركتهن في الانتخابات لم تتعدى الطابع الرمزي.
جدول رقم (5)*
عدد الأصوات التي حصلت عليها المرشحات النساء في انتخابات 2003
الترتيب
%
إجمالي الأصوات
الصحيحة
عدد الأصوات
الانتماء
الـدائرة / المنطقة
أسم المرشحة
1
27
18.828
5.122
مؤتمـر
22- عدن
اوراس سلطان ناجي
5
4
18.828
816
مستقل
22- عدن
رضيــة شمشير
2
32
23.039
7.468
اشتراكي
116- ابين
طلحـة الاحمـدي
2
20
14.956
2.943
اشتراكي
25- عدن
خولــه شـــرف
6
3
15.096
439
وحدوي ناصري
27- عدن
ندى علي مقطري
3
1.6
20.264
316
اشتـراكي
110- اب
فاطمة القحطــاني
-
-
30.102
صفر
مستقل
112- اب
سوريـا الغباشي
6
1
19.188
194
مستقل
199- ذمار
شفيقة الظاهري
2
25
40.535
10.224
مستقل
236-المحويت
محفوظة السعاف
3
0.7
44.112
315
الجبهة الوطنية
260 – حجة
ندى الاهــدل
4
6
15.096
957
مستقل
27 – عدن
سامية بامرحول
*اللجنة العلياء للانتخابات والاستفتاء – القطاع الفني
جدول رقم (6)*
أداء بعض المرشحات خلال الدورات الانتخابية الثلاثة *
عدد الأصوات
الانتماء
الدائرة / المنطقة
السنة
أسم المرشحة
251
مستقل
2 / الأمانة
93
رؤوفة حسن
2363
اشتراكي
11 / الأمانة
93
رضية شمشير
816
مستقل
22 / عدن
2003
رضية شمشير
220
البعث
13 / الأمانة
93
بلقيس الحضراني
10
مستقل
15 / الأمانة
93
نجيبة حداد
292
مستقل
11 / الأمانة
93
فوزية نعمــان
6467 ( فائزة )
اشتراكي
24 / عدن
93
خوله شرف
2943
اشتراكي
25 / عدن
2003
خوله شرف
87
مستقل
25 / عدن
93
فائقة السيد
54
مستقل
85 / اب
97
أنيسة الحروي
1200
مؤتمر
238 / البيضاء
93
سامية الأحمدي
2286
اشتراكي
168 / الحديدة
93
طيبة بركات
1166
مستقل
148/ حضرموت
97
منى باشراحيل
6057 ( فائزة )
اشتراكي
148/ حضرموت
93
منى باشراحيل
207
بعث
13 / الأمانة
97
بلقيس الحضراني
276
بعث
8 / الأمانة
97
فتحية الهيثمي
29
بعث
13 / الأمانة
97
فاطمة العشبي
99
مستقل
103 / اب
97
حليمة فرحان
252
مستقل
218 / ذمار
97
سميرة عبد الخالق
*تم تجميع الجدول من مصادر متعددة قام بها الباحث أهمها اللجنة العليا للانتخابات والمنظمة العربية لحقوق الإنسان
سلوك الأحزاب الكبيرة ومواقفها من المشاركة السياسية للنساء
يوصف الصراع السياسي بأنه عملية تتم بين قوى منظمة ، والأحزاب السياسية في الأنظمة الديمقراطية هي وحدات الصراع السياسي الأساسية ، فلا يمكن تخيل قيام نظام ديمقراطي حقيقي دون وجود أحزاب سياسية فاعلة . ونتيجة لذلك فإن العمل السياسي من داخل الأحزاب يعد أمرا حاسما لكل من يريد أن يشارك في العملية السياسية ، فالعمل الفردي ، ومهما كان شكله ، يفتقد الفاعلية ونتائجه غير مضمونة وليس لها أهمية تذكر . وعلى ضوء ذلك فإن موقف وسلوك الأحزاب السياسية من المشاركة السياسية للنساء ، وبالتحديد من عملية ترشيحهن للمناصب المختلفة ، يعد أمرا حاسما في هذا الشأن ، وبالذات مواقف الأحزاب الكبيرة . إذ أن الحزب السياسي الكبير وما يمتلكه من وسائل تأثير ، على الناخبين خصوصا ، والمجتمع السياسي عموما ، بإمكانه أن يؤثر سلبا أو إيجابا على الوجود السياسي للنساء في المجتمع .
وقد برهنت التجربة السياسية في اليمن ، حسبما تصورها الدورات الانتخابية السابقة ، على الأهمية الحاسمة التي يلعبها الحزب السياسي في وصول هذا المرشح أو ذاك ، رجلا كان أم امرأة ، إلى البرلمان . إذ نجد أن كثيرا من الأشخاص تغير حجمهم الانتخابي بشكل كبير تبعا للصفة التي ترشحوا بها . فبعض المرشحين لم يحصلوا إلا على أصوات قليلة عندما لم يترشحوا من قبل الأحزاب الكبيرة ، بينما تمكن نفس المرشحين من الفوز وبأعداد كبيرة عندما ترشحوا عن حزب كبير .
ولدينا بعض النماذج لمرشحات نساء تغير حجم الأصوات التي حصلن عليها بشكل كبير بسبب وجود أو غياب الدعم الحزبي . فالمرشحة رضية شمشير ، مثلا ، خاضت التجربة الانتحابية مرتين ، مرة بصفتها الحزبية ومرة أخرى بصفة مستقلة وكانت النتائج مختلفة بشكل كبير . ففي عام 1993 وعندما كان الحزب الاشتراكي لا زال موجودا في السلطة ولديه نفوذ قوي داخل الدولة ، تمكنت رضية شمشير من الحصول على المرتبة الثانية عندما ترشحت عنه في الدائرة (11) بأمانة العاصمة ( جدول رقم 6 ). وهذه الدائرة هي التي يصوت فيها رئيس الجمهورية – رئيس المؤتمر الشعبي العام المنافس – وكانت من الدوائر المحسوبة للمؤتمر في تلك الفترة . وكان حصول شمشير حينها على المرتبة الثانية بمثابة انتصار كبير لها كونها قد ترشحت في دائرة محسوبة لخصومها ولقصر المدة التي أقامت فيها المرشحة في تلك الدائرة التي لم تستوطنها إلا لفترة تقل عن ثلاث سنوات (مايو 1990- أبريل 1993 ) مما يعني ان وجودها في تلك الدائرة كان حديثا إلى حد كبير . وفي نفس العام نجد مرشحة أخرى ترشحت في صنعاء بصفة مستقلة وهي الشخصية النسائية المعروفة الدكتورة رؤوفة حسن الشرقي التي ترشحت في الدائرة التي تسكن فيها وتًعرف فيها كثيرا من قبل جمهور الناخبين . إلا أنها ورغم كل ذلك حققت نتيجة ضئيلة للغاية ولم تحصل إلا على عدد 251 صوتا . ( أنظر الجدول رقم 6 )
في مقابل ذلك ، نجد ان المرشحة رضية شمشير حصلت على نتيجة مغايرة عندما ترشحت بصفة مستقلة عام 2003 في الدائرة رقم 22 بمدينة عدن . حيث لم تحصل الا على المرتبة الخامسة بنسبة أصوات تقارب الـ 4% فقط من عدد الأصوات الصحيحة ( أنظر الجدول رقم 5) رغم أنها ترشحت هذه المرة في دائرة هي معقلها الحقيقي حيث عاشت معظم حياتها وتُعرف بشكل كبير لدى سكان الدائرة بصفتها من النساء اللواتي يعملن في النشاط العام منذ وقت مبكر .
وهناك نموذج مشابه للنموذج السابق يتعلق بالمرشحة منى باشراحيل التي فازت في انتخابات 1993 في الدائرة ( 148 / حضرموت ) عندما ترشحت عن الحزب الاشتراكي حينما كان مشاركا في السلطة ومهيمنا على المحافظات الجنوبية ، وحصلت على أغلبية ساحقة من الأصوات ( أنظر الجدول رقم 6 ) . لكن نفس المرشحة عندما خاضت المنافسة الانتخابية في نفس الدائرة كمرشحة مستقلة في انتخابات 1997 ، التي قاطعها الحزب الاشتراكي ، لم تحصل إلا على ما يقارب ثلث عدد الأصوات التي حصلت عليها في الدورة السابقة .
وتدل تلك النماذج على الدور الحاسم الذي يلعبه الحزب السياسي الكبير في تغيير النتيجة لصالح هذا المرشح أو ذاك ، ذكرا كأن أم أنثى . وعليه ، فإن موقف الأحزاب الكبيرة يعد أمرا حيويا في تحديد حجم وطبيعة المشاركة السياسية للنساء . وهو ما سنفرد له السطور القادمة التي سنشير فيها إلى مواقف وسلوك كل من المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي وحزب الإصلاح من قضية المشاركة السياسية للنساء عموما ، والموقف من انتخابها في مجلس النواب خصوصا :
المؤتمر الشعبي العام :
يعتبر المؤتمر الشعبي العام أكبر الأحزاب السياسية في اليمن ، فهو يسيطر ، بشكل شبه كامل ، على مجمل الحياة السياسية في اليمن منذ إعلان الوحدة وحتى الآن . وتبعا للحجم الذي يتمتع به ، فإن موقفه وسلوكه تجاه قضية المشاركة السياسية للنساء ، يعد أمراُ حاسما ومهما في تحريك هذه القضية، صعودا أو هبوطا ، فسيطرته على مقاليد السلطة تجعله قادرا على المبادرة ، سياسيا وتشريعيا ، لتغيير واقع المشاركة السياسية للنساء .
ويـُصنف ( المؤتمر ) نفسه بأنه حزب الاعتدال والوسطية ، وأنه الحزب الذي يقود اليمن نحو التحديث والتطوير بخطى مدروسة وغير متسرعة . وقد سمح الحزب منذ نشأته بمشاركة نسائية جزئية في بعض هيأته القيادية ، حين أوصل بعض النساء إلى عضوية اللجنة الدائمة – إحدى الهيئات القيادية العليا في الحزب في فترة ما قبل الوحدة - وتزايد عدد النساء المشاركات في هذه الهيئة بعد الوحدة ليصل إلى ما يقارب نسبة ألــ 5% من إجمالي عدد أعضاء اللجنة الدائمة (18) . وتعد هذه النسبة ضئيلة بكل المقاييس ، خاصة وأن ذلك الوجود داخل هيئات المؤتمر المختلفة وجود هامشي وغير مؤثر من ناحية اتخاذ القرارات الهامة .
وفي انتخابات 1997 فازت مرشحتان عن المؤتمر لعضوية مجلس النواب ، ليكن بذلك أو مرشحات يفزن في هذا المواقع عن حزب المؤتمر .
وقبل انتخابات 2003 تقدم ( المؤتمر ) ، بشكل غير رسمي ، بمقترح الدوائر المغلقة - الذي سبق ذكره - وقام لهذا الغرض بإعداد عشرين امرأة ليكن مرشحات عنه في حال تم إقرار ذلك المقترح . لكن وبعد أن فشل ذلك المقترح الذي لم يجد متابعة جادة من قبل ( المؤتمر ) نفسه ولم يتم الاعلان عنه بشكل رسمي وواضح ، اكتفى المؤتمر بترشيح إمرأة واحدة في الدائرة رقم 22 من بين 297 خاض بهم الانتخابات .
وقد بررت قيادة الحزب ترشيح امرأة واحدة فقط إلى الآلية التي أتبعها الحزب في اختيار المرشحين للانتخابات البرلمانية(19) ، وهي آلية أقرها المؤتمر العام للحزب الذي عقد قبل الانتخابات . وبموجب تلك الآلية فإن قواعد الحزب داخل كل دائرة انتخابية هي المسئولة عن اختيار مرشح الحزب في الانتخابات ، وتبعا لذلك فإن القيادات الميدانية لم ترشح نساء إلا في دائرة انتخابية واحدة كما ذكرنا ، ولم تكن القيادة العليا لحزب المؤتمر قادرة على فرض نساء مرشحات ضد رغبة أعضاء المؤتمر في الدائرة حسبما قال الحزب .
وقد نظر الكثيرون ، بما فيهم أعضاء من المؤتمر الشعبي نفسه ، إلى هذا التبرير بكثير من الشك وعدم التصديق ، وحسب ما قالته بعض العضوات القياديات في المؤتمر الشعبي ، اللاتي كن يرغن في ترشيح أنفسهن ، فإن قيادة المؤتمر لم تكن جادة ومتحمسة لترشيح نساء في الانتخابات . واعتبر هؤلاء أن الإدعاء بأن السبب في عدم ترشيح النساء يعود إلى رفض قواعد المؤتمر في الدوائر الانتخابية لترشيح النساء ، ما هو إلا مبرر وهروب من المسئولة تمارسه الهيئات القيادية في المؤتمر ، لأن القواعد ، على حسب قولهن ، استبعدت ترشيح النساء برغبة من قبل الهيئات القيادية العليا في المؤتمر التي اوعزت لتلك القيادات ، أو امرتها بشكل مباشر ، في بعض الأحيان ، باختيار هذا المرشح أو ذاك . كما أن قيادات المؤتمر في بعض المناطق قامت بحملات في صفوف قواعد الحزب ضد ترشيح نساء للانتخابات بحجة أن ترشيح النساء سيؤدي إلى خسارة المؤتمر لهذه الدوائر . وقد أدت تلك الحملات إلى قيام قواعد الحزب بما فيهن الكوادر النسائية إلى الاستجابة لتلك الحملة وبالتالي رفض ترشيح النساء (20).
إلى جانب ذلك ، شكت تلك العضوات من إنه لم تكن هناك آلية واضحة ومحددة لكيفية اختيار قواعد حزب المؤتمر للمرشح في الدائرة ، فبعض المرشحين كان يُعلن عنهم دون علم كثير من قيادات المؤتمر في الدائرة ، خاصة القيادات النسائية . إذ أن بعض المرشحين كان يتم ترشيحهم من قبل القيادات العليا في المحافظة وبالتشاور والتنسيق مع قيادة المؤتمر في صنعاء . وكان يقال للمعترضين على الترشيح بأن المرشح هو مرشح رئيس الجمهورية – رئيس المؤتمر - (21) مما يعني فرض المرشح بشكل مطلق على جميع أعضاء المؤتمر .
ويمكننا اعتبار هذه الشكاوى والملاحظات صحيحة بالقياس إلى مستوى الممارسة الديمقراطية في اليمن بشكل عام ، وداخل الأحزاب بشكل خاص ، أذ لا يعقل في ظل مناخ غير ديمقراطي أن تترك قيادة الأحزاب لقواعدها حرية اتخاذ قرارات مصيرية كتلك المتعلقة باختيار المرشح لمجلس النواب ، فمثل هذه القرارات من شأنها إضعاف سيطرة القيادة وهيمنتها على أعضاء الحزب ، وهو أمر لا ترغب به أية قيادة حزبية في اليمن . إضافة إلى أن لحزب المؤتمر الشعبي العام - بصفته حزب حاكم – إستراتيجية واضحة في اختيار مرشحيه لانتخابات مجلس النواب ظهرت بشكل واضح في الانتخابات الأخيرة . وتقوم هذه الإستراتيجية على وضع مواصفات محددة لمرشح الحزب ، خاصة في الريف ، أهمها أن يكون من الشخصيات الاعتبارية الكبيرة في الدائرة ، وهو ما ينطبق على المشايخ ورجال الأعمال أو المسئولين الحكوميين ، عسكريين أو مدنيين باعتبار ان هذه الشخصيات تضمن فوز الحزب بسهولة ، وهي تشترك كذلك مع قيادة المؤتمر - النخبة الحاكمة - في التوجهات المصلحية والثقافية والاجتماعية . ولكون النساء في اليمن بعيدات عن تلك المواصفات فإن النتيجة المنطقية أن لا يتم ترشيحهن من قبل المؤتمر الأمر الذي يبرر الشكاوى التي تم التعبيير عنها ضد قيادة ( المؤتمر ) .
ونستنتج من كل ما سبق أن قيادة المؤتمر الشعبي لم تكن متحمسة وجادة في ترشيح نساء في الانتخابات ، لأن ذلك الأمر ، في حال حدوثه ، يعد تغييراً في إستراتيجية المؤتمر الانتخابية من جهة ، وتغييرا في تحالفاته السياسية من جهة أخرى . خاصة وأن الانتخابات الأخيرة قد جرت في فترة استقطاب شديد ، كما ذكرنا ، وهي فترة لم تكن مناسبة للحزب الحاكم لتغيير استراتيجيته الانتخابية التي ثبت نجاحها سابقاً .
لقد كانت قيادة المؤتمر ، على مستوى المركز والمحافظات ، حريصة على أن تكسب في كل الدوائر التي خاضت الانتخابات فيها ، وبكل الوسائل المشروعة والغير مشروعة . وهو ما تم الى حد كبير ، حيث استطاع المؤتمر الفوز بأكثر من 230 مقعدا من بين آلـ 301 مقعداً .
كانت قيادة ( المؤتمر ) تعتقد أن المرشحات النساء حظوظهن في الفوز أقل من حظوظ المرشحين الرجال . ومع ذلك يمكننا ان نحمل هذه القيادة مسؤولية غياب النساء عن البرلمان الحالي ، لأنه كان بإمكان ( المؤتمر ) أن يرشح نساءً في كثير من دوائر المدن ، التي كان بإمكانه أن يضمن فوزهن لو خاض المنافسة بكل ثقله ووسائله ، المشروعة وغير المشروعة ، كما فعل مع مرشحته الوحيدة التي ضمن فوزها الذي شابت صحته الكثير من الشكوك (22) .
التجمع اليمني للإصلاح :
تأسس التجمع اليمني للإصلاح عام 1990 عقب إعلان الوحدة من ثلاث قوى رئيسية كانت تمارس نشاطها السياسي قبل الوحدة بأشكال متعددة ، ضمن النظام السياسي للجمهورية العربية اليمنية السابقة ، وبالتحديد من داخل المؤتمر الشعبي العام الذي كان يمثل التنظيم السياسي الحاكم آنذاك . وهذه القوى هي : الأخوان المسلمين ، ومشايخ القبائل ، والحركة السلفية . وتجمع بين هذه القوى قواسم مشتركة أهمها مرجعية الدين الإسلامي لتنظيم المجتمع في جوانبه المختلفة ، والعداء الشديد ، في ذلك الوقت ، للقوى اليسارية ، خاصة منها التيار الماركسي ممثلاً في الحزب الاشتراكي الذي كان يحكم اليمن الجنوبي السابق ، واصبح جزءاً من السلطة السياسية لدولة الوحدة .
وبحكم الطبيعة الدينية والمحافظة لحزب الإصلاح ، فإن مواقف الحزب من قضايا النساء عموما ومن قضية مشاركتهن السياسية خصوصا ، يعد الأكثر تشددا من بين الأحزاب الرئيسية في اليمن. حسبما يعبر عنه في كثير من أدبياته وممارساته السياسية .
غير أن تلك الموقف ليست مواقف ثابتة أو جامدة حيث شهدت الثلاثة عشر عاما الماضية تغيرات كثيرة لصالح قضايا النساء ، ففي مجال المشاركة السياسية للنساء ، توقف الحزب بشكل كامل تقريبا عن ابدأ أية معارضة لممارسة النساء لحق التصويت في الانتخابات ، وبعد أن كانت هناك معارضة من بعض التيارات داخل الحزب لمنح النساء حق التصويت في بداية تلك الممارسة ، فإن تلك المعارضة اختفت تماما ، بل أن الحزب أكتشف بعد إجراء أول انتخابات برلمانية عام 1993 أهمية الصوت النسائي للحزب . فالنساء في اليمن يغلب عليهن الطابع الديني المحافظ وهو ما يجعلهن ضمن جمهور حزب الإصلاح ، أي أن لحزب الإصلاح قدرة أكبر من غيره من الأحزاب للتأثير على هذه الشريحة وكسب اصواتها لصالحه .
كما حدث تطور أخر داخل حزب الاصلاح حيال قضية أخرى مرتبطة بالمشاركة السياسية للنساء ، تتعلق بدور النساء داخل هيئات الحزب ، فبعد أن كان هناك رفض لأي وجود للنساء داخل الهيئات القيادية للحزب ، وافقت قيادة ( الإصلاح ) ، وبعد نقاش طويل ، على ضم نساء إلى مجلس شورى الحزب ، الذي يضم حاليا 11 امرأة منتخبة من بين 130 عضوا منتخبا (23).
غير أن قضية دخول النساء للبرلمان لم تحسم بعد داخل قيادة الحزب ، حسب ما يقول بعض قادته ، والخلاف حول هذه القضية يعود أساسا إلى اختلاف المرجعيات الفكرية والسياسية للتيارات التي يتشكل منها الحزب . حيث نجد التيار السلفي يقف على راس المعارضين لمنح النساء هذا الحق ، فهذا التيار الذي يتزعمه الشيخ عبد المجيد الزنداني – رئيس مجلس شورى الإصلاح – مرجعيته الفكرية مستمدة من الفكر الوهابي الذي نشاء في المناطق البدوية من مايعرف حاليا بالمملكة العربية السعودية . وبحكم التكوين والنشأة ، فإن هذا الفكر معروف عنه تشدده تجاه قضايا النساء . ونتيجة لذلك يرى هذا التيار أن دخول النساء إلى البرلمان مخالفا للشريعة الإسلامية التي ، بحسب ما يرون ، ترفض أن تتولى النساء أية ولاية عامة . وهم يعتقدون أن البرلمان بحكم دوره في تقرير السياسة العامة للدولة يقع ضمن اختصاص الولاية العامة ، ووجود النساء فيه يجعلهن يمارسن الولاية العامة التي يرفضها الشرع حسب تفسيرهم له .
في المقابل نجد أن تيار الأخوان المسلمين في حزب الإصلاح أكثر انفتاحا في ما يتعلق بقضية المشاركة السياسية للنساء ، مقارنة بالتيارين الأخرين . ويعود السبب في ذلك بشكل رئيسي إلى المرجعية الفكرية والخلفية الاجتماعية التي ينتمي اليها أفراد هذا التيار . إذ أن ( الأخوان المسلمين ) في اليمن هم جزء من حركة الأخوان المسلمين التي تأسست في مصر عام 1928 على يد حسن البناء ، ولها فروع في جميع الدول العربية تقريبا . وبهذه الصفة فإنهم يتأثرون بمواقف الحركة في المناطق العربية الأخرى في كل القضايا ، بما فيها قضايا المشاركة السياسية للنساء . ولكون حركة الأخوان المسلمين حركة مدينية ، على الرغم من ان معظم نشطائها ينحدرون من أصول ريفية ، فإن مواقفها تجاه النساء أقل تشددا من الحركة السلفية . وقد أقر مركز حركة الأخوان المسلمين الرئيسي في مصر وفي المناطق الأخرى ، كالأردن والسودان ، حق النساء في الترشيح للبرلمان ، وهو ما أنعكس على موقف تيار الأخوان في اليمن الذين أصبحوا أكثر قبولا لهذا الأمر من غيرهم داخل حزب الإصلاح .
وعلى ذلك الأساس ، نجد أن تيار الأخوان المسلمين في الإصلاح موافق من حيث المبدأ على دخول النساء للبرلمان . وتنبع تلك الموافقة ، من فهمه لمعنى الولاية العامة ، فهو يتفق مع التيار السلفي في وجوب حكرها على الرجال . ولكنه يرى ان هذه الولاية تنحصر في المنصب الأعلى للدولة وهو منصب رئيس الدولة ( الخليفة ) ، وبالتالي فإن العضوية في مجلس النواب لا تدخل في باب الولاية العامة ، وهو ما يجعل هذا المنصب مفتوحا أمام النساء ( 24 ) .
والحقيقة أن هذا الموضوع لا زال محل جدل داخل حزب الإصلاح ، وحتى بعد الانتخابات فإن هناك نقاشاً يدور في الصحيفة الرسمية للحزب بين المؤيدين والمعارضين لهذا الأمر(25) . وبحسب رؤية قادة الحزب فأنهم يتطلعون إلى حسم هذه القضية قريبا بعد أن تأخذ حقها من النقاش داخل هيئات الحزب المختلفة ، وهو أمر في صالح هذه القضية حسب ما يقولون( 26) لأن الموافقة حين تتم بعد نقاش حقيقي وفاعل ، أفيد من اتخاذ قرار فوقي تقوم به قيادة الحزب في وجود غالبية غير مؤيده له ، لأن ذلك يعني بأن الفكرة قد يتم تعطيلها والرجوع عنها مستقبلا . وهذا المبرر يبدوا وجيها إلى حد كبير . غير أن هناك بعض الآراء التي تقول أن نفس الحجة ومن نفس الأشخاص قد قيلت قبل انتخابات 1997 والتي توقعوا أن ينتهي ذلك الجدل قبل الانتخابات التالية ، وهو ما لم يحدث فعليا(27 ) .
وعليه فليس من المستبعد أن يستمر النقاش حول هذه القضية لفترة طويلة قادمة داخل حزب الاصلاح ، وأن يظل الحزب معارضا لدخول النساء إلى البرلمان في الدورة الانتخابية القادمة .
وبين تيار السلفيين وتيار الأخوان داخل حزب الاصلاح يقف التيار القبلي بزعامة رئيس الحزب الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر . وهو تيار يغلب عليه الطابع العملي ، كونه يمثل جزءاً من النخبة الحاكمة في اليمن والتي تمتلك قابلية أعلى ، بحكم موقعها السياسي ، للتجاوب مع المطالب الداخلية والخارجية فيما يخص قضايا لنساء . كما أن هذا التيار غير مقيد باشتراطات إيديولوجية ، فهو لا يحتاج لاجتهادات فقهية كي يغير موقفه مثلما يحتاج التياران الآخران ، لذلك فإنه أكثر قدرة منهما على التكيف والتغير فيما يخص قضية مشاركة النساء، أو أي قضية أخرى .
ونتيجة لعدم حسم الخلاف داخل حزب الإصلاح حول قضية ترشيح المرأة فان هذا الحزب لم يقم بترشيح أية امرأة ضمن مرشحيه . ولكنه في نفس الوقت لم يعبر عن أية مواقف معارضة لترشيح النساء خلال الفترة التي سبقت الانتخابات ، حتى من قبل التيار السلفي ، خشية من ان يضر ذلك بموقف الحزب الانتخابي ، خاصة وأن حزب المؤتمر الشعبي كان يتصيد مثل هذا الموقف لدعم حملته ضد ( الإصلاح ) .
وكان الملاحظ أن أدبيات حزب الإصلاح وفي مقدمتها صحيفة ( الصحوة ) الناطقة باسمه فضلت تحاشى ذكر قضية ترشيح النساء ، وإن مالت بشكل خفي باتجاه تأييد ترشيح النساء . وفي هذا الصدد تجدر الاشارة الى مواقف بعض قيادات حزب الإصلاح المؤيدة لفكرة ترشيح إحدى النساء في الدائرة التاسعة الواقعة في مدينة صنعاء ، حيث كانت إحداهن بصدد النزول كمرشحة مستقلة في الدائرة وبدعم من أحزاب المعارضة ( أحزاب اللقاء المشترك ) . وبحسب أقوال المشار إليها ، فإن قيادات ( الإصلاح ) قبلوا دعمها في حال قررت الترشح واشترطوا عليها أن تكون محجبة في صورها للحملة الانتخابية , ووعدوها بعدم إنزال مرشح للإصلاح لمنافستها . لكن وفي نهاية الأمر فإن هذا لم يحدث لأن المذكورة قررت لاحقاً عدم الترشح لأسباب خاصة بها (28) .
ولابد لنا هنا من رصد تطور لأفت للانتباه في موقف حزب ( الاصلاح ) من قضية المشاركة السياسية للنساء . لقد تم التعبير عن هذا التطور في صحيفة الحزب ( الصحوة ) عندما قيّمت التشكيل الوزاري الجديد عقب الانتخابات وعبرت عن ارتياحها لإختيار أمة العليم السوسوة وزيرة لحقوق الانسان (وهي المراة الوحيدة في التشكيل الوزاري الجديد) (29) . لقد حمل هذا الموقف دلالة واضحة على تطور الرؤية داخل ( الإصلاح ) تجاه دور النساء السياسي . وهو تطور كان قد بدأ في الظهور بشكل جلي في السنوات الأخيرة ، خاصة بعد تحالف ( الاصلاح ) مع أحزاب المعارضة الأخرى . ومع ذلك فإن مواقف الحزب لا زالت متأخرة عن مواقف بعض الحركات الإسلامية في مصر والسودان والأردن وإيران , والتي حسمت كثيراً من القضايا التي لا زالت محل جدل داخل حزب ( الإصلاح ) في اليمن .
وقبل أن نختتم هذا الجزء من بحثنا لا بد من الإشارة إلى نشاط حزب الإصلاح في صفوف النساء ، خاصة في فترة الانتخابات ، حيث تمتع الحزب عبر قطاعه النسوي بقدرات تعبوية عالية أستخدم فيها كل وسائل الدعاية والتأثير ، أهمها زيارة المنازل لحث النساء على التصويت لمرشحي الحزب ، ونقل خطابه السياسي إلى شريحة النساء . إضافة إلى استفادة الحزب من أنشطته في الجمعيات الخيرية و مساجد النساء ومراكز تحفيظ القران في نقل خطابة والدعاية لمرشحيه . وقد أثبتت هذه الوسائل نجاعها . الأمر الذي دفع بحزب المؤتمر الشعبي إلى تقليد الكثير من وسائل ( الإصلاح ) تلك ، إلا أن حزب الإصلاح ظل متفوقا في هذا المجال على غيره من الأحزاب .
الحزب الاشتراكي اليمني :
الحزب الاشتراكي الحالي في اليمن هو امتداد للحركة اليسارية ذات التوجه الماركسي التي حكمت اليمن الجنوبي خلال الفترة من 1967 وحتى 1990 ، والمعروف عن تلك الحركة مواقفها " التقدمية " تجاه قضايا المجتمع وبالتحديد تجاه دور النساء . وخلال الفترة التي حكم فيها ( اليمن الجنوبي ) قطع الحزب الاشتراكي مسافات متقدمة تجاه قضايا النساء وصل فيها الى تبني قانون للأحوال الشخصية منح النساء كثيراً من الحقوق التي تطالب بها الحركات النسوية في العالم . كما أنه منحهن حق المشاركة السياسية داخل الهيئات الحزبية والمؤسسات الدستورية .
بعد الوحدة أستمر الحزب في تبني قضايا النساء على اعتبار أنه الحزب الذي يصف نفسه بأنه الممثل لقوى الحداثة في اليمن . ولهذا الغرض قام الحزب بترشيح عدد من النساء في أول انتخابات برلمانية عام 1993 وفازت اثنتين منهن كن الوحيدات في البرلمان الذي تمخض عن تلك الانتخابات .
بعد حرب 1994م وخروج الحزب الاشتراكي من السلطة تضاءل دور الحزب السياسي وحدث تحول في خطابه السياسي تجاه بعض القضايا التي كانت تعد من أسس خطابه السياسي " التقدمي " ، كنظرته لقضايا المرأة ودور الدين في الحياة السياسية وفي المجتمع (30).
ويبدو ان هذه التحولات حدثت استجابة للتغيرات التي تعرض لها الحزب ، وكرد فعل للبيئة السياسية التي أصبح يعمل فيها ، وهي بيئة محافظة إلى حد كبير . وقد ساهم تحالف ( الاشتراكي ) مع أحزاب المعارضة الأخرى ، وبالذات حزب الإصلاح ، في جعله يتجنب الكثير من القضايا التي تثير القوى المحافظة والدينية في المجتمع . ( ويمكن ملاحظه ذلك في البرنامج الانتخابي للحزب الاشتراكي لانتخابات 2003 ) . ويمكن النظر الى هذه التحولات باعتبارها تراجعاً عن خط الحزب السابق وتنازلاً لصالح القوى المحافظة في المجتمع . وهذا نقد يُوجه للحزب الاشتراكي من قبل خصومة ومن بعض التيارات داخله .
ومع ذلك يمكن النظر لهذه التحولات ، من زاوية أخرى ، باعتبارها تطورا إيجابيا ، يدل على مرونة في التكيف مع المتغيرات التي تحدث في المجتمع ، بعيدا عن التصلب الإيديولوجي الذي اتصف به الحزب في السابق .
ومع ذلك فإن ما يهمنا في هذه الدراسة هو سلوك الحزب الاشتراكي الفعلي تجاه المشاركة السياسية للنساء في الانتخابات الأخيرة . لقد انزل الحزب ثلاث مرشحات باسمه في هذه الانتخابات من بين (105) مرشحين خاضوا الانتخابات باسمه . ورغم ان البعض اعتبر ان هذا العدد من المرشحات ضئيلا . فإن (الاشتراكي ) أتي في المرتبة الأولى من حيث عدد المرشحات مقارنه ببقية الأحزاب التي لم ترشح نساءً أو اكتفت بمرشحة واحدة فقط (أنظر الجدول رقم 5 ) .
ومع ذلك فقد أ ُخذ على الحزب أنه لم يكن جادا في ترشيح النساء ولم يختار مرشحات قويات في دوائر له فيها حضور قوي يمكنهن من الفوز . وأكثر ما يؤخذ على (الاشتراكي ) في هذا الجانب موقفه تجاه المرشحة رضية شمشير ، وهي إحدى أعضاء أعلى هيئة قيادية في الحزب ( المكتب السياسي ) عندما لم يرشحها الحزب في الدائرة 22 وقام بإنزال مرشح أخر ، وهو لم يكتفي بذلك ، بل وبحسب ما تقول المرشحة المذكورة ، وضع الكثير من العراقيل أمامها وحاربها بأكثر مما عملت الأحزاب المنافسة الأخرى ، مما دفها إلى الاستقالة من الحزب والترشح كمستقلة . وكانت النتيجة ، أن خسر الحزب الاشتراكي الدائرة لصالح مرشحة المؤتمر الشعبي بسبب تنافس شخصين من أعضائه في نفس الدائرة ، خاصة وأن الفارق في عدد الأصوات بين مرشح الحزب ومرشحة المؤتمر لم يتجاوز (230) صوتا ، وهو أقل من عدد الأصوات التي حصلت عليها رضية شمشير ( أنظر الجدول رقم 5 ) . وبحسب تلك النتيجة فإن الحزب بتخليه عن دعم المرشحة رضية شمشير خسر الدائرة وخسر مصداقيته تجاه دعم النساء في الانتخابات .
وفي مثل هذا الموقف دافعت قيادة الحزب الاشتراكي عن نفسها بالقول ، بأن الترشيح في تلك الدائرة ، وغيرها من الدوائر ، يتم وفقا لرغبات قواعد الحزب في الدائرة – وهي نفس الحجة التي علل بها حزب المؤتمر موقفه – وبالتالي فإن قيادة ( الاشتراكي ) قالت انها غير مسئولة عن عملية الترشيح . وهو أمر ترفضه المرشحة " شمشير " التي اعتبرت أن عملية الاختيار في الدائرة لم تتم وفق قواعد نزيهة واوضحت ان تلك العملية تمت في غيابها وغياب أعضاء كثيرين من الحزب في تلك الدائرة (31).
ومن المهم أن ننظر إلى موقف الحزب الاشتراكي من ترشيح النساء ضمن الظروف العامة التي يعيشها الحزب ، فالحزب يشكوا منذ إخراجه من السلطة عام 1994 من انه يتعرض لحملة تهميش ومضايقات تطال جميع أنشطته ، ولهذا السبب فأنه لم يكن قادرا على دعم عدد كبير من النساء في الانتخابات الأخيرة ، والتي لم يحصل فيها إلا على عدد محدود من المقاعد( 7 مقاعد فقط ) وهو عدد لم يتجاوز عـُـشر ما حصل عليه في أخر انتخابات خاضها عندما كان مشاركا في السلطة عام 1993 (32) .
وهذا العدد الضئيل الذي حصل عليه الحزب في الانتخابات الأخيرة والذي لا يتجاوز نسبة 3% من إجمالي عدد مقاعد مجلس النواب يمثل الحجم السياسي الصغير الذي صار عليه الحزب الاشتراكي بعد إخراجه من الحكم .
والخلاصة التي نخرج بها من مواقف الأحزاب السياسية تجاه النساء هي أن جميع الأحزاب ، بما فيها الأحزاب التي تدعي دعمها لقضايا النساء ، لم تكن جادة في دعم النساء ، وهي اكتفت باستغلالهن كصوت انتخابي فقط . حسبما اتضح من خلال العدد الضئيل من المرشحات الحزبيات في هذه الدورة الانتخابية والدورات السابقة .
وعليه فان كل الأحزاب تستحق اللوم في عدم تمكين النساء من الترشيح والفوز في الانتخابات ، ويقع اللوم الأكبر في ذلك على الأحزاب التي تدعي دعمها للمشاركة السياسية للنساء ، أكثر مما يقع على الأحزاب التي لا تدعي ذلك ، كحزب الإصلاح الذي يعد سلوكه حيال هذا الأمر منسجما مع مواقفه المعلنة .
الموقف الشعبي من تواجد النساء في البرلمان
يتحدد موقف أي مجتمع تجاه قضية ما نتيجة تضافر عوامل عديدة ينتج عنها هذا الموقف أو ذاك ، وتعد قضية المشاركة السياسية للنساء من القضايا التي تثير جدلا وخلافا في جميع دول العالم تقريبا . وينبع هذا الجدل من حقيقة أن النساء يشكلن نصف عدد السكان إلا أنهن لا يحصلن على تمثيل في المناصب السياسية العليا ، مثل البرلمان ، والوزارات ، يتناسب وعددهن في المجتمع . وينطبق هذا الأمر على جميع دول العالم ، بما فيها تلك التي حققت أعلى معدلات للتنمية السياسية ، إذ أن النساء لم يمثلن حتى الآن في تلك المناصب بما يتناسب وحجمهن الطبيعي في المجتمع .
وهذا يعني أن هناك ميلا عاماً مناهضا لحصول النساء على حقوق سياسية متساوية مع الرجل في جميع دول العالم ، وعلى وجه الخصوص في دول العالم الثالث . ويرجع السبب في ذلك إلى عوامل كثيرة أهمها رواسب الثقافة الذكورية في الدول المتقدمة ، و استمرار هذه الثقافة وزيادة رسوخها في بعض المجتعات الأخرى مثل المجتمعات العربية . ويستند منطق هذه الثقافة على اعتقاد بأن الرجل يتفوق على المرأة ذهنيا وجسمانيا ، وهو بالتالي يتبوأ مكانة أعلى من المرأة .
ولاشك ان الموقف الاجتماعي في اليمن من قضية ترشيح وانتخاب نساء في المجلس النيابي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمثل هذه الثقافة الذكورية . ولا ستيضاح تفاصيل هذا الموقف قمنا باجراء استطلاع للرأي { أقتصر على عينة من الشريحة الأكثر تعلما وتمدنا في اليمن يمكن من خلالها قراءة موقف هذه الشريحة الهامة من السكان } من قضية انتخاب نساء لمجلس النواب ، ويمكن من خلال نتائج هذه العملية الحصول على مؤشرات لموقف الرأي العام من انتخاب نساء في مجلس النواب ، مع التذكير أن عملية الاستطلاع هذه لا يمكن اعتبارها تعبر عن رأي جميع السكان } . وفي الجزء التالي نستعرض أهم المعلومات المتعلقة بهذا الاستبيان والنتائج المتمخضة عنه .
استطلاع لرأي عينة من الشريحة المتعلمة والمتمدنة حول انتخاب النساء في البرلمان :
معلومات عامة عن عملية الاستطلاع :
1-بلغ عدد من شملهم الاستطلاع ( 476) شخصاً ممن هم في سن الانتخاب ، ذكورا وإناثا ، وتم اختيار العينة من بين أكثر شرائح المجتمع تعلما وتمدنا ، إذ تم حصر توزيع استمارات الاستبيان في مدينتي عدن وصنعاء ، على افتراض أن هاتين المدينتين تعدان من بين أكثر المناطق تمدنا في اليمن . كما تم توزيع الاستمارات في المناطق التي يتمركز فيها المتعلمين ، كالجامعات ومقرات العمل الحكومية والخاصة .
وبالفعل فقد كانت نسبة الحاصلين على الشهادة الجامعية من المبحوثين تزيد على 62% بينما كان الأميين منهم يقلون عن نسبة 1% ( أنظر الجدول رقم 8 )
2- تم تقسيم العينة إلى أربع شرائح بحسب الجنس والمنطقة ، بغرض مقارنة مواقف كل شريحة على حدة . وكما يوضح الجدول رقم (7) فإن 47% من العينة كانوا من الذكور بينما كانت نسبة الإناث 53% وهو ما يقارب نصف العينة تقريبا ، وكان 55% من المبحوثين من مدينة صنعاء فيما كانت البقية من مدينة عدن .
3- جرت عملية الاستبيان في الأيام التي سبقت عملية الانتخاب ، وتم اختيار تلك الفترة لتترافق مع ذروة الاهتمام السياسي لدى المبحوثين . رغم أن المناخ الانتخابي ، بما يرافقه من انفعالات ، قد يؤثر في تشويه موقف المبحوثين من قضية انتخاب النساء . وبالتحديد في حال كان هناك مرشحات نساء في دوائر المبحوثين وهو ما قد يجعلهم يحددون مواقفهم من القضية تبعا لمواقفهم الخاصة من المرشحات في دوائرهم .
4- صـُممت الاستمارة من أحد عشر سؤالاً ، اثنان منها هدفا للتعرف على ما إذا كان المبحوث لديه بطاقة انتخابية أو إذا ما كان يشارك في الانتخابات . بينما تعلقت بقية الأسئلة بالموقف من انتخاب النساء في البرلمان من عدة جوانب . وكانت اجابات الأسئلة مقفلة لكي يسهل على الباحث والمبحوث التعامل معها ، واكتفت كل الردود بإجابتي ( نعم ولا ) باستثناء سؤال واحد أضيفت له إجابة ثالثة ( لا أدري ) .
نتائج عملية الاستطلاع :
1- أجاب 91% من مجموع المبحوثين بأنهم يمتلكون بطاقة انتخابية ، وكانت أعلى نسبة في ذلك من نصيب شريحة الذكور في صنعاء ، التي وصلت النسبة فيها إلى 98% ، بينما كانت أدنى نسبة وهي 83% من نصيب شريحة إناث عدن . وتؤكد هذه النتيجة الأرقام العالية التي أعلنت عن عدد المسجلين للانتخابات الأخيرة .
2- قال 77% ممن يمتلكون بطاقة انتخابية بأنهم يصوتون في الانتخابات ، وكانت النسبة الأعلى هنا بين شريحة الذكور في صنعاء التي وصلت النسبة فيها إلى 92% ، أما الأدنى فجاءت بين شريحة الإناث في عدن حيث أوضح 69% منهن فقط بأنهن يشاركن في الانتخابات .
3- أيد 67% فقط من أجمالي المبحوثين فكرة أن المرأة قادرة على أن تكون عضواً ناجحاً في مجلس النواب ، وجاء أكثر المؤيدون لهذه الفكرة من شريحة الإناث في عدن بنسبة وصلت إلى 83% ، بينما كانت شريحة الذكور في عدن هي الأدنى حيث عبر 61% فقط منهم عن الموافقة على الفكرة .
4- أكد 68% فقط بأنهم سينتخبون امرأة في حال كانت مرشحة عن الحزب القريب من ميولهم السياسية . وهذه نسبة تقرب من نسبة الذين أبدوا موافقتهم على فكرة ان المرأة يمكن ان تكون عضواً برلمانياً ناجحاً ، الأمر الذي يشير الى أن موقف الرافضين لفكرة نجاح المرأة برلمانياً لن بتأثر حتى ولو كانت المرأة المرشحة من الحزب الذي يوالونه . وقد كانت المعارضة لترشيح النساء كبيرة بين شريحة الذكور في عدن حيث بلغت 40% ، في الوقت الذي كانت شريحة الإناث في نفس المدينة هي الأكثر قبولا بنسبة تأييد بلغت 84% .
5- رأى 38% من المبحوثين أهمية أن يكون المرشح لمجلس النواب رجلاً ، وكانت أعلى نسبة في هذا الصدد 49% بين شريحة الذكور من عدن ، أي نصف الشريحة تقريبا ، بينما كانت شريحة الإناث في عدن هي الأقل حيث لم توافق سوى 22% فقط على ضرورة أن يكون المرشح لمجلس النواب رجلاً .
6- يعتقد 36% فقط من المبحوثين أن الشريعة الإسلامية تسمح للمرأة بأن تكون عضوا في مجلس النواب ، بينما قال 47% أنهم لا يدرون إن كانت الشريعة تسمح بذلك أم لا ، فيما رأى 16% أن الشريعة لا تسمح .
7- رأى 70% بأن وجود المرأة في مجلس النواب يخدم العملية الديمقراطية ، وكانت شريحة الإناث من عدن هي الأعلى حيث وافقت 88% منهن على ذلك ، بينما كانت شريحة الذكور من عدن هي الأقل موافقة بنسبة لم تزد على 60% .
8- عبر 40% عن اعتقادهم بأن الوقت لم يحن بعد للمرأة لأن تكون عضواً في مجلس النواب ، وكان أكثرية هؤلاء من شريحة الذكور في عدن بنسبة بلغت 47% ، اما الأقل فكانوا من شريحة الإناث في عدن بنسبة 30% فقط .
9- أجاب 50% بأن عمل المرأة في البرلمان يتعارض مع دورها الأسري ، وارتفعت هذه النسبة إلى 53% بين شريحة الذكور عدن ، لكنها انخفضت بين شريحة الإناث من عدن إلى 41% .
10- وافق 77% على أن وجود المرأة في البرلمان يخدم قضاياها ، وكانت شريحة إناث عدن هي الأعلى حيث وصلت النسبة فيها إلى 87% ، وتدنت نسبة الموافقة بين شريحة الذكور في صنعاء لتصل إلى 70% فقط .
11- اتفق 63% من المبحوثين على أن المرأة يمكن أن تخدم مصالحهم في مجلس النواب ، وكان أكثر هؤلاء من شريحة الإناث في عدن بنسبة 82% ، في الوقت التي أظهرت شريحة الذكور في صنعاء النسبة الأدنى حين لم يوافق سوى 52% فقط منهم على ذلك .
إستخلاصات عامة من الاستطلاع :
رغم أن عمليات استطلاع الرأي تعطي مؤشرا على اتجاه الرأي العام تجاه قضية ما ، إلا انها يمكن في بعض الأحيان أن تعطي نتائج مشوهة وغير دقيقة , فهناك مشاكل كثيرة تصاحب عملية استطلاع الآراء ، أهمها : عدم تمثيل العينة للمجموع المراد معرفة رأيه بشكل دقيق ، إلى جانب أن صياغة الأسئلة وطريقة عرضها قد تقود المبحوث نحو إجابة محددة يريدها الباحث ، ولا ننسى هنا أن نشير إلى أن اختيار الوقت والمكان يمكن أن يؤثرا على إجابات المبحوثين ، كما سبق وذكرنا.
ومع ذلك ، فإن استطلاعنا هذا أخذ كل هذه العوامل في الحسبان وبذل الباحث ، كل جهده ، من أجل الحصول على أفضل نتيجة ممكنة . وفي كل الأحوال فأن النتائج التي توصلت إليها عملية الاستطلاع يجب ألا تؤخذ وكأنها مواقف ثابتة ونهاية ، بل الأحرى أن تؤخذ ضمن سياقها المكاني والزماني . وهو سياق قابل للتعديل والتغيير .
ومن ناحية أخرى فأن النتائج التي حصلنا عليها من الاستطلاع يمكن الأخذ بها كمؤشر لاتجاهات الرأي العام في اليمن خلال فترة انتخابات 2003 حيال قضية ترشيح وانتخاب النساء في البرلمان . وهي فترة لم تكن في صالح النساء ، حيث قل عدد المرشحات منهن ، ولم تكن هناك حملة كافية وجادة من الأحزاب أو الحكومة لدعم هذه القضية .
ومع ذلك فإن النتيجة تعطي مؤشراً لموقف سلبي من ترشيح النساء ، خاصة وأن الشريحة المبحوثة تمثل ، حسب إعتقادنا ، أكثر شرائح المجتمع تعلما وتمدنا ، وهو ما يعني أن مواقف الشرائح الريفية والأقل تعليما ، وهي الشريحة الأكبر في المجتمع ، سيكون أكثر سلبية من الشريحة السابقة .
وعلى ضوء ذلك ، يمكن القول بأن هناك نسبة عالية من المواطنين تزيد عن الثلث لا زالت غير مؤيدة لترشيح النساء في الانتخابات البرلمانية . مما يعني أن المشوار لا زال طويلا أمام النساء للحصول على تأييد كافي يسهل عليهن دخول البرلمان وفق النظام الانتخابي الحالي .
تؤكد النتائج التي توصلت إليها عملية الاستبيان ، إلى حد كبير، وجهة نظر الأحزاب التي امتنعت عن إنزال مرشحات في قوائمها الانتخابية خشية الخسارة ، خاصة وأن عزوف نسبة ، مهما كانت صغيرة ، من الناخبين عن تأييد المرشحات النساء كان من الممكن أن يسبب الخسارة للحزب الذي يرشح امرأة . كون الكثير من الدوائر يمكن أن تحسم نتيجتها أقلية قد لا تتعدى نسبتها 1% من عدد الأصوات. الأمر الذي يجعل وجهة نظر الأحزاب بالامتناع عن ترشيح نساء مفهومة من الناحية السياسية البحتة .
إلا أن هناك حقيقة يجب أن لا نغفل عنها ، وهي أن موقف الناخبين يمكن تغييره في حال قامت الأحزاب الرئيسية بترشيح نساء ، كما سبق وأوضحنا ، إذ أن نزول الحزب بمكنته الانتخابية – دعاية ، مال ، ضغط – من شأنه أن يغير من مواقف أنصاره . فالمبحوث الذي رد بأنه لن يصوت لامرأة حتى وإن كانت مرشحة عن الحزب القريب من ميوله السياسية ، يمكن ان يغير رأيه عندما يوضع في واقع انتخابي فعلي ، فعندما يكون الخيار أمامه ، إما أن ينتخب مرشحة الحزب الذي ينتمي أليه ، أو ينتخب مرشح الحزب المنافس ، فإنه في الغالب سيقرر التصويت لصالح مرشحة حزبه ، حتى وأن لم يكن مقتنع بترشيحها بسبب جنسها . هذا إضافة إلى أن الناخبين بشكل عام ينقادون حسب رغبة قادتهم ، وهو ما يمكن ملاحظته حين يصوت أكثر الناخبين لأشخاص لا يعرفونهم بالمرة ، ويكون اختيارهم تبعا لنصيحة أو أمر ممن يقودونهم .
جدول رقم (7)
معلومات عامة عن العينة التي تم استطلاع رأيها من حيث النوع والمنطقة (الاجمالي 476) .
%
العــدد
النـــوع / المنطقــة
27
129
ذكــور / صنعاء
28
133
إناث / صنعاء
55
262
إجمالي / صنعاء
20
96
ذكور / عدن
25
118
إناث / عدن
45
214
إجمالي / عدن
47
225
إجمالي ذكور
53
251
إجمالي إناث
جدول رقم (8)
تقسيم العينة حسب المؤهل – إجمالي (476 )
%
العــدد
المــؤهـل
63
301
جامعي
25
120
ثانوي
4
19
ماجستير
3
15
دكتوراه
5
24
ابتدائي
0.6
3
أمي
أهم العوائق الموضوعية والذاتية أمام وصول النساء للبرلمان
هناك عوائق كثيرة تقف حائلا أمام وصول النساء في اليمن للبرلمان . ويمكننا تقسيم هذه العوائق الى نوعين : موضوعي ، وذاتي .
العوائق الموضوعية هنا هي تلك التي يعاني منها المجتمع السياسي اليمني برمته ، نساءً ورجالا ، كهشاشة النظام الديمقراطي وحداثته ، وطبيعة النظام الانتخابي ، ونقص الوعي السياسي ، وغيرها من الأمور التي تخلق في مجملها حالة غير سوية وغير مكتملة للممارسة الديمقراطية ككل ، وللممارسة الانتخابية بشكل خاص ، وقدرة النساء على الوصول الى البرلمان بشكل أخص .
إما العوائق الذاتية فهي التي تختص بمواجهتها المرشحات النساء ، وأهمها الهيمنة الذكورية التي تؤدي إلى سلسلة من العوائق التي تكبل عمل المرأة السياسي . وتضع في محصلتها المرشحات في مواجهة عوائق مركبة بالنسبة للعوائق العامة التي يعني منها المرشحون الذكور ، الأمر الذي يجعل من فرص فوزهن أضعف بكثير من فرص فوز إقرانهن من الرجال .
وسنبدأ بذكر لبعض العوائق الموضوعية ثم ننتقل لذكر أهم العوائق الذاتية التي تعترض النساء بشكل خاص .
أولا: العوائق الموضوعية :
أولا هشاشة النظام الديمقراطي :
تم تبني التعددية السياسية في 1990 نتيجة لاتفاق سياسي بين الأطراف الموقعة على إنشاء دولة الوحدة ( حكومتي شطري اليمن قبل عام 1990 ) على اعتبار أنها الصيغة الوحيدة القادرة على استيعاب نظامي الحكم ، الشمالي والجنوبي السابقين في النظام السياسي الجديد الذي تشكل بعد الوحدة . وبالتالي فأن العملية الديمقراطية قد تأثرت بعلاقة أطراف الوحدة فيما بينهم وقوة وحجم كل طرف داخل الساحة السياسية .
ونتيجة لذلك ، فإن الأحداث التي شهدتها اليمن منذ ذلك التاريخ وحتى الآن أثرت على مسار العملية الديمقراطية ، وكان أبرز هذه الأحداث الحرب التي اندلعت عام 1994 بين شركاء الوحدة ، والتي أدت إلى هزيمة الحزب الاشتراكي ( الطرف الجنوبي ) واستبعاده من السلطة بعد ذلك . مما أدى الى حدوث اختلال واضح في موازين القوى السياسية لصالح الطرف المنتصر ممثلاً في حزب المؤتمر الشعبي وحلفائه . وقد أنعكس هذا الاختلال على العملية السياسية بشكل عام ، وعلى الممارسة الديمقراطية بشكل خاص .
لقد سنحت الظروف للطرف المنتصر بأن يزيد من سيطرته على مقاليد الأمور ، والتراجع عن الكثير مما كان متفقا عليه في دستور دولة الوحدة الذي تم بعد الحرب تعديل كثير من بنوده في عامي 1994 و2001 بهدف زيادة نفوذ وهيمنة السلطة التنفيذية ، ورئيس الجمهورية بشكل خاص ، على بقية السلطات ، الأمر الذي اعتبرته قوى المعارضة تراجعاً عن العملية الديمقراطية .
وقد سهل غياب المؤسسات الديمقراطية ، الرسمية والحزبية القوية ، للحكومة أن تقوم بما قامت به من تراجعات كان من اليسير القيام بها في ظل حداثة التجربة الديمقراطية . اذ أن النظامين اللذين شكلا دولة الوحدة كانا نظامين استبداديين يفتقران لأي إرث ديمقراطي حقيقي يمكنه ان يحمي الديمقراطية من التراجع والنكوص . وبالتالي فقد كان من السهل على أي طرف أن يتراجع عن النهج الديمقراطي بسبب عدم وجود مجتمع مدني قوي أو مؤسسات دستورية فاعلة تقاوم مثل هذا التراجع .
ولمزيد من الإيضاح يمكننا ذكر بعض من مظاهر هشاشة النظام الديمقراطي في النقاط التالية :
-غياب الفصل حقيقي بين السلطات ، أن السلطة التنفيذية ممثلة بدرجة أساسية في منصب رئيس الجمهورية ، تسيطر على السلطتين القضائية والتشريعية . أن رئيس الجمهورية هو رئيس مجلس القضاء الأعلى وهو المجلس الذي يمتلك صلاحيات واسعة على الجهاز القضائي أهمها ، تعيين وعزل القضاة . كما أن وزارة العدل ، التي هي جزء من السلطة التنفيذية ، تسيطر ماليا وإداريا على الجهاز القضائي الأمر الذي يودي عملياً الى افقاد السلطة القضائية استقلاليتها . ومن المعروف ان هذه الاستقلالية تعتبر من أهم شروط قيام النظام الديمقراطي وهي التي تضمن تطبيق القانون ، ويؤدي غيابها الى جعل القوانين ، مهما بلغت جودتها ، عديمة الفائدة .
أن سيطرة السلطة التنفيذية على الجهاز القضائي ، وبالأخص المحكمة العليا ، يفقد النظام السياسي الديمقراطي واحدة من أهم أركانه ، وهي وجود طرف محايد يحكم على دستورية ومشروعية القوانين والقرارات الحكومية . وخلال الثلاثة عشر عاما الماضية ، كان هناك الكثير من القوانين والقرارات الحكومية التي تخالف بشكل واضح المبادئ الأساسية للدستور ، ومع ذلك لم تتمكن المعارضة أو المواطن العادي ، من إيقاف تنفيذها أو إلغائها بسبب غياب سلطة قضائية فاعلة ومستقلة يمكنها إبطال تلك القوانين والقرارات .
وتظهر الحاجة الماسة لسلطة قضائية مستقلة وفاعلة خلال العملية الانتخابية ، إذ تبرز الكثير من المشكلات ، التي تحتاج معالجتها لمثل هذه السلطة القضائية المستقلة . ومثال ذلك الاتهامات التي توجه الى اللجنة العليا للانتخابات أو الحكومة أو الحزب الحاكم بارتكاب خروقات وتجاوزات تخل بعملية التنافس الديمقراطي وتؤثر على نتائج العملية الانتخابية برمتها . فمثل هذه الاتهامات وداوفعها يصعب معالجتها الا عبر سلطة قضائية تملك استقلالها .
وفي الواقع اليمني يعاني القضاء من مشكلة اخرى مضافة الى مشكلة عدم الاستقلالية ، تتمثل في عدم خضوع السلطات الأخرى لإحكام القضاء , وبالتالي فانه وحتى في حال صدور حكم قضائي في قضية سياسية أو انتخابية لصالح المعارضة فليس هناك سلطة فعلية للقضاء تتمكن من إلزام الحكومة أو اللجنة العليا بتنفيذه ، ومن أمثلة ذلك ما حدث قبل انتخابات 1997 حينما صدر حكم قضائي شهير لصالح المعارضة يبطل السجل الانتخابي ، وكان من شأن ذلك الحكم في حال الالتزام به ، إيقاف العملية الانتخابية الى حين إنشاء سجل انتخابي جديد ، غير أن اللجنة العليا للانتخابات تجاهلت ذلك الحكم وأجرت الانتخابات وفق ذلك السجل المحكوم ضده . الأمر الذي يعني ان تلك الانتخابات برمتها والنتائج المتمخضة عنها كانت تفتقد للشرعية القانونية .
كذلك السلطة التشريعية في اليمن تخضع هي الأخرى لهيمنة السلطة التنفيذية ، ويساعد في هذه الهيمنة ، النفوذ الكبير الذي يتمتع به حزب المؤتمر الحاكم داخل البرلمان من خلال الأغلبية الكبيرة التي يحظى بها هناك ، وتمكنه من تمرير القوانين المقترحة من قبل السلطة التنفيذية بكل سهولة . وهو أمر يفقد السلطة التشريعية جزءاً من استقلاليتها .
أن مجلس النواب ووفقاً للدستور يمتلك حق اقتراح القوانين ومناقشتها وإقرارها ، ولكن على مستوى التجربة العملية فان هذا المجلس وعلى مدى ثلاث دورات انتخابية منذ 1993م لم يعرف عنه اقتراح القوانين ، وظل يكتفي بمهمة إجازة القوانين المقدمة اليه من الحكومة . وبالتالي فقد تحول المجلس الى منتدى للنقاش بدلاً من أن يكون سلطة تشريعية حقيقية .
ويبرز ضعف مجلس النواب أمام هيمنة السلطة التنفيذية في أوضح صوره عندما يتعلق الأمر بالقرارات التي تهم مستقبل وبقاء السلطة الحاكمة . ولعل أبرز مثال على ذلك ما حدث خلال تزكية المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية عام 1999 عندما رفض المجلس تزكية مرشح المعارضة ، أو ماحدث في عام 2000 عندما تم إقرار التعديلات الدستورية المقترحة من السلطة التنفيذية باغلبية كبيرة جداً رغم ما حملته تلك التعديلات من تراجعات كبيرة عن النهج الديمقراطي .
- احتكار الدولة لوسائل الإعلام الجماهيرية ، إذ أن الإذاعة والتلفزيون والصحف اليومية تابعة بشكل مطلق للحكومة ، إلى جانب عشرات من الصحف والمجلات التي تصدرها الحكومة بشكل مباشر أو غير مباشر . ويؤدي هذا الأمر إلى هيمنة خطاب الحكومة وحزبها على الجماهير بشكل كامل ، تقريبا ، فقوى المعارضة أو المستقلين لا يسمح لهم بامتلاك أيا من وسائل الإعلام الجماهيرية كالإذاعة والتلفزيون ، وفي نفس الوقت تتعرض نشراتهم ، المحدودة الأثر ، لكثير من التضييق والرقابة ، خاصة في حال تعرضها لقضايا تمس مصالح النظام المباشرة . وغالباً لا يمر شهر إلا وتكون هناك قضية مرفوعة في المحاكم ضد صحيفة معارضة أو مستقلة ، ويصل الأمر في بعض الأحيان الى حد إيقاف الصحيفة عن العمل ومعاقبة بعض الصحفيين بالغرامة أو السجن والإيقاف عن العمل .
- تسخير المال العام والوظيفة العامة لصالح الحزب الحاكم ، خاصة خلال العمليات الانتخابية ( وسنتطرق الى هذا الأمر لاحقاً بمزيد من التفصيل ) . وفي هذا الصدد فان الموظف العمومي يُسخر عمله ، طوعا أو كرها ، لصالح الحزب الحاكم إلى حد يجعل من الصعب التمييز بين أجهزة الدولة وأجهزة حزب المؤتمر الحاكم ، ويظهر ذلك بوضوح في أن ناشطي الحزب هم : اما موظفين حكوميين يتم تفريغهم من عملهم الحكومي لصالح العمل الحزبي ، أو إنهم يتقاضون رواتبهم من الخزينة العامة رغم عدم وجود صلة بينهم وبين الوظيفة العامة . ورغم أن ( المؤتمر ) يصر على أن له ميزانية مستقلة عن خزينة الدولة ، إلا أن هذا أمر مشكوك فيه من قبل الكثيرين ، خاصة وأن حسابات الحزب الحاكم ، وكذلك بقية الأحزاب اليمنية ، تفتقد إلى الشفافية ويصعب على أي جهة أخرى ، رسمية أو غير رسمية ، الاطلاع عليها .
-غياب تكافؤ الفرص في الانتخابات : ان سيطرة الحزب الحاكم على أجهزة الدولة ، أدى الى قيام السلطة بصياغة العملية الديمقراطية ، خاصة في شقها الانتخابي ، وفقاً لمصالحها الخاصة . فالقوانين والتعديلات الدستورية والقرارات الحكومية كلها تتم صياغتها لتصب في مصلحة السلطة السياسية ممثلة في الحزب الحاكم . ومثال لذلك قانون الانتخابات الأخير الذي تمت صياغته وفق مصالح السلطة الحاكمة .
ورغم أن أحزاب المعارضة استطاعت أن تعدل من بعض البنود التي كنت مقترحة من قبل السلطة في هذا القانون وتمثل خرقا مباشراً للقواعد الديمقراطية حسبما ترى المعارضة ، إلا أن الحكومة استطاعت في نهاية الأمر تمرير القانون بالشكل الذي يخدم مصالحها .
وأهم البنود التي تمثل ثغرة لصالح الحكومة في القانون المذكور ، تلك المتعلقة بآلية تشكيل اللجنة العليا للانتخابات والصلاحيات المنوطة بها . فوفقا للمادة 19 من القانون فإن رئيس الجمهورية يعين أعضاء اللجنة العليا السبعة من بين قائمة ترشيح تتكون من خمسة عشر شخصا يتم إقراراها من مجلس النواب بأغلبية الثلثين . وواضح هنا ان هذه الآلية تمنح الحزب المسيطر على مجلس النواب ورئيس الجمهورية القدرة على اختيار أغلبية أعضاء اللجنة ، وهو ما تم بالفعل في تشكيل اللجنة الحالية ، إذ أن أربعة أعضاء من هذه اللجنة ينتمون للحزب الحاكم فيما ينتمي الخامس لحزب موالي ، إن لم نقل ، تابع للحزب الحاكم . أي أن الحزب الحاكم يتمتع بالأغلبية الكافية التي تمكنه من إدارة اللجنة العليا للانتخابات بشكل كامل .
وإذا وضعنا في الاعتبار الصلاحيات الكثيرة التي تتمتع بها اللجنة العليا للانتخابات ، كونها المنفذة والمفسرة لقانون الانتخابات ، استطعنا أن ندرك نتيجة هذه السيطرة على مخرجات العملية الانتخابية النهائية . فللجنة العليا – واللجان المتفرعة عنها - صلاحيات تقسيم الدوائر الانتخابية ، وقبول أو رفض الترشيح ، والإشراف على عملية التسجيل والتصويت ، وغيرها من المهام التي تؤثر على نتيجة الانتخابات ، خاصة وان ضعف استقلالية القضاء يوفر لها المناخ لارتكاب الكثير من المخالفات لصالح الحزب الحاكم حسبما ترى أحزاب المعارضة .
وهناك بعض النماذج التي توضح تفسير اللجنة العليا لقانون الانتخابات بطريقة منحازة للحزب الحاكم ، ومن ذلك رفض اللجان الأصلية ، المشرفة على الانتخابات في الدوائر ، قبول ترشيح الكثير من الأشخاص المنافسين لمرشحي المؤتمر الشعبي ، بحجة أنهم لم يستقيلوا من وظائف عامة يشغلونها في نطاق دائرتهم ، وفق فقرة في القانون تمنع الموظف العام من الترشيح في الدائرة التي تقع ضمن مهام عملة ما لم يقدم استقالته قبل ثلاثة أشهر من تقدمه للترشيح . وقد أستخدم هذا المنع من قبل اللجان الأصلية بشكل انتقائي وبتفسير واسع لمصطلح " الوظيفة العامة " وبطريقة تتناقض والمقصد الذي كان يقصده المشرع حين أقر تلك المادة ، فبعض الأشخاص ، من غير الحزب الحاكم ، تم رفض ترشيحهم رغم أنهم يشغلون وظائف عادية كموجه تربوي أو مدرس جامعي(33) وهي وظائف لا يبدوا أن المشرع كان يقصدها حين وضع ذلك المنع . في نفس الوقت ، تم قبول ترشيح موظفين يشغلون مناصب عليا في الدولة كمنصب أمين عام رئاسة الجمهورية ، وهو منصب كان يظهر صاحبة باستمرار إلى جانب رئيس الجمهورية في وسائل الأعلام الرسمية خلال فترة الترشيح والحملة الانتخابية ، وهو ما يعد مناقض لمقصد المشرع في منع استغلال الوظيفة العامة في الحملة الانتخابية . كما أن استقالة الوزراء قبل الانتخابات ، وهو شرط يفرضه قانون الانتخابات على من يرغب في الترشيح من الوزراء ، لم يتم الالتزام به عمليا فالاستقالات التي قدمها الوزراء كانت صورية وظلوا بعدها يمارسون مهامهم من منازلهم أو عبر التلفونات .
وهناك نموذج أخر لانحياز اللجنة العليا لصالح الحزب الحاكم ، تمثل في السماح له بممارسة الدعاية الانتخابية عبر وسائل الإعلام الرسمية ، التي تصبح تحت إدارة اللجنة العليا خلال فترة الترشيح والانتخاب حسبما ينص قانون الانتخابات . وبموجب ذلك تصبح اللجنة هي الجهة المتحكمة في جميع المواد المنشورة والمذاعة في وسائل الإعلام الرسمية ، وعليها أن تضمن عدم تسخير هذه المواد لصالح أي حزب . وهو ما لم يحدث فعليا ، حيث سُمح للحزب الحاكم بأن يبث مواداً دعائية لصالحة ، بصورة مباشرة وغير مباشرة ، كان من أهمها ما كانت تبثه وسائل الإعلام الرسمية ، في تلك الفترة ، من أخبار حول افتتاح أو وضع أحجار أساس لمشاريع خدمة ، يقوم بها مسئولي السلطة المركزية أو المحلية برفقة مرشحي المؤتمر في عدد من الدوائر الانتخابية ، وهو ما يعتبر دعاية انتخابية لصالح أولئك المرشحين . إلى جانب أن وسائل الإعلام الرسمية خلال مرحلة الحملة الانتخابية كانت تقدم تقاريرأ و برامجاً إخبارية ، في كل وسائل الإعلام الرسمية ، عن إنجازات الحكومة خلال الفترة السابقة وخططها المستقبلية ، وهذه أيضاً كانت دعاية انتخابية غير مباشرة للحزب الحاكم .
إضافة إلى كل ذلك ، اتهمت أحزاب المعارضة اللجنة العليا للانتخابات بأنها مارست الرقابة على برامجها الانتخابية حين إذاعتها في وسائل الإعلام الرسمية ، حيث حذفت بعض الفقرات من تلك البرامج ، خاصة ما يتعلق منها بنقد سياسات الحكومة . (34)
- ممارسة سياسة الترغيب والترهيب مع المرشحين ، أو مع من فكروا في ترشيح انفسهم ، ضد مرشح الحزب الحاكم ، هدفت تلك السياسة الى ثني هؤلاء عن خوض الانتخابات . ومن ضمن ما يقال في هذا الشأن : التهديد بالفصل من الوظيفة العامة او الحرمان من بعض الحقوق الوظيفية إذا كان الشخص موظفاً حكومياً . وأما اذا كان الشخص المستهدف رجل أعمال مثلاً فإنه يهدد بالحرمان من الحصول على مناقصات حكومية والتضييق عليه في ممارسة نشاطه بشكل عام . وقد يصل الأمر في بعض الأحيان الى تعرض من يحاول منافسة مرشح الحزب الحاكم إلى عقوبات مادية كالحبس أو التشهير أو حتى الاعتداء على حياته (35)
- يستفيد مرشح الحزب الحاكم من جميع إمكانات الدولة في دائرته الانتخابية ، فهيئات الدولة المختلفة تـُسخر لخدمته ، حيث يتم نقل الكثير من الناخبين المواليين له بوسائل نقل حكومية أثناء عملية التسجيل والتصويت ، كما يتم استخدام تلك الوسائل لأغراض الدعاية الانتخابية . إلى جانب أن أجهزة الحكومة المختلفة تمارس كل وسائل التأثير المختلفة على الموظفين الحكوميين ، عسكريين ومدنيين ، كي يصوتوا لمرشح الحزب الحاكم .
- تقوم الحكومة عبر وسائل كثيرة بإيصال رسالة للناخبين مفادها ، أنهم سيحرمون من الخدمات الحكومية اذا انتخبوا مرشحاً غير مرشح الحزب الحاكم ، والوعد بالحصول على رعاية واهتمام خاصين في حال انتخبوا مرشح الحكومة .
- بسبب سيطرة الحزب الحاكم على أجهزة الدولة المختلفة ، فإن مرشح هذا الحزب يحصل على موارد مالية كبيرة لحملته الانتخابية من ميزانية الحزب – الذي تقول أحزاب المعارضة أنها أموال عامة – أو من قبل المتبرعين الذين يقدمون تبرعات ضخمة إما خوفا من غضب السلطة عليهم أو رغبة في الحصول على امتيازات تمنح لهم بعد ذلك . في المقابل فإن المرشح المعارض تكون ميزانية حملته الانتخابية الممنوحة من قبل حزبه ، أقل بكثير مما يحصل عليه مرشح الحزب الحاكم ، وهو في نفس الوقت يكون غير قادر على جمع تبرعات من المواطنين ، ومن رجال الأعمال تحديدا ، الذين يخشون غضب الحكومة عليهم اذا قدموا تبرعات لمرشح المعارضة .
وباختصار يمكننا القول ، كمحصلة لما سبق ، ان النظام الديمقراطي في اليمن لا زال هشا ، إن لم نقل ان خطواته الحقيقية لم تبدأ بعد . أن النظام السياسي الحالي لازال بعيدا جدا عن النظام الديمقراطي الحقيقي . وكل آليات العمل الديمقراطي ، من انتخابات وحرية تعبير وتعددية سياسية ، لازالت ضمن الحدود التي لا تسمح بتبادل السلطة . ويحدث ذلك لأن وسائل الممارسة الديمقراطية يتم تحديد شكلها وطبيعة عملها من قبل السلطة الحاكمة ، وهو حال جميع الأنظمة العربية التي تدعي تبني الديمقراطية ، ولكون الممارسة الديمقراطية يتم تحديد سقفها من قبل الأنظمة الحاكمة ، فإن من الطبيعي أن يظل هذا السقف ضمن الحدود التي لا تشكل تهديداً جدياً وحقيقياً على السلطة الحاكمة .
ان التنافس السياسي المسموح به في اليمن حتى الآن ، لا يصل إلى حد التنافس على الحصول على السلطة ، بمعني انه لايصل الى جوهر الممارسة الديمقراطية ، بل يظل تنافساً على فضاء معين ، أو مناطق معينة ، بما فيها انتخابات مجلس النواب . وخلال الثلاثة عشر عاما من عمر الممارسة التعددية كانت السلطة الحاكمة تتراجع عن الممارسات الديمقراطية وتُقدم على مخالفات دستورية واضحة عندما تشعر بأن هناك تهديداً حقيقياً لسلطتها .
وفي نفس السياق ، فإن السلطة الحاكمة جعلت انتخابات مجلس النواب تبدو وكأنها تنافس بين أشخاص للحصول على عضوية هيئة حكومية تعود بنفع مباشر على العضو المنتخب وأفراد دائرته . فالناخب ، وبعد عدة دورات انتخابية ، اصبح على يقين ، بأن انتخابات مجلس النواب ليس الهدف منها تغيير الحكومة أو تقرير السياسة العامة للدولة ، كما هي صلاحيات المجلس الدستورية ، وإنما هدفها إيصال هذا الممثل أو ذاك الى البرلمان، والاستفادة من ذلك في تحقيق منافع مباشرة له ولمن قام بانتخابه . وهذه القناعة تستفيد منها السلطة الحاكمة وتعمل على ترسيخها في أذهان الناخبين الذين ينصرفون عن الاهتمام بالبرامج الانتخابية للأحزاب ، أو النشاط الحزبي برمته ، ويركزون على شخص المرشح ومدى قدرته على تحقيق ما يعتقدون بأنه هدف الانتخابات النيابية .
ويعتبر هذا الاعتقاد من أهم العوائق التي تمنع النساء من الوصول إلى مجلس النواب ،بسبب الاعتقاد السائد بأنهن لا يحققن للناخب ما يريده من العضو المنتخب .
2- النظام الانتخابي :
يؤثر نوع النظام الانتخابي على نتائج الانتخابات وبالتالي على شكل وطبيعة الممارسة السياسية بمجملها ، فحجم الأحزاب في البرلمان وقوتها السياسية تتأثر بنوع هذا النظام . ففي نظام التمثيل النسبي الكامل ( نظام القائمة )، مثلا ، يكثر عدد الأحزاب داخل البرلمان إلى حد يصعب معه لحزب واحد الحصول على أغلبية مطلقة تمكنه من تشكيل حكومة بمفرده - كما هو الحال في إسرائيل . وفي المقابل يسفر نظام الأكثرية النسبية ( نظام الدائرة الفردية ) عن هيمنة حزبين رئيسيين على الحياة السياسية ، كما هو الحال في كل من بريطانيا والولايات المتحدة . وفي هذا النظام الأخير يتم إضعاف ، وحتى سحق ، الأحزاب الصغيرة والمتوسطة التي تجد نفسها خارج اللعبة السياسية بعد أن تتشتت أصوات مؤيديها على مجموع الدوائر الانتخابية .
ووفقاً لذلك فان نظام الدائرة الفردية المتبع في اليمن ، ظل يؤثر بشكل كبير على طبيعة الممارسة السياسية بمجملها وعلى تواجد النساء في البرلمان تحديدا .
ومن خلال قراءة آلية عمل النظام الانتخابي خلال الانتخابات النيابية الثلاثة الماضية ، يمكننا الخروج بالملاحظات التالية :
1- يهتم عضو مجلس النواب بالقضايا المحلية الخاصة بدائرته أكثر من اهتمامه بالقضايا الوطنية . فكون الفائز في انتخابات مجلس النواب ممثلأ لسكان دائرة محددة فإنه ملزم أمام جمهور الناخبين ، خاصة في الريف والمدن الصغيرة ، بأن يهتم بقضاياهم المباشرة . فعضو مجلس النواب هو المسئول الأول لتمثيل مواطني دائرته أمام السلطة المركزية و المحلية . وتقع عليه مهمة متابعة قضايا المواطنين في دائرته ، مثل الحصول على المشاريع الخدمية ، وتحسين الخدمات الموجودة ، وغيرها من المطالب التي قد تشمل أبسط الاحتياجات ، كالحصول على منحة علاجية أو متابعة مصير سجين في جريمة أو جنحة ، وغيرها من المهام التي تدخل ضمن اختصاصات المجلس المحلي .
وعلي ذلك ، فإن تلك المهام تتطلب أن يحمل عضو مجلس النواب مواصفات خاصة ، لا تتوفر إلا في أفراد محددين ممن يمتلكون نفوذ فعلي في الدائرة ، بسبب مركزهم الاجتماعي أو المالي ، ويحظون بالقبول والحظوة لدى القيادة السياسية . وهذه المواصفات تنطبق بالدرجة الأولى على فئة المشايخ ورجال الأعمال والمسئولين الحكوميين . وهي الفئات التي تتزايد سيطرتها على مجلس النواب دورة بعد أخرى (36).
ولكون النساء لا تنطبق عليهن هذه المواصفات ، فإن فرص فوزهن في الانتخابات تصبح صعبة إن لم تكن مستحيلة خاصة في الأرياف ، التي تشكل الدوائر الانتخابية فيها أكثر من 75% من عدد الدوائر الكلي . ومن الجدير بالملاحظة هنا أن المرشحة محفوظة السعاف التي ترشحت في الانتخابات الأخيرة في منطقة ريفية وحصلت على المركز الثاني بأكثر من عشرة آلاف صوت ( أنظر الجدول رقم5 ) لم يكن لها أن تحصل على ذلك المركز لولا الصفات الخاصة التي تتمتع بها . فهذه المرشحة تمارس في منطقتها دور شبيه بما يمارسه المشايخ الذكور ، لدرجة ان الجمهور كان يطلق عليها خلال الحملة الانتخابية اسم (علي محفوظ ) (37) في اشارة الى انهم يتعاملون معها وكأنها رجل ، وهي بالفعل تقوم بدور شبيه بدور المشايخ في حل المشاكل بين المواطنين ومساعدتهم في حل مشاكلاتهم من خلال الاتصال بالسلطات الحكومية .إضافة إلى أنها من أصحاب الأملاك بما يمكن إعتبارها سيدة أعمال ، وقد مكنتها كل هذه الصفات الحصول على المركز الثاني في المنافسة الانتخابية في دائرتها ، وهو مركز تقول أنه كلفها 6 ملايين ريال صرفتها في حملتها الانتخابية – (38) وتعتبر مواصفات هذه السيدة نادر في المجتمع الريفي اليمني .
2-بما أن النظام الانتخابي يجعل من الدائرة الانتخابية ميدان المعركة فإن الحزب الحاكم يستفيد من هذا الوضع عبر ترشيحه لأشخاص ممن هم قادرين على الفوز بغض النظر عما إذا كانوا من الأعضاء النشطين في الحزب . والنتيجة العملية أن الحزب الحاكم يفوز في الكثير من الدوائر عبر تحالف فضفاض ، يتم بينه وبين القوى المحلية يستفيد منه الطرفان . فالحكومة تضمن عضواً ضمن كتلتها البرلمانية يصوت لصالحها حينما تحتاجه ، والعضو " المتحالف " معها يحقق مكاسب خاصة له من خلال عضويته في المجلس . وفي هذا الصدد نشير إلى أن الحزب الحاكم لا يهتم إن كان العضو المحسوب عليه يحمل مؤهلات للعمل في مجلس النواب ، إن لم نقل أنها تحبذ أن يكون مفتقدا لتلك المؤهلات ، لأن العضو الغير مؤهل يسهل على الحكومة أن تحصل على صوته في القضايا العامة ، التي قد لا يفقه فيها كثيرا ، على عكس العضو المتعلم الذي قد لا يكون مطواعا لها حتى اذا كان ضمن كتلتها البرلمانية (39) .
ومن خلال تجارب الانتخابات الماضية أصبح الناخب ، خاصة في الريف ، أكثر اقتناعا بأهمية انتخاب مرشح يحمل المواصفات التي سبق ذكرها ، مما ضمن للحزب الحاكم أغلبية كبيرة من المقاعد في الأرياف والمدن الصغيرة ، بشكل متزايد (40) .
والنتيجة أن النظام الانتخابي الحالي يعادي المرشح الذي لا يحمل تلك المواصفات مثل النساء والطبقة المثقفة وكل من يترشح أمام مرشح الحزب الحاكم . وفي مثل هذا المناخ السياسي يصبح تنافس النساء في الانتخابات بفرص غير متكافئة ، اذا كن مرشحات مستقلات أو ضمن أحزاب المعارضة ، وتستفيد من هذا الوضع مرشحة حزب المؤتمر الشعبي التي قد تضمن الفوز بوسائل غير ديمقراطية .
ثانيا: العوائق الذاتية :
يواجه وصول النساء إلى البرلمان عوائق ذاتية تختص بها النساء فقط لكونهن نساء ، وهذه العوائق تنقسم إلى نوعين عام وخاص ، فالعام يتعلق بالبنية الاجتماعية / الثقافية في اليمن ، وتجاوز هذا العائق يحتاج إلى تغيير في تلك البنية وهو أمر لا يمكن تحقيقه إلا على مدى زمني طويلة . وأما العوائق الذاتية الخاصة فأنها اشبه ماتكون بأمور إجرائية يمكن عبر التدخل القصدي إزالتها أو التخفيف من أثرها .
ويمكن تلخيص العوائق العامة التي تعوق المشاركة السياسية الفاعلة للنساء في هيمنة الثقافة الذكورية على المجتمع اليمني ، وما تتركه تلك الهيمنة على البنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية .
ولهذا فإن القاء الضوء على هذه الثقافة وآلية عملها والعوامل المؤثرة في بقائها وازدهارها ، من شأنه أن يوضح الكثير من جوانب الظاهرة موضوع الدراسة .
1- هيمنة الثقافة الذكورية :
تنتمي اليمن إلى منظومة القيم الثقافية العربية الإسلامية ، وهي قيم ترسخ وتمجد المجتمع الأبوي الذكوري . ولا تحظى النساء ضمن هذه المنظومة بحقوق وواجبات متساوية مع الرجل . ويتم استبعادهن من الكثير من الأنشطة ، خاصة منها ما يتعلق بالشئون العامة التي تحتكرها فئة قليلة من الرجال ، بينما يتم تحديد أدوار معينة للنساء لا تخرج في مجملها عن النشاطات المنزلية كإعداد الطعام وتربية الأطفال .
وكنتيجة لرسوخ وسيادة الثقافة الذكورية نلاحظ الفوارق الكبيرة بين الجنسين في الكثير من المجالات كالتعليم والدخل والتمكين الاقتصادي وشغل الوظيفة العامة ، فنسبة الأمية في صفوف النساء في اليمن أكبر بكثير نسبتها بين الذكور ، وحصة النساء من الدخل القومي تكاد لا تذكر ، هذا إضافة إلى غياب المرأة الكلي عن مراكز صنع القرار في دوائر الدولة المختلفة .
وساهمت عوامل كثيرة ، ولا زالت تساهم ، في وجود واستمرار الثقافة الذكورية في المجتمع اليمني أهمها :
- الانتماء الثقافي والحضاري : تعد الثقافة العربية الإسلامية من أكثر الثقافات ذكورية بين الثقافات الحية . ويتم تبرير هذه الثقافة عبر حجج دينية ترى ، بحق أو بباطل ، ان الأدوار والوظائف المحددة للنساء تنبني على أوامر دينية تجعلها جزءاً لا يتجزأ من العقيدة الدينية التي لا يجوز مخالفتها . وعلى هذا الأساس ، تصبح الثقافة الذكورية عصية على التحول والتغير ، حتى مجرد النقد ، بسبب الربط بينها وبين العقيدة الدينية . ونتيجة لذلك تتحول القضايا المتعلقة بالنساء إلى قضايا دينية ، مثل قضية المشاركة السياسية للنساء التي اصبحت وفقاً لذلك مثار جدل فقهي لم ينتهي حسبما اوضحنا سابقاً .
-الحجم المتدني من المعرفة والتعليم : يعاني اليمن من ارتفاع معدلات الأمية ، والتي تزيد نسبتها بين السكان عن 50% ، وتصل في صفوف النساء الى ما يزيد عن 60% ، وتبلغ في المناطق الريفية مايفوق نسبة 80% (41) . ولا يقتصر الأمر على ذلك ، إذ أن غير الأميين في غالبيتهم لا يتجاوز تعليمهم معرفة القراءة والكتابة ، أي أنهم لا يختلفون كثيراً عن الأميين . وهذا وضع يعد مثالياً لتغذية وازدهار الثقافة الذكورية في أي مجتمع .
ونتيجة لذلك يبرز الموقف السلبي في المجتمع اليمني من المشاركة السياسية للنساء ، إذ يصبح من العسير على غير المتعلمين ، أو محدودي التعليم ، إدراك أهمية المشاركة السياسية بشكل عام ، ومشاركة النساء السياسية بشكل خاص . وكما هو معروف فإن التعليم يعد شرطا أساسيا لحدوث تنمية سياسية حقيقية وإنجاح الممارسة الديمقراطية كما تؤكده الكثير من الدراسات والأبحاث (42) .
- طغيان الثقافة الريفية : تنبع الثقافة الذكورية من المجتمعات الريفية بشكل أساسي ، إذ أن المجتمع الريفي ، بحكم تركيبته الاقتصادية والاجتماعية مجتمع ذكوري . وفي اليمن يعيش أكثر من 80% من السكان في مناطق ريفية أو مدن صغيرة شبه ريفية ، وحتى النسبة الباقية من سكان المدن ، يطغى عليهم الطابع الريفي فيما يسميه علماء الاجتماع الحضري ، بظاهرة تريف المدن – التي تعاني منها جميع الدول العربية تقريبا – وهي ظاهرة تنتج من غلبة السكان ذوي الأصول الريفية على سكان المدن التي هاجروا إليها . وتودي غلبة سكان الريف ، إلى سيطرة سياسية وثقافية الريفيين على المدن حيث تتراجع القيم المدينية المنفتحة لصالح القيم الريفية المحافظة .
وقد أدى هذا الواقع الاجتماعي إلى سيطرة الريفيين على السلطة / الثروة وبالتالي هيمن خطابهم الثقافي على المجتمع ككل . وبدلا من أن تكون المدن هي مصدر التأثير على بقية المناطق ، كما حدث في الدول الغربية بعد الثورة الصناعية ، أصبح الريف ببنياته الثقافية والاجتماعية هو المهيمن على المجتمع .
ويلاحظ شكل هذه الهيمنة في اليمن ، بشكل أساسي ، على منظومة القيم الاجتماعية ، حيث تراجع الخطاب المنفتح تجاه النساء ، وسادت قيم القبيلة على قيم الدولة ، وأصبح الكثيرون ، أفراداً ومؤسسات ، يحتكمون للعرف القبلي في حل منازعاتهم اكثر من احتكامهم للقضاء الرسمي الذي قلت فاعليته وازداد فساده .
- استمرار المجتمع الاستبدادي : يستمد الاستبداد مشروعيته من الثقافة الذكورية ، وتتغذى هذه الأخيرة من المجتمع الاستبدادي ، فكل عامل منهما هو سبب ونتيجة للعامل الأخر . فالاستبداد يقوم على إدارة المجتمع بواسطة القسر ، والقسر سلوك ذكوري ، حيث يسود منطق القوة على منطق الحق . وفي اليمن ورغم كل التحولات التي شهدتها ، لازال النظام السياسي يتسم بنوع من هذا الاستبداد ، بدليل أن القوة والقسر لا زالت تستخدم لفرض السلطة داخل المجتمع .
وتؤدي هيمنة الثقافة الذكورية الى معاناة النساء ، خاصة حين يفكرن بالدخول في ميادين النشاط العام ( حسبما اوضحنا في الجزء المتعلق بالمشاكلات التي تعاني منها المرشحات ) . ونلاحظ هنا أن الثقافة الذكورية ما فتئت تزداد قوة ، ولا يوجد في الأفق ما يشير إلى أن هذا الوضع في طريقة للانحسار .
2- ضعف الأداء النسائي داخل الأحزاب :
رغم أن النساء يشكلن ما يقرب من نصف الكتلة الانتخابية إلا أن وجودهن في الأحزاب ضعيف جداً ، وخاصة في الهيئات القيادية العليا التي ظلت محتكرة بشكل شبه كلي للرجال ، كما أشرنا سابقا . ويقتصر دور النساء داخل الأحزاب في التأثير على الناخبات كي يصوتن لصالح الأحزاب اللائي ينتمين اليها ، إذ تلعب النساء الحزبيات دورا كبيرا بين النساء خلال المراحل الانتخابية المختلفة .
ويترتب على ضعف الوجود النسائي في الهيئات القيادية العليا للأحزاب عدم تأثيرهن على القرارات الحزبية المتعلقة بقضايا النساء عموما ، وقضية ترشيحهن في الانتخابات خصوصا . وقد عبرت الكثير من النساء اللواتي كن يرغبن في ترشيح انفسهن عن عدم رضائهن عن الطريقة التي تم بها اختيار مرشحي أحزابهن ورأين انه تم استبعادهن من الترشيح بأمر أو توصية من داخل الهيئات القيادية العليا التي لا يحظين فيها بتمثيل يذكر . وهو الأمر الذي دفع ببعضهن للترشح بصورة مستقلة أو عدم التقدم بالمرة لخوض الانتخابات .
3- الأداء الباهت للعضوات السابقات :
إن الصورة السلبية التي يحملها الناخبون عن المرشحات النساء يمكن أن تتعزز أو تتراجع تبعا لأداء النساء داخل البرلمان . ومن خلال ثلاث دورات برلمانية تواجدت فيها النساء في البرلمان ، كان الأداء النسائي باهتاً ، بل كاد ان يكون معدوما . ولم يعرف عن أي من العضوات البرلمانيات تبنيها لقضية ما أو حتى مجرد سماع صوتها تحت قبة البرلمان ، وكانت معرفة هذه الحقيقة سهلة بالنسبة للمواطنين خاصة وأن جلسات البرلمان يتم بثها عبر التلفزيون . وقد عزز ذلك الأداء الضعيف لعضوات مجلس النواب الاعتقاد السائد بعدم جدوى وجود النساء في البرلمان .
النتائج والتوصيات
يمكن وصف حجم وطبيعة المشاركة النسائية في انتخابات 2003 البرلمانية بأنها "جعجعة دون طحين" . فقد عـُقدت الندوات وحلقات النقاش وكثر الحديث الرسمي والحزبي عن أهمية المشاركة السياسية للنساء ، غير أن النتيجة العملية لكل ذلك لم تتعدى فوز مرشحة واحدة فقط – أحيط فوزها بالكثير من الشكوك - وهو الأقل من بين الدورات الانتخابية السابقة التي لم تشهد نشاطات مماثلة .
وفيما يلي سوف نركز على أهم النتائج والتوصيات التي خرجت بها هذه الدراسة في النقاط التالية :
1- يسير وجود النساء في البرلمان في طريق التناقص ، إلى حد توقع انقراضه في المستقبل إذا أستمر المنحنى في السير نحو اتجاهه الحالي . وينطبق الأمر نفسه على عملية الترشيح أيضا ، فبعد أن كان عدد المرشحات عام 1993 (42 ) مرشحة تناقص العدد ليصل إلى ( 11 ) مرشحة فقط بعد دورتين ، أي أنه صار أقل من الربع تقريبا ، مما يعني انه يسير في اتجاه معاكس للافتراض المنطقي .
2- يعتبر إرتفاع نسبة تسجيل النساء من 18% في انتخابات 1993 إلى 42% في انتخابات 2003م ، مؤشراً إيجابياً مهماً يدل على اتساع حجم المشاركة السياسية للنساء ، على الرغم من أن هذه المشاركة الكبيرة في التسجيل لم تترجم إلى ما يناسبها في عدد المرشحات والفائزات من النساء . ومع ذلك فإن هذه النسبة تعد من النسب العالية حتى على مستوى الكثير من الدول المتقدمة ، مما يساهم في ارتفاع مستوى الوعي السياسي العام وبالأخص بين النساء . والنقطة الإيجابية في هذا الأمر تكمن في أن الوجود الكثيف للنساء كناخبات من شأنه التأثير إيجاباً في قضايا النساء عموماً ومشاركتهن السياسية خصوصاً في المستقبل ، إذ أن تعود النساء على المشاركة في الانتخابات ، تسجيلا أو تصويتا ، من شأنه أن يرفع درجة الوعي السياسي لديهن ويرسخ عندهن فكرة المشاركة الانتخابية التي ستصبح في هذه الحالة جزءاً من الثقافة العامة .
3- يخدم وجود مرشحات في بعض المناطق قضية المشاركة السياسية للنساء ، وعلى الرغم من الأداء الضعيف لبعض المرشحات في انتخابات 2003 إلا أن مجرد وجودهن يخدم هذه القضية ، خاصة في الريف ، إذ يؤدي إلى نتائج إيجابية كثيرة ، أهمها كسر الحاجز النفسي في المجتمع حيال وجود مرشحات . الأمر الذي من شأنه تطبيع الناس على وجود نساء مرشحات في المنافسة الانتخابية . حيث يصبح ترشح امراة سابقة تؤسس لقاعدة مستقبلية مقبولة اجتماعياً .
4- تعد تجربة المرشحة محفوظة السعاف ( المحكي عنها بتفصيل اعلاه ) تجربة فريدة من نوعها في انتخابات 2003 . لقد خاضت المذكورة تجربة متفردة من حيث الأداء والنتائج ، ويتضح من خلال هذه التجربة أن الكثير من الأفكار المسبقة حول قدرة المرأة على المنافسة يمكن أن تتعدل اذا برزت نساء يمتلكن من الشجاعة والمثابرة ما يجعلهن قادرات على فرض وجودهن في الساحة السياسية رغم كل العوائق .
5- يساهم النظام الانتخابي اليمني في تدني فرص النساء في الحصول على نصيب مهم في مجلس النواب ، فكون الفائز للمجلس يعد ممثلاً للمنطقة التي يفوز فيها ، وحلقة وصل بين الإدارة المركزية أو المحلية والمواطنين في الدائرة ، فإن ذلك يساهم في تحديد مواصفات معينة للعضو المنتخب لمجلس النواب ، وهي مواصفات تنطبق بالدرجة الأولى على الوجاهات الاجتماعية من مشايخ ورجال أعمال ومسئولين حكوميين ( كما أوضحنا بتفصيل سابقا ) . وبالتالي فإن هذا النظام يستبعد شريحة واسعة من السكان ، في مقدمتهم شريحة النساء . ويشير ذلك الى ضرورة إيجاد نظام انتخابي بديل ، مثل نظام ( الكوته النسائية ) أو نظام القائمة النسبية أو غير ذلك من الأنظمة والوسائل التي يمكن أن ترفع ، ولو بشكل اصطناعي ، نسبة مشاركة النساء في العمل السياسي في اليمن.
وفي هذا الشأن يبدو من المهم الإشارة الى تجربة الأردن التي تم تبنيها في الانتخابات الأخيرة ، والتي تم بموجبها تحديد حد أدني من مقاعد البرلمان يتم شغلها من قبل المرشحات الفائزات او المرشحات اللاتي حصلن على على أكبر نسبة من أصوات الناخبين مقارنة بغيرهن من المرشحات .ويتميز هذا النظام بأن المرشحات يبذلن ضمنه كل جهدهن للفوز أ و للحصول على أكبر عدد ممكن من الأصوات .
5- يتبين من خلال عملية استطلاع الرأي التي أجريناها في هذه الدراسة أن الموقف الاجتماعي لا يزال في غير صالح المرأة ، الأمر الذي يؤكد الحاجة إلى بذل جهود كبيرة من قبل الحكومة والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والجهات المهتمة لتوعية المجتمع بشكل عام حول أهمية المشاركة السياسية للنساء ، والتركيز في ذلك على الجهود الرامية لتوعية شريحة النساء ودعم استقلالهن السياسي .
6- يوضح الغياب الكلي لتسجيل النساء في بعض الدوائر ( أنظر الجدول رقم 3 ) طبيعة الذهنية التي لا زالت سائدة في بعض المناطق تجاه المشاركة السياسية للنساء في اليمن . ان هذا الغياب كان نتيجة لسيطرة لرجال وهيمنتهم على حق النساء حينما قرروا انتزاع ذلك الحق وكأنه أمر يخصهم وليس حقا من حقوق المواطنة .
ان ما حدث في تلك الدوائر كان افتئاتاً واضحاً على حق النساء وتعد لا يمكن قبوله ، اذ لا يصح أبداً للرجال أو المرشحين أن يقرروا للنساء المشاركة في الانتخابات من عدمها ، أن الأمر في هذا الشان عندما يتم بهذه الصورة يعتبر إخلالاً جوهرياً بأهم مبادئ المواطنة . وتتطلب معالجة مثل هذا الأمر موقفاً واضحاً ضده من قبل الأحزاب واللجنة العليا للانتخابات ، والضغط بكل الوسائل المشروعة لعدم تكراره في المستقبل .
7-إن هشاشة النظام الديمقراطي في اليمن ، تنعكس سلباً ، وبشكل مباشر ، على حجم وطبيعة المشاركة السياسية بشكل عام ، وعلى حجم المشاركة السياسية للنساء بشكل خاص . إذ أنه من غير الواقعي أن نتوقع من نظام سياسي لا زال بعيدا عن الممارسة الديمقراطية الحقيقية ، أن يساعد شريحة النساء مثلاً على المشاركة السياسية الفاعلة ، في الوقت الذي لا يسمح فيه هذا النظام لبقية الشرائح بهذه المشاركة . أن النساء مثلهن ومثل بقية شرائح المجتمع يتأثرن بانعكاسات ضعف النظام الديمقراطي ، ولكن ذلك التأثير غالباً ما يقع عليهن سلباً بشكل أكبر .
ان التحسن في أداء النظام السياسي في المستقبل هو الكفيل بتحسين وضع النساء السياسي ، واذا حدث ذلك فإن اثر الثقافة الذكورية ، المهيمنة حاليا ، سيتخفف من حدته الراهنة ، لأن الثقافة الذكورية في الأساس هي ثقافة الاستبداد . وأي ضعف يتعرض له النظام الاستبدادي سيعبر عن نفسه في ضعف الثقافة الذكورية ، والعكس صحيح .
8- تقع على عاتق الحركات النسوية مهمة كبيرة في سبيل توعية الناخبات بأهمية أصواتهن في تحديد نتيجة الانتخابات ، وايضاح وتأكيد أهمية استثمار هذه الأصوات لصالح قضايا النساء ، ومن ضمنها قضية المشاركة السياسية .
9- أن النظرة الاستشرافية لمستقبل المشاركة السياسية للنساء في اليمن على ضوء كل ما تقدم ، لن تكون متفائلة كثيراً لمستقبل هذه المشاركة . وهو أمر يتطلب من الجميع التفكير بوسائل وآليات محددة تدفع إلى تغيير هذا الوضع بكل الوسائل الممكنة وفي مقدمتها تعديل النظام الانتخابي ، وإلا فأن الوضع سيستمر مغيباً نصف المجتمع عن تقرير مصيره المرتبط حتماً بكل المجتمع .
هوامش ومراجع :
1- تقرير التنمية البشرية لعام 1999 – برنامج الأمم المتحدة الإنمائي .
2- المرجع السابق .
3- قانون الانتخابات والاستفتاء رقم 13 لعام 2001
4- اللجنة العلياء للانتخابات ، قطاع الشئون الفنية .
5- كتاب الإحصاء السنوي 2001 ، ص 174.
6- قبل مرحلة طلب الترشيح كان هناك عدد كبير من النساء أبدين رغبة في الترشيح وتم إجراء بعض من برامج التدريب التي ساهمت فيها جهات أجنبية مانحة بالتعاون مع منظمات محلية ، وكان من اؤلئك النساء من هن تابعات للمؤتمر الشعبي وكن يعدهن حزبهن للدوائر المغلقة ، وفي الأخير لم يتبقى من النساء سوى 11 مرشحة الأمر الذي خفف من الحماس الذي كان قد بدأ لدعم المرشحات .
7- في مقابلة خاصة مع رمزية الإرياني – نائبة رئيسة النشاط النسوي في المؤتمر الشعبي العام – أفادت بأن قيادة المؤتمر كانت قد أعدت 20 امرأة ليكن مرشحات عن المؤتمر في حال تم الإقرار بمبدأ الدوائر المغلقة ، وأقام المؤتمر ورش عمل لهن في عدن .
8- صحيفة الثورة ، تاريخ 15 أبريل 2003 .
9- نسقت أحزاب اللقاء المشترك فيما بينها في حوالي 171 دائرة ووصل الأمر إلى حد أن بعض الدوائر لم يكن بها سوى مرشحين أثنين ، ورغم كل ذلك فإن تلك الأحزاب لم تنسق في الكثير من الدوائر التي كان من الممكن أن تفوز فيها بسهولة على مرشح الحزب الحاكم ، كما هو الحال في عدن حيث غاب التنسيق فيها بشكل كلي - الصحوة 17 أبريل 2003.
10- في ندوة أقامها منتدى الشقائق العربي بتاريخ 29-5- 2003 ، قالت المرشحة فاطمة القحطاني أن قبيلتها أصدرت بيان ، خلال الحملة الانتخابية ، أعلنت فيه أنها لا تنتمي للقبيلة ، وكان ذلك البيان وسيلة احتجاج من قبيلتها ضد ترشيحها .
11- المعروف أن الناخبين الذكور هم الأعلى من حيث العدد في كل الدورات الانتخابية كما أنهم يؤثرون بشكل كبير على مواقف نسائهم الانتخابية .
12- في ندوة منتدى الشقائق – المذكورة سابقا - صرحت أكثر من مرشحة ، أو راغبة في الترشيح بأنهن تعرضن لإشاعات من هذا القبيل ، فقد ذكرت إيمان العزعزي ، والتي كانت ترغب في الترشيح في مدينة الحديدة أنه تم ترويج إشاعات حولها وصلت حد الاتهام بإدارة بيت دعارة ، أما المرشحة فاطمة القحطاني ، فتقول بأن المنافسين لها قد زوروا عقود زواج لها لأكثر من شخص وقاموا بتوزيعها خلال الحملة الانتخابية .
13- في منتدى الشقائق قالت إحدى المشاركات بأن في دائرتها تم شراء أصوات النساء بمبالغ زهيدة تقل عن 100 ريال ، وهو مبلغ أقل كثيرا عن المبلغ الذي كان شائعا حول قيمة الصوت الواحد للرجال وهو 500 ريال .
14- واجهت الكثير من المرشحات رفض شديد من قبل النساء أكثر مما كن يواجهنه من الرجال ، هذا ما صرحت به أكثر من مرشحة ، أو من فكرت بالترشيح . أنظر بعض من تلك التصريحات في صحيفة الناس الأهلية بتاريخ 14-4-2003.
15 - صحيفة الميثاق بتاريخ 27-4-2003 ،
16- لا زالت النساء في دول الخليج المجاورة لليمن محرومات من حقوقهن السياسية وبالتحديد في الكويت التي لم تسمح قوانينها للنساء بالمشاركة في الانتخابات ، أما في السعودية فإن هذا الحق يحرم منه الرجل أيضا حيث لا وجود لمبدأ الانتخابات أصلا .
17- البرنامج الانتخابي لحزب البعث العربي القومي . الحزب المذكور أنسحب من الانتخابات ولم يفز بأي مقعد في الانتخابات الأخيرة
18- التقرير الوطني عن وضع المرأة في اليمن لعام 2002 – اللجنة الوطنية للمرأة .
19- صحيفة الميثاق تاريخ 14 أبريل 2003 ص 10 .،
20- مقابلة خاصة مع رمزية الإرياني ، مرجع سابق .
21- ذكرت أكثر من متحدثة في ندوة منتدى الشقائق العربي ، بأن القيادات المحلية للمؤتمر الشعبي كانوا يصرحون بأن المرشح المعتمد في الدوائر آلائي كن يردن الترشيح فيها هو مرشح الرئيس .
22- طعن مرشح الاشتراكي في صحة فوز المرشحة أوراس سلطان ناجي ، حيث أتهم الحزب الحاكم بأنه زور النتيجة لصالح مرشحته ، والتي فازت بفارق 230 صوتا فقط .صحيفة الثوري في 15-5-2003 ص4.
23- التجمع اليمني للإصلاح ، نبذة تعريفية 2003م – المركز الإعلامي للإصلاح .
24- عبد الله محمد الخيار ، المرأة بين الجمود والتطرف، ص 61- كتاب كان يوزع في المركز الإعلامي التابع للإصلاح قبل الانتخابات . ونفس الرأي نجده عند الدكتور غالب القرشي ، وهو قيادي في الإصلاح وعضو برلمان حالي ، في كتابة ولاية المرأة – الصحوة بتاريخ 5-6-2003 .
25- نشرت صحيفة الصحوة بتاريخ 19- 6- 2003 مقالين في صفحة واحدة لرأي مؤيد لترشيح المرأة وأخر معارض .
26- هذا ما صرح به محمد قحطان رئيس الدائرة السياسية في حزب الإصلاح في الحلقة النقاشية التي أقامتها المؤسسة العربية لحقوق الإنسان بالتعاون مع فريدريش ايبرت في الفترة 26-28 يناير 2003 .
27- في مقال لها في صحيفة المرأة العدد (74) أبريل 2003 قالت الدكتورة رؤوفة حسن بأن رئيس الدائرة السياسية في الإصلاح وعد في ندوة نظمت قبل انتخابات 1997 بأن يحسم حزبه موضوع ترشيح النساء خلال عامين من ذلك التاريخ وهو ما لم يحدث فعليا ، وقد شككت بأن الحزب سيحسم هذه المسألة قريبا.
28 – في مقابلة خاصة مع الصحفية رحمة حجيرة ، ذكرت بأن كثير من قيادي الإصلاح وعدوها بالدعم في حال قررت دخول الانتخابات في الدائرة 9 غير أنها عدلت عن الفكرة بسبب عدم الاستعداد من قبلها لتلك الانتخابات .
29- في تحليلها للتشكيلة الحكومية قالت صحيفة الصحوة ، تاريخ 22 –5- 2003 ، بأن الوزيرة أمة العليم السوسوه هي الوحيدة التي تلقى قبول شعبي من بين جميع الوزراء .
30- في البرنامج الانتخابي للحزب الاشتراكي كان هناك فقرة تقول بأن الإسلام عقيدة وشريعة ، وهذه العبارة تبدو جديدة في أدبيات الحزب .
31-شكت المرشحة رضية شمشير في مقابلة خاصة بأن الحزب قد خذلها خاصة قيادة الحزب في الدائرة .
32-حصل الحزب الاشتراكي عام 1993 على 57 مقعدا وانظم إلى كتلته 15 عضوا مستقلا ليصبح لديه داخل البرلمان 72 مقعدا مما جعله يحتل المرتبة الثانية بعد حزب المؤتمر .
33- في نشرة عن المركز الإعلامي لحزب الإصلاح ، تم سرد جملة من الخروقات
تمت من قبل اللجنة العليا منها رفض قبول ترشيح أشخاص من المعارضة .
34-صحيفة الناس الأهلية 21-4-2003 ، الصفحة الأولى .
35- خلال الحملة الانتخابية كان هناك الكثير من الأخبار تبثها صحف المعارضة حول اعتداءات تقوم بها السلطة أو مرشحي الحزب الحاكم استهدفت المرشحين المعارضين .
36-في المجلس الحالي ينتمي أكثر من ثلثي الأعضاء لفئات المشايخ ورجال الأعمال والمسئولين . أنظر دكتور عبد الجليل الصوفي ( نتائج الانتخابات النيابية 27أبريل 2003 مؤشرات ودلالات ) ص 5 . ضمن ندوة أقامها المركز اليمني للدراسات الإستراتيجية بالتعاون مع فريدريش ايبرت لتقييم الانتخابات بتاريخ 26-5-2003 .
37 -صحيفة اليمانية العدد 54 مايو 2003 ص 7 .
38- ذكرت ذلك في مقابلة خاصة مع الباحث.
39-في المجلس السابق فصل حزب المؤتمر أثنين من أعضائه لم يكونوا مطواعين للحكومة داخل مجلس النواب ، حيث كانوا يناقشون الحكومة في القرارات التي تتقدم بها . وقد تم فصل أحدهم فعلا وترشح عن حزب الإصلاح إلا أنه خسر أما الثاني فقد أعيد للحزب . وهذا المثل نموذج لتصرف حزب المؤتمر مع أعضائه الذين ينتقدون قرارات الحكومة بشكل علني .
40- في انتخابات 2003 خسر حزب المؤتمر أغلب مقاعد أمانة العاصمة وأكثر المدن الكبيرة بينما فاز في المناطق الريفية .
41 _ كتاب الإحصاء لعام 2001 ص 36
42 – تؤكد الكثير من الأبحاث العلاقة السببية بين ارتفاع مستوى التعليم وارتفاع مستوى التنمية السياسية . أنظر في هذا الشأن الكتاب الكلاسيكي – رجل السياسية ، سيمور مارتن ليبست . دار الأفاق الجديدة
% الزيادة السكانية
% الزيادة
إناث
% الزيادة
ذكور
%الإناث للذكور
إجمــالي
إنــاث
ذكـــور
انتخابات
18
2.88.323
478.379
2.209.944
1993
15
172
52
28
4.669.273
1.304.550
3.364.723
1997
20
161
39
42
8.097.433
3.414.640
4.682.793
2003
· اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء .
(تكملة لفقرة 2 ) ص 4 - مع العلم أن الزيادة الطبيعية في عدد السكان بين انتخابات 1993م ، 1997م كانت في حدود 15% و 20% بين انتخابات 1997م ، 2003م . ذلك يعني بأن الزيادة في عدد المسجلات فاقت الزيادة الطبيعية في عدد السكان .}
تكملة في صفحة 5 فقرة 1) ، وهي من أكثر المناطق بداوة في اليمن ، أقل محافظة تُسجل فيها النساء حيث لم تزد نسبتهن عن 32% من إجمالي عدد المسجلين .
إعادة كتابة في صفحة 9 - { وإن ساهم في إبراز المشكلة وجعلها قضية جديرة بالنقاش إلا أنها لم تساهم بشكل فعلي في زيادة عدد المرشحات ، الذي كان أقل بكثير مما كان متوقعا}
صفحة 10 الجدول العمود الاخير
اتجاه عدد المرشحات
% المرشحات النساء للرجال
إجمالي
نســـاء
انتخابات
1.3%
3166
42
1993
-22
1.4%
1311
19
1997
-8
8.%
1396
11
2003
صفحة 22. ولا ستيضاح تفاصيل هذا الموقف قمنا باجراء استطلاع للرأي { أقتصر على عينة من الشريحة الأكثر تعلما وتمدنا في اليمن يمكن من خلالها قراءة موقف هذه الشريحة الهامة من السكان } من قضية انتخاب نساء لمجلس النواب ، ويمكن من خلال نتائج هذه العملية الحصول على مؤشرات لموقف الرأي العام من انتخاب نساء في مجلس النواب ، مع التذكير أن عملية الاستطلاع هذه لا يمكن اعتبارها تعبر عن رأي جميع السكان } . وفي الجزء التالي نستعرض أهم المعلومات المتعلقة بهذا الاستبيان والنتائج المتمخضة عنه .
استطلاع لرأي عينة من الشريحة المتعلمة والمتمدنة حول انتخاب النساء في البرلمان :
المشاركة السياسية للمرأة في انتخابات 2003 البرلمانية في اليمن
مقدمة
يضع علما السياسة طبيعة وحجم مشاركة النساء في الحياة السياسية كأحد معايير مستوى التنمية السياسية في المجتمع ، وفي نفس الوقت أحد مقاييس درجة المساواة بين الجنسين . وبموجب ذلك فإن الدول التي تكون للنساء مشاركة سياسية عالية ، فأنها تصنف بأنها ذات تنمية سياسية عالية والعكس صحيح .
وما نقصده بالمشاركة السياسية للنساء يمكن تلخيصه من خلال حجم المناصب التي تحتلها النساء في الدولة ، المنتخب منها أو المعين ، وبالذات المناصب العليا التي تتولى شئون الدولة كالبرلمان والحكومة والمحاكم العلياء .
وفي اليمن رغم حداثة الممارسة السياسية فإن مشاركة النساء تعد أهم جوانب هذه الممارسة ، الأمر الذي يتطلب دراسة حجم وطبيعة الممارسة السياسية للنساء . وتمثل الانتخابات النيابة أحد المقاييس التي يمكن البناء عليها في التعرف على حجم وطبيعة المشاركة السياسية للنساء والاتجاه التي تسير فيه، خاصة وأن الانتخابات البرلمانية تعد من أهم الأحداث السياسية التي تشهدها اليمن منذ إعلان الوحدة عام 1990 . من ذلك كله تنبع أهمية هذه الدراسة وجدواها والتي موضوعها يتحدد بشكل أساسي حول شكل وطبيعة المشاركة السياسية في انتخابات 2003 البرلمانية وهي الانتخابات الثالثة التي تجرى في اليمن منذ إعلان الوحدة .
ومن أجل ذلك فإن الدراسة الحالية ستقوم بدراسة ميدانية ونظرية للمشاركة السياسية للمرأة في اليمن خلال الانتخابات البرلمانية اليمنية في 27 أبريل 2003 من خلال الوصف والتحليل لهذه المشاركة وما صاحبها من مشاكل ومعوقات ذاتية وموضوعية . وإلى جانب ذلك فإن الدراسة ستهتم بقراءة نتائج الانتخابات ووضع التوصيات المعتمدة على نتائج الدراسة .
وقبل البدء في هذه الدراسة لا بد من الإشارة إلى الخلفية التشريعية للمشاركة السياسية للمرأة منذ إعلان الوحدة ، وكذلك إلى المشاركة السياسية الفعلية للنساء في الدورات الانتخابية السابقة ، وهو ما سنفرد له الأسطر القادمة .
الأسس القانونية للمشاركة السياسية للنساء :
ترافق إعلان الوحدة عام 1990 مع تبني التعددية التي تضمنها دستور دولة الوحدة الذي تم اعتماده من قبل الأطراف الموقعة على وثيقة الوحدة ( حكومتي الشطر الشمالي والجنوبي من اليمن ) . وقد تضمن ذلك الدستور، الذي جرى استفتاء شعبي عليه عام 1991، على مواد منحت المرأة حق الانتخاب والترشيح للمناصب المختلفة بما فيها عضوية البرلمان حيث نصت المواد( 41،43) من الدستور على المسواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين بما فيها حق الترشيح والانتخاب للمناصب المختلفة .
ولم تثر قضية منح المرأة حقوقها السياسية جدل كبير بين الأطراف السياسية المختلفة في ذلك الوقت ، وحتى الآن ، على الرغم من وجود بعض الاعتراضات على بعض التفاصيل تثار بشكل رئيسي من بعض التيارات الإسلامية . والجدير ذكره هنا أن قضية مشاركة المرأة في الحياة السياسية لم تكن قضية جديدة على المجتمع اليمني ، ففي فترة ما قبل الوحدة كان قد سمح بشكل جزئي أو كلي للنساء في المشاركة في العمل السياسي في الدولتين . ففي الشطر الجنوبي كان للنساء وجود فعلي في مجلس الشعب الأعلى ( السلطة التشريعية في الشطر الجنوبي السابق) حيث كان هناك عشر نساء من بين 111 عضوا . أما الشطر الشمالي فإنه قد سمح للنساء بممارسة بعض الحقوق السياسية كالانتخاب للمجالس النيابية والترشيح في الانتخابات المحلية في بعض الفترات .
وبعد قيام الوحدة ودمج برلماني البلدين في برلمان واحد ، أصبح الأعضاء من النساء ، اللواتي كن جزءا من مجلس الشعب الأعلى ، أعضاء في برلمان الدولة الموحدة الجديدة.
وقد أقرت قوانين الانتخابات المتتابعة – ثلاثة منذ قيام الوحدة – حق المرأة في الترشيح والانتخاب ، فبحسب النص الوارد في القانون الحالي الذي صدر في نوفمبر 2001 المادة (3) " يتمتع بحق الانتخاب كل مواطن بلغ من العمر ثمانية عشر سنة شمسية إلى أخر الفقرة " وكان قد وصف القانون المواطن بأنه كل يمني أو يمنية ( مادة 2 – فقرة ب).
المشاركة السياسية للنساء في انتخابات 1993 :
قبل إجراء الانتخابات البرلمانية الأولى عام 1993 ، تم دعوة من يحق لهم الانتخاب من الذكور والإناث لأن يسجلوا أنفسهم في سجلات قيد وتسجيل الناخبين . وقد تولى الإشراف على عملية قيد وتسجيل النساء لجان نسائية فتحت في كل الدوائر خلال الفترة المحددة للقيد والتسجيل . وقد وصل عدد النساء اللواتي تسجلن في تلك الفترة ( 478.379 ) ناخبة من بين 2.688.323 بما يقرب من 18% من عدد المسجلين . وقد اعتبرت تلك النسبة ضئيلة قياسا بالحجم الفعلي للنساء الذي يساوي إن لم يكن يزيد عن عدد الذكور في بعض المناطق .
ومن جهة أخرى تقدمت (42 ) مرشحة، منهن (18) عن الأحزاب و (24) مرشحة مستقلة لخوض تلك الانتخابات من بين (3,166) إجمالي عدد المرشحين بما يعادل نسبة 1.3% من ذلك العدد . وقد نجحت امرأتان فقط في تلك الانتخابات من بين 301 ( عدد أعضاء البرلمان ) وهي نسبة أقل من 1% من عدد الأعضاء .
وفي انتخابات عام 1997 بلغ عدد المسجلات من النساء في تلك الانتخابات 1.304.550 من بين 4.669.273 أجمالي عدد المسجلين وهو ما يساوي 28% من العدد الإجمالي للمسجلين . وقد أعتبر ذلك العدد تطور ملحوظ قياسا بعدد المسجلات في انتخابات 1993 .
إما بالنسبة للمرشحات فإن العدد قد تناقص عما كان عليه في انتخابات 93، حيث أصبح عدد المرشحات 19 فقط من بين (1311) إجمالي عدد المرشحين وبنسبة 1.4% من العدد الإجمالي للمرشحين . ولم تختلف النتيجة عن انتخابات 93 من حيث عدد الفائزات إذ ظل العدد 2 .
مشاركة النساء في انتخابات 2003 كناخبات :
في 13 نوفمبر 2001 صدر قانون جديد للانتخابات لم تغير مواده شي يذكر فيما يخص وضع النساء كناخبات وكمرشحات . وبموجب ذلك القانون تم تبني سجل انتخابي جديد كان الهدف منه تلافي الأخطاء في السجلات السابقة . وقد دُعي من يحق لهم الانتخاب بأن يبادروا بالتسجيل الذي خصص له مدة شهر كامل تم فيها فتح مراكز تسجيل في جميع الدوائر الانتخابية في الجمهورية . وقد أدت عملية التسجيل تلك إلى تسجيل 3.414.640 امرأة بما يقارب 42% من إجمالي عدد المسجلين الذي بلغ 8,096.433 وهو ما يقارب نسبة 90% من إجمالي من يحق لهم الانتخاب في شهر سبتمبر 2002*الشهر الذي تم فيه عملية القيد والتسجيل . وتعد تلك النسبة كبيرة بكل المقاييس حيث أنها تقارب نسبة المسجلين في الدول الديمقراطية العريقة.
_______________
*يقدر عدد السكان في الفئة العمرية 18 سنة فأعلى بحوالي 45% من عدد السكان الذين كانوا يقدرون خلال نفس الفترة بحدود 19 مليون نسمة .
ويوضح الجدول رقم (1) حجم التغير في أعداد النساء المسجلات في السجل الجديد مقارنة بالسجلات القديمة الخاصة بالدورات الانتخابية الماضية ، وكذلك الحال بحجم تلك التغيرات مقارنة بالمسجلين من الرجال .
جدول رقم (1) *
حركة التغير في عدد المسجلات للانتخابات من النساء خلال ثلاث دورات انتخابية:
% الزيادة
إناث
%الزيادة
ذكور
%
إناث
إجمالي
إناث
ذكور
انتخابات
18
2.88.323
478.379
2.209.944
1993
172
52
28
4.669.273
1.304.550
3.364.723
1997
161
39
42
8.097.433
3.414.640
4.682.793
2003
* اللجنة العلياء للانتخابات والاستفتاء .
على ضوء الجدول السابق يمكن استخلاص النتائج التالية :
1- تصاعد عدد المسجلين ، رجالا ونساء ، بشكل كبير في كل دورة انتخابية قياسا بالدورة التي سبقتها . ففي حين كان عدد من سجلوا لانتخابات 93 (2,8 مليون شخص ) فإن العدد قد تضاعف تقريبا في انتخابات 97 وعلى نفس المنوال تضاعف عدد المسجلين لانتخابات 2003 ليصل العدد إلى أكثر من ثمانية ملايين مسجل .
ويدل هذا التزايد إلى زيادة في الوعي الانتخابي لدى المواطنين ، خاصة وأن تلك الزيادة كانت تفوق نسبة الزيادة الطبيعية في عدد السكان والتي لم تزد خلال نفس الفترة ( 1993- 2003 ) عن 50% .
2- كان معدل حجم التغيير في جانب النساء أكبر منه في جانب الرجال ، ففي حين كانت نسبة الزيادة في جانب الرجال في سجلات 1997، 2003 مقارنة بالدورة التي تسبقها 52% ، 39 % على التوالي ، وهو أقل بكثير من نسبة الزيادة في جانب الإناث لنفس الدورات والتي بلغت 172% ، 161% . وبحسبة أخرى فإن النساء المسجلات قد تضاعف عددهن 7 مرات تقريبا بينما لم يتضاعف عدد الرجال إلا بما يزيد قليلا عن مرتين .
3- تصاعدت نسبة عدد المسجلات خلال الثلاث الدورات قياسا بإجمالي المسجلين من 18 % في انتخابات 1993 ثم 27% في انتخابات 1997 لتصل إلى 42% في انتخابات 2003 ، وتصبح هذه النسبة قريبة من الحجم الطبيعي لعدد النساء في المجتمع والذي يتساوى مع عدد الرجال تقريبا ( الكتاب السنوي للجهاز المركزي للإحصاء لعام 2001 ) وتعد هذه النسبة متقدمة جدا قياسا بمستوى اليمن الاجتماعي والتعليمي والسياسي . إذ أنها تقارب المستويات في الدول الديمقراطية العريقة .
وهناك عدة أسباب يمكن أن نعزو لها هذا التطور في عدد المسجلات في الدورة الانتخابية الأخيرة وهي :
أ- تزايد حدة التنافس بين المرشحين ، خاصة بعد أن تم الاستقطاب بين الحزب الحاكم والمعارضة – أحزاب اللقاء المشترك – قبل الانتخابات ، وبالتحديد خلال فترة القيد والتسجيل . وقد ساد توقع خلال تلك الفترة بأن أحزاب اللقاء المشترك ستنزل بمرشح واحد أمام مرشح الحزب الحاكم في جميع الدوائر . وقد دفعت تلك التوقعات جميع القوى السياسية إلى الدفع بكل قوتها من أجل تسجيل أكبر عدد ممكن من الناخبين الموالين لكلا منها . هذا الأمر أدى إلى زيادة عدد المسجلين في الإجمال وبين النساء على وجه الخصوص .
ب- رافقت عملية القيد والتسجيل حملة قامت بها الحكومة لحث المواطنين على القيد والتسجيل مفادها بأن مرتبات الموظفين الحكوميين لن تصرف لهم دون البطاقة الانتخابية ،إلى جانب ما أعلنته الحكومة من أن الحصول على الرقم الوطني سيتم بواسطة سجل قيد الناخبين . وقد ساهمت تلك الحملة في زيادة عدد المسجلين .
ج- اكتسبت الأحزاب السياسية والمرشحين خبرة كبيرة فيما يخص الحشد والتأثير على الناخبين ، مع تزايد الإدراك بأهمية مرحلة القيد والتسجيل في حسم النتائج النهائية ليوم الانتخاب . ولذلك فإن المرشحين والأحزاب السياسية قد ساهموا بشكل كبير في دفع الناخبين ، وبالذات النساء في الأرياف ، لتسجيل أسمائهم في سجلات القيد والتسجيل . ويعتبر هذا العامل من أهم العوامل التي ساهمت في الارتفاع الحاد في نسبة المسجلين قياسا بالدورات السابقة .
د- قامت الجهات المانحة الدولية بالتعاون مع اللجنة العلياء للانتخابات والجهات الحكومية والمنظمات المحلية في توعية المواطنين بأهمية التسجيل في الانتخابات . ولهذا الغرض ، ساهمت وسائل الإعلام والندوات والبرامج التي تمت ، خاصة منها تلك البرامج التي خصصت لزيادة الوعي بأهمية التسجيل في الانتخابات في صفوف النساء ، في زيادة نسبة التسجيل.
ملامح عامة حول سجلات قيد الناخبات :
على الرغم من أن عدد النساء قد وصل إلى 42% من عدد المسجلين إلا أن هذه الصورة لم تكن عامة . فقد كان هناك تفاوت كبير في عدد المسجلات من محافظة إلى أخرى ومن دائرة إلى أخرى في نفس المنطقة .
ومن خلال استعراض الجدولين رقم (2، 3 ) يمكننا الخروج بالملاحظات التالية :
1- تفاوت عدد المسجلات من محافظة لأخرى ، حيث نجد أعلى نسبة تسجيل كانت في محافظة لحج والتي بلغت النسبة فيها إلى 49% أي أنها كانت مساوية تقريبا لعدد المسجلين من الذكور . تليها محافظة ابين التي وصلت فيها النسبة إلى 48% من إجمالي المسجلين . في المقابل كانت محافظة الجوف اقل محافظة سجلت فيها النساء حيث لم تزيد نسبة النساء عن 32% من إجمالي المسجلين .
2- ليس هناك عامل محدد يمكن ملاحظته نعزو له سبب تزايد التسجيل من محافظة إلى أخرى ، حيث أن عوامل مثل التمدن و التعليم ، لم يكن لها تأثير ملحوظ . حيث نجد أن عدد النساء المسجلات في الأمانة لم يتعدى 34% ، رغم أن الأمانة من أكثر المناطق حضرية وترتفع فيها نسبة التعليم بين الإناث ، بينما كان معدل تسجيل النساء في محافظة شبوه 47% ،على الرغم مما تتصف به المحافظة من بداوة إلى جانب أنها المحافظة الأخيرة في الترتيب من حيث تعليم الفتيات . أكثر المحافظات بداوة ، والأولى من حيث انخفاض مستوى تعليم الإناث ، حيث لم تبلغ نسبة الطالبات في المرحلة الثانوية 2% من عدد الطلاب . ( كتاب الإحصاء السنوي 2001 ص 168 ) .
وتوضح هذه النتيجة ، أن مستوى التمدن والتعليم لم يكن لهم الأثر الملحوظ على كثافة التسجيل في هذه المحافظة أو تلك .
3- في 42 دائرة زاد عدد النساء المسجلات عن عدد الرجال ( اللجنة العليا للانتخابات قطاع الشئون الفنية والتخطيط ) وكانت أكثر هذه الدوائر في مناطق الحجرية محافظة تعز . وسجلت الدائرة 45 منطقة الصلو أعلى نسبة تسجيل بلغت 57% ( انظر الجدول رقم 3 ) . والملفت للانتباه أن هذه الدائرة تقع في منطقة ريفية ، إضافة إلى أن الدوائر المجاورة لها شهدت ، هي الأخرى ، ارتفاع نسبة تسجيل النساء عن الرجال ، مما يعطي انطباع بوجود ميل عام في تلك المناطق في هذا الاتجاه . ويمكن إرجاع ذلك إلى عدة أسباب منها ارتفاع نسبة الوعي السياسي لدى النساء في تلك المناطق ، إضافة إلى أن هذه المناطق تتصف بهجرة كبيرة في صفوف الذكور للعمل في بقية مناطق اليمن وهو أحد التفسيرات في زيادة نسبة تسجيل الإناث فيها عن الذكور .
4- شهد السجل الانتخابي حالات فريدة من نوعها ، حيث كانت هنالك دائرتين لم تسجل فيهما النساء بشكل مطلق تقريبا . ففي الدائرتين 89 ، 272 كان عدد النساء المسجلات فيهما 24 ، 22 مسجلة فقط وهي نسبة لا تتجاوز 0.2% من عدد المسجلين . وقد أتضح أن أسباب هذه الحالة في الدائرتين يعود لأسباب خاصة .
ففي الدائرة 89 في منطقة بعدان الريفية ، قيل أن سبب عدم تسجيل النساء ، يعود إلى اتفاق بين الأهالي والمرشحين على عدم تسجيل النساء وبالتالي عدم مشاركتهن في الانتخابات . والطريف في الأمر أن أحد المراكز بدأت النساء في تسجيل أسمائهن الأمر الذي أدى إلى خلاف بين أهالي المنطقة حُـل وفق العرف القبلي عبر التهجير ( ذبح حيوانات ) من قبل أهالي المنطقة الذي سجلوا نساء كونهم قد خالفوا الاتفاق المبرم سلفا ، وقاموا بالتعهد بعدم مشاركة من تسجلن في الانتخابات .
أما الدائرة 272 الواقعة في منطقة بيت الفقيه محافظة الحديدة ، فأن سبب غياب النساء عن التسجيل في تلك الدائرة يعود إلى أن المرشح الرئيسي في المنطقة ( شيخ المنطقة ) كان من الثقة بالفوز إلى الدرجة الذي جعلته لا يشجع النساء في التسجيل كونه لم يكن يواجه أي تنافس حقيقي معه .
وبالإضافة إلى هاتين الدائرتين كان هناك دائرة في منطقة همدان محافظة صنعاء كان يمكن أن تلقى نفس مصير الدائرتين السابقتين ، فحتى أيام قليلة من انتهاء فترة القيد والتسجيل ، كان هناك اتفاق بين الأهالي على عدم تسجيل النساء والاكتفاء بتسجيل الذكور لولا نصيحة قدمت لهم من قبل أحد أعضاء اللجنة العليا للانتخابات بالعدول عن ذلك وهو ما تم فعلا وتم تسجيل عدد قليل من النساء خلال الفترة المتبقية .
وتدل هذه النماذج إلى الطريقة التي تـُعامل بها مشاركة النساء في الانتخابات في بعض المناطق ، إذ يقرر الرجال ، وبالذات المرشحين ، مصير النساء الانتخابي وكأنه أمر خاص بهم وليس حق من حقوق المواطنة .
وعلى كلا فإن هذه المظاهر لا تقلل من النتيجة الهامة التي أظهرها السجل الانتخابي الأخير ، فنسبة 42% للنساء المقيدات ، تعتبر الأعلى على مستوى الدورات الانتخابية السابقة وقريبة إلى الحجم الطبيعي لعدد النساء في المجتمع . كما وان هذا التسجيل الكثيف يدلل على ارتفاع في مستوى الوعي السياسي بشكل عام ، وإلى الأهمية التي يوليها المرشحون لأصوات النساء وهي أمور تعد إيجابية بكل المقاييس.
جدول رقم (2) *
عدد المسجلين والمسجلات في انتخابات 2003 على مستوى كل محافظة .
النسبـــــــــة
إجمــــــالــي
إنــــــــــــاث
ذكــــــــــــور
المحـــافظــــة
34 %
681.290
234.667
623.623
أمانة العاصمة
43 %
259.322
112.741
146.581
عـــــد ن
47 %
992.512
468.594
523.918
تعــــز
42 %
853.762
360.036
493.726
أب
48 %
200.226
95.761
104.465
ابين
39 %
246.842
95.811
151.031
البيضاء
47%
179.543
83.791
95.752
شبوه
41%
46.872
19.016
27.856
المهرة
46%
445.119
205.916
239.203
حضرموت
41%
818.048
339.823
478.225
الحديدة
45%
536.036
242.623
293.413
ذمـار
33%
112.550
37.737
74.813
مــارب
42%
566.221
240.250
325.971
صنــعاء
46%
230.566
106.744
123.822
المحــويت
41%
624.823
256.503
368.920
حجـــة
41%
624.823
70.305
186.757
صعــده
32%
116.143
37.659
78.484
الجوف
38%
412.865
159.289
253.576
عمــران
45%
201.157
91.590
109.567
الضالع
49%
316.474
155.784
160.690
لحــج
42%
8.097.433
3.414.640
4.682.793
الإجمــالي
*موقع اللجنة العلياء لانتخابات والاستفتاء http:\\www.scer.org.ye
جدول رقم (3)*
التفاوت في عدد المسجلات في بعض الدوائر .
% الإناث
إجمالي
ذكــور
إنــاث
المنطقة
الدائرة
57
21.009
8.921
12.088
الصلو – تعز
45
56
22.711
9.883
12.828
حيفان – تعز
70
51
25.910
12.732
13.178
ملحان- المحويت
239
51
29.399
14.371
15.028
جحاف – الضالع
298
12
25.684
22494
3190
صعــده
271
32
4.220
2.867
1.353
الجــوف
274
56
23.581
10.385
13.196
الضليعة – حضرموت
157
43
70.111
39.901
30210
الحديدة
163
2.
12.204
12.180
24
بيت الفقيه - الحديدة
172
2.
10.276
10.254
22
بعــدان – أب
89
*موقع اللجنة العلياء للانتخابات والاستفتاء ( مرجع سابق )
المشاركة النسائية في إدارة العملية الانتخابية :
بحسب قانون الانتخابات المادة رقم () فإن على اللجنة العلياء أن تشكل لجان نسائية لمرحلتي القيد والاقتراع كي تسهل للنساء المشاركة في الانتخابات . وقد ساهم هذا الأجراء في زيادة مشاركة النساء في عملية القيد والانتخاب . في مقابل ذلك فقد غابت النساء بشكل كلي عن الهيئات القيادية العلياء لعملية الانتخاب إذ أن اللجنة العليا للانتخابات لم تضم في عضويتها أية امرأة وكذلك حال اللجان الإشرافية التي تتشكل على مستوى المحافظات حيث لم يعطي منصب رئيس لأي إمراة بالاضافة إلى أن النساء لم يتولن إي إدارة لأي لجنة أصلية
ترشيح النساء للانتخابات ( تسجيل كثيف و ترشيح باهت ) :
بعد أن أظهر السجل الانتخابي ارتفاع نسبة النساء المسجلات كانت التوقعات والأماني ، بشكل خاص ، تتوقع بأن يكون لذلك الأمر تأثير إيجابي على حجم النساء في البرلمان . ولأجل ذلك بدأت الكثير من الفعاليات لتحقيق ذلك الغرض من قبل القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والهيئات والمنظمات الدولية المهتمة بالمشاركة السياسية للنساء . ويمكن ذكر بعضا من هذه الفعاليات التي سبقت عملية الترشيح في الأتي :
1- أقيمت الكثير من الندوات وورش العمل لبحث وسائل دعم وإيصال نساء للبرلمان في كثير من مناطق الجمهورية وبالتحديد في كلا من صنعاء وعدن وتعز . وكان من أبرز ما تم خلال هذه الفعاليات مناقشة العوائق القانونية والسياسية والاجتماعية أمام المرشحات النساء في انتخابات مجلس النواب وسبل حلها . وقد ساهمت تلك الفعاليات بشكل مباشر في زيادة الوعي بأهمية مشاركة المرأة في الحياة السياسية ووجودها في البرلمان بشكل خاص ، خاصة وأن تلك الفعاليات كان يحضرها ويساهم فيها مسئولون حكوميون وقادة الأحزاب وقادة الرأي . وقد أبدت الكثير من الجهات والهيئات ، الدولية منها بشكل خاص ، عن استعدادها لتقديم دعم مادي وفني للمرشحات النساء ، كتدريب مدرا للحملات الانتخابية وطباعة ملصقات الدعاية الانتخابية وغيرها من سبل الدعم الفني والمادي والمعنوي .
2- ترافق مع تلك الفعاليات مقترحات محددة كان من أهمها المقترح بتخصيص عدد معين من الدوائر الانتخابية ينحصر التنافس فيها على المرشحات النساء . وقد تم اقتراح 20 دائرة لهذا الغرض . وقد بدأت بعض الأحزاب كالمؤتمر الشعبي العام بتأهيل عدد من المرشحات ليكن جاهزات للدخول في تلك المنافسة . غير أن هذا المقترح واجه الكثير من المشاكل ، وفي النهاية لم يتم تبنيه نظرا لصعوبات قانونية وسياسية وفنية يمكن تلخيصها في النقاط التالية :
أ- هناك صعوبات قانونية ودستورية تحول دون تخصيص دوائر لشريحة معينة من المجتمع كالنساء ، فبموجب الدستور ، فإن الجمهورية تقسم إلى 301 دائرة انتخابية . وهذا يعني بأن من الصعب إضافة دوائر جديدة دون إجراء تعديل دستوري . أما في حال تخصيص جزء من الدوائر الحالية للنساء ، فأن من غير الممكن دستوريا وقانونيا حصر الترشيح على النساء في بعض الدوائر لأن في ذلك مخالفة صريحة لمبدأ المساواة الذي يضمنه الدستور ، وحتى لو تم ذلك كاتفاق بين الأحزاب ، فأن بإمكان أي رجل ، يقع ضمن هذه الدوائر، يرغب في ترشيح نفسه كمستقل ، أن يطعن بعدم دستورية أي رفض لترشيحه بحجة حصر التنافس على النساء في هذه الدوائر .
ب- ضمن الأحزاب الرئيسية الثلاثة – المؤتمر، الإصلاح ، الاشتراكي – لا زال حزب الإصلاح معارض لأن يرشح نساء ضمن قوائمه بحجة أن هذه المسألة لم تحسم داخل هيئاته – وهو ما سنستعرضه لأحقا - . وبالتالي فأنه لم يكن بالإمكان الاتفاق بين الأحزاب على هذا الأمر مادام أحد الأحزاب الكبيرة يعارض من حيث المبدأ ترشيح نساء للمجلس النيابي . ويضاف إلى ذلك أن الخلاف السياسي كان من الصعب حله بين هذه الأحزاب على حصص كلا منها في هذه الدوائر في حال تم تبني ذلك المقترح .
ج- كانت هناك صعوبات فنية في تحديد الدوائر التي ستخصص للنساء فما هي المعايير الموضوعية في ذلك التحديد؟ وكيف سيتم إقناع المرشحين والناخبين داخل هذه الدوائر بذلك الإجراء ؟ الذي كان سيترتب عليه حرمان كل الذكور من حق الترشيح في هذه الدوائر .
د- في حال تبني ذلك المقترح فإنه سيبدو ، في نظر البعض ، وكأنها عملية اصطناعية لزرع نساء داخل البرلمان رغم إرادة الناخبين ، وإخلال بمبدأ تكافؤ الفرص بين الذكور والنساء . فإجراء من ذلك النوع سيكون في نظر المعارضين شكل من أشكال المحاباة لشريحة النساء على حساب شريحة الرجال .
لقد أدت هذه العوائق وغيرها إلى التخلي عن فكرة تخصيص دوائر نسائية ومن ثم عادت الأمور إلى الوضع الطبيعي ، أي تنافس النساء مع الرجال في وضع تنافس كامل ، أن صح التعبير.
في نهاية المطاف كانت النتيجة الفعلية لكل ذلك الصخب والنقاش ، ترشيح عدد من النساء أقل من المتوقع بكثير، وأقل بكثير عما كان عليه الحال في الدورات السابقة والتي لم تشهد هذا الكم الكبير من الفعاليات والنقاش كما حدث في هذه الدورة .
ويبين الجدول رقم (4) حجم المرشحات من النساء في هذه الانتخابات والانتخابات الماضية ، والذي يشير إلى ميل واضح في تناقص عدد المرشحات من النساء بشكل مستمر . وبقراءة لأهم ما يشير له الجدول يمكن الخروج بالنتائج التالية :
1- يتناقص عدد المرشحات في كل دورة انتخابية قياسا بالدورة التي تسبقها ففي حين كان عدد المرشحات لانتخابات 1993 (42 ) مرشحة فإن العدد أصبح 19 مرشحة فقط في انتخابات 1997 أي أن العدد نقص بـ22 مرشحة . وعلى نفس المنوال انخفض عدد المرشحات لانتخابات 2003 عن العدد الذي كان عليه في انتخابات 1997 من 19 مرشحة إلى 11 مرشحة فقط .
2- ترافق تناقص عدد المرشحات من النساء مع تناقص في العدد الإجمالي للمرشحين خلال الثلاث الدورات الانتخابية ففي حين كان إجمالي عدد المرشحين عام 1993 ( 3166 ) فإن العدد أصبح عام 2003 (1396 ) أي أنه تقلص إلى أكثر من النصف . وكان نصيب المرشحات النسا أكبر من الرجال ففي حين كانت نسبة المرشحات النساء عام 1997 1.4% فإنها أصبحت 0,8% عام 2003 .
ويمكن إرجاع تقلص أعداد المرشحات للأسباب التالية :
1- زيادة التنافس السياسي في انتخابات عام 2003 بعد حالة الاستقطاب السياسي الذي شهدتها الساحة السياسية . فقد كانت صورة التنافس الانتخابي ، عشية الانتخابات وكأنها ستتم بين قطبين الأول ، حزب المؤتمر الشعبي العام والثاني أحزاب اللقاء المشترك الذي كان يظم جميع أحزاب المعارضة الرئيسية . وقد أثر هذا الوضع على المرشحات من النساء ، حيث أدى ذلك إلى إحجام الأحزاب الرئيسية ، وبالذات ، الحزب الحاكم ، من إنزال مرشحات نساء لخشيتهم من فقدان مقاعد هم في أمس الحاجة لها في انتخابات تنافسية بذلك الشكل الذي كان يعتقد .
وقد أدى هذا الوضع إلى تناقص عدد المرشحات بشكل عام والحزبيات بشكل خاص .
2- وضع قانون الانتخابات الجديد قيودا على المرشحين المستقلين ، حيث تنص المادة ( 58) على ضرورة أن يحصل المرشح المستقل على تزكية ما لا يقل عن 300 ناخب من الدائرة التي سيرشح فيها ومن جميع المراكز ( قانون الانتخابات) . وقد اشترطت اللجان الأصلية على المرشح المستقل بأن تتم التزكية أمام قاضي المحكمة الابتدائية وبحضور المزكيين ، وهو أجراء صعب على الكثيرين تنفيذه مما قلل من أعداد المرشحين المستقلين وبالذات المرشحات النساء .
3- بعد دورتين انتخابيتين لم تحقق فيهما المرشحات النساء نتيجة تذكر، وبالذات المرشحات المستقلات التي لم تفز أي واحدة منهن خلال الانتخابات السابقة ، أصبح الإدراك واضح لدى النساء بصعوبة الفوز ، إن لم يكن استحالته ، ما لم يكن مدعومات من قبل الأحزاب الكبيرة . فبالنسبة لبعض النساء والذي لهن حضور بارز في النشاط العام ويحملن الكثير من المؤهلات العلمية فإن خوض الانتخابات كمرشحات مستقلات يحمل الكثير من المخاطر على مكانتهن الاجتماعية عندما يهزمن أمام مرشحين أقل منهن تعليما ومكانة وبفارق ضخم . هذا الأمر تم اختباره في الدورات الانتخابية السابقة من قبل بعض الشخصيات النسائية المعروفة * وكانت تلك النتائج قد جعلت الكثيرات يحجمن عن خوض الانتخابات في هذه الدورة . وكان الاستثناء ما قامت به المرشحة رضية شمشير ، وهي من قياديات العمل النسائي ، التي نزلت كمرشحة مستقلة وخسرت بفارق كبير – وهو ما سنذكره لاحقا - وهي خسارة سترسخ ذلك الميل لدى الشخصيات النسائية بعدم خوض الانتخابات البرلمانية مستقبلا .
4- منع حزب المؤتمر الحاكم أي عضو من أعضائه من الترشيح بصورة مستقلة كما كان يحدث في السابق وقرر معاقبة كل من يخالف ذلك بفصله من الحزب . وقد أدى هذا الأمر إلى امتناع بعض النساء المنضويات في الحزب الحاكم من الترشيح بصفة مستقلة . وهو ما قلل من عدد المرشحات بشكل عام . ولم يقتصر الأمر على الحزب الحاكم فالحزب الاشتراكي هو الأخر منع أعضائه من التنافس في الدائرة التي يكون للحزب مرشحا فيها . كما عمل مع رضية شمشير وهي أحد أعضاء المكتب السياسي للحزب – أعلى هيئة قيادية في الحزب – عندما قرر الحزب أن يرشح في الدائرة التي كانت ترغب الترشيح فيها شخص أخر . وقد دفعها ذلك العمل إلى الاستقالة من الحزب والنزول كمرشحة مستقلة .
* خاضت الدكتورة رؤوفة حسن وهي من الشخصيات النسائية المعروفة انتخابات 1993 ولم تفز . وتعد نموذج جيد لمخاطر خوض الانتخابات لهذه الشريحة من النساء .
جدول رقم (4)*
حركة اعدد المرشحات في الأعوام 1993 – 1997- 2003 .
الاتجاه
النسبـــة
إجمالي
نســـاء
انتخابات
1.3%
3166
42
1993
-22
1.4%
1311
19
1997
-8
8.%
1396
11
2003
*اللجنة العليا للانتخابات
طبيعة المرشحات في انتخابات 2003 :
من بين الأحد عشر مرشحة كان هناك 6 مرشحات حزبيات ثلاث منهن ينتمين للحزب الاشتراكي ومرشحة واحدة لكلا من المؤتمر الشعبي ، الوحدوي الناصري ، الجبهة الوطنية – ( جدول رقم 6 ) أما بقية المرشحات الخمس فكن مستقلات .
وعلى صعيد المناطق آلائي ترشحن فيها فقد كانت مدينة عدن هي المدينة التي ضمت ما يقارب نصف المرشحات بينما توزع العدد المتبقي على المناطق الأخرى كلها مناطق ريفية .
المشاكل التي تواجهها المرشحات النساء :
إلى جانب المشاكل العامة التي تواجه المرشحين بشكل عام هناك مشاكل خاصة بالمرشحات النساء نذكر منها ما يلي :
1- وجود معارضة كلية أو جزئية من الأهل والأقارب تعترض طريق بعض المرشحات ، فبينما يحظى المرشحين الرجال بدعم عائلي واسع فإن المرشحات النساء لا يحصلن على هذا الدعم وفي بعض الأحيان يواجهن مشاكل كبيرة من قبل بعض الأقارب الذين يرفضون دخولهن هذا المعترك . فبعض المرشحات يواجهن خطر المقاطعة والرفض من جانب الأسرة أو بعض أفرادها لخوضهن الانتخابات وهو أمر يجعل الكثيرات يحجمن عن الترشيح .
2- بسبب العادات والتقاليد فإن المرشحة تجد صعوبة كبيرة في الوصول إلى الناخبين من الرجال لصعوبة الالتقاء بهم في بعض الأماكن كمقايل القات أو المساجد أو العامة التي تكون حكرا على الرجال .
3- تشكو الكثير من المرشحات من عمليات التشويه الذي تتعرض لها صورهن خلال الحملة الانتخابية حينما يقوم المعارضين لترشيحهن ، بتغيير ملامح الصور وإضافة تعليقات ساخرة أو رسم شارب أو لحية على وجههن .
4- بعض المرشحات واجهن صعوبة في تجنيد رجال لحملتهن الانتخابية بسبب نظرة المجتمع لمن يقوم بالعمل لصالح مرشحة .
موقف الأحزاب السياسية من المشاركة السياسية للنساء :
منذ فترة مبكرة تم حسم قضية تصويت المرأة في الانتخابات ، حيث لم تثر هذه القضية جدل يذكر منذ أول ممارسة لها بعد الوحدة ، خلال عملية الاستفتاء على دستور دولة الوحدة عام 1991 . ومنذ ذلك الحين تبينت الأحزاب السياسية إلى أهمية الكتلة الانتخابية الضخمة الذي تمثله النساء في الانتخابات ، الأمر الذي أدى إلى تركيز النشاط بين هذه الشريحة من خلال الدفع بهن للتسجيل في الانتخابات ومن ثم تحريكهن لصالح مرشحيهم خلال عملية الانتخاب . وقد أدى ذلك كما سبق وذكرنا إلى ارتفاع نسبة التسجيل والمشاركة من قبل النساء في الانتخابات .
ومع ذلك فإن مواقف الأحزاب من مشاركة النساء لم تتعدى استغلالهن كصوت انتخابي فقط . والدليل على ذلك العدد الضئيل من المرشحات الحزبيات في هذه الدورة الانتخابية أو الدورات السابقة . وفي هذه النقطة فإن كل الأحزاب تستحق اللوم في عدم تمكين النساء من الترشيح والفوز في الانتخابات خاصة تلك الأحزاب التي تدعي دعمها للمشاركة السياسية للنساء . حيث يقع عليها اللوم أكبر من تلك التي لا تدعي ذلك ، كحزب الإصلاح الذي كان موقفه واضح ومنسجم حين لم يدعي بأنه يدعم ترشيح النساء بحجة عدم حسم هذه القضية داخل الهيئات القيادية للحزب كما يصرح بذلك قادة الحزب ( تصريح أمين عام الحزب محمد اليدومي في المؤتمر الصحفي الذي عقده الحزب في يوم 26 أبريل في مقر المركز الإعلامي للحزب )
ويوجه للحزب الحاكم أكثرية اللوم في كونه لم ينزل سوى مرشحة واحدة فقط في هذه الدورة رغم قدرته الكبيرة في إنزال أكثر من مرشحة نظرا لحجمه الذي أنعكس في حجم المقاعد الذي حصل عليها والتي تجاوزت 78% من مقاعد مجلس النواب . وقد شكت عضوات من المؤتمر قياداتهن على عدم إنزالهن كمرشحات ، واعتبرن ذلك نكوص عن وعود سابقة كن قد حصلن عليها من قيادات الحزب . ويبرر قادة حزب المؤتمر عدم ترشيح نساء إلى أسباب تتعلق بآلية اختيار مرشح الحزب للانتخابات ، الذي يقولون أنه يتم وفق اختيار قواعد الحزب في كل دائرة بشكل مستقل عن رغبات القيادة .
وبحسب ما يقولون ، فإن قواعد حزب المؤتمر رفضت ترشيح نساء عندما عـُرضت عليهم أسماء بعض المرشحات . غير أن بعض النساء من داخل المؤتمر ممن كن راغبات في الترشيح يقولن بأن هذا المبرر غير صحيح وأنه ليس سوى تهرب من قيادة حزبهن من تحمل المسئولية وتحميلها للقواعد . فبحسب رأي إحدى القيادات النسائية في المؤتمر ، فأن الهيئات القيادية في المؤتمر تتحمل المسئولية الرئيسية في عدم إنزال مرشحات نساء ، فالقواعد التي قيل أنها كانت المسئولة عن الترشيح ، تم تلقينها من قبل القيادة برفض ترشيح النساء أو في أحسن الحالات لم يتم تشجيعهم أو الضغط عليهم لترشيح نساء .
وعلى كلا ، فإن المؤتمر الشعبي يعتبر المسئول الأول ، بحكم حجمه وثقله السياسي ، عن ضعف الوجود النسائي في الانتخابات الأخيرة .
أما الحزب الاشتراكي فعلى الرغم من أنه كان اكثر الأحزاب الذي رشح نساء في قوائمه ، إلا أنه لا يـُعفى من المسئولية لاقتصاره على ترشيح ثلاث نساء فقط في الوقت الذي كان بإمكانه أن يرشح أكثر من ذلك ، مع العلم بأنه يلام في عدم ترشيحه لإحدى قياداته المعروفات وهي المرشحة رضية شمشير التي كانت فرصتها في الفوز كبيرة فيما لو ترشحت بواسطة الحزب بدلا من نزولها كمرشحة مستقلة . وهو ما أدى إلى خسارتها وخسارة الحزب لتلك الدائرة .
وفيما يخص حزب الإصلاح فأنه خلال هذه الدورة الانتخابية قد فضل السكوت على الصعيد الرسمي ، على الأقل ، من الحديث عن المشاركة السياسية للنساء وإن بدأت تصريحات قادة الحزب أكثر إيجابية نحو ترشيح النساء وتعللهم بأن بعض قيادات الحزب لا زالت معارضة لترشيح المرأة ووعدهم ، الذي يقال للمرة الثانية ، بأنهم في طريقهم لحسم هذه القضية لصالح ترشيح المرأة قريبا .
ومن أجل هذا الغرض فإن بعض الكتب التي كانت توزع داخل المركز الإعلامي للحزب ، تؤيد ترشيح المرأة في الانتخابات كون عضوية مجلس النواب لا تدخل في باب الولاية العامة التي لا زالت وفق رؤيتهم حكرا على الرجال ( المرأة بين الجمود والتطرف . عبد الله محمد الخيار - كتاب وزع داخل المركز إعلامي للإصلاح )
الموقف الاجتماعي من انتخاب المرأة في مجلس النواب :
يبرهن الحجم المتدني من النساء في المجالس النيابية الثلاثة التي تشكلت منذ الوحدة ، إلى أن هناك موقف اجتماعي رافض لانتخابهن في البرلمان . وقد يكون هذا القول صحيحا بشكل عام ، إلا أن الضرورة العلمية والحكمة السياسية تتطلب منا أن ننظر بعمق أكبر إلى هذه المشكلة في جوانبها المتعددة ومنها بالطبع الموقف الشعبي غير المؤيد للمرشحات النساء في الانتخابات . ولهذا الغرض فقد قامت الدراسة بمحاولة لتلمس حقيقة الموقف الشعبي من قضية ترشح وانتخاب نساء في البرلمان عبر القيام بمحاولة محدودة لسبر الرأي العام عبر القيام باستبيان للرأي ، ندعي بأنه كان مفيدا في التعرف على هذه الزاوية من القضية .
وفي السطور التالية سنقوم بشرح لطبيعة هذه الدراسة والنتائج التي توصلنا لها ، والتي قد تعطينا مؤشرات عن اتجاه الرأي العام تجاه قضية المشاركة السياسية للنساء بشكل عام وتواجدهن في البرلمان بشكل خاص .
معلومات عامة عن عملية الاستطلاع :
1- كان عدد من شملهم الاستطلاع ( 476) ممن يحق لهم الانتخاب ذكورا وإناثا ، وتم اختيار العينة من بين أكثر شرائح المجتمع تعلما وتمدنا ، حيث تم حصر توزيع الاستمارات بين مدينتي عدن وصنعاء على افتراض أن هاتين المدينتين تمثلان أكثر المناطق تمدنا في اليمن .
كما أن عملية الاستطلاع تعمدت أن يكون المبحوثين من بين أكثر الشرائح المتعلمة في المجتمع حيث تم توزيع الاستمارات في المناطق التي يتمركز فيها المتعلمين كالجامعات ومقرات العمل الحكومية والخاصة . وبالفعل فقد كانت نسبة الحاصلين على الشهادة الجامعية من المبحوثين تزيد على 62% بينما كان الأميين يقلون عن 1% ( أنظر الجدول رقم 6 )
2- تم تقسيم العينة إلى أربع شرائح بحسب الجنس وبحسب المنطقة ، من اجل أن تتم المقارنة لمواقف كل شريحة على حدة ومواقفها مجتمعة . وكما يوضح الجدول رقم (5) فإن 47% من العينة كانوا من الذكور بينما كانت نسبة الإناث 53% وهو ما يقارب نصف العينة تقريبا توزعوا بنسبة 55% على صنعاء والباقي في مدينة عدن .
3- جرت عملية الاستبيان في الأيام التي سبقت عملية الانتخابات ، وقد تم اختيار تلك الفترة كون الناخب في ذروة اهتمامه السياسي ، رغم أن المناخ الانتخابي بما يرافقه من انفعالات خاصة ، قد يكون له أثر في تشويه موقف المبحوثين من قضية انتخاب النساء ، خاصة وأن معظم المبحوثين لم يكن في الدوائر التي يصوتون فيها مرشحات من النساء . بالمقابل فإن الأشخاص المبحوثين في الدوائر التي يوجد بها مرشحات نساء قد تأثر رأيهم بموقفهم من المرشحات التي في دوائرهم . ومع ذلك فإن اختيار الوقت لا يخلوا من إيجابية .
4- صـُممت الاستمارة من أحد عشر سؤال ، اثنان منها هدفا للتعرف على ما إذا كان المبحوث لديه بطاقة انتخابية وما إذا كان يشارك في الانتخابات . بينما كانت بقية الأسئلة تتعلق بالموقف من انتخاب النساء في البرلمان من جوانب عديدة .
وكانت الأسئلة ذات إجابات مقفلة كي يسهل على الباحث والمبحوث التعامل معها ، واكتفت كل الإجابات بإجابتين نعم ولا ، باستثناء سؤال واحد أضيف له إجابة ثالثة بلا أدري .
نتائج عملية الاستبيان :
1- أجاب 91% من مجموع المبحوثين بأنهم يمتلكون بطاقة انتخابية ، وكانت أعلى نسبة من نصيب شريحة الذكور في صنعاء ، التي وصلت نسبة من يمتلكون بطاقة انتخابية 98% ، بينما كانت أدنى نسبة وهي 83% من نصيب شريحة إناث عدن . وتؤكد هذه النتيجة الأرقام العالية التي أعلنت عن عدد المسجلين للانتخابات الحالية .
2- قال 77% ممن يمتلكون بطائق انتخابية بأنهم يصوتون في الانتخابات ، وكانت الأعلى بين شريحة الذكور في صنعاء التي وصلت النسبة فيها إلى 92% والأدنى في شريحة الإناث من عدن والتي قال 69% فقط من المبحوثات بأنهن يشاركن في الانتخابات .
3- أيد67% فقط من أجمالي المبحوثين بأن المرأة قادرة أن تكون عضوا ناجحا في مجلس النواب ، وقد كانت شريحة الإناث في عدن هي الأعلى حيث وصلت النسبة إلى 83% ، بينما كانت شريحة الذكور من عدن هي الأدنى حيث عبر 61% فقط بالموافقة على ذلك .
4- أكد 68% فقط بأنهم سينتخبون امرأة في حال كانت مرشحة من الحزب القريب من ميولهم السياسية - وهذه النسبة قريبة من نسبة السؤال الثالث - وهذا يعني بأن موقفهم تجاه النساء المرشحات لا يختلف حتى لو كانت مرشحة عن الحزب الذي يوالونه . وقد كانت المعارضة كبيرة بين شريحة الذكور في عدن التي بلغت 40% ، في الوقت الذي كانت شريحة الإناث في عدن هي الأكثر موافقة حيث بلغت النسبة 84% .
5- رأى 38% من المبحوثين أهمية أن يكون المرشح لمجلس النواب رجل ، وكانت أعلى نسبة بين شريحة الذكور عدن التي وصلت فيها إلى 49% ، حوالي النصف تقريبا ، بينما كانت شريحة الإناث عدن هي الأقل حيث لم توافق سوى 22% فقط على ضرورة أن يكون المرشح لمجلس النواب رجل .
6- يعتقد 36% فقط من المبحوثين بأن الشريعة الإسلامية تسمح للمرأة بأن تكون عضوا في مجلس النواب ، بينما رد 47% بأنهم لا يدرون إن كانت الشريعة تسمح أم لا ، في الوقت الذي يرى 16% بأن الشريعة لا تسمح .
7- أجاب 70% بأن وجود المرأة في مجلس النواب يخدم العملية الديمقراطية ، وكانت شريحة الإناث من عدن هي الأعلى حيث وافقت 88% على ذلك ، بينما كانت شريحة الذكور في عدن هي الأقل موافقة ، حيث لم تتعدى الموافقة نسبة 60% .
8- في ردهم على سؤال يفيد بأن الوقت لم يحن بعد للمرأة لأن تكون في مجلس النواب ، وافق 40% على ذلك كانت الأعلى بين شريحة ذكور عدن التي بلغت النسبة فيها 47% والأدنى بين شريحة الإناث عدن التي لم توافق على ذلك السؤال سوى 30% فقط .
9- أجاب 50% بأن عمل المرأة في البرلمان يتعارض مع دورها الأسري ، ارتفعت هذه النسبة إلى 53% بين شريحة الذكور عدن ، لكنها انخفضت بين شريحة الإناث من عدن إلى 41% .
10- وافق 77% على أن وجود المرأة في البرلمان يخدم قضايا المرأة ، وكانت شريحة إناث عدن هي الأعلى حيث وصلت النسبة إلى 87% ، وتدنت نسبة الموافقة بين شريحة الذكور في صنعاء لتصل إلى 70% فقط .
11- وافق 63% من المبحوثين على أن المرأة يمكن أن تخدم مصالحهم في مجلس النواب ، وكانت الأعلى منهم شريحة الإناث في عدن التي أيدت بنسبة 82% ذلك ، في الوقت التي أظهرت شريحة الذكور في صنعاء النسبة الأدنى حين لم يوافق سوى 52% على ذلك السؤال .
استخلاصات عامة من الاستطلاع :
أعطت النتائج التي تم الحصول عليها من الاستطلاع مؤشر إلى اتجاهات الشريحة الأكثر تعلما وتمدنا في اليمن حيال انتخاب النساء في مجلس النواب . وعلى ضوء ذلك ، يمكن القول بأن هناك نسبة عالية من المواطنين لا زالت غير مؤيدة لترشيح النساء في الانتخابات البرلمانية . فإذا كان حوالي ثلث المبحوثين من هذه الشريحة غير مؤيدين لانتخاب النساء رغم تعليمهم العالي وسكناهم مناطق مدنية ، فكيف ستكون وجهة نظر المواطنين الأقل تعليما والذين يعيشون في الأرياف ، والتي لا شك بأنها ستكون أعلى من ذلك بكثير .
هذه النتيجة ، رغم كل التحفظات عليها ، تعني بأن المشوار لا زال طويل أمام النساء للحصول على تأييد كافي يسهل عليهن دخول البرلمان وفق النظام الانتخابي الحالي .
ومع ذلك فأنه يجب التأكيد على أن هذا الموقف من ترشيح النساء لا يجب أن يؤخذ وكأنه موقف نهائي وثابت ، حيث وأن هذه المواقف قد أخذ خلال مرحلة معينة وفي مناخ غير مساعد للمرأة المرشحة الواضح من خلال تدني عدد المرشحات ، وفي ضل غياب لأي توجه إيجابي تجاه المرأة من قبل الأحزاب والحكومة ، وهو أمر في غاية الأهمية ربما يساهم في تغيير هذه المواقف لصالح النساء .
ومع ذلك فإن النتائج التي توصلت إليها عملية الاستبيان ، تؤكد إلى حدا ما ، وجهة نظر الأحزاب التي امتنعت عن إنزال مرشحات في قوائمها الانتخابية خشية الخسارة ، خاصة وأن عزوف نسبة ، مهما كانت صغيرة ، من الناخبين عن تأييد المرشحات النساء كان من الممكن أن يسبب الخسارة للحزب الذي يرشح امرأة ، خاصة وأن الكثير من الدوائر تحسم نتيجتها أقلية قد لا تتعدى نسبتها 1% من عدد الأصوات. الأمر الذي يجعل وجهة نظر الأحزاب بالامتناع عن إنزال نساء مرشحات عنهم مفهومة من الناحية السياسية البحتة .
جدول رقم ( 5)
معلومات عامة عن العينة التي تم استطلاع رأيها من حيث النوع والمنطقة .
%
العــدد
النـــوع / المنطقــة
27
129
ذكــور / صنعاء
28
133
إناث / صنعاء
55
262
إجمالي / صنعاء
20
96
ذكور / عدن
25
118
إناث / عدن
45
214
إجمالي / عدن
47
225
إجمالي ذكور
53
251
إجمالي إناث
جدول رقم (6)
تقسيم العينة حسب المؤهل – جمالي (476 )
%
العــدد
المــؤهــل
63
301
جامعي
25
120
ثانوي
4
19
ماجستير
3
15
دكتوراه
5
24
ابتدائي
0.6
3
أمي
النتائج التي حصلت عليها المرشحات في الانتخابات :
من بين 1396 مرشحا كانت هناك 11 مرشحة فقط وهو ما يعادل أقل من 1% فقط من عدد المرشحين . من بين ذلك العدد اليسير من المرشحات فازت واحدة فقط لعضوية البرلمان البالغ 301 عضوا ، أي أن نسبة وجودها في مقابل الأعضاء الذكور لا يتعدى 0.3% وهو وجود لا يكاد يذكر .
وبمراجعة أشمل لأداء المرشحات يتضح لنا النتائج التالية من واقع نتائج الفرز المقرة من قبل اللجنة العلياء للانتخابات كما هو موضح في الجدول رقم (7) .
1- حصلت الفائزة الوحيدة لعضوية مجلس النواب الحالي الدكتورة اوراس سلطان ناجي على 5.122 صوت وبفارق 230 صوتا عن أقرب المنافسين لها ، وكانت نسبة الأصوات التي فازت بموجبها لا تتعدى 27% من إجمالي عدد الأصوات الصحيحة .
2- ثلاث من المرشحات حصلن على الترتيب الثاني وبنسب متفاوتة ، فبينما حصلت المرشحة طلحة الاحمدي – مرشحة الاشتراكي - على 32% من إجمالي الأصوات الصحيحة ، فإن مرشحة الاشتراكي الأخرى خولة شرف لم تتعدى نسبة ما حصلت عليه من الأصوات 20% ، وتظل المرشحة المستقلة محفوظة السعاف هي المرشحة الأكثر إثارة للإعجاب حيث استطاعت أن تحصل على المرتبة الثانية بإجمالي 10.224 صوتا وبنسبة 25% من إجمالي الأصوات الصحيحة ، وهذه النتيجة تعتبر ملفتة للإعجاب نظرا لظروف الترشيح التي خاضتها . فقد خاضت المرشحة الانتخابات بصفتها مرشحة مستقلة أي أنها اعتمدت على جهودها الذاتية وليس على دعم حزبي كما هو حال المرشحات الأخريات اللواتي أتين في نفس مرتبتها ، يضاف إلى ذلك طبيعة المنطقة التي ترشحت فيها وهي منطقة ريفية محافظة . وانتزاعها لهذا العدد في ضل هذه الظروف يعد مكسبا مهما يحسب لصالح هذه المرشحة .
3- كان آدا ست من المرشحات ، وهن الغالبية ، ضعيفا إذ أن ما حصلن عليه من الأصوات لم يتعدى نسبة 6% لأفضلهن . هذا الأداء الضعيف لأغلبية المرشحات يعطي انطباع بأن مشاركتهن في الانتخابات لم تتجاوز الطابع الرمزي لا أكثر .
جدول رقم (7)
عدد الأصوات التي حصلت عليها المرشحات النساء في انتخابات 2003
الترتيب
%
إجمالي الأصوات
الصحيحة
عدد الأصوات
الانتماء
الـدائرة
المنطقة
أسم المرشحة
1
27
18.828
5.122
مؤتمــر
22- عدن
اوراس سلطان ناجي
5
4
18.828
816
مستقل
22- عدن
رضيــة شمشير واجد
2
32
23.039
7.468
اشتراكي
116- ابين
طلحـة الاحمـدي
2
20
14.956
2.943
اشتراكي
25- عدن
خولــة شـــرف
6
3
15.096
439
وحدوي ناصري
27- عدن
ندى علي مقطري
3
1.6
20.264
316
اشتــراكي
110- اب
فاطمة القحطــاني
-
-
30.102
صفر
مستقل
112- اب
سوريـا الغباشي
6
1
19.188
194
مستقل
199- ذمار
شفيقة الظاهري
2
25
40.535
10.224
مستقل
236-المحويت
محفوظة السعاف
3
0.7
44.112
315
الجبهة الوطنية
260 – حجة
ندى الاهــدل
4
6
15.096
957
مستقل
27 – عدن
سامية حسين بامرحول
النتائج والتوصيات :
يمكن وصف حجم وطبيعة المشاركة النسائية في انتخابات 2003 البرلمانية بأنه جعجعة دون طحين . فقد عـُقدت الندوات وحلقات النقاش وكثر الحديث الرسمي والحزبي عن أهمية المشاركة السياسية للنساء ، غير أن النتيجة العملية لكل ذلك لم تتعدى فوز مرشحة واحدة فقط ، وهو الأقل من بين الدورات الانتخابية السابقة.
وعلى الرغم من كل ذلك فإن تناول الموضوع بشكل أوسع يكشف جوانب مختلفة لحجم وطبيعة الأداء النسائي في هذه الانتخابات والذي يمكن اختصاره بالنقاط التالية .
1- يسير اتجاه وجود النساء في البرلمان في طريق التناقص إلى حد توقع انقراضه في المستقبل إذا ما أستمر المنحنى بالسير على ما هو عليه . وينطبق الأمر نفسه على عملية الترشيح أيضا ، فبعد أن كان عدد المرشحات عام 1993 (42 ) مرشحة تناقص العدد ليصل إلى 11 مرشحة فقط بعد دورتين ،أي أنه صار أقل من الربع تقريبا ، رغم أنه يفترض أن يزيد وليس العكس كما هو حاصل .
2- ارتفاع نسبة التسجيل إلى 42% من أجمالي المسجلين يعتبر مؤشر إيجابي ومهم في المشاركة السياسية للنساء ، على الرغم من أن هذه المشاركة الكبيرة في التسجيل لم تترجم إلى ما يناسبها في عدد المرشحات والفائزات من النساء . ومع ذلك فإن هذه النسبة تعد من النسب العالية حتى على مستوى الكثير من الدول المتقدمة ، مما يؤشر على ارتفاع في مستوى الوعي السياسي العام وبالأخص بين النساء . والنقطة الإيجابية تكمن في أن هذا التواجد الكثيف للنساء ، وإن كان في الوقت الحالي ليس له تأثير يذكر لصالح قضايا النساء بما فيها قضية المشاركة السياسية ، إلا أنه سيؤثر بلا شك في المستقبل ، حيث أن تعويد النساء على المشاركة في الانتخابات ، تسجيل أو تصويت ، من شأنه أن يرفع من درجة الوعي السياسي لديهن وفي الوقت نفسه يرسخ لديهن فكرة المشاركة في الانتخابات التي تصير جزءا من الثقافة العامة .
3- على الرغم من الأداء الضعيف لبعض المرشحات إلا أن وجودهن ، حتى وأن كان رمزيا ، يخدم قضية المشاركة السياسية للنساء ، حيث يؤدي تواجد النساء في الكثير من الدوائر ، خاصة في الريف ، إلى نتائج إيجابية كبيرة ، أهمها كسر الحاجز النفسي في المجتمع لوجود نساء مرشحات . ومن المهم في ذلك أن يؤدي هذا الأمر إلى تطبيع الناس على وجود نساء مرشحات وتسجيل سوابق في هذا الأمر في مناطق مختلفة ، وهو ما يمكن اعتباره هدف .
4- من تجربة المرشحة محفوظة السعاف التي خاضت تجربة تعد فريدة من نوعها ، من حيث الأداء والنتائج ، يتضح أن الكثير من الأفكار المسبقة حول قدرة المرأة على المنافسة يمكن أن يتعدل ، في حال كان هناك نساء يمتلكن من الشجاعة والمثابرة ما يجعلهن يفرضن وجودهن في الساحة السياسية رغم كل العوائق .
5- يساهم النظام الانتخابي في تدني فرص النساء من الحصول على نصيب مهم في مجلس النواب ، فكون الفائز للمجلس يعد ممثل للمنطقة التي يفوز فيها وهو في الوقت نفسه ، حلقة الوصل بين الإدارة المركزية أو المحلية والمواطنين في الدائرة ، فإن هذا الوضع يساهم في تحديد مواصفات معينة للعضو المنتخب لمجلس النواب ، وهي مواصفات تنطبق بالدرجة الأولى على الوجاهات الاجتماعية من مشايخ ورجال أعمال ومسئولين حكوميين . وبالتالي فإن هذا النظام يستبعد شريحة واسعة من السكان وبالذات شريحة النساء اللواتي لا ينطبق عليهن تلك المواصفات للمرشح الذي ينتخبه الناس .
5- من خلال عملية استطلاع الرأي التي أجريت في هذه الدراسة يتبين أن الموقف الاجتماعي لا زال في غير صالح المرأة ، الأمر الذي يحتاج إلى جهود كبيرة تقوم بها الحكومة والأحزاب السياسية لتوعية المجتمع بشكل عام حول هذه القضية ، وبالتحديد يجب التركيز في التوعية على شريحة لنساء ليصبحن أكثر استقلالية في اختياراتهن السياسية وليس تابعات لاختيارات الذكور من أقاربهن .
6- أوضح الغياب الكلي لتسجيل النساء في بعض الدوائر ( أنظر الجدول رقم 3 ) الذهنية التي لا زالت سائدة في بعض المناطق تجاه المشاركة السياسية للنساء ، فوفقا لما جرى ، فأن الرجال ، وبالذات المرشحين منهم ، قرروا مصير تصويت النساء وكأنه أمر يخصهم وليس حقا من حقوق المواطنة . فلا يصح لمرشح أو لجمهور الذكور أن يقرروا نيابة عن النساء بالمشاركة من عدمه فالقضية عندما تتم بهذا الشكل فأنها تعتبر إخلال جوهري بأهم مبادئ المواطنة . هذا الأمر يتطلب من الأحزاب وكذلك من اللجنة العلياء للانتخابات ، كونها الجهة المنظمة والمسئولة الأولى أن لا تقره ، وأن تضغط بكل الوسائل على من يقررون تلك القرارات كي يرجعوا عنها في المستقبل .
7- أن نظرة استشرافية لمستقبل المشاركة السياسية للنساء على ضوء كل ما تقدم ، لن تكون متفائلة لمستقبل هذه المشاركة ، الأمر الذي يتطلب من الجميع التفكير بوسائل وآليات محددة تدفع إلى تحسين هذه الصورة ، عن طريق تعديل النظام الانتخابي أو غيرها من الوسائل الكفيلة بتحقيق مشاركة نسائية أوسع في العمل السياسي ، وإلا فأن النتيجة المتوقعة هي غياب نصف المجتمع من تقرير مصيرهن ومصير المجتمع بشكل عام .
أداء بعض المرشحات الانتخابي عامي 1993-1997 *
أسم المرشحة
العام
الدائرة / المنطقة
الأنتماء
عدد الاصوات
رووفة حسن
93
2 / الأمانة
مستقل
251
رضية شمشير
93
11 / الأمانة
إشتراكي
2363
بلقيس الحضراني
93
13 / الأمانة
البعث
220
نجيبة حداد
93
15 / الأمانة
مستقل
10
فوزية نعمــان
93
11 / الأمانة
مستقل
292
خولة شرف
93
24 / عدن
اشتراكي
6467 ( فائزة )
فائقة السيد
93
25 / عدن
مستقل
87
منى باشراحيل
97
148 / حضرموت
مستقل
1166
انيسة الحروي
97
85 / اب
مستقل
54
سامية الأحمدي
93
238 / البيضاء
مؤتمر
1200
طيبة بركات
93
168 / الحديدة
اشتراكي
2286
منى باشراحيل
93
148 / حضرموت
اشتراكي
6057
بلقيس الحضراني
97
13 / الأمانة
بعث
207
فتحية الهيثمي
97
8 / الأمانة
بعث
276
فاطمة العشبي
97
13 / الأمانة
بعث
29
حليمة فرحان
97
103 / اب
مستقل
99
سميرة عبد الخالق
97
218 / ذمار
مستقل
252
ملخص لأهم المعلومات التي أتت به الورقة :
مؤشرات التسجيل .
1- أرتفع عدد المسجلات إلى حوالي 42% من عدد المسجلين وهذه النسبة تعتبر عالية بكل المقاييس وبمقارنة هذه العدد بالدورات السابقة يتضح أن العدد قد زاد مرتين ونصف عما كان عليه في دورة 97 وبسبع مرات عما كان عليه عام 93 وبحسبة أخرى فإن النسبة ارتفعت من 18% عام 93 إلى 28% عام97 لتصبح 42% عام 2003 أي أن الاتجاه في هذه الناحية هو في ارتفاع .
2- في 42 دائرة كأن عدد المسجلات النساء أكبر من عدد الرجال أكثر هذه الدوائر تقع في منطقة الحجرية حيث كانت الأعلى في منطقة الصلو تعز حيث كانت نسبة الإناث تزيد عن 57% ، وعلى مستوى المحافظات سجلت محافظة لحج أعلى نسبة تسجيل حيث بلغت النسبة 49% تليها محافظة ابين ب 48 ومحافظتي شبوة وتعز بنسبة 47% . بينما كانت أدنى نسبة تسجيل سجلت في محافظة الجوف التي لم تتجاوز 32% قبلها كانت محافظة مارب33% ومن ثم الأمانة التي لم تتجاوز نسبة التسجيل 34% فقط . وبمقارنة نسبة التسجيل في كلا من الأمانة وشبوة يتضح أن شبوة كانت النسبة فيها أعلى بكثير من الأمانة رغم الفارق الضخم في التركيبة الاجتماعية والتعليمية خاصة بين الإناث .
3- في الدائرتين 89 ، 172 لم يتم تسجيل حقيقي للنساء ، ففي 89 لم يتجاوز التسجيل 22 وفي الدائرة 172 كان 24 مسجلة فقط .كان السبب في الدائرة 89 الواقعة في منطقة بعدان محافظة اب أن الأهالي وبالذات المشايخ اتفقوا على عدم تسجيل النساء ووقعت مشكلة بسبب من تم تسجيلهن بسبب خرقهم الاتفاق وحل عن طريق الهجر والالتزام بعدم مشاركتهن في الانتخابات .
أما سبب عدم التسجيل في الدائرة 172 يعود إلى أن المرشح / ابن الشيخ كان من الثقة بالفوز إلى الحد الذي جعله لا يدفع بتسجيل النساء . وكانت هناك دائرة في محافظة همدان ستلقى النساء فيها نفس المصير عندما أتفق الرجال في هذه المناطق من عدم تسجيل نساء لولا نصيحة أحد أعضاء اللجنة للأهالي بالرجوع عن ذلك القرار .
أسباب الزيادة في عدد المسجلات :
1-زيادة التنافس بين الأحزاب والمرشحين والمناطق التي تقع فيها الدوائر
2-زيادة خبرة الأحزاب والمرشحين في التأثير على المواطنين من أجل التسجيل ولإدراكهم لأهمية هذه المرحلة في العملية الانتخابية .
3-ارتفاع مستوى الوعي السياسي لدى المواطنين وخاصة بين النساء .
4- غياب أي مقاطعة للانتخابات من أي حزب .
جدول رقم (1) *
حركة التغير في عدد المسجلات للانتخابات من النساء خلال ثلاث دورات انتخابية:
% الزيادة
إناث
%الزيادة
ذكور
%
إناث
إجمالي
إناث
ذكور
انتخابات
18
2.88.323
478.379
2.209.944
1993
172
52
28
4.669.273
1.304.550
3.364.723
1997
161
39
42
8.097.433
3.414.640
4.682.793
2003
* اللجنة العلياء للانتخابات والاستفتاء .
جدول رقم (2) *
عدد المسجلين والمسجلات في انتخابات 2003 على مستوى كل محافظة .
النسبـــــــــة
إجمــــــالــي
إنــــــــــــاث
ذكــــــــــــور
المحـــافظــــة
34 %
681.290
234.667
623.623
أمانة العاصمة
43 %
259.322
112.741
146.581
عـــــد ن
47 %
992.512
468.594
523.918
تعــــز
42 %
853.762
360.036
493.726
أب
48 %
200.226
95.761
104.465
ابين
39 %
246.842
95.811
151.031
البيضاء
47%
179.543
83.791
95.752
شبوه
41%
46.872
19.016
27.856
المهرة
46%
445.119
205.916
239.203
حضرموت
41%
818.048
339.823
478.225
الحديدة
45%
536.036
242.623
293.413
ذمـار
33%
112.550
37.737
74.813
مــارب
42%
566.221
240.250
325.971
صنــعاء
46%
230.566
106.744
123.822
المحــويت
41%
624.823
256.503
368.920
حجـــة
41%
624.823
70.305
186.757
صعــده
32%
116.143
37.659
78.484
الجوف
38%
412.865
159.289
253.576
عمــران
45%
201.157
91.590
109.567
الضالع
49%
316.474
155.784
160.690
لحــج
42%
8.097.433
3.414.640
4.682.793
الإجمــالي
*موقع اللجنة العلياء لانتخابات والاستفتاء http:\\www.scer.org.ye
جدول رقم (3)*
التفاوت في عدد المسجلات في بعض الدوائر .
% الإناث
إجمالي
ذكــور
إنــاث
المنطقة
الدائرة
57
21.009
8.921
12.088
الصلو – تعز
45
56
22.711
9.883
12.828
حيفان – تعز
70
51
25.910
12.732
13.178
ملحان- المحويت
239
51
29.399
14.371
15.028
جحاف – الضالع
298
12
25.684
22494
3190
صعــده
271
32
4.220
2.867
1.353
الجــوف
274
56
23.581
10.385
13.196
الضليعة – حضرموت
157
43
70.111
39.901
30210
الحديدة
163
2.
12.204
12.180
24
بيت الفقيه – الحديدة
172
2.
10.276
10.254
22
بعــدان – أب
89
*موقع اللجنة العلياء للانتخابات والاستفتاء ( مرجع سابق )
معلومات عن المرشحات :
1- كان عدد المرشحات 11 مرشحة وهو أقل من عددهن في 93 ، 97 والذي كان 42،19 على التوالي وبالتالي فأن الاتجاه كان في تناقص على عكس عملية التسجيل .
2- 6 من المرشحات ينتمين لأحزاب نصفهن للاشتراكي بينما الأخريات ينتمين لكلا من المؤتمر والوحدوي الناصري والجبهة الوطنية .
3- 5 من المرشحات تنافسن في مدينة عدن بينما الباقيات في مناطق ريفية
أسباب انخفاض عدد المرشحات :
1- إحجام الأحزاب الكبيرة وبالذات المؤتمر عن إنزال مرشحات نساء بسبب زيادة المنافسة بينه والأحزاب الأخرى وخشيته من فقدانه الدوائر التي سينزل بها مرشحات نساء في نفس الوقت الذي لم يحسم حزب الإصلاح ، كما يقول زعمائه ، مسائلة ترشيح نساء داخل قياداته .
2- تزايد الإدراك بين النساء من الفوز في حال تقدمن بصورة مستقلة خاصة وأن تجارب الانتخابات السابقة كانت محبطة للنساء المستقلات مهما كانت مكانتهن الاجتماعية أو مستواهن التعليمي .
3- اشتراط الحصول على 300 شخص ليزكوا المرشح المستقل أضعف حماس بعض النساء اللواتي كن راغبات في الترشيح .
النتائج التي حصلت عليها المرشحات :
جدول رقم (4)*
حركة اعدد المرشحات في الأعوام 1993 – 1997- 2003 .
الاتجاه
النسبـــة
إجمالي
نســـاء
انتخابات
1.3%
3166
42
1993
-22
1.4%
1311
19
1997
-8
8.%
1396
11
2003
*اللجنة العليا للانتخابات
معلومات عامة عن عملية الاستطلاع :
1- كان عدد من شملهم الاستطلاع ( 476) ممن يحق لهم الانتخاب ذكورا وإناثا ، وتم اختيار العينة من بين أكثر شرائح المجتمع تعلما وتمدنا ، حيث تم حصر توزيع الاستمارات بين مدينتي عدن وصنعاء على افتراض أن هاتين المدينتين تمثلان أكثر المناطق تمدنا في اليمن .
كما أن عملية الاستطلاع تعمدت أن يكون المبحوثين من بين أكثر الشرائح المتعلمة في المجتمع حيث تم توزيع الاستمارات في المناطق التي يتمركز فيها المتعلمين كالجامعات ومقرات العمل الحكومية والخاصة . وبالفعل فقد كانت نسبة الحاصلين على الشهادة الجامعية من المبحوثين تزيد على 62% بينما كان الأميين يقلون عن 1% ( أنظر الجدول رقم 6 )
2- تم تقسيم العينة إلى أربع شرائح بحسب الجنس وبحسب المنطقة ، من اجل أن تتم المقارنة لمواقف كل شريحة على حدة ومواقفها مجتمعة . وكما يوضح الجدول رقم (5) فإن 47% من العينة كانوا من الذكور بينما كانت نسبة الإناث 53% وهو ما يقارب نصف العينة تقريبا توزعوا بنسبة 55% على صنعاء والباقي في مدينة عدن .
3- جرت عملية الاستبيان في الأيام التي سبقت عملية الانتخابات ، وقد تم اختيار تلك الفترة كون الناخب في ذروة اهتمامه السياسي ، رغم أن المناخ الانتخابي بما يرافقه من انفعالات خاصة ، قد يكون له أثر في تشويه موقف المبحوثين من قضية انتخاب النساء ، خاصة وأن معظم المبحوثين لم يكن في الدوائر التي يصوتون فيها مرشحات من النساء . بالمقابل فإن الأشخاص المبحوثين في الدوائر التي يوجد بها مرشحات نساء قد تأثر رأيهم بموقفهم من المرشحات التي في دوائرهم . ومع ذلك فإن اختيار الوقت لا يخلوا من إيجابية .
4- صـُممت الاستمارة من أحد عشر سؤال ، اثنان منها هدفا للتعرف على ما إذا كان المبحوث لديه بطاقة انتخابية وما إذا كان يشارك في الانتخابات . بينما كانت بقية الأسئلة تتعلق بالموقف من انتخاب النساء في البرلمان من جوانب عديدة .
وكانت الأسئلة ذات إجابات مقفلة كي يسهل على الباحث والمبحوث التعامل معها ، واكتفت كل الإجابات بإجابتين نعم ولا ، باستثناء سؤال واحد أضيف له إجابة ثالثة بلا أدري .
نتائج عملية الاستبيان :
1- أجاب 91% من مجموع المبحوثين بأنهم يمتلكون بطاقة انتخابية ، وكانت أعلى نسبة من نصيب شريحة الذكور في صنعاء ، التي وصلت نسبة من يمتلكون بطاقة انتخابية 98% ، بينما كانت أدنى نسبة وهي 83% من نصيب شريحة إناث عدن . وتؤكد هذه النتيجة الأرقام العالية التي أعلنت عن عدد المسجلين للانتخابات الحالية .
2- قال 77% ممن يمتلكون بطائق انتخابية بأنهم يصوتون في الانتخابات ، وكانت الأعلى بين شريحة الذكور في صنعاء التي وصلت النسبة فيها إلى 92% والأدنى في شريحة الإناث من عدن والتي قال 69% فقط من المبحوثات بأنهن يشاركن في الانتخابات .
3- أيد67% فقط من أجمالي المبحوثين بأن المرأة قادرة أن تكون عضوا ناجحا في مجلس النواب ، وقد كانت شريحة الإناث في عدن هي الأعلى حيث وصلت النسبة إلى 83% ، بينما كانت شريحة الذكور من عدن هي الأدنى حيث عبر 61% فقط بالموافقة على ذلك .
4- أكد 68% فقط بأنهم سينتخبون امرأة في حال كانت مرشحة من الحزب القريب من ميولهم السياسية - وهذه النسبة قريبة من نسبة السؤال الثالث - وهذا يعني بأن موقفهم تجاه النساء المرشحات لا يختلف حتى لو كانت مرشحة عن الحزب الذي يوالونه . وقد كانت المعارضة كبيرة بين شريحة الذكور في عدن التي بلغت 40% ، في الوقت الذي كانت شريحة الإناث في عدن هي الأكثر موافقة حيث بلغت النسبة 84% .
5- رأى 38% من المبحوثين أهمية أن يكون المرشح لمجلس النواب رجل ، وكانت أعلى نسبة بين شريحة الذكور عدن التي وصلت فيها إلى 49% ، حوالي النصف تقريبا ، بينما كانت شريحة الإناث عدن هي الأقل حيث لم توافق سوى 22% فقط على ضرورة أن يكون المرشح لمجلس النواب رجل .
6- يعتقد 36% فقط من المبحوثين بأن الشريعة الإسلامية تسمح للمرأة بأن تكون عضوا في مجلس النواب ، بينما رد 47% بأنهم لا يدرون إن كانت الشريعة تسمح أم لا ، في الوقت الذي يرى 16% بأن الشريعة لا تسمح .
7- أجاب 70% بأن وجود المرأة في مجلس النواب يخدم العملية الديمقراطية ، وكانت شريحة الإناث من عدن هي الأعلى حيث وافقت 88% على ذلك ، بينما كانت شريحة الذكور في عدن هي الأقل موافقة ، حيث لم تتعدى الموافقة نسبة 60% .
8- في ردهم على سؤال يفيد بأن الوقت لم يحن بعد للمرأة لأن تكون في مجلس النواب ، وافق 40% على ذلك كانت الأعلى بين شريحة ذكور عدن التي بلغت النسبة فيها 47% والأدنى بين شريحة الإناث عدن التي لم توافق على ذلك السؤال سوى 30% فقط .
9- أجاب 50% بأن عمل المرأة في البرلمان يتعارض مع دورها الأسري ، ارتفعت هذه النسبة إلى 53% بين شريحة الذكور عدن ، لكنها انخفضت بين شريحة الإناث من عدن إلى 41% .
10- وافق 77% على أن وجود المرأة في البرلمان يخدم قضايا المرأة ، وكانت شريحة إناث عدن هي الأعلى حيث وصلت النسبة إلى 87% ، وتدنت نسبة الموافقة بين شريحة الذكور في صنعاء لتصل إلى 70% فقط .
11- وافق 63% من المبحوثين على أن المرأة يمكن أن تخدم مصالحهم في مجلس النواب ، وكانت الأعلى منهم شريحة الإناث في عدن التي أيدت بنسبة 82% ذلك ، في الوقت التي أظهرت شريحة الذكور في صنعاء النسبة الأدنى حين لم يوافق سوى 52% على ذلك السؤال .
جدول رقم ( 5)
معلومات عامة عن العينة التي تم استطلاع رأيها من حيث النوع والمنطقة .
%
العــدد
النـــوع / المنطقــة
27
129
ذكــور / صنعاء
28
133
إناث / صنعاء
55
262
إجمالي / صنعاء
20
96
ذكور / عدن
25
118
إناث / عدن
45
214
إجمالي / عدن
47
225
إجمالي ذكور
53
251
إجمالي إناث
جدول رقم (6)
تقسيم العينة حسب المؤهل – جمالي (476 )
%
العــدد
المــؤهــل
63
301
جامعي
25
120
ثانوي
4
19
ماجستير
3
15
دكتوراه
5
24
ابتدائي
0.6
3
أمي
جدول رقم (7)
عدد الأصوات التي حصلت عليها المرشحات النساء في انتخابات 2003
الترتيب
%
إجمالي الأصوات
الصحيحة
عدد الأصوات
الانتماء
الـدائرة
المنطقة
أسم المرشحة
1
27
18.828
5.122
مؤتمــر
22- عدن
اوراس سلطان ناجي
5
4
18.828
816
مستقل
22- عدن
رضيــة شمشير واجد
2
32
23.039
7.468
اشتراكي
116- ابين
طلحـة الاحمـدي
2
20
14.956
2.943
اشتراكي
25- عدن
خولــة شـــرف
6
3
15.096
439
وحدوي ناصري
27- عدن
ندى علي مقطري
3
1.6
20.264
316
اشتــراكي
110- اب
فاطمة القحطــاني
-
-
30.102
صفر
مستقل
112- اب
سوريـا الغباشي
6
1
19.188
194
مستقل
199- ذمار
شفيقة الظاهري
2
25
40.535
10.224
مستقل
236-المحويت
محفوظة السعاف
3
0.7
44.112
315
الجبهة الوطنية
260 – حجة
ندى الاهــدل
4
6
15.096
957
مستقل
27 – عدن
سامية حسين بامرحول
النتائج والتوصيات :
يمكن وصف حجم وطبيعة المشاركة النسائية في انتخابات 2003 البرلمانية بأنه جعجعة دون طحين . فقد عـُقدت الندوات وحلقات النقاش وكثر الحديث الرسمي والحزبي عن أهمية المشاركة السياسية للنساء ، غير أن النتيجة العملية لكل ذلك لم تتعدى فوز مرشحة واحدة فقط ، وهو الأقل من بين الدورات الانتخابية السابقة.
وعلى الرغم من كل ذلك فإن تناول الموضوع بشكل أوسع يكشف جوانب مختلفة لحجم وطبيعة الأداء النسائي في هذه الانتخابات والذي يمكن اختصاره بالنقاط التالية .
1- يسير اتجاه وجود النساء في البرلمان في طريق التناقص إلى حد توقع انقراضه في المستقبل إذا ما أستمر المنحنى بالسير على ما هو عليه . وينطبق الأمر نفسه على عملية الترشيح أيضا ، فبعد أن كان عدد المرشحات عام 1993 (42 ) مرشحة تناقص العدد ليصل إلى 11 مرشحة فقط بعد دورتين ،أي أنه صار أقل من الربع تقريبا ، رغم أنه يفترض أن يزيد وليس العكس كما هو حاصل .
2- ارتفاع نسبة التسجيل إلى 42% من أجمالي المسجلين يعتبر مؤشر إيجابي ومهم في المشاركة السياسية للنساء ، على الرغم من أن هذه المشاركة الكبيرة في التسجيل لم تترجم إلى ما يناسبها في عدد المرشحات والفائزات من النساء . ومع ذلك فإن هذه النسبة تعد من النسب العالية حتى على مستوى الكثير من الدول المتقدمة ، مما يؤشر على ارتفاع في مستوى الوعي السياسي العام وبالأخص بين النساء . والنقطة الإيجابية تكمن في أن هذا التواجد الكثيف للنساء ، وإن كان في الوقت الحالي ليس له تأثير يذكر لصالح قضايا النساء بما فيها قضية المشاركة السياسية ، إلا أنه سيؤثر بلا شك في المستقبل ، حيث أن تعويد النساء على المشاركة في الانتخابات ، تسجيل أو تصويت ، من شأنه أن يرفع من درجة الوعي السياسي لديهن وفي الوقت نفسه يرسخ لديهن فكرة المشاركة في الانتخابات التي تصير جزءا من الثقافة العامة .
3- على الرغم من الأداء الضعيف لبعض المرشحات إلا أن وجودهن ، حتى وأن كان رمزيا ، يخدم قضية المشاركة السياسية للنساء ، حيث يؤدي تواجد النساء في الكثير من الدوائر ، خاصة في الريف ، إلى نتائج إيجابية كبيرة ، أهمها كسر الحاجز النفسي في المجتمع لوجود نساء مرشحات . ومن المهم في ذلك أن يؤدي هذا الأمر إلى تطبيع الناس على وجود نساء مرشحات وتسجيل سوابق في هذا الأمر في مناطق مختلفة ، وهو ما يمكن اعتباره هدف .
4- من تجربة المرشحة محفوظة السعاف التي خاضت تجربة تعد فريدة من نوعها ، من حيث الأداء والنتائج ، يتضح أن الكثير من الأفكار المسبقة حول قدرة المرأة على المنافسة يمكن أن يتعدل ، في حال كان هناك نساء يمتلكن من الشجاعة والمثابرة ما يجعلهن يفرضن وجودهن في الساحة السياسية رغم كل العوائق .
5- يساهم النظام الانتخابي في تدني فرص النساء من الحصول على نصيب مهم في مجلس النواب ، فكون الفائز للمجلس يعد ممثل للمنطقة التي يفوز فيها وهو في الوقت نفسه ، حلقة الوصل بين الإدارة المركزية أو المحلية والمواطنين في الدائرة ، فإن هذا الوضع يساهم في تحديد مواصفات معينة للعضو المنتخب لمجلس النواب ، وهي مواصفات تنطبق بالدرجة الأولى على الوجاهات الاجتماعية من مشايخ ورجال أعمال ومسئولين حكوميين . وبالتالي فإن هذا النظام يستبعد شريحة واسعة من السكان وبالذات شريحة النساء اللواتي لا ينطبق عليهن تلك المواصفات للمرشح الذي ينتخبه الناس .
5- من خلال عملية استطلاع الرأي التي أجريت في هذه الدراسة يتبين أن الموقف الاجتماعي لا زال في غير صالح المرأة ، الأمر الذي يحتاج إلى جهود كبيرة تقوم بها الحكومة والأحزاب السياسية لتوعية المجتمع بشكل عام حول هذه القضية ، وبالتحديد يجب التركيز في التوعية على شريحة لنساء ليصبحن أكثر استقلالية في اختياراتهن السياسية وليس تابعات لاختيارات الذكور من أقاربهن .
6- أوضح الغياب الكلي لتسجيل النساء في بعض الدوائر ( أنظر الجدول رقم 3 ) الذهنية التي لا زالت سائدة في بعض المناطق تجاه المشاركة السياسية للنساء ، فوفقا لما جرى ، فأن الرجال ، وبالذات المرشحين منهم ، قرروا مصير تصويت النساء وكأنه أمر يخصهم وليس حقا من حقوق المواطنة . فلا يصح لمرشح أو لجمهور الذكور أن يقرروا نيابة عن النساء بالمشاركة من عدمه فالقضية عندما تتم بهذا الشكل فأنها تعتبر إخلال جوهري بأهم مبادئ المواطنة . هذا الأمر يتطلب من الأحزاب وكذلك من اللجنة العلياء للانتخابات ، كونها الجهة المنظمة والمسئولة الأولى أن لا تقره ، وأن تضغط بكل الوسائل على من يقررون تلك القرارات كي يرجعوا عنها في المستقبل .
7- أن نظرة استشرافية لمستقبل المشاركة السياسية للنساء على ضوء كل ما تقدم ، لن تكون متفائلة لمستقبل هذه المشاركة ، الأمر الذي يتطلب من الجميع التفكير بوسائل وآليات محددة تدفع إلى تحسين هذه الصورة ، عن طريق تعديل النظام الانتخابي أو غيرها من الوسائل الكفيلة بتحقيق مشاركة نسائية أوسع في العمل السياسي ، وإلا فأن النتيجة المتوقعة هي غياب نصف المجتمع من تقرير مصيرهن ومصير المجتمع بشكل عام .
اسمي أوليفيا فريد ، أود أن أشكر الله سبحانه وتعالى لإرساله إليّ شركة تمويل السيدة أوليفيا فريد ومقرها الهند. قرأت على موقع Google عن كيفية مساعدة الأشخاص الذين لديهم قروض. كنت ضحية عملية احتيال حتى خفت بشدة ، وعندما اتصلت بها بدت لطيفة للغاية وأحببتها. تقدمت بطلب للحصول على قرض لتوسيع عملي وشرحت لها كيف تم خداعي. أعطتني كلمتها وأنا أثق بها. أكملت كل عملية ، وبالأمس فقط تلقيت قرضًا بقيمة 100،000 دولار. شكرا جزيلا لك السيدة جوان باتريك. آمل أن تتمكن أيضًا من مساعدة الناس في بلدي ، وكذلك في جميع أنحاء العالم.
ردحذفللحصول على أي مساعدة مالية ، أوصي بالاتصال بها عبر البريد الإلكتروني: (oliviafred704@gmail.com)
تطبيق الواتس: +91 6398825438
لا تفوت هذه الفرصة حسنا.